في الوقت الذي تتحرك فيه الجهود الدولية لعقد مؤتمر جنيف لحل الأزمة السورية, تستمر علي الأرض المعارك الدامية بين الجيش السوري وقوات المعارضة علي إختلاف مسمياتها.. كما لو كان الطرفان في سباق اللحظات الأخيرة لحسم الوضع الميداني قبل أن تبدأ المفاوضات. والمؤشرات لا ترجح عقد مؤتمر جنيف2 في موعده كما تستمر المعارك الدامية وسط خسائر بشرية فادحة في الأرواح والممتلكات وكانت أشرس المعارك التي خاضها الجيش لاستعادة منطقة حيوية من المعارضة هي معركة منطقة السفيرة( شرق حلب) والتي يري الجيش السوري في تحريره لها الإنجاز الثاني بعد القصير, وسيكون لها تداعيات عسكرية عديدة في المستقبل, كونها البوابة الجنوبية الشرقية لمدينة حلب, والسيطرة عليها تعزز تأمين طرق الإمداد بالمواد الغذائية والطبية إلي حلب وريفها, وتمثل قاعدة انطلاق في الريف الشرقي لمدينة حلب. يأتي هذا في الوقت الذي يتعرض فيه الأخضر الإبراهيمي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لحملة هجوم من النظام السوري علي خلفية تصريحاته الأخيرة حيث شن وزير الإعلام السوري عمران الزعبي هجوما حادا عليه وقال: إن علي الأخضر الإبراهيمي أن يكون مبعوثا أمميا بالمعني الحقيقي للكلمة حياديا ووسيطا نزيها وألا يطرح من ذاته أو بناء علي طلب الآخرين أفكارا ليست من اختصاصه,مشيرا إلي أن الإبراهيمي لا يسمي الأشياء بأسمائها وكما أنه لا يفهم تماما حقيقة ما يحدث أو أنه يريد بشكل من الأشكال ألا يسمي الأشياء بأسمائها فهو لم يسم تنظيم القاعدة ولا' جبهة النصرة' ولا العصابات المسلحة كما لم تكن لديه الجرأة أساسا ليسمي حتي من هي الدول التي تدعم هذه المجموعات الإرهابية ولا أعتقد أنه سيملك هذه الجرأة في وقت من الأوقات.وقال الزعبي إن الإبراهيمي يملك أكثر من لغة في المخاطبة وليس لديه لغة واحدة وكأنه يريد أن يرضي الجميع علي حساب الحقيقة أو علي حساب السوريين بشكل خاص في حين يتحدث في سورية فهو يتحدث بمنطق وعندما يخرج من سورية يتحدث بمنطق آخر. وأوضح الزعبي أن ما طرحه الإبراهيمي' في المساواة بين الحكومة ومجموعات المعارضة الأخري' يعكس عدم فهمه للواقع في سورية فالحكومة السورية عندما تتصرف عبر القوات المسلحة في الداخل لحماية البلاد والحدود إنما تتصرف بحكم الدستور الذي يفرض عليها أساسا هذا الواجب الدستوري والوطني والقومي. وكانت زيارة الابراهيمي لسوريا قد أثارت جدلا كبيرا علي الرعم من تأكيده أنها من أجل خلق الظروف الملائمة لعقد مؤتمر جنيف2 وأعرب الإبراهيمي عن أمله أن يكون جنيف2 بداية للخروج من' الأزمة الخانقة التي تعانيها سورية الآن' مؤكدا أن الشعب السوري لا يستحق ما يجري فوق أرضه وأنه حان الوقت كي يتعاون السوريون ويتعاون معهم غيرهم في المنطقة وخارجها من أجل إنهاء الأزمة ونحن نحاول تقديم ما نستطيع مساهمة في ذلك العمل. هذا في الوقت الذي شكك فيه البعض في إنعقاد مؤتمر جنيف2 في موعده نهاية الشهر الجاري بعد رفض المعارضة السورية حتي الآن تحديد موقفها من الحضور أو عدم الحضور.. كما تبدي بعض الدول تحفظا علي دعوة إيران لحضور المؤتمر. وأكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وجود محاولات لتشويه مضمون المبادرة الروسية الأمريكية لعقد المؤتمر الدولي حول سورية' جنيف2'. وقال لافروف إن هناك كثيرا جدا من الألاعيب التي تجري حول هذه المبادرة التي تقدمت بها روسياوالولاياتالمتحدة.. ونلاحظ محاولات إن لم تكن تهدف إلي إفشال هذه المبادرة فإنها ترمي إلي تشويه مضمونها وتوجيهها إلي مسار غير واقعي سيؤدي بالوضع إلي مأزق. وبينما يدور السجال حول من يقف عقبة أمام عقد المؤتمر,دون تحديد الأسماء لا تلوح في الأفق البوادر الإيجابية فالحديث عن سوريا الآن هو مشتت بين تدمير الأسلحة الكيماوية وبين تسريبات عن ضرب اسرائيل لقاعدة عسكرية في اللاذقية وبين رفض المعارضة المشاركة في المؤتمر وكلها أمور تلخص الأزمة الملتبسة في سوريا وتكشف نوايا الأطراف الدولية والعربية في التعامل معها. غير أن الأمر شبه المؤكد أن الملف بأوراقه المبعثرة في حوزة المفاوض الروسي الذي يتحكم تدريجيا في معالجة الأزمة ومن بنودها عدم الحديث بشكل جازم عن رحيل النظام السوري والرئيس بشار الأسد مهما كانت الضغوطات, فروسيا تريد بقاءه حتي لو كلفها الأمر كثيرا فهو بالنسبة لها مؤشر علي نفوذ باق في الشرق الأوسط لم تنزعه الولاياتالمتحدةالأمريكية. ورفضا لسيطرة التيارات الدينية علي الشام..