طالب علماء الدين الشعب المصري بالتفرغ لبناء مستقبل الوطن واستكمال خارطة الطريق, ومواصلة طريق الثورة بالمشاركة الإيجابية وبناء مستقبل الدولة ومكافحة الفقر والأمية الدينية. وأكد علماء الدين ضرورة قيام المؤسسات الدينية والتعليمية بدورها في محاربة الفقر والأمية بكل أشكالها الهجائية والدينية وذلك لحماية الشباب من الوقوع فريسة للتطرف الفكري والديني. وأوضح العلماء أن علاج الفقر والأمية يعد من( فقه الأولويات) في عصرنا الحاضر الذي تنتشر فيه الأمية الدينية والأبجدية والثقافية والقيام بدورها المنشود لعلاج مشكلات التعليم المتجذرة في المجتمع المصري. ويقول الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية, إن المرحلة الراهنة تستلزم من جميع المصريين تحمل المسئولية التاريخية الموكلة إليهم في هذه الفترة الفارقة من تاريخ الوطن, وذلك بالتصدي للمحاولات المستمرة لزرع الفتنة وبث الشقاق بين أبناء الوطن الواحد, خاصة أن مصر تمتلك مقومات وعناصر السبق التي تؤهلها من جديد للقيام بدورها الريادي علي مستوي الحضارة الإنسانية, وجعلها قادرة علي إحداث التغيير في الحياة المعاصرة, وإظهار حقيقة سماحة ورحمة الدين الإسلامي للعالمين حيث أنها تحتضن أعرق مؤسسة إسلامية وهي الأزهر الشريف. وطالب المفتي, علماء الدين أن يسعوا جاهدين في تحقيق وحدة الصف الإسلامي التي تعتبر فرضا من فروض الدين, وأساسا من أساساته خاصة في هذه الظروف التي تمر بها الأمة حاليا, حيث يتربص أعداؤها بها ويحاولون فرض روح الشحناء والتفرقة والنعرات الطائفية بين أبناء الدين الواحد. كما طالب المفتي, العلماء والمفكرين بالحض علي تعاليم الإسلام السمح وإتباع أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة في الدعوة إلي الله وكيفية العيش مع الآخر وتقبله واحترام عقائده, والبعد بالخطاب الديني عن اللغة تبغض الناس في الدين وتحدث فرقة وتناحرا بين أبناء الوطن الواحد, وأن يترجم الانتماء الحقيقي لهذا الوطن إلي أفعال للصالح العام وليس لمصالح أخري, والتركيز علي ما يجمع الناس لا ما يفرقها, والبعد عن إثارة الشائعات وترديدها والتركيز علي ما ينفع البلاد والعباد, والبعد عن أي نوع من أنواع الصراعات التي من شأنها أن تفت في النسيج الوطني, والاهتمام بالعلم والبحث العلمي لأنهما بمثابة القاطرة التي تجر مصر إلي مصاف الدول الكبري, فمصر مليئة بالخيرات والخبرات التي سوف تسهم بإذن الله وبقوة في بناء مصر في عهدها الجديد. محاربة الأمية وأوضح الدكتور نبيل السمالوطي, أستاذ علم الاجتماع وعميد كلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر السابق, أن السبب الرئيسي لمشكلة الفقر والجهل والمرض والأمية بكل أشكالها الدينية والهجائية والسياسية والحياتية يرجع إلي سوء العملية التعليمية في مصر, فالتعليم هو المدخل الرئيسي لأي تقدم في مجتمع, وأقصد بالتعليم هنا التربية والتعليم معا, والتعليم الديني والتربية الدينية, والتعليم العقلي والتربية العقلية, بمعني تعليم الفرد كيف يفكر وكيف يحكم ويختار, وكيف يقرر, والتعليم العلمي ونقصد به تدريس أحدث ما وصلت إليه العلوم الطبيعية والاجتماعية والإنسانية والأدبية في العالم. أما التربية فلا تمارس في المدارس منذ أكثر من30 عاما ولذلك لا توجد لدينا العقلية العلمية ولا توجد لدينا الشخصية الريادية القادرة علي إبداع مشروعات جديدة اقتصادية واجتماعية وخدمية إلا فيما ندر, كل ذلك يعني ان وجود هذا الجيش الكبير من البطالة ووجود هذا العدد الهائل من سكان العشوائيات والمقابر الذين لا يجدون قوت يومهم ولا الحد الأدني من المعيشة الكريمة كل ذلك بسبب غياب التعليم الجيد والإدارة المتميزة, حيث إن الإدارة هي إفراز تعليمي وتربوي, فحتي اليوم تتكاثر أعداد الأميين في مصر بسبب التسرب من التعليم, حتي المتعلمين الذين تخرجوا في الجامعات لا يصلحون للعديد من الوظائف لأن سوق التعليم في واد وسوق العمل في واد آخر فالتعليم لا يواكب تطورات العصر سواء العلمية أو التكنولوجية او الاقتصادية او التطبيقية. والحل أن تقوم المؤسسات الدينية والتعليمية بدورها لمعالجة مشاكل الفقر والأمية من خلال التوعية بأهمية التكافل وحث المسلم علي الاهتمام بالوقف الخيري لصرفه في أوجه التعليم وعلاج الفقر الي جانب القوافل الدعوية التي تقوم علي الوسطية للحفاظ علي الشباب من الفكر المتطرف, وإعادة تخطيط منظومة التعليم من الابتدائي وحتي الجامعة لكي يحقق الأهداف والشروط السابق ذكرها, بكل أشكاله من رشوة ومحسوبية ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع كل ذلك في إطار حكومة وطنية وديمقراطية وحرية للرأي والتعبير وهذا ما سوف يحقق خريطة المستقبل ويحققه تطبيق دستور.2013 من جانبه يشير الدكتور منصور مندور, كبير الأئمة بوزارة الأوقاف, إلي أن الدين الإسلامي يقوم علي البذل والعطاء والإنفاق ويحارب البخل والشح والإمساك ومن ثم حبب إلي أتباعه أن تكون نفوسهم سخية ومعطاءة, ولنعلم أنه ليس في الدنيا نظام يستغني البشر فيه عن التعاون والتكافل, فلابد أن يرفق الغني بالفقير ويعطف القوي علي الضعيف, ولذلك أوصي الإسلام أتباعه بالمسارعة إلي دواعي الإحسان وأوجه البر وأن يكون شغلهم الشاغل تقديم الخير إلي الناس ودفع الشر عنهم ليلا ونهارا قال الله تعالي الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار البقرة247, فعلي المسلم أن يجعل في ثروته نصيبا متسعا يسعف به المنكوبين ويدفع عنهم الفقر والجهل والمرض ففي الحديث القدسي( يا ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خيرا لك وإن تمسكه شرا لك ولا تلام علي كفاف, وابدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلي) والمقصود بالفضل في الحديث ما زاد عن الضروريات. وأضاف: إن أفضل استثمار يستثمره المسلم مع ربه يكون في بناء الإنسان قبل البنيان وبناء الساجد قبل المساجد ومن ثم نجد أن من مصادر الزكاة مصدرين متعلقين بمحاربة الفقر والجهل ونري ذلك في أية التوبة إنما الصدقات للفقراء والمساكين ثم ذكر وفي سبيل الله وقد أجمع الكثير من العلماء علي أن في سبيل الله يدخل فيه طلاب العلم ومحاربة الجهل والأمية التي تمثل قنابل موقوتة تدمر المجتمعات وتفريخ التطرف والإرهاب. وأكد الدكتور منصور مندور, أن علاج الفقر والأمية يعد من فقه الأولويات في عصرنا الحاضر الذي تنتشر فيه الأمية الدينية والأبجدية والثقافية والفقر والبطالة مما يستوجب علي كافة المؤسسات التعليمية والدينية أن تقوم بدورها المنشود لعلاج مشكلات التعليم المتجذرة في المجتمع المصري وللبحث عن آفاق جديدة تفتح فرص العمل للفقراء والمحتاجين, وقيام مؤسسات الأزهر والأوقاف بدورها في نشر ثقافة التكافل الاجتماعي والتوعية بضرورة الاهتمام بالوقف الخيري من خلال التوعية الدينية بالمساجد وايضا من خلال نشر القوافل الدينية القائمة علي الوسطية في كافة ربوع مصر لحماية شباب مصر من السقوط في براثن الجهل والتطرف, فالفقر والجهل هما أخطر ما يواجهه المجتمع.