نعم للدستور الجديد.. لماذا؟

ان الجهد المبذول من لجنة الخمسين ولجنة الخبراء العشرة لوضع دستور جديد تعبر به مصر أزمتها لتكون لها الريادة في المنطقة تقديرا لتاريخها وحضارتها عبر الزمان..
لتعميق اصول الديمقراطية كما يريدها شعبها الأبي الذي أبهر العالم مرتين في زمن قياسي فإنه يثور التساؤل عن الومضات المضيئة لمشروع الدستور الجديد المزمع الاستفتاء عليه
يقول المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي, نائب رئيس مجلس الدولة, إن مشروع الدستور الجديد قد تضمن ومضات مضيئة تجعله من افضل الدساتير السابقة وبذلت فيه لجنة الخمسين جهدا كبيرا وسيظل المجتمع المصري بأجياله مدينا للفكر المستنير للعلماء والخبراء الوطنيين في لجنة العشرة وعلي رأسهم أستاذنا الفقيه المستشار عصام عبدالعزيز النائب الاول لرئيس مجلس الدولة واستاذنا العبقري المستشار مجدي العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس قسم التشريع. فقد حمل كلاهما مع زملائهما خبرة خمسين عاما ليصيغوا نصوصا مليئة بالحياة لمصر المستقبل, ويمكن التحدث في وجيز من العبارة مجرد اشارة علي اهم تلك الومضات المضيئة في النقاط التالية:
اولا: ما نصت عليه المادة السادسة من مشروع الدستور من أن الجنسية حق لمن يولد لاب مصري او لام مصرية والاعتراف القانوني به ومنحه اوراقا رسمية تثبت بياناته الشخصية حق يكفله القانون وينظمه, وهذا النص يعد انتصارا لكفاح الأم المصرية وتكريما لطفلها, ذلك أن المشرع المصري لم يكن يعتد في مجال منح الجنسية الا بحق الدم من جهة الاب وحده دون الاعتداد بحق الدم من جهة الام.
ثانيا: ما نصت عليه المادة622 من مشروع ذلك الدستور من انه لرئيس الجمهورية او لخمسة اعضاء مجلس النواب طلب تعديل مادة او اكثر من مواد الدستور ويجب ان يذكر في الطلب المواد المطلوب تعديلها واسباب التعديل ويصدر القرار بقبول طلب التعديل كليا أو جزئيا بأغلبية اعضائه واذا وافق ثلثا المجلس علي طلب التعديل عرض علي الشعب لاستفتائه عليه, وهذا النص في هذا الشق هو استجابة لسنة التطور والحياة فضلا عن انه يتقدم علي دول كثيرة التي تجعل التعديل في يد رئيس الدولة او البرلمان وحده فجاء النص المصري مشركا معهما الشعب المصري ذاته من خلال الاستفتاء ولا ريب ان هذا النص استجابة لما سجلته دساتير الثورة الفرنسية اذ اعلن دستور1971 ان للامة حقا لا يسقط بالتقادم بمضي المدة في ان تغير دستورها, وكذلك استجابة لما نص عليه اعلان حقوق الانسان لسنة1971 الذي نص علي ان لكل شعب الحق دائما في ان يراجع دستوره وان يصلحه ويغيره ولا يملك جيل معين ان يخضع لقوانينه الاجيال التي تليه.
ثالثا: تضمن مشروع الدستور في المادة18 منه ان الدولة تلتزم بضمان حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة والاقزام صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا وتوفر فرص العمل لهم مع تخصيص نسبة منها لهم وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم وممارستهم لجميع الحقوق السياسية ودمجهم مع غيرهم من المواطنين اعمالا لمبادئ المساواة والعادلة وتكافؤ الفرص, وهذا النص يعتبر لاول مرة يذكر الاقزام ويمنحهم الرعاية بحسبانهم مرتبطين بذوي الاعاقة وهو اعتراف بعبقرية الانسانية التي اعطت الكثير من ابداعات امثال هؤلاء.
رابعا: ولا يفوتنا ان نشير الي ان مشروع الدستور الجديد بموجب المادة66 كفل حرية الابداع الفني والادبي وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والاداب ورعاية المبدعين وحماية ابداعاتهم وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك, وهذا النص يعد قمة الرقي للمجتمع المصري ذلك ان الفن هو مرآة الشعوب فاذا اردت ان تتعرف علي اخلاق الشعوب فعليك الاستماع الي موسيقاها والتعمق في فنها علي وجه العموم.