في ظل استمرار التعديات علي مياه النيل والتي بلغت نحو30 ألف مخالفة تعد وتلوث وفقا لما أعلنته وزارة الري, وتزايد الفاقد اليومي من مياه الشرب النقية والذي بلغ7 ملايين متر مكعب, تمثل أكثر من30% من الإنتاج اليومي يكلف الدولة7.5 مليار جنيه سنويا. دعا علماء الدين إلي تنفيذ تعاليم الإسلام في الحفاظ علي الماء وترشيد استهلاكه وصونه وحمايته والحفاظ عليه, باعتباره من أهم وأغلي نعم الله علينا. وطالب علماء الدين بالمحافظة علي نهر النيل وعدم التعرض له بأي نوع من أنواع الأذي والتلوث أو الإسراف أو الهدر, مؤكدين أن المحافظة علي المياه واجب شرعي. الإسراف في المياه إفساد يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس, أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر, إن الإسلام قرر مجموعة من القيم والآداب والأسس والقواعد للمحافظة علي الماء وحمايته من التلوث, منها النهي عن الإفساد في الأرض, فقال الله تعالي( كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين), وتلويث الماء بشتي الطرق هو إفساد في الأرض لما يترتب عليه من أضرار جسيمة لكل من يستخدم هذا الماء الملوث من البشر إلي جانب بقية الأحياء الحيوانية والنباتية والمائية, كما أقر الإسلام مبدأ:( لا ضرر ولا ضرار), فكل ما يضر المسلمين في رزقهم ومأكلهم ومشربهم ينهي الإسلام عنه, وتلوث الماء من أكبر أشكال الضرر, وأيضا حرم الإسلام كل ما يفسد حياة المسلمين, وفقا للقاعدة الفقهية التي تقول( ما أدي إلي الحرام فهو حرام), والتلوث المائي يتسبب في حالات كثيرة في إزهاق الأرواح وقتل الأحياء ونشر الأوبئة والأمراض, ودرء هذا التلوث واجب. منهج إسلامي من جانبه قال الدكتور محمد الأمير أبو زيد, عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالمنصورة, إن القرآن الكريم نظر للبيئة وبين أهميتها, جاء ذلك في قول الله تعالي:( ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) فإذا ما أردنا أن نقي أنفسنا المخاطر التي تضر بالإنسان إن هو لوث المياه وغيرها, فإنه يجب عليه اتباع تعاليم الدين الإسلامي وإرشاداته, خاصة, أن سلامة البيئة أو عدم سلامتها, أمر يرجع إلي فعل الإنسان, وبيئتنا التي أنعم الله بها علينا, يجب أن نسعي لحمايتها والمحافظة عليها. وأضاف: حذر الله كل من يسئ إلي البيئة أو يفسد فيها, أو يبددها بالعقاب الشديد, قال تعالي:( ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته, فإن الله شديد العقاب) وقال تعالي( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) فالإنسان مستخلف, وليس مالكا للموارد, حتي يتصرف فيها علي هواه, فالبيئة بجميع مواردها, لا تعتبر ملكا لجيل من الأجيال, وإنما هي ملك وميراث للبشرية جميعا, لا يستطيع أي فرد الادعاء بنفسه بأنه مالك لها, وقد اهتمت السنة النبوية بالبيئة, فقال النبي, صلي الله عليه وسلم, الناس شركاء في ثلاثة( الماء والكلأ والنار) وقد وضعت السنة الأساس لحماية المياه, والمحافظة عليها, حفاظا علي الإنسان, يقول النبي, صلي الله عليه وسلم, في ذلك:(مثل القائم في حدود الله والواقع فيها, كمثل قوم استهموا علي سفينة, فأصاب بعضهم أعلاها, وبعضهم أسفلها, فكان الذي في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا علي من فوقهم, فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا؟ فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعا, وإن أخذوا علي أيديهم نجوا ونجوا جميعا) وإذا أمعنا النظر في الحديث الشريف, وجدنا أن رسول الله, صلي الله عليه وسلم, حدد مسئولية البيئة من الأخطار التي تهددها وألقي بالتبعية علي عاتق المجتمع بأسره, لا يخص فرد بذاته ولا جماعة بعينها, لأن ما يقره المجتمع علي أفراده سيعود بنتيجته الوخيمة بالضرر علي المجتمع كله, ومن ثم أمر النبي الأمة أن تأخذ علي أيدي المفسدين, وإصلاحهم, وبهذا يتحسن حال المجتمع كله.