وسط سخونة الأحداث وتسارعها أعلنت حركة «تمرد» خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، رغبة منها في استكمال مسيرة الثورة. واعتبرت أول حركة معارضة مصرية دعت لسحب الثقة من الرئيس المعزول محمد مرسي قرار خوضها الانتخابات البرلمانية، محاولة منها للمشاركة في صناعة المشهد السياسي لمصر والحفاظ علي مكتسبات ثورة 30 يونية، التي وضعت هي بذرته يوم الجمعة 26 إبريل 2013 من قلب ميدان التحرير بالقاهرة، وتمكنت من جمع 22 مليون توقيع لسحب الثقة من محمد مرسي في فترة وجيزة أبهرت العالم وشلت حركة جماعة الإخوان التنظيمية. القرار المفاجئ وغير المدروس حسب عدد من السياسيين، يثير الكثير من علامات الاستفهام والدهشة، خاصة أنه لم يتم الانتهاء بعد من وضع الدستور وظهور الملامح الأولية للنظام الانتخابى. كما لم يحدد بعد موعد الانتخابات البرلمانية التي ربما تتأخر لمدة زمنية إذا ما استمر التوتر في المشهد السياسي بهذا الشكل. حول قرار خوض «تمرد» المعترك السياسي الذي سيعد الأشرس من نوعه وتوقيته، تباينت رؤى السياسيين، ففي حين رحب البعض بالقرار معتبرين إياه بمثابة إلقاء حجر في المياه الراكدة، اعتبر آخرون قرار مشاركتهم بمثابة فرقعة وضجة إعلامية الهدف منها إثبات وجودهم أمام المواطنين وعمل دعاية إعلامية للحركة حتي لا تموت وتصبح في طي النسيان كنظيرتها من الحركات. قال حسين عبدالرازق أمين عام حزب التجمع إن القراءة الأولية لإعلان عزم «تمرد» خوضها الانتخابات البرلمانية لا يعني أن أعضاءها هم من سيخوضون الانتخابات البرلمانية، ومن سينطبق عليه هذه المعايير سواء غير منتمين للحركة أو منتمين لأحزاب سياسية فسيتم الدفع بهم وإعلان تأييد الحركة لهم. كما أنها لن تتقدم بمرشحين، بينما ستقوم بالاختيار من بين المرشحين، ليبقى السؤال هنا عن مدى تأثير هذا التأييد علي الناخب، وهل سيكون دعم تمرد لمرشح بعينه دافعاً قوياً لتصويت الناس لذات المرشح، مضيفاً: هذا أمر حسمه في غاية الصعوبة. وأكد «عبدالرازق» أن قرار تأييد «تمرد» لمرشح بعينه لن يكون بالأمر السهل، لأنه سيكون هناك سجال بين أعضاء الحركة حول ماهية المرشح، ثم يأتي بعد ذلك موافقة المرشح ذاته علي التأييد، لأن للسياسيين حسابات أخرى غير التي تكون ظاهرة أمام الجميع. ولفت أمين عام حزب التجمع إلي وجود كثير من علامات الاستفهام بشأن القرار، كلها ستكشف عنه الأيام المقبلة، مستهجناً ومعترضاً علي قرار خوض تمرد الانتخابات البرلمانية، بدأ محمد مصطفى منسق اتحاد الثوار المصريين وكيل مؤسسي حزب الشباب الحر حديثه متسائلاً: «كيف تعلن تمرد خوضها الانتخابات البرلمانية وهي لم تتحول أو تنضم إلي أي كيان حزبى، فضلاً عن عدم وضوح النظام الانتخابي الذي مازال محل نقاش وسجال في لجنة الخمسين، وهو ما يعني أن الصورة ضبابية وغير واضحة. ووصف «مصطفى» إعلان «تمرد» خوض الانتخابات البرلمانية بالفرقعة الإعلامية من أجل إثبات أنها مازالت في المشهد السياسي ومن أجل البحث لها عن دور سياسي في المستقبل، حتي لا تختفي من المشهد وتموت بتوقف نشاطها وانتهاء رسالتها التي ولدت لأجلها، وهي التمرد علي حكم الإخوان المسلمين، وهو الأمر الذي تحقق ومن ثم يعني انتهاء رسالتها. وتابع: «كان من المفترض أن تدعو تمرد شباب مصر للتوحد تحت مظلة واحدة، أما الآن فالحركة أصبحت ذات سمعة غير مقبولة، بسبب ما أثير من دعم أعضاء الحزب الوطني الفاسدين لأنشطتها». ولفت «مصطفى» إلي رفض كثير من الحركات المشاركة في هذه المبادرة أو العمل تحت مظلة «تمرد» بعد وجود شبهات حول مصدر تمويلها وأنشطتها. وكشف الناشط السياسي عن اتجاه كثير من الحركات الثورية لاعتزال العمل السياسي البرلمانى، والعمل كبديل للإخوان المسلمين في الشارع المصرى، والمراهنة علي الشارع والمواطن البسيط دون أن يكون ذلك تحت قبة البرلمان. وفي نفس السياق أعرب شريف بهجت، نائب وزير الشباب في حكومة الوفد الموازية، عن دهشته من توقيت إعلان تمرد خوضها الانتخابات البرلمانية قبل أن يتم الاتفاق علي شكل نهائى للنظام الانتخابى واصفاً الخطوة بالمتعجلة وغير المدروسة. وفسر «بهجت» هذه العجلة بالرغبة في الحفاظ علي بقائهم في المشهد السياسي، مؤكداً أن قرارهم هذا سيخلق كثيراً من المشاكل الداخلية في الحركة وخارجها بسبب عدم اكتمال النضج السياسي. وانتقد «بهجت» الحرب الشعواء التي تشن علي الأحزاب لتشويه صورتها لصالح حركات شبابية، مما يجعل الشباب يفرون من الكيانات الحزبية إلي تلك الحركات الشبابية متوهمين أن فيها الملاذ. علي العكس من ذلك، يري فريد زهران وكيل مؤسسي الحزب المصري الديمقراطى، أن خوض «تمرد» الانتخابات خطوة جيدة وفي غاية الأهمية، لكنها تستلزم عدة خطوات سابقة من أهمها أن تتحول من حركة شبابية إلي كيان سياسي حزبي مؤسسي له أنشطة وتمويل محدد ومعلومين لدي أجهزة الدولة والشعب، مؤكداً أن أي خطوة في اتجاه تشكيل أحزاب وكيانات سياسية أمر مهم شريطة ألا تكون مثل الكيانات السياسية التي ظهرت عقب ثورة 25 يناير واختفت بمرور الأيام ولم نعد نذكر حتي اسمها. وتابع «زهران»: في حالة تحول «تمرد» إلى كيان حزبي فإن عليها أن تبذل مجهوداً من أجل تعبئة الناس لفكرها وعليها أن تحدد آلية عملها وهل سيخوض الأعضاء المنتمون للأحزاب السياسية الانتخابات مستقلين عن أحزابهم ويخلعون أردية أحزابهم ويتبدلونها بتمرد أم لا، مؤكداً أن هناك كثيراً من الأمور غير الواضحة التي علي الحركة توضيحها في الأيام المقبلة، وألا تكتفي بإعلان خوضها الانتخابات وحسب.