26 نوفمبر 2025.. الذهب يرتفع 10 جنيهات في بداية التعاملات.. وعيار 21 يسجل 5575    مصر والجزائر تبحثان تعزيز التعاون في مجالات النقل وصناعة السيارات    89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية جديدة تبدأ 2026.. تفاصيل    روسيا تؤكد زيارة ويتكوف إلى موسكو الأسبوع المقبل    حماس: تسليم جثة محتجز إسرائيلي يأتي ضمن التزام الحركة بإنهاء مسار التبادل    أحمد عساف: استهداف الصحفيين الفلسطينيين جريمة حرب مكتملة الأركان    منتخب الطائرة يسافر إلى الأردن للمشاركة في بطولة التحدي العربية الأولى    الفرز النهائي بدائرة تلا والشهداء.. منافسة رباعية تؤكد الجولة الثانية لانتخابات مجلس النواب    «الداخلية» تضبط 8 متهمين بغسل 1.6 مليار جنيه متحصلات الإتجار بالمخدرات    مدبولي: 53 مليار جنيه استثمارات المرحلة الأولى من منظومة التأمين الصحي الشامل    «خطوات التعامل مع العنف الأسري».. جهات رسمية تستقبل البلاغات على مدار الساعة    رئيس جامعة قناة السويس: قريبًا افتتاح مركز العلاج الطبيعي والتأهيل بكلية العلاج الطبيعي    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا -14".. شاهد    وزير الخارجية من لبنان: المنطقة على شفا التصعيد.. ونتواصل مع جميع الأطراف دون استثناء    موعد نتيجة المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    تقييم مرموش أمام ليفركوزن من الصحف الإنجليزية    موعد مباراة باريس سان جيرمان وتوتنهام بدوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    محمود فتح الله: تصريحات حسام حسن الأصعب تاريخيًا.. وكان يمكنه تجنبها    لتعويض خسارة الديربي.. إنتر في اختبار قاري قوي بدوري الأبطال    كامل الوزير يجتمع مع 23 شركة لمصنعي الأتوبيسات لاستعراض القدرات المحلية لتوطين صناعة المركبات    تحت رعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء.. انطلاق المؤتمر الوطني "إصلاح وتمكين الإدارة المحلية: الدروس المستفادة من برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    التحقيق مع 8 عناصر جنائية حاولوا غسل 1.6 مليار جنيه حصيلة تجارة مخدرات    تحرير 814 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة والعظمى 23 درجة مئوية    «خشية العار».. السجن 3 سنوات للمتهمين بالتخلص من رضيعة في قنا    مثقفون وأدباء ينعون الناقد والدكتور الراحل محمد عبد المطلب    انطلاق الدورة العاشرة لمهرجان المسرح بشرم الشيخ    رضا البحراوي يكشف حقيقة وفاة والدته    أبرزهم أحمد مكي.. نجوم شرف «كارثة طبيعية» يتصدرون التريند    تسليم 17 مركزًا تكنولوجيًا متنقلًا جديدًا إلى النيابة العامة    الرعاية الصحية تطلق الملتقى السنوي السادس تحت شعار "نرتقي للعالمية"    وكيل صحة قنا يتفقد وحدة الترامسة ويحيل طبيبا للتحقيق    رئيس الرعاية الصحية: تطوير 300 منشأة بمنظومة التأمين الشامل    حكايات الغياب والمقاومة فى «القاهرة السينمائى»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    مجلس النواب الأردنى: البلاد لن تكون ساحة للتطرف ولن تسمح بالتدخلات الخارجية بأمنها    السيسى يحقق حلم عبدالناصر    الري: نجاح حاجز التوجيه في حماية قريه عرب صالح من أخطار السيول    إنصاف رئاسى لإرادة الشعب    تحسين مستوى المعيشة    اتحاد السلة يعتمد فوز الأهلي بدوري المرتبط بعد انسحاب الاتحاد ويعاقب الناديين    الأقصر: انقطاع المياه عن عدد من مناطق نجع علوان بالطود صباح اليوم    بعد نجاح "دولة التلاوة".. دعوة لإطلاق جمهورية المؤذنين    31 دولارا للأوقية.. ارتفاع أسعار الذهب في البورصة العالمية    دار الإفتاء تؤكد حرمة ضرب الزوجة وتحث على الرحمة والمودة    ترامب: «خطة ال28» للسلام في أوكرانيا «مجرد خريطة»    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يكرم محافظ جنوب سيناء    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    ثقف نفسك | الأرض تغضب وتثور.. ما هو البركان وكيف يحدث ؟    القبض على 3 متهمين بسرقة مصوغات ذهبية من شقة في الطالبية    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    الأمن يفحص منشور بتحرش سائق بطفلة بمدرسة خاصة في التجمع    بوروسيا دورتموند يفترس فياريال برباعية في دوري أبطال أوروبا    محمد صبحي عن مرضه: التشخيص كشف عن وجود فيروس في المخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رباعية خيري حداد..بين السيرة الذاتية و رواية السيرة
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 01 - 2014

يعرف قاموس أوكسفورد السيرة الذاتية أنها كتابة الشخص لتاريخه وقصة حياته بقلمه وقد ورد في معجم مصطلحات الأدب أن السيرة الذاتية سرد متواصل يكتبه شخص ما عن حياته الماضية.
ومن أشهر السير الذاتية في الثقافة العربية قديما الاعتبار لأسامة بن منقذ, والمنقذ من الضلال للإمام الغزالي, وفي العصر الحديث الأيام للدكتور طه حسين, وأنا لعباس محمود العقاد وحياتي لأحمد أمين, والخبز الحافي لمحمد شكري وأوراقي.. حياتي لنوال السعداوي وصور من حياة عبد القادر المازني.
و رغم أن العقود الأخيرة شهدت ازدهارا في نشر كتب السيرة الذاتية في مصر, إلا أن هذا الشكل الأدبي, لا يزال أسيرا لعدد من المحاذير التي تفرضها ثقافتنا الشرقية. ففي مجتمعاتنا التي تعتبر الحياة الشخصية حرما ممنوع الاقتراب منه وتصدر أحكاما قيمية قاسية علي التجارب الشخصية, و تعتبر النقد وسيلة للتجريح وانتقاصا للكرامة, تفتقد السير الذاتية لأهم مقوماتها, ألا وهو عبق التجربة الإنسانية الحقيقية, و تتحول لشبه منشور بارد جامد, تغيب فيه الحقيقة وراء الكثير من المسكوت عنه. في هذا السياق عمد بعض كتابنا لتقديم أجزاء من سيرتهم الذاتية في قالب قصصي أو روائي ليتخلصوا من وطأة رقيب مجتمعي وليطلقوا لخيالهم و أقلامهم العنان..
ورغم أن جنس السيرة الذاتية لا يزال في شرقنا مثقلا بكثير من القضايا التي لم تحسم بعد من حيث موقعه بين الأدب والتاريخ, و دلالاته, ومساحة الحقيقة والخيال فيما يسرده الراوي وتنوع أساليبه ما بين الشكل التقليدي القائم علي سرد الأحداث و الوقائع, أو الشكل التصويري الذي يجمع فيه الكاتب بين الطريقة السردية وبين طريقة الرواية الفنية القائمة علي التصوير للتجارب والأماكن والمواقف والشخصيات أو الشكل الروائي حيث تتسع مساحة الإبداع بما يسمح للكاتب أن يصيغ تاريخه الخاص صياغة أدبية,والجدل حول كتابة سيرة حياة كاملة أم جزئية ترصد جزءا أو مرحلة عمرية ما,يصدر الكاتب خيري حداد روايته حانة البقر بقوله انها الجزء الأخير من السيرة الذاتية للكاتب التي أصدرها كمتوالية تحمل عناوين أيام الكراهية و الكلاب والشيخ وعيال البحر و امرأة من دخان, التي تناول فيها حياة القرية من خلال شخصية الصبي حسن الذي يرصد في مرحلة لاحقة من عمره طبيعة العلاقة بين أبيه وأمه وتفتح مداركه علي عالم المرأة السحري قي البيئة الريفية التي لا يعكس مظهرها الهادئ ما يموج تحته من مشاكل اجتماعية و عفونة و ضحالة سببها الفقر و الجهل..
والحقيقة أن اختيار الكاتب أن يطلق لفظ سيرة ذاتية علي عمله الأخير الذي تدور أحداثه ما بين القرية وبندر منوف وحي شبرا في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي يضع العمل في مصاف السيرة الجزئية أو رواية السيرة التي يمزج فيها الكاتب بين بعض عناصر الحقيقة و الخيال الروائي ليتواري خلف شخصية بطل الرواية ويصور الأحداث بحرية أكبر.. ورغم أن الذات الفردية تظهر في العمل بوصفها المرجعية الأساسية لمادة النص,بحيث تتصل كل العناصر الفنية والمكونات السردية بتلك الذات, إلا أننا نلحظ في حانة البقر أن حسن وإن كان هو الراوي والشخصية المحورية التي تتشابك حولها كل الخيوط, يتحول لشبه مرآة عاكسة لكل الشخصيات. في سبيل تحقيق تلك الرؤية لا يقيد حداد قلمه بالوقائع و يطلق له العنان ليجول بين الواقع وبين الخيال, لينقل ملامح عامة في حياته أو بيئته و يقدم عملا ظاهره كما أعلن انه قصة حياة, وباطنه فيما بينه وبين نفسه مملوء بالخيالات والأفكار التي لا أساس لها في الواقع ليقدم لقارئه الرواية الذاتية التي تختلف تماما عن فكرة السيرة الذاتية..
وفي حانة البقر نلاحظ أن الكاتب خيري حداد لم يقدم عمله كحكي خالص يتحول فيه لمجرد شاهد ينقل الوقائع ويروي حكايات الشخصيات,إذ استعان بالحوار و السرد المشهدي الأقرب للشكل المسرحي ليجعل العمل و الشخصيات أقرب للحياة. و الحقيقة أن عملية المزج بين السرد التقريري والحوار التمثيلي وأسلوب السرد التشخيصي في تقديم الأحداث والوقائع و الشخصيات وأقوالها التي وظفها الكاتب في عمله أسهمت في توضيح طبيعة العلاقات بين الشخصيات وارتباط الاسباب بالمسببات في إطار مقبول لا يتوسل بمباشرة غير مطلوبة في الأدب أو أحكام قيمية علي الشخصيات التي تمارس انحرافها في سياقات تفرضها البيئة المحيطة بهم( الصول و زوجته وعشيقات الحضر و تاجر الكيف) مما جعل فصول العمل أشبه بمتوالية حكائية يصوغها و يحركها الأشخاص الذين يدورون في فلك الراوي أو من يتصلون بهم..
كذلك فقد وظف الكاتب الحكي القائم علي التقديم المباشر التقريري.
الذي يكتفي بنقل المعلومات وتقديمها علي نمط أقرب إلي نمط أسلوب المذكرات ويتجلي ذلك في تقارير مباشرة عن وفاة زوجة الصول و حكايات فتيات القرية و التعريف بشخصيات ارتبط بها في طفولته وأحداث حرب اليمن..
ورغم أن العمل في مجمله يدل علي وعي بآليات السرد الروائي إلا أن المقاطع التي أقحم فيها المؤلف أراءه و أفكاره بشكل مباشر( كما في حالة السرد وحديث حسن وسوسن عن حرب اليمن) أكسب تلك الصفحات طابعا خطابيا صرفا. مع ذلك فلقد قدم حداد وجها للريف يختلف تماما عن كل الصور الرومانسية التي صدرها الأدب المصري منذ زينب د. هيكل أو حتي عن المثالب التي رصدها بوسطجي يحيي حقي أو حادثة شرف د. يوسف إدريس, و أزعم أنه وضعها في بناء روائي محكم.
الجدير بالذكر أنني عندما قدمت قبل عشر سنوات قراءة في كتاب الغجرية للكاتب خيري حداد تناولت إشكالية المباشرة ومحاولة الكاتب تأكيد الفكرة لضمان وصولها كاملة للقارئ مما أثر علي البناء الفني للعمل وهو الأمر الذي يبدو أن رباعية حداد الأخيرة قد تجاوزته ليصل إلي مستوي أنضج وأكثر تماسكا و انسجاما لتقديم حالة خاصة لرواية حاولت أن تحقق حلم الصدق المستحيل في سيرة ذاتية أو في رواية لسيرة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.