سعر اللحوم مساء اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025    رئيس مجلس الوزراء يستعرض أبرز أنشطته الأسبوعية: استثمارات جديدة ودعم البحث العلمي وتعزيز الأمن الغذائي    المركزي السوري: خطوة إلغاء قانون قيصر تفتح صفحة جديدة للتعافي الاقتصادي في سوريا    مصر وأنجولا توقعان مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين    وثيقة أوروبية تكشف مقترح لموعد انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي    مفوض الدوري الأميركي ينصح صلاح بالتواصل مع ميسي    دوري المحترفين.. الصدارة للقناة والداخلية يهزم مالية كفر الزيات    سوهاج: حملات تموينية تضبط سولارًا مهربًا وكميات كبيرة من الدقيق والسلع مجهولة المصدر    ياسمين عبد العزيز: أنوشكا كانت رافضة تضربني بالقلم في المسلسل    الأوقاف تعلن تبرع هشام طلعت مصطفى 10 ملايين جنيه دعمًا لدولة التلاوة    ذهبية وبرونزية لأبطال المشروع القومي في ألعاب القوى ببطولة أفريقيا للشباب بأنجولا    مدرب برايتون: أتمنى رؤية صلاح في تشكيلة ليفربول أمامنا    أمريكا تبحث مع أوكرانيا الانضمام للاتحاد الأوروبى فى 2027    ضبط شخص تعدى على اثنين آخرين بالإسكندرية    مجلة تايم الأمريكية تختار مهندسى ال AI شخصية عام 2025    غياب تام وحضور لا ينطفئ.. عبلة كامل تتصدر التريند بلا حسابات على السوشيال ميديا    جوتيرش يقترح برهم صالح مفوضا ساميا لشئون اللاجئين    الصحة: «فاكسيرا» تبحث مع شركة e-Finance إنشاء منظومة إلكترونية متكاملة لخدماتها    محمد هاشم.. الناشر الذي صاغ ملامح جيل كامل ورحل بصمت    مفتي الجمهورية يشهد افتتاح مسجدي الهادي البديع بالإسكندرية    طبيب عروس المنوفية: كانت متوفية من ساعتين ورفضت منحهم تصريحا بالدفن    الأوراق المطلوبة للتعيين بوظيفة مندوب مساعد بقضايا الدولة دفعة 2024    مدرب برايتون: أتمنى مشاركة محمد صلاح غداً.. وأزمته مع ليفربول لا تهمنا    226 طن مواد غذائية، قافلة صندوق تحيا مصر تصل بشاير الخير بالإسكندرية    وزارة الصحة ترد على شائعة استخدام المضاد الحيوى لعلاج نزلات البرد    هيئة الرعاية الصحية تكشف حصاد 6 سنوات من التغطية الصحية الشاملة: 105 ملايين خدمة و6 ملايين منتفع حتى 2025    نجوم العالم في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    رئيس شعبة الكيماويات: صناعة البلاستيك تواجه تحديات عالمية    ضبط طرفي مشاجرة بالإسكندرية بسبب خلاف مالي    كأس إنتركونتيننتال.. يورتشيتش يعاين ملعب "أحمد بن علي المونديالي" قبل مواجهة فلامنجو    رئيس مياه القناة: الانتهاء من إصلاح جميع كسور الشبكات المفاجئة وإعادة التشغيل    الغارات الإسرائيلية على لبنان لم تُسجل خسائر بشرية    ضبط 3 قضايا تهريب بضائع عبر المنافذ الجمركية    أمطار خفيفة في مناطق متفرقة بالجيزة والقاهرة على فترات متقطعة    فصل سورة الكهف....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم ب 3بركات    نانت «مصطفى محمد» ضيفًا على أنجيه في الدوري الفرنسي    عزاء الناشر محمد هاشم فى مسجد عمر مكرم بالتحرير.. الإثنين    ياسمين عبد العزيز عن فترة مرضها: شوفت الموت ورجعت    بحضور نائب المحافظ.. افتتاح مسجد "السلام" بمدينة سوهاج الجديدة    تقارير إعلامية: 3 أندية أوروبية تهدد حلم برشلونة فى ضم جوهرة الأهلي    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    مصر وقبرص تمضيان قدمًا في تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة    وزير المالية: مهتمون بتنمية الصناعة وفتح أسواق تصديرية للمنتجات المصرية    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    «البيئة» تناقش الوضع التنفيذي الراهن للمشروعات المشتركة مع «سيداري»    وزارة التضامن تشارك بورشة عمل حول تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أنت صوفى ?!    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    انطلاق انتخابات مجلس إدارة نادي محافظة الفيوم وسط انضباط وتنظيم محكم    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    الأعلى للجامعات يجري مقابلات للمتقدمين لرئاسة جامعة بني سويف    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    أكثر المرشحين تقدما حسب نتيجة الحصر ببعض اللجان بدائرة أسيوط (صور)    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متي تعود الحضارة
إلي مراكزها الأولي؟!
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 12 - 2013

الحضارة هي الحصيلة الشاملة للمدنية والثقافة, التي تعبر عن روح هذا المجتمع أو ذاك الشعب وتلك الأمة, وهي تنشأ حينما يستلهم الناس عزما واضحا صادقا
لبلوغ التقدم والترقي, وقد عرف العلامة الفرنسي' جورج باستيد' الحضارة باعتبارها الجهد الإنساني الإيجابي لمواجهة ضرورات الطبيعة, تجاوبا مع إرادة التحرر في الإنسان, وتحقيقا لمزيد من اليسر في إرضاء حاجاته ورغباته, وإنقاصا للعناء البشري. فالسلوك الإنساني الذي ينتج الحضارة, هو استجابة لتحدي ظرف من ظروف الطبيعة, يكون هو المثير والدافع والحافز للإنسان كي يتغلب علي ما يواجهه, إلي جانب طبيعة الإنسان نفسها وحاجاته للطعام, والشراب, والأمن. والحضارات الإنسانية سلسلة محكمة متينة الحلقات, يؤثر سابقها في لاحقها, ويتأثر حاضرها بماضيها, وينتفع بعضها من بعض. ولقد تواجدت حضارات مختلفة في الزمان والمكان, وانتفعت من بعضها انتفاعا أدي إلي تقدمها عند الكثير, فالحضارات كحلقات السلسلة الواحدة, التي لا تنفصم الواحدة منها عن الأخري, ولا يمكن أن تكون كل حضارة نشأت بمعزل عن غيرها من الحضارات الأخري. أو أنها لم تتفاعل معها, فالحضارات تأخذ وتعطي, ترث وتورث.
لقد ذكر الفيلسوف والمؤرخ البريطاني الشهير أرنولد توينبي أن:' الحضارة عبارة عن حركة وليست وضعا, رحلة وليست مرفأ'. فكما تتغلب الحياة علي الموت بالإنجاب, مثلما يقول ويل ديورانت, في كتابه' دروس من التاريخ', تسلم الحضارة المسنة أو الهرمة تركتها لورثتها عبر السنين و'البحار'. وقامت المهاد الأولي لحضارات الإنسان المعاصرHomoSapiens حول الأنهار منذ الألفين الثامنة والسابعة قبل الميلاد, وظلت مراكز القوة والحضارة العالمية متمركزة حول الأنهار العظمي في بلاد الرافدين بالعراق والنيل بمصر والسند بالهند والجانج بالصين وغيرها للدرجة التي استحقت اسم' الحضارة النهرية'. لكن علي مدي نحو ألفي عام تالية وبالتحديد منذ موقعة سلاميس عام480 ق. م وحتي هزيمة الأسطول الأسباني في موقعة الأرمادا عام1588, صارت مراكز القوة والحضارة العالمية متمركزة حول شواطئ البحر المتوسط, جنوبا وشمالا, شرقا وغربا, بين الفينيقيين والأغريق والرومان والعرب والأتراك والأسبان علي التوالي. ومع بداية حركة الكشوف الجغرافية في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر, بدأ عصر ركوب وتحدي المحيطات, واهتزت سيادة البحر المتوسط في مسيرة ومركزية الحضارة العالمية, إذ انحدرت مدن جنوا وبيزا وفلورنسا والبندقية, وبدأ عصر النهضة في الخفوت, وصعدت أمم ودول الأطلسي, ومدت سيطرتها في النهاية علي نصف مساحة العالم.
وكتب الفيلسوف الأيرلندي جورج بركلي في عام1730:' إن اتجاه الإمبراطوريات يتخذ طريقه نحو الغرب', وراجت بين علماء التاريخ والجغرافيا مقولات من قبيل أن حركة الحضارة تسير مع اتجاه حركة الشمس وعكس اتجاه عقارب الساعة. وفي أوائل التسعينات الماضية ذكر المفكر السنغافوري كيشور محبوباني أن' البحر المتوسط هو أوقيانوس الماضي, والمحيط الأطلسي هو أوقيانوس الحاضر, لكن أوقيانوس المستقبل هو المحيط الهادي'. وأصدر محبوباني, في عام2008, كتابه' نصف الكرة الآسيوي الجديد: الانتقال القسري للهيمنة العالمية إلي الشرق'. وألمح المفكر اليساري الأميركي البارز نعوم تشومسكي مرارا إلي أن النظام العالمي الجديد, سينمو علي ضفاف المحيط الباسيفيكي, وسيقذف بأوروبا, التي قادت الحضارة الغربية علي مدي القرون الخمسة الماضية, إلي أعماق المحيط الأطلسي. وفي العام2008 كتب المؤرخ الأميركي بول كينيدي أن التوازنات الاقتصادية الدولية, ومن بعدها التوازنات العسكرية الدولية تتحول حاليا من الغرب باتجاه آسيا, وهو أمر لا يمكن أن ينكره سوي الحمقي.
واستغرقت عملية انتقال مركز القوة والحضارة العالمية من البحر المتوسط إلي المحيط الأطلسي حوالي ثلاثة قرون, فيما لم تتجاوز عملية الانتقال ذاتها من المحيط الأطلسي إلي المحيط الباسيفيكي سوي نصف هذه المدة, أي150 عاما, فقبل نحو30 عاما كان مركز ثقل الاقتصاد العالمي يقع غربي لندن وربما كان في وسط المحيط الأطلسي تحديدا, بين الولايات المتحدة وأوروبا, لكن خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة, انتقل هذا المركز من المحيط الأطلسي إلي المحيط الباسيفيكي بين الولايات المتحدة من جانب واليابان والصين والهند من جانب آخر.
وفي يونيو2010 ألقي كيشور محبوباني كلمة أمام' أكاديمية الدبلوماسية العالمية' في باريس, قال فيها:' إن نهضة آسيا انطلقت من اليابان, لتشمل القارة بكاملها, الأقرب فالأقرب. وقد بلغت الآن غرب آسيا, وبواسطة دول الخليج, سيمتد إلي العالم العربي', واعتبر التقرير السنوي لعام2011 الذي يصدره المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية, أن كل المؤشرات التي رصدت خلال عامي2009 و2010 تؤكد ميلاد عالم متعدد الأقطاب بفعل انحسار نفوذ الولايات المتحدة والدول الغربية عموما, وظهور قوي عالمية جديدة كالصين والهند والبرازيل وتركيا. إذ تميزت بداية القرن الحادي والعشرين بظهور تعدد وتباين غير مسبوق في مراكز القوة الدولية, فمنذ فجر العصر الحديث ظل الأوروبيون( الغربيون), يديرون العالم. هذه السيطرة كانت عبارة عن دورة تاريخية من خمسة قرون تصل إلي نهايتها الآن. وبذلك ستعود الحضارة إلي نقطة انطلاقها الأولي, فشبه الجزيرة العربية(واليمن التاريخية تحديدا) هي مهد الحضارة المكتوبة والتوحيد الديني,' فالإيمان(التوحيد) يمان والحكمة(النبوة) يمانية', وبالإمكان قراءة عمل مارتن برنال' أثينا السوداء' للتعرف علي الجذور الحقيقية للحضارة المعاصرة. وقد لا يكون الأمر مجرد مصادفة أن تبزغ حضارات: مصر(الفرعونية) والعراق(البابلية والآشورية), وسوريا( الأوغاريتية) وغرب إيران( عيلام) وحضارة شمال غرب الهند القديمة, في توقيت متزامن تقريبا, فهذا التزامن يقطع بأن مصدرها واحد تقريبا. فهذه الحضارات تشكل قوسا أو هلالا يحيط بجزيرة العرب من الشمال والشمال الغربي والشرق والجنوب الشرقي. وإذا كانت حضارات الجزيرة العربية القديمة, والمندثرة, قد شدت الرحال إلي جوارها, فإن ذلك جاء بفعل التغيرات المناخية طويلة المدي( عملية الجفاف تحديدا) والتي تستغرق في العادة آلاف السنين.
لمزيد من مقالات احمد دياب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.