وزير التعليم العالي يترأس اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بجامعة الإسكندرية    وزير الرى يتابع حالة المنظومة المائية وإجراءات تطوير منظومة إدارة وتوزيع المياه بزمام ترع الإسماعيلية والسويس وبورسعيد    قبل انطلاق الدراسة.. تعرف على برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر    وكيل التعليم بأسيوط يشهد انتخابات اتحاد طلاب المرحلة الابتدائية (صور)    وزيرة التضامن الاجتماعي تشهد إجراءات تسليم الأطفال لأسر بديلة كافلة    وول ستريت تغلق عند ذروة قياسية بدعم بيانات التضخم وأرباح الشركات    انطلاق المرحلة الرابعة من المبادرة الرئاسية لزراعة 100 مليون شجرة    وزير الزراعة يستقبل عدد من الفلاحين ويستمع لمشاكلهم.. ويؤكد: دعم الفلاح "أولوية" ومكتبي مفتوح للجميع    إنتاج الحديد يقفز إلى 2.7 مليون طن.. والأسعار تتراجع لأقل من 38 ألف جنيه    هيئة الرقابة المالية تستعرض إصلاحات وتطورات قطاع التأمين وصناديق الاستثمار    بسبب انهيار المنظومة الصحية في غزة.. آلاف الفلسطينيين يتلقون العلاج خارج البلاد: مصر والأردن وقطر وتركيا الأكثر تقديمًا للدعم الطبي    الدويرى: قوائم الأسرى تتطلب موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي و "الشاباك" أكد: هناك اسمًا "لن يخرج من السجن إلا ميتًا"    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    وزيرا خارجية مصر وتركيا يبحثان سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين    شيخ الأزهر يزور إيطاليا للمشاركة بالمؤتمر العالمي إيجاد الشجاعة للسعي لتحقيق السلام    قبل المباراة اليوم. بشرى سارة ل محمد صلاح خلال لقاء برينتفور وليفربول    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    تعرف علي عقوبة رمضان صبحي و هل يواجه عقوبة السجن؟.. كل ما تريد معرفته عن تهمة تزوير محرر رسمى    الطقس اليوم السبت 25-10-2025.. تحذير من الشبورة وتقلبات خريفية مفاجئة    وزارة التعليم: امتحان الشهر لصفوف النقل يوم 26 أكتوبر والأسئلة مقالية بنسبة 15%    رئيس الوزراء: المتحف المصرى الكبير بُنيانٌ يروي قصة إرادة الدولة المصرية    طارق الشيخ ومحمود الليثى يجتمعان فى دويتو لأول مرة.. اعرف التفاصيل    وزارة الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 138 مليونًا و946 ألف خدمة طبية مجانية خلال 98 يومًا    توصيات طبية جديدة: إدخال الأطعمة المثيرة للحساسية للرضع يدرب الجهاز المناعي    تجنب فواتير الأسنان الباهظة.. أطعمة تحمي الفم من التسوس والأمراض    بعد تجديده وتطويره.. المسرح الروماني بالإسماعيلية يشهد البروفة النهائية لافتتاح الدورة ال25 من مهرجان الفنون الشعبية    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    في 5 خطوات فقط.. روشتة لتحسين الصحة النفسية والجسدية    بعت نصيبي من ورث والدي فقاطعني إخوتي هل عليا ذنب؟ الإفتاء ترد    حكم صلاة المرأة بالبنطلون في الإسلام.. الأزهر يوضح الضوابط الشرعية وآداب الستر    إصابة سائحة بريطانية تعرضت لحادث في الوادي الجديد    صفعة مسن السويس تفتح الجرح من جديد، هل يعود ملف الإيجار القديم إلى الاشتعال؟    ختام مبهر للدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، سعد مفاجأة الحفل، ساويرس يكرم انتشال التميمي، أحمد مالك وليا دروكير أفضل ممثل وممثلة (صور)    موعد عرض مسلسل ابن النادي الحلقة 9    اليوم.. أولى جلسات محاكمة رمضان صبحي وآخرين في قضية التزوير    عمرو أديب يرد على شائعة انتقال محمد صلاح إلى الأهلي: «سيبوا الراجل في حاله»    موعد مباراة ميلان القادمة عقب التعادل أمام بيزا والقنوات الناقلة    عاجل- القبض على مالك المنزل المتهم بالاعتداء على مستأجر مسن بالسويس    رسميًا.. موعد افتتاح المتحف المصري الكبير 2025 وأسعار التذاكر لجميع الأعمار    سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبري في الأسواق اليوم السبت 25 أكتوبر 2025    وظائف البنك الزراعي المصري 2025 للخريجين الجدد.. سجل الآن    تفاصيل بيان الفصائل الفلسطينية للتشديد على وقف إطلاق النار وبدء إعمار غزة    ترامب: علاقاتي مع زعيم كوريا الشمالية جيدة وآمل لقاءه خلال جولتي الآسيوية    مستوطنون يهاجمون المغيّر ويحرقون 3 مركبات    مصرع شاب فى حادث انقلاب سيارة ملاكى بمركز دمنهور بالبحيرة    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    اليوم تنطلق فعاليات ملتقى القاهرة الدولي والتي تحمل اسم «كوكب الشرق»    الشرطة المصرية.. إنجازات أبهرت العالم    اليوم.. محاكمة رمضان صبحي بتهمة التزوير داخل معهد بأبو النمرس    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الوداد المغربي يعلن عن مدة تعاقده مع حكيم زياش    جماهير ليفربول تدعم صلاح بأرقامه القياسية أمام الانتقادات    تفاصيل اصطدام باخرة سياحية بكوبري كلابشة في أسوان.. ماذا حدث؟    شيكو بانزا للاعب الزمالك المنبوذ: أنت عظيم.. لا تستمع لأحد    أسهل وصفة للتومية في البيت.. سر القوام المثالي بدون بيض (الطريقة والخطوات)    إنزاجي يشيد بلاعبى الهلال بعد الفوز على اتحاد جدة    عاجل | تعرف على أسعار الذهب في ختام تعاملات اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا لو أن أحدا يفكر مثل هذا الرجل؟!
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 10 - 2013

وأما الرجل فهو فقيه القرن السابع الهجري الكبير نجم الدين الطوفي الحنبلي; الذي تروي عنه المصادر أن ميلاده كان بالعراق.
وأنه قد سكن الشام ومصر, ومات بفلسطين( وبما يعنيه ذلك من أن تفكيره الفقهي قد تحدد بالشروط المنفتحة التي عرفتها مراكز الحضارة الكبري في عالم الإسلام), وأنه أقبل علي قراءة الحديث, وشرح الأربعين للنووي, واختصر الترمذي وروضة الموفق علي طريقة ابن الحاجب, وكتب علي المقامات شرحا, وشرح مختصر التبريزي في الفقه علي مذهب الشافعي( وبما يعنيه ذلك من تضلعه في الحديث والفقه والأصول واللغة; وعلي النحو الذي يستحيل معه اتهام الرجل في علمه). وأما تفكير الرجل, الذي لا يمكن تصور إلا أن يكون موضوعا لتكفير الجهال فيما لو نطق به أحدهم الآن, فإنه يدور حول مركزية المصلحة في بناء ما يتعلق بفقه المعاملات الإنسانية( في مجالاتها السياسية والاجتماعية والإدارية والقضائية وغيرها); وإلي الحد الذي يقوم فيه, ليس فقط بإخراج كل ما يتعلق بهذه المعاملات من مجال النصوص, بل وكذا تقديم المصلحة علي النص في حال تعارضهما. وهكذا فإنه ينطلق من التمييز بين ما يسميه العبادات والمقدرات التي يكون التعويل فيها علي النصوص والإجماع وبين المعاملات والعادات التي تقوم علي مبدأ رعاية المصلحة بالأساس. وإذ يجعل من هذا المبدأ الأصل الذي تقوم عليه تلك المعاملات, فإنه يقطع بوجوب تقديم رعاية المصلحة علي النص والإجماع في حال تعلقهما بالمعاملات. وهو يقيم حجته علي أنه إن وافقها النص والإجماع وغيرها من أدلة الشرع, فلا كلام, وإن خالفها دليل شرعي وفق بينه وبينها بما ذكرناه من تخصيصه( أي النص والإجماع), وتقديمها( أي المصلحة) بطريق البيان. ويؤسس الرجل هذا التقديم للمصلحة علي النص علي الأولوية شبه المطلقة للمصلحة التي تجعلها تعلو علي النص والإجماع. فإنه مما يدل علي تقديم رعاية المصلحة علي النصوص والإجماع علي الوجه الذي ذكرناه وجوه:( أحدها) أن منكري الإجماع قالوا برعاية المصالح, فهي إذن محل وفاق. والإجماع محل الخلاف, والتمسك بما اتفقوا عليه أولي من التمسك بما اختلفوا فيه و(الوجه الثاني) أن النصوص مختلفة متعارضة, فهي سبب الخلاف في الأحكام المذموم شرعا, ورعاية المصلحة أمر متفق( عليه) في نفسه, لا يختلف فيه, فهو سبب الاتفاق المطلوب شرعا, فكان اتباعه أولي, وقد قال الله عز وجل: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. وهكذا يبلغ الأمر بالطوفي إلي حد قراءة المصلحة علي أنها حبل الله الذي يلزم الاعتصام به.
وإذ يدرك الطوفي أن ثمة من قد يعترض علي طريقته في التفكير, فإنه يورد الحجة التي يمكن الاعتراض بها عليه, ليرد عليها. وتتلخص حجة الخصم في أن هذه الطريقة التي سلكها الطوفي في رعاية المصلحة, إما أن تكون خطأ, فلا يلتفت أحد إليها, أو تكون صوابا. وفي حال كونها صوابا, فإما أن ينحصر الصواب أو الحق فيها, أو لا ينحصر. فإن انحصر الصواب فيها, لزم أن الأمة من أول الإسلام إلي حين ظهور هذه الطريقة علي خطأ; إذ لم يقل بها أحد منهم( قبل الطوفي). وإن لم ينحصر فهي( مجرد) طريقة جائزة من الطرق. وفي هذه الحالة فإن طريق الأئمة التي اتفقت الأمة علي اتباعها يكون أولي بالمتابعة, لقوله عليه السلام: اتبعوا السواد الأعظم, فإن من شذ شذ في النار. ويلخص الطوفي رده علي هذه الدعوي في القول بأن طريقته في رعاية المصلحة ليست خطأ لما ذكرنا عليها من البرهان, ولا الصواب منحصر فيها قطعا, بل ظن واجتهاد. وذلك يوجب المصير إليها, والأخذ بها. حيث الظن في الفرعيات كالقطع في غيرها. وإذا قيل بأن صحة طريقة رعاية المصلحة تحيل إلي فساد طرق الأئمة السابقة عليها, فإن الطوفي يرد بأن ذلك يعني أن لا يقول أي أحد بقول أو طريقة جديدة لكي لا يكون الخطأ من نصيب كل ما قيل قبله. ويصل أخيرا إلي القول بأن السواد الأعظم الواجب اتباعه هو الحجة والدليل الواضح, وإلا لزم أن يتبع العلماء العامة إذا خالفوهم; لأن العامة أكثر, وهو السواد الأعظم; وبما يعنيه ذلك من تقديم حجة العقل علي حجة الجمهور والإجماع التي تمثل مركز الثقل في الثقافة السائدة في الإسلام.
ولعل ذلك يتفق مع ما يؤكده الطوفي من أن العقل هو الوجه الذي تتقرر منه المصالح في معاملات الناس. ومن هنا ما يقرره من إنا اعتبرنا المصلحة في المعاملات ونحوها, دون العبادات وشبهها, لأن العبادات حق للشارع( الله) خاص به, ولا يمكن معرفة حقه كما وكيفا, وزمانا ومكانا, إلا إذا امتثل( العبد) ما رسم له الله, وفعل ما يعلم أنه يرضيه.
وبالطبع فإن ذلك يعني أن كل ما يتعلق بمعاملات الناس, من قواعد الضبط السياسي والاجتماعي, هي مما يتقرر بالعقل بحسب دواعي المصلحة; وليست مما يتقرر بالنص- أو حتي الإجماع- أبدا. بل إنه, وحتي علي فرض أن يكون للنص مدخل في تقرير تلك القواعد, فإن العقل يظل حاضرا من خلال ما يلعبه من دور جوهري في توجيه دلالة النص; أو حتي تعطيله.
وبالطبع فإن للمرء أن يتصور أنه لو عاد فقيه القرن السابع الحنبلي إلي الدعوة لطريقته في هذا الزمان, فإن مصيره لن يختلف أبدا عن مصير المسيح الذي بعثه ديستوفسكي ليبشر بموعظته فيإسبانيا علي عهد محاكم التفتيش, فقام كهنة كنيستها بصلبه من جديد, لأن رسالة الحب التي يكرز بها تتعارض مع ما لا يعرفون سواه من الكراهية والتعصب.
لمزيد من مقالات د.على مبروك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.