إلي لجنة الخمسين توجهت مع زملاء أعزاء تمت دعوتهم لجلسة استماع بمجلس الشوري مؤخرا.. نفس الموقع وذات المقر توجهت له في عهد الإخوان.. في الحالتين كنت أبحث مع نشطاء توعية مستقلين عن عيش حرية كرامة إنسانية عن عدل أساس الملك وعن تحويل واقعنا من تعدد التضاد الي تنوع التلاقي, وعن رؤي ومطالب محددة لأبناء النوبة وسيناء وعلماء مصر...لكن هذه المرة فرضت المقارنة نفسها بين التأسيسيتين والعصرين والمنهجين والتكنيك والانحيازات. أولا: من حيث التشكيل: بوصفي منسق ائتلاف التوعية الأصوات العائمة استجبت مع زملائي لنبض الشارع الرافض لتشكيل التأسيسية الأولي فشاركنا من علي الرصيف في الفعالية بالاحتجاج( علي تشكيلها غير المعبر عن اطياف المجتمع) أمام مركز المؤتمرات ويومها خرج عضو ليستفز الغاضبين بتصريحات لقناة تليفزيونية يستهين فيها بالغضب الشعبي..وتم حل التأسيسية وتشكلت مجددا بتشكيل غير مرض هذه المرة رفضناه. وتجدر ملاحظة أننا قدمنا في المرتين مرشحين من الشخصيات الوطنية للعضوية وفي المرة الأولي تضمنت اللجنة عضوا واحدا من الترشيحات وأغلب الظن أنه لم يلتفت إلي الترشيحات. ولعضوية لجنة الخمسين قدمت الأصوات العائمة بالتنسيق مع كيانات ثورية واتحادات للمصريين بالخارج, ترشيحات تضمنت اللجنة ثلاثة منها. مع أن تشكيل اللجنة التأسيسية في عصر الإخوان كان معيبا, لكن قررنا منح فرصة ومحاولة الإصلاح من الداخل, خاصة أننا أمام مسئولية وطنية بل وتاريخية أيضا. هذه المرة نشعر أن التشكيل معبر إلي حد بعيد عن ثراء المجتمع وتنوعه وإن كنا نأمل أن يكون تمثيل الشباب أفضل من حيث الكم الكيف. ثانيا: آليات العمل: إذا تجاوزنا المقارنة بين التأسيسيتين في التشكيل وانتقلنا لآليات عمل التأسيسيتين, خاصة لجنة الاستماع والمقترحات سنجد أن تجربة الأصوات العائمة لطلب حضور الجلسات تمثلت في المرة الأولي في مبادرتنا لطلب الحضور من خلال عضو شاب في التأسيسية وتمت الاستجابة بدون تحفظ علي شخصيات الوفد.. هذه المرة التأسيسية تركت لكل جهة تشكيل وفد يعبر عنها وعن مطالبها.. فجاءت المبادرة من وفد نوبي الشخصية, حيث اقترح علي الناشط والباحث النوبي حسام عبد اللطيف أن نحضر لنتحدث عن أثر رد الحقوق النوبية علي المجتمع المصري بأسره,( وضم الوفد رئيس النادي النوبي المستشار محمد صالح, ورموز نوبية مثل الحاج أحمد اسحق وشباب) وكانت الإجراءات الإدارية أكثر تنظيما والتزاما في لجنة الخمسين من حيث توزيع الوقت, وادارة المنصة للجلسة, وغاب عن المشهد إدرايون منتمون لأحزاب متحالفة مع الإخوان. المسودة تم توزيعها هذه المرة قبل الجلسة بوقت كاف, ولم نشعر بأن الهدف هو التصوير بل كان هناك انصات حقيقي, واعتراف بأن الصورة لم تكن كاملة, والأهم أن عدد أعضاء اللجنة الذين حضروا لا يقارن بعدد الأعضاء في تأسيسية الإخوان, حيث حضر البلتاجي وآخر في تلك الجلسة, بينما حضر نحو عشرة( من أصل خمسين) تلك الجلسة علي رأسهم سامح عاشور وحجاج ادول وصفاء مراد ومسعد أبو الفجر ومحمد عبلة ود.حسام المساح الذي كانت عضويته ونشاطه محل اعجاب الجميع بينما في التأسيسية الأولي تم الاكتفاء بحضور أحد مصابي الثورة لزوم التصوير(!) جلسة الاستماع الأولي الإخوانية قلنا فيها كل ما نريد وحصلنا علي ابتسامات عريضة من البلتاجي, بل واشادة بالأفكار وبالصياغة التي تم عرضها شفاهة وتسليمها كتابة, لكن في النهاية اكتشفنا انه تم حذف كل ما قلناه واقترحناه من مضبطة الجلسة(!) وهي القصة التي سردتها خارج الجلسة الرسمية للنقيب سامح عاشور ولم يعلق عليها سوي بضحكة ذات مغزي.في الجلستين تناولنا موضوعات تتعلق بالنوبة وسيناء والمصريين في الخارج والعدالة الاجتماعية والأمن القومي. وغاب هذه المرة الحديث المتكرر عن رشاوي.. وهو ما كان مرصودا في اللجنة الأولي تحت مسمي وعود بمناصب.. حتي للموظفين. رابعا: حجم الانجاز والتوجهات العامة: اللجنة الأولي كانت قد انجزت بابا واحدا فقط حين تم عقد جلسة الاستماع في حين قدمت اللجنة الحالية للحضور مسودة كاملة وإذا كانت اللجنة الأولي تبدو فيها الأمور كلها تسير في اتجاه معين فإن التنوع هذه المرة ضمانة للتوصل لحلول وسط وأرضية مشتركة بالاضافة إلي عنصر لمسناه في المناقشات الرسمية والاتصالات الودية هو عظة أعضاء لجنة الخمسين من مصير دستور الإخوان, بل ومصير أعضاء تأسيسيتهم كذلك شعبيا وجنائيا. فعلي كل ما يبدو فإنه بالإضافة لتنوع المشارب والخبرات المكثفة ووطنية أعضاء لجنة الخمسين فإنهم تعلموا الحكمة في المقام الأول من رأس الذئب الطائر. هناك حالة انفتاح حقيقي من اللجنة علي المجتمع وهناك جهد يسعي لارضاء كل الشرائح قدر الإمكان وتقديم ضمانات حقيقية للفقراء والمهمشين الذين لا يستحقون فقط انصافا بل ايضا اعتذارا, وفي جميع الأحوال بالاضافة لجلسات الاستماع ومواقع التواصل سيكون مطلوبا من كل صاحب رأي أو رؤية( وعلي رأسهم أستاذة الجامعات) أن يصوغ مواد مقترحة أو يرسل ملاحظات محددة للجنة بعد اجازة العيد مباشرة, حيث من المنتظر أن تتحدد ملامح المسودة بشكل شبه نهائي..وستحسم مواد لا تزال محل نقاش وسجال مثل نظام الانتخابات ومصير نسبة الخمسين في المائة للعمال والفلاحين, وصياغة المادتين الأولي والثالثة. وحسم التوازن المطلوب بين التركيز بشدة علي مواد الحفاظ علي الهوية المصرية, والمصرية فقط, وأيضا مواد المحافظة علي حقوق الإنسان المصري أيا كان طيفه أو جنسه أو موقعه الجغرافي علي خريطة الوطن. ودراسة اقتراحات عل غرار إعادة المادة الخاصة بالسن الأدني للزواج للفتيات كما كانت, وصياغة مواد إلزامية بعقوبات فورية وصارمة ورادعة للتحرش الجنسي, وضمانات للصحة الانجابية للمرأة. باختصار يمكن القول إن سياسة الحزب الوطني كانت تنضح من الأجواء العلنية والكواليس في اللجنة غير المأسوف عليها. وان اللجنة الحالية متوازنة ومعبرة عن كل الشرائح, لكن المراقبة والمعونة والمشورة المجتمعية مطلوبة. لمزيد من مقالات د. أحمد فؤاد أنور