ما بعد الولادة، هل تحظى الموظفة الأم بالدعم الكافي؟ القانون يجيب    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    القومي للمرأة ينظم ورشة عمل تفاعلية لخريجات برنامج المرأة تقود    بدء توافد طلائع الحجاج إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة    الرئيس السيسي يشيد بالمشاورات الناجحة والبناءة مع رئيس وزراء اليونان    كشف حساب بيسيرو مع الزمالك بعد رحيله عن الفريق    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    الرياضية: مدرب فولام يوافق على تدريب الهلال    عمر طلعت مصطفى: الجولف ليست لعبة للأثرياء    إحباط ترويج 41 كيلو مخدرات و59 قطعة سلاح ناري ب3 محافظات    بسبب الفلوس.. إصابة شخصين في مشاجرة بالوراق    تعليم دمياط تكشف حقيقة واقعة تسلق شخص سور مدرسة    مصرع شخصين في حريق نشب داخل مركز صيانة سيارات بالهرم    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    القبض على 3 طلاب حاولوا الاعتداء جنسيا على طفلة في كرداسة    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    مهرجان أسوان يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    "نجوم الساحل" يعلنون بداية فصل الصيف بطريقتهم الخاصة مع منى الشاذلي غدًا    منها «السرطان».. 5 أبراج تجيد الطبخ بالفطرة وتبتكر وصفات جديدة بكل شغف    كندة علوش: شعري وقع ولوعمرو يوسف خاني هضربه    تنظيم عدد من الأنشطة بقصور الثقافة بالشرقية    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    منتج "سيد الناس" يرد على الانتقادات: "كل الناس كانت بتصرخ في المسلسل"    لأول مرة، مناقشة رسالة ماجستير حول الطب الدفاعي بحضور نقيب أطباء مصر (صور)    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    فيديو.. خالد أبو بكر للحكومة: مفيش فسخ لعقود الإيجار القديم.. بتقلقوا الناس ليه؟!    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    السنغال بالزي الأبيض والكونغو بالأزرق في كأس إفريقيا للشباب    هبوط مؤشرات البورصة بختام تعاملات الأربعاء بضغوط مبيعات أجنبية    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    طلعت مصطفى تعلن تحقيق 70 مليار جنيه من «ساوث ميد» خلال يوم.. وإجمالي مبيعات المجموعة يرتفع إلى 160 مليار خلال 2025    مجدي البدوي: عمال مصر رجال المرحلة.. والتحديات لا تُحسم إلا بسواعدهم    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    «العمل» تطلق حزمة برامج تدريبية لتطوير قدرات العاملين    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    إصابة ضباط وجنود إسرائيليين في كمين محكم نفذته المقاومة داخل رفح الفلسطينية    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    كيف يتم انتخاب البابا الجديد؟    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    المستشار الألماني الجديد يبدأ أول جولة خارجية بزيارة فرنسا    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    أحمد سليمان: هناك محاولات ودية لحسم ملف زيزو.. وقد نراه يلعب خارج مصر    صندوق مكافحة وعلاج الإدمان يعلن عن وظائف شاغرة    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غريب الدار
الثائرون قبطا
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 11 - 2013

البابا تواضروس الثاني رفض الاحتفال بعيد مولده ال61 وهو التاريخ الموافق لموعد جلوسه علي مقعد البابوية في18 نوفمبر الجاري تضامنا مع أحزان أسر الشهداء,
والاكتفاء بقداس صغير في الكاتدرائية لعدد من الأساقفة.. موقف نبيل يضاف إلي مواقف تواضروس السابقة التي أظهرت مدي حرصه علي التضامن الوطني رغم استهداف الإخوان ضرب الوحدة الوطنية بجميع الوسائل بداية من تدمير الكنائس وخطف الأقباط إلي قتل الأطفال ليلة أفراحهم.. وإذا ما كانت أحداث اليوم توابع لثورة30 يونيو2013 فأثناء اشتعال ثورة1919 وجد الملك فؤاد والإنجليز صعوبة بالغة في إقناع أحد من السياسيين المصريين بتولي رئاسة الوزراء, فالكل كان في خشية من غضب الشعب, وفي نوفمبر1919 لم يجدا الملك والإنجليز أمامهما سوي سياسي قبطي مصري رضي أن يقوم بالمهمة الشائكة وهو يوسف وهبة باشا لتهب جموع الشعب ثائرة عليه بقيادة أقباط مصر الذين عقدوا اجتماعا موسعا صباح الجمعة21 نوفمبر1919 بالكنيسة المرقصية الكبري يرأسه القمص باسليوس وكيل البطريكية, حيث قام بالخطابة كل من القمص سلامة منصور رئيس المجلس الملي, والأستاذ توفيق حبيب, والأستاذ لويس فانوس, والقمص مرقص سرجيوس, وكامل أفندي جرجس عبدالشهيد بالنيابة عن الطلبة, واتفق الحاضرون علي إرسال برقية إلي يوسف وهبة باشا جاء فيها: الطائفة القبطية المجتمع منها ما يربو علي الألفين في الكنيسة الكبري تحتج بشدة علي إشاعة قبولكم الوزارة إذ هو قبول للحماية ولمناقشة لجنة( ملنر), وهذا يخالف ما اجتمعت عليه الأمة المصرية من طلب الاستقلال التام ومقاطعة اللجنة, فنستحلفكم بالوطن المقدس وبذكري أجدادنا العظام أن تمتنعوا عن قبول هذا المنصب الشائن.. وبعد تأليف الوزارة بأقل من شهر في15 ديسمبر1919 تعرض يوسف وهبة للاغتيال من طالب قبطي بكلية الطب يدعي عريان يوسف سعد.. وكان في عهد الوزارة تلك قد انتخب المحامون المصريون مرقص حنا نقيبا لهم في12 ديسمبر1919 ليكون أول قرار تتخذه النقابة في عهد نقيبها القبطي هو إضراب المحامين لمدة أسبوع ابتداء من17 ديسمبر احتجاجا علي موقف الاحتلال الإنجليزي ضد مصر الذي يوافق ذكري إعلان الحماية علي مصر عام..1914 ويذهب سعد زغلول إلي باريس في ابريل1919 لعرض المطالب المصرية في الحرية والاستقلال علي مؤتمر الصلح الدولي المنعقد هناك, وكان الوفد الذي يرأسه سعد يضم بين أعضائه خمسة من المسيحيين هم: سينوت حنا, وجورج خياط, وجورج روماني, وعزيز منسي, وويصا واصف المتحدث باسم الوفد.. واصف الذي اختاره مجلس النواب المصري رئيسا له عام1930 وكان أكثر من90% من أعضاء المجلس من المسلمين, وكانت مصر تسميه محطم الأغلال بعد أن أصدر رئيس الوزراء إسماعيل صدقي قرارا بوقف جلسات المجلس تمهيدا إلي حله, فاعتبر واصف القرار باطلا ودعا أعضاء المجلس إلي الاجتماع وقادهم بنفسه متقدما الصفوف, وعندما وجد الأبواب مغلقة قام بتحطيم السلاسل بيديه وفتح الباب بالقوة, ودخل علي رأس نوابه وعقد اجتماعا كان له عطر وتاريخ مضيء في حركة مصر الوطنية الحديثة..
وقد قال المسيح: كل مملكة منقسمة علي ذاتها تخرب..وأريد رحمة لا ذبيحة.
وجاء في كتابه تعالي: من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا.
النمرة غلط
ترلم.. ترلم.. ترررررليم
آلوه؟
- أفندم.
حضرتك.....؟
- تمام.
مواعيدك في المؤسسة عندنا؟!
- قصدك الأهرام.. غير منضبطة بحكم المعاش.
عايزين ندردش شوية؟!
- بخصوص؟!
لا نريد ترك مقاليد أمورنا واختيارات رؤسائنا ومديرينا يقررها لنا المجلس الأعلي للصحافة البعيد عن الصورة والمطبخ, مطلوب من شيوخ المهنة زي حضرتك تقولوا رأيكم..
- يا ابني يا حبيبي الملافظ سعد.. وبداية كلامك موجه لي ضمن شيوخ المهنة.. لابد وأن تعلم أنه لا من الكياسة ولا من الحصافة ولا الصحافة أن تقول لأي واحدة إنها من الشيوخ..
عموما انت كنت طالب نمرة كام؟!!
سيدة مصر
تعظيم سلام يا بوتين.. نكسي علمك يا حماس.. هي وكالة من غير بواب يا أردوغان.. يعني يا تحكمني يا تموتني.. علي النعمة في حارتنا المجاري ضاربة وترفع خلجاتك رايح جاي.. في المستشفي روحي اشتري السرنجة من بره.. بقي لي أسبوع دايرة علي مرهم ترميسين علشان عيني اللي ضربني عليها.. حكومة هجاصة.. قايمة عليها تتصالح.. إلهي لا يكسب ولا يربح.. هنا أهلي وبلدي وناسي وأرضي وعرضي.. المية بخمسة وتسعين جنيه بقي لي سبعة أشهر مادفعتش أغلي من إيجار الأودة اللي ب..55 ننام خمسة أنا وابني ومرات ابني والعيلين.. الغلابة في بير.. هما احترموا الحرمة لما يحترموا الراجل.. شايف نفسه علي إيه.. بتاع القرد والقرداتي.. يغور أوباما هو والمنيار بتاعه.. عينهم قادرة وفاجرة.. كله للأهل والعشيرة.. نصهم حلق حوش.. فاكر مصر عزبة أمه بيوزعها علي كيف كيفه.. تعظيم سلام للسعودية ودولة الإمارات.. تعظيم سلام للكويت والأردن ودولة البحرين.. هي إيه العبارة.. كيلو اللحمة بسبعين.. إحنا بناكل رجلين فراخ.. في العيد الكبير جالنا نص كيلو بحاله.. إن ماكانوش مشيوا كنا حنكنس عليهم بزباطة النخل.. رقصوا علي السلم لا شافوهم اللي فوق ولا اللي تحت.. شد اللحاف.. اللي عاوز كل حاجة بيخسر كل حاجة.. كيلو البطاطس بسبعة جنيه.. هي إيه العبارة.. وقف في الميدان وفتح صدره وخرج منها يقفل في الجاكتة.. ربك علي المفتري.. عينك ماتشوف إلا النور خمسة وتلاتين مليون يسدوا عين الشمس, يقولوا الظلمة عليهم لقطة اصطناعي.. عبدالمنعم طبعا إخواني من ساسه لراسه.. الفرصة مرة واحدة.. يا ابن العبيطة.. القوالب نامت والانصاص قامت.. ممكن أشرب بق ميه.. عوضنا عوض الصابرين.. عمرة بحالها يا كرم سيدنا النبي.. مصر بخير يا ولاد وأبدا مش حتنضام ده ربك ذكرها في القرآن وقال عليها ادخلوها آمنين. اكتب لي يابني نمرة تليفونك وراء الورقة..
من كلمات عواطف سالم أم أشرف بنت البلد المسنة التي استضافها المذيع المتجدد أحمد موسي في برنامجه الجماهيري الشعب يريد إثر اعتداء الإخواني محمد الزين تاجر المسابح بالحسين عليها بصفعها علي وجهها لتسجل كاميرا اليوم السابع الاعتداء الهمجي لوقوف أم أشرف حاملة صورة عبدالناصر والسيسي, هاتفة لمصر وجيشها, قادمة من شبرا الخيمة سيرا علي الأقدام لأكاديمية الشرطة يوم محاكمة الإخوان..
صحافة علي الطريقة الصينية
القبضة الحديدية علي الصحافة الصينية التي يمارس فعاليتها الحزب الشيوعي الحاكم, ويباشر إجراءاتها الرئيس تشي جينبيج بنفسه, كاد أن ينفصم عراها هذا الشهر بسبب تسرب فيروس حركة تمرد إلي تروسها علي يد صحفي شاب يدعي شن يونجزهو المحرر بجريدة شينكوبا يباو اليومية الشعبية التي تصدر في جنوب الصين, وذلك لقيامه بعمل تحقيق صحفي أظهر فيه بالأرقام مدي تلاعب مجموعة زوميليون الصناعية في بياناتها مما قد يؤثر بالسلب علي بورصتي هونج كونج وشينزان.. ونظرا لجنوح وجموح شن غير المألوف في الدوائر الصحفية المستأنسة فقد تم اعتقاله خلف الأسوار لتبدأ صحيفته في شن حملة واسعة علي شبكة الإنترنت تدين تكميم أفواه الصينيين, مطالبة سلطات القمع بالسماح بإعلام مستقل له الحق في تناول قضايا الإصلاح السياسي, مشبهة تقييد أفواه الصحافة بركوب المجتمع سيارة مطفأة الأنوار في حلكة الليل.. و..يفاجأ الجميع بظهور شن تائبا علي شاشة التليفزيون الرسمي للدولة معترفا ومقرا بالتهمة التي وجهت إليه وهي فبركة المقالات طمعا في كسب غير مشروع.. وارتاح النظام.. وعاد للقبضة إحكامها.. وعاد شن ترسا يدور في العجلة الجهنمية بعدما استوعب الدرس جيدا!! ومادام الزميل الصحفي ضياء رشوان نقيبا للصحفيين المصريين وعضوا في لجنة الخمسين التي يتحدث باسمها الزميل الصحفي محمد سلماوي, ففي البطن بطيخة صيفي, من عدم حتمية ظهوري علي الشاشات الرسمية للزميلة الإعلامية د. درية شرف الدين, لإبداء التوبة والاعتذار عما يكون قد بدر مني عفو الخاطر, أو مع سبق الإصرار والترصد ومعلشي مش حاعمل كده تاني, فالصحة لا تسمح, والسن لا تسمح, وابني لا يسمح.. والسجن لم يصبح للجدعان وإنما للإخوان.
سلامة قلبك
ها قد دخلت يا سيدي عضوا في نادينا.. نادي جراحة القلب المفتوح الذي يتعرف أعضاؤه علي بعضهم البعض صيفا أكثر منه شتاء, فندبة الخياطة الطولية التي يخلفها مبضع الجراح في القفص الصدري لضم الضفتين يداريها مع شهور البرد البلوفر والكرافتة والكول الفراء والصديري الصوف والشال الأنجوراه.. و..لابد وأنك قد سمعتها تلك العبارة التي تقال علي سبيل التشجيع مغلفة بقشرة من زيف الحسد بعد العملية: أيوه يا عم خلاص وبقينا ع الزيرو!! هنا بالذات أسدي إليك نصيحة من عضوة قديمة في ناديك الجديد: ألا يصعب عليك حالك, أو تروي بحسرة عن كشف الممنوعات المطلوب منك تفاديها لنهاية العمر, وأولها جميع أنواع الجبن إلا القريش منه, والسجائر والسهر والإجهاد والتفكير والتكدير والمرور من خلال البوابات الإلكترونية الخ.. الخ.. المهم الأخذ بتلابيب ذلك الزيرو لتعيش حياتك كأنك تعيش أبدا لتكمل مشوارك الخلاق في ترسيخ دعائم صحافة مصرية حديثة ورائدة ونظيفة تقول للأعور في عينه يا أعور, وتقول لكل من مد يده لخير الوطن تسلم الأيادي.. الأستاذ صلاح دياب مؤسس جريدة المصري اليوم إذا ما كانت صناعة الكلمة المكتوبة عمله وعالمه وقد ورث جيناته عن جده الكاتب والصحفي والمفكر الكبير الراحل توفيق دياب الذي يجذب إليه الآلاف المؤلفة من القراء, إلا أن من لم يسعده حظه بالاستماع الشخصي إلي حديثه الطلي يكون قد فاته الكثير من دفقة الجذب والسحر وخفة الظل.. ومازلت أذكر روايته في كيف حظي برضاء والده الذي لا يقبل علي كرامته أن يدفع له كائنا ما كان مليما واحدا من نفقاته, ولبعد المسافة الزمنية والاقتصادية بين الوالد والابن ظل الأب يسأل ابنه صلاح المصاحب له عن تكاليف الجراحة الكبيرة التي أجريت له, فاستأذنه الابن في تأجيل تناول المسألة لحين ركوب طائرة العودة ليكون قد انتهي تماما من تدوين كافة بنود الصرف, حيث دون كشفا خاصا بالجنيه المصري بعد زعم التحويل لا يخرج فيه سعر فتح غرفة العمليات في المستشفي العالمي عن خمسة عشر جنيها, وأجرة الجراح العالمي عن خمسين جنيها, وطاقم التخدير عن ثلاثة عشر جنيها, وحجز غرفة الإقامة والنقاهة عن ثلاثة وثمانين جنيها فقط لا غير.. ويخرج الوالد الشامخ الوقور نظارته ليراجع بنود الكشف, ويطرح كافة الأسئلة ومنها الاطمئنان عما إذا ما كان المبلغ المذكور قد ضم جميع الإكراميات والتنقلات, وأخيرا يعيد للابن جميع ما أنفقه عليه متنهدا بارتياح من لم يعد هناك كائنا ما كان له فضل عليه حتي ولو ابنه ومن صلبه.. و..متشكر يا صلاح.. العفو يا بابا.. وترتاح الأجيال بلا صراع!.. وسلامتك يا صلاح.. سلامة قلبك..
الكبير الكبير
طه حسين من كان يسمع ولا يري لابد وأن يكون الصوت لديه بمثابة الكائن القائم بذاته عندما يكتب في مجال الجمال الأنثوي الذي لا يراه ببصره وإنما يستشعره بأذنيه, حيث لا مجال للغزل في قوام الحبيبة ودقة خصرها ونصاعة جيدها ونعومة شعرها وضحكة سنها وطول رمشها, وإنما أحبال صوتها ورقة عزفها حيث كان قوله: وكان صوتها إذا تكلمت رخصا عذبا صافيا ممتلئا لا تكاد الأذن تسمعه حتي يحضر في النفوس هذا الوقت القصير بين انطلاق الفجر في ظلمة الليل كأنه السهم, وإشراق الشمس علي الأرض حتي تملأها جمالا ونورا.. والذي يترقرق فيه نسيم رقيق عليل, ويسقط فيه الندي كأنه تحية حلوة ملؤها الحياة والنشاط قد أرسلتها السماء إلي الأرض, وتستيقظ فيه الطبيعة نشيطة متكاسلة, حيث تتغني الطير وتحف الأوراق وتهتف الغصون ويهمس الضوء الفاتر إلي الأرض أن أفيقي وتأهبي فقد أوشك موكب الشمس أن يهل!.. كان صوتها يحضر في النفس هذا كله إذا ما تكلمت. وكان صوتها ذاك الرخص العذب الصافي يلائم وجهها المشرق النقي, وخلقها الرائع السوي. فكان شخصها أشبه شيء بآية من آيات الموسيقي التي لا تلذ السمع وحده, وإنما تلذ كل ما في الإنسان من ملكات الحس والشعور والتفكير..
ورغم أن طه حسين كان ضريرا إلا أن معاصره الكاتب الأديب زكي مبارك صاحب الثلاثة درجات دكتوراه من باريس كان له رأي آخر في ذلك الشأن إذ يقول: يشهد الدكتور طه علي نفسه بأنه ضرير, وذلك فن من فنون المراوغة, فقد صحبته نحو عشر سنين ولم أنتبه إلي أنه ضرير, وكيف أصدق دعواه وما رأيت رجلا أرشق منه في تناول الشئون التي يتناولها المبصرون, كنا نخرج من الجامعة المصرية عندما كانت في قصر الزعفران, وكان ذلك في أوائل القرن الماضي, وكانت الجامعة لاتزال جامعة أهلية, وكنا نقفز إلي المترو بعد أن يتحرك ولا يشعر أحد بأنني أصاحب رجلا من المكفوفين, ومن يصدق أنني لم أفكر في حلق ذقني بيدي إلا بعد أن رأيت طه حسين يحلق ذقنه بيده! وهو يمشي بقامة منصوبة توشي برشاقة الرمح المسنون.. وطه حسين لتوهمه أنه ضرير يحاول التأثير باللسان حين فاته التأثير بعينيه, ومن أجل ذلك نراه أعجوبة الأعاجيب في إبراز مخارج الحروف, ولشعوره بأن لسانه مصدر قوته يلح في الحديث وفي الإملاء إلحاحا يترك سامعيه وقارئيه علي أهبة الاقتناع بما يملي ويقول, وخلاصة القول إن طه حسين الرجل الذي استطاع أن يقيم البراهين علي أنه من أقطاب الأدب في هذا الزمان, ولو كنت أصدق أنه أعمي لكففت عنه قلمي, ولكني واثق من أنه مبصر, وبأنه الأستاذ القدير..
صفحات من تراث عميد الأدب طه حسين ضمن مقتنيات معرضه الحالي في بيت السناري التابع لمكتبة الإسكندرية الذي أقامته حفيدته مها عون بمناسبة ذكري مرور أربعين عاما علي وفاته.. طه حسين من قال له يوما الشاعر السوري العملاق نزار قباني:
ضوء عينيك.. أم هما نجمتان؟
كلهم لا يري.. وأنت تراني
إرم نظارتيك.. ما أنت أعمي
إنما نحن جوقة العميان..
عد إلينا.. فإن ما يكتب اليوم
صغير الرؤي.. صغير المعاني
آه يا مصر.. كم تعانين منهم
والكبير كبير.. دوما يعاني
غريب الدار
كثيرا ما جلست بحكم عملي الصحفي إلي مشاهير وعلماء وأصحاب ثروة لأفاجأ بأن الرغبة الدفينة لدي غالبيتهم هي الاعتزال بما معناه التواري في بيت صغير في البراري.. ولا أنسي عالم الطب المصري مدير مستشفي واشنطن الدولي عندما همس لي وسط أبهة مكانته: مرادي أن أقضي بقية عمري في قريتي بالصعيد أرتدي الجلباب الواسع وأقعد علي شط الترعة أمص زعزوعة القصب وأسمع كروان الفجرية.. وكاتب كبير تهتز له أركان الأوراق إذا ما كتب, ويضرم ساحة الفكر إذا ما أدلي برأيه, في نيته الاعتزال التام عن قريب لتأمل موج البحر لنهاية العمر بمجرد صدور كتابه الموسوعي الجديد.. أمثال هؤلاء مازال في جعبتهم الكثير من العطاء لكنهم أضمروا قرار الاعتزال, وغيرهم استشعروا أن ليس لديهم جديد فآثروا الانسحاب والخروج الهادئ من الساحة مثل الكاتب الكبير يحيي حقي في سنواته الأخيرة التي اقتصر فيها نشاطه علي الأخذ بيد المواهب المتفتحة.. وعندما رفضت القصة والرواية إطاعة العبقري يوسف إدريس مضي يشق عباب المقال بشعار يقول فيه: المقال قصة قصيرة.. وفي طابور الاعتزال يقف الشاعر الفرنسي رامبو الذي كتب قصائده التاريخية من سن العشرين إلي التاسعة والعشرين ليتوقف عندما صمت شيطان الشعر في قلمه, فليس للتوهج سن ولا زمن ولا قرن.. وهناك من لم يقرر الاعتزال من نفسه فالشعلة بداخله أضاءت فجأة وخبت أيضا فجأة لتخرج عملا مذهلا واحدا لا غير مثل رواية مليم الأكبر لصاحبها الكاتب عادل كامل.. وهناك نوع من الاعتزال الانتحاري مثلما ألقي النحات السجيني بتماثيله في النيل, ومن قبله المثال السويسري جياكوميتي عندما أودع أعماله نهر السين, والفنان حسن محمد حسن الذي قام بتمزيق رسومه.. وقديما في القرن الثالث الهجري أشعل أبوحيان التوحيدي النار في مؤلفاته العديدة التي شملت أوجه الثقافات المختلفة من علم وفن وفلسفة, ولم ينج من الحريق إلا بعض من مستنسخات مؤلفاته مثل كتاب البصائر والذخائر والإمتاع والمؤانسة والهوامل والشوامل.. وليس أبلغ وصفا لإحساسه بالغربة التي دفعت به للعزلة عندما عبر عنها بقوله: قيل إن الغريب من جفاه الحبيب, وأنا أقول بل الغريب من في غربته غريب.. الغريب من إذا حضر كان غائبا, وإن غاب كان حاضرا.. الغريب من ليس له نسيب, بل الغريب من ليس له من الحق نصيب.. والغريب من غربت شمس جماله, واغترب عن حبيبه وعزاله, والغريب من إذا قال لم يسمعوا قوله, وإذا رأوه لم يدوروا حوله.. الغريب من إذا أقبل لم يوسع له, وإذا مرض لم يسأل عنه.. الغريب من إن زار أغلق دونه الباب, وإن استأذن لم يرفع له الحجاب.. الغريب ليله أسف, ونهاره لهف, وشوقه لهب, وعالمه كهف, وسمعه رهف, وقمره خسف, وغذاؤه حزن, وعشاؤه شجن, وسره علن, وخوفه وطن!
أرض أرض
شقيقتي الغالية في أول بلكونة وقدامها كشك كاكولا وبمب.. والحتة كلها عيال.. أختي حبيبتي لا يغمض لها جفن لا ليل ولا نهار.. بنت أمي وأبويا سمعها خلاص بقي علي المحك, وأعصابها يا حبة عيني من بدع تقاسيم الطلقات وقوة ضغط الشحنات وهول انطلاقات الشماريخ أرض أرض وجو جو بلغت حد الانتفاض اللاشعوري من قبل ما تنزل البومبة الأرض.. شكونا صاحب الكشك فخرج لفترة للنواصي ثم عاد لسابق طلقاته مع سبق الإصرار والترصد وعينه تندب فيها رصاصة.. كل هذا والقانون بيتمشي ويقف.. يقف ويتمشي.. يتمشي ويشرب حاجة ساقعة ويتلكأ علي الفاترينات.. ياخد بيجامته ويبات.. يبات وتعجبه القعدة عند جماعة حقوق الإنسان.. يقع تحت طائل ملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة..يتقلب علي الجانبين بفعل فاعل, ويدغدغه التقليب يموت من الضحك علي كل الذقون.. يعترض عليه الوزير والغفير وصاحب الكشك.. قالوا من شهرين إنه عند حازم.. ياللا يا حازم ياللا يا حازم.. قالوا ليلة إمبارح وصل الرياسة.. ياللا يا ريس ياللا يا ريس.. الكشك شغال والحتة كلها عيال, وأختي نوارة العيلة لونها بقي علي الدوام مخطوف تنتابها حالة رعب بالذات من يوم الجمع, فبعد الصلاة المسيرات بالمولوتوف, وحظر التجوال من السابعة حتي الصباح التالي, والبلد اللي مافيهاش منع امشي وفرقع!
لمزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.