انتهت انتخابات مجلس الشعب الجديد بعد ثورة يناير لتبدأ مرحلة جديدة من الحياة السياسية والنيابية في مصر. أمامنا ثلاثة ملفات تتعلق بهذا الموضوع, الاول يرتبط بتنظيم العمل البرلماني من أجل الابتعاد كلية عن الظواهر السلبية التي شابت أداء الحياة النيابية في مصر وكأول ملاحظة به يجب إعادة التقاليد البرلمانية الصحيحة وهيبة المجلس إليه إذ يجب احترام وقار القاعة تحت القبة فلا ضجيج ولا فتونة كالتي كانت تحدث ولا جري وراء الوزراء للحصول علي توقيعاتهم, والملاحظة الثانيه أهمية استعانة النواب بالمتخصصين والباحثين بما يساعدهم علي حسن أداء دورهم في الرقابة والتشريع, فضلا عن توفير غرف لهم للقاء أبناء دوائرهم بشكل منظم ومحترم وفي مواقيت محددة, أما الملاحظة الثالثه في هذا الملف فهي أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات في أداء دورهم النيابي واستخدام رئاسة المجلس لها في عمليات التصويت بكل وضوح وشفافيه لينتهي عهد موافقة موافقون, اننا باختصار نريد مجلسا محترما شكلا وممارسة بعيدا عما شهدته السنوات الاخيرة, ويتعلق الملف الثاني بالجماعة السياسية التي تمثل الاغلبية التي دخلت مجلس الشعب بانتخابات حرة ونزيهة وهي تنتقل بذلك إلي مرحلة جديدة في حياتها السياسية انتظرتها طويلا, ومن ثم ينبغي أن تكون مرحلة شرعية الانجاز بمعني أن تكون قادرة وفق آليات محددة علي ترجمة الافكار ومطالب الشعب في الحرية والتنمية والعدالة الاجتماعية إلي برامج وسياسات علي ارض الواقع, ولايتصور أحد بعد ثورة يناير أنه قد حصل علي صك أو حصانة تعفيه من المحاسبة الشعبية, وفي هذا الصدد يمكن لحزب الحرية والعدالة مراجعة الاداء النيابي له من خلال ممثلي جماعة الاخوان المسلمين المحظورة آنذاك في برلمان2005 وقد لخصها مقال شهير بعنوان صيد سمكة القرش للدكتور عبد المنعم سعيد مقارنا نتائج الانتخابات البرلمانية2010 بين الحزب الوطني وجماعة الاخوان المسلمين والذي نشرته الاهرام في6 ديسمبر2010, ويتلخص هذا الاداء في جملة انتقادات وجهت إليهم رغم أنهم كانوا أكبر كتلة معارضة في ذلك البرلمان, حيث حصلوا علي88 مقعدا تمثل20 بالمائة من مقاعد البرلمان وباختصار كانت الانتقادات هي: 1 فشل في التأثير علي الاجندة التشريعية لمجلس الشعب من خلال الاستجوابات وطلبات الاحاطة والاسئلة والبيانات العاجلة وغيرها. 2 تأثيرهم كان ضعيفا في القضايا الحيوية المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية 3 عدم القدرة علي حسم طبيعة العلاقة بين الدين والدولة والخلط بين ماهو دعوي وماهو أخلاقي وماهو سياسي. 4 تقديم المصلحة الخاصة علي الصالح العام للوطن. أما الملف الثالث فإننا لا نظن أن المجلس في تشكيله الجديد سوف يهدأ لحظة فقد انتهت الانتخابات التشريعية لتبدأ مرحلة جديدة من الحياة السياسية في مصر, ولذا فإن أمام هذا المجلس الكثير من الملفات الساخنة التي يجب أن يفتحها بغير تردد وبكل قوة وجدية وحسم كما أن أمامه الكثير من الاصلاحات التشريعية لتنقية الاقتصاد من الاوضاع الاحتكارية علي المواطنين وسد الثغرات أمام المفسدين وتحقيق الصالح العام بحق, وأمامه أيضا ممارسة دوره الرقابي علي الاداء الحكومي بموضوعية وحياد وايجابية, فالمجلس الجديد هو مجلس تشكيل مستقبل مصر علي النحو الذي صاغته ثورة يناير وتريده أن يكون مجلس القوة التشريعية والرقابية الضاربة لتحقيق مستقبل أفضل يستحقه هذا الوطن. هناك العديد من الملفات الساخنة التي طال تأجيلها أو بعبارة أدق إهمالها تتعلق بتحقيق مستقبل وحياة أفضل لابناء الوطن, ماذا يريد الناس؟ فإذا كانوا قد حصلوا علي الاغلبيه فإن هذه مسئولية ضخمة تعني أن أبناء الشعب يطلبون منهم تحقيق حياة ومستوي معيشة أفضل, فهم يريدون فرص عمل ومساكن وتعليما جيدا وتوفير خدمة صحية جيدة وخدمات مواصلات ونقل وتوافر للسلع بأسعار يقدرون عليها وأجور عادلة تحقق الاستقرار والسلام الاجتماعي والعدالة الاجتماعية, ومن هنا فالملفات كثيره وهي علي نفس الدرجة من الاهمية والاولوية منها علي سبيل المثال ما يعانيه المجتمع من تدهور حاد في مستوي التعليم, ويرتبط بهذا الملف قضايا الشباب في عصر تكنولوجيا المعلومات والتواصل الاجتماعي وملف البطالة والعشوائيات والدعم, وملف آخر هو وحدة المجتمع المصري وهي مسئولية رهيبة علي المجلس وهي أن يعيد الوحدة والاتحاد بين شعب مصر الواحد سواء من ناحية الدين أو الجنس أو الوضع الاجتماعي والمالي ولا تمزيق للمجتمع ولا تفريق بين أبناء الشعب الواحد, وإذا ما وضعنا مجرد عناوين لملفات أخري لطرحنا علي الفور أهمية سلامة قيادة التنمية وأن يكون مفهوما لدي الجميع أن التنمية ليست حكرا علي إتجاه ما ولكنها مفتوحة أمام الجميع بغير إقصاء لمجموعة لها سوابق نشاط أو مجموعة جديدة تريد أن تظهر قواها الاقتصادية علي الساحة بل ينبغي أن تشارك جميع القوي في إعادة بناء الوطن بغير حكر ولا احتكار ويتطلب هذا جهدا لوضع السياسات المناسبة لاطلاق الزراعة والصناعة والتعمير والخروج من الشريط الخانق الذي نعيش عليه, وفي الوقت نفسه إصلاح هيكل الاجور لاعادة الحقوق المسلوبة الي أصحابها كخطوة علي طريق العدالة الاجتماعية. [email protected] المزيد من مقالات عصام رفعت