حدثنا خالد الأمّور، المطرب الشعبي المغمور، قائلا: كنت زمان، فقيرا وغلبان، وعلى باب الرحمن.. ويادوبك حتة رقّاق، في فرقة المعلم أبو أشواق، وكنت ساكنا في أوضة فوق السطوح، عند الحاجة أم بحبوح، في شارع الوحدة بإمبابة، والناس هناك جامدين قوي وسمعتهم مهابة، وغويت بنت الجيران، التي أصبحت المدام الآن، وأبوها المعلم طناحي بتاع الفول، راجل بركة وبيحب الأصول، وبيصلي كل الأوقات، في الزاوية اللي جنب ناصبة المعلمة فتكات، وبيقعد يسمع الدرس ليل ونهار، اللي بيلقيه بعد صلاة العصر محمد النجار، ومحمد النجار لا هو شيخ ولا حاجة، بس هو ربى دقنه وساق فيها بسماجة، وحفظ له كام آية وكام حديث جامدين، وسمع له كام شريط للشيخ ابن عثيمين، بس برضه ما نسيش كار النجارة، ودا اللي خلى حمايا يصر أننا نعمل عنده شوار بنته الأمارة، وقال لي اديله جميع فلوسه كاش لأن مافيش حاجة ببلاش. قلت له: دا شقى العمر يا حمايا، ندي له عربون الأول ونشوف شغله بدل ما أدي له كل اللي معايا. قال لي: والنبي أنا قلت له كده، بس هو مصر ع الوضع ده، وأنا أضمنهولك برقبتي. قلت له: يا خوفي لاتقول بعدين يا خيبتي. وادينا له الفلوس، ومن بعدها ساب الحارة، ودورنا عليه بطبلة وزمارة، ودخلت على البنت الغلبانة بقلة وحصيرة، عشان وثقنا في واحد دقنه عيرة. وصاحبي حجازي متقال، عمل لي ع الحكاية دي موال، قال فيه: محمد النجار.. ترلم لم.. ضحك على خالد، قال له هاتبقى حمار.. ترلم لم.. وللفلوس فاقد، إديني أعملك.. ترلم لم.. ياخويا أوضة النوم، وللجلوس لازم.. ترلم لم.. أوضة تعيش وتدوم.. القصد صدقه.. ما عرفش إنه خبيث.. ضلالي وحرامي.. راجل لكن إبليس. وفي مرة داخل أنا وحمايا نصلي في مسجد كبير في مصر الجديدة، لقيت لك محمد النجار بيفشر على الناس بنصباية جديدة، وقاعد على كرسي الدرس والصفوف قدامه ماتجيبش آخرها، وبيقول لهم على واحد شاف حلم إن مرسي معمر البلد بدل ما هو خاربها. وقال: حكي لنا الشيخ الشواف الذي نحسبه على خير، أنه رأى عبد الله فخامة الرئيس مرسي يسير في أرض خضراء، كلها زرع وماء، وكلما خطا خطوة غار الماء وأقفرت الأرض، حتى أصبحت صحراء جرداء، فإذا بملاك عظيم الخلقة فهابه مرسي وقال له من أنت يا أخي، فقال له: أنا عبد الله عزرائيل، لقد بلغت شكواك من المصريين ناكري الجميل عنان السماء، فأرسلني الله إليك لأنقذك من مصير أبي علاء، قل للمصريين أتجادلونني على نهر النيل ونسيتم أنهار الجنة، فيها أنهار من عسل ومن لبن ومن خمر لذة للشاربين، وأنتم تجادلون في نهر كله ماء وطين، فلتأخذه السودان وإثيوبيا، فإنه في الجنة لا يعدو أن يكون حلة لوبيا، وقد مكنك الله لتنشفها على عباده فيموتون فيدخلوا الجنة شهداء يتمتعون بما فيها من أنهار وثمار وأشياء، ففرح مرسي وقال اللهم خذ المصريين جميعا فإنهم يستحقون، فكبر القوم وهللوا، وصحت بمحمد النجار ساخرا "حلمك يا شيخ سانجام"، فقال لهم اقبضوا على هذا الزنديق، وأجلسوه ومن معه على الخوازيق.