وسط هذا الضجيج حول النقاب والحجاب والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وادعاءات ازدراء الاديان والسياحة الشرعية هل يمكن لمصر ان تدخل الي العالم الحديث من أوسع أبوابه؟ منذ أن اجتاح الاخوان والسلفيون الانتخابات البرلمانية وفوزهم بالاغلبية أراد البعض أن تعود مصر الي نقطة البداية.. تبحث عن نفسها مرة أخري وتحدد هويتها.. وكأن هويتها التي أستقرت منذ5 ألاف عام قد ضاعت! وسط هذا الضجيج لم أسمع أو أقرأ أو أشاهد من فازوا بالمقاعد البرلمانية يتحدثون عن حلول لمشكلات مصر الحقيقية. ما أراه هو أهتمام عظيم بالسلطة.. هوس بها كأنها غاية المنتهي في حين أنها وسيلة ديمقراطية لحكم الشعب بالشعب أو تمثيل الشعب. وكأن مصر تعيد أكتشاف نفسها مرة أخري. مصر التي قدمت أنجازا حضاريا كبيرا للعالم.. مصر التي لم تنغلق علي نفسها حتي في أحلك الاوقات.. في العصور الوسطي.. مصر التي عرفت كيف تدافع عن نفسها ضد غزوات أجتاحتها عبر عصور التاريخ المختلفة. لقد تجاوز هذا الوطن محنا عظيمة وظل كما هو ببساطته وتعقيده الاف السنين.. جاء الهكسوس والتتار والرومان واليونانيين والعرب.. ولم يتمكن أحد من أحداث تغيير حقيقي في الهوية. تنوع الاديان في مصر القديمة قائم علي التعدد وقبول الاخر الي ان جاء موحد الاديان أخناتون. رغم الضجيج الذي يحدث الان.. لن تتغير هوية المصريين.. لن تتغير أساليب حياتهم.. سيظل المصري هو المتدين بأعتدال وليس بتطرف.. سيظل المصري الذي يحتفي بالحياة ويبتهج لها وبها. مشكلات مصر الحقيقية تنتظر هؤلاء الذين دخلوا البرلمان: المصري يبحث عن عيش وكرامة وعدالة اجتماعية. 90 مليون نسمة سوف يراقبون هؤلاء الذين زعموا أنهم قادرون علي حل مشكلات هذا الوطن. المرضي ينتظرون العلاج.. ومن غرقوا في بحار الامية وهم40% من هذا الشعب ينتظرون من يأخذ بأياديهم.. التعليم ينتظر الاصلاح وادارة الاقتصاد الوطني تحتاج الي مصرفيين علي مستوي رفيع واقتصاديين يفهمون العالم. علي من فاز في البرلمان أن يدخل بهذا البلد الي الحداثة وإلا فالحساب قادم. لقد تغيرت أشياء في هذا البلد أهمها ان المصريين لن يتساهلوا في حقوقهم بعد اليوم. المزيد من أعمدة جمال زايدة