بعد اجتماعات متعددة وتوافق بين القوي السياسية والمجلس العسكري بدأت المعالم الأولي للجمعية التأسيسية الجديدة المكلفة بكتابة الدستور الجديد لمصر في الظهور فاللجنة التشريعية بمجلس الشعب علي مدار الأيام الماضية عقدت عدة اجتماعات دعت فيها عدد من السياسيين والمفكرين من رموز المجتمع لسماع آرائهم حول الشكل الجديد للجمعية التأسيسة ومن جانبه فتح المجلس العسكري صدره لكافة القوي السياسية والأحزاب ليلم الشمل ويجلسوا علي مائدة واحدة ليخرجوا بوضع معايير نهائية للمطبخ الذي سيحضر الدستور الجديد للمصريين.. وكان اجتماع المجلس العسكري مع رؤساء الأحزاب والقوي السياسية قد حقق نجاحا وخرج الحاضرون من الاجتماع بحالة من الرضا التام للمعايير التي اقترحت ووافقوا عليها. وكانت المفاجأة الكبري في اليوم التالي لهذا الاجتماع عندما اعترضت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب علي ما انتهي إليه اجتماع العسكري والأحزاب السياسية واعتبرت اللجنة أن هذا مخالف للمادة 60 من الإعلان الدستوري. »آخر ساعة« رصدت الاجتماعات والاقتراحات وكذلك الاعتراضات التي وجهت الجمعية التأسيسية الجديدة. وكان القضاء الإداري قد أوقف تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، بعد أسابيع من الجدل حول هيمنة الإسلاميين عليها.واستندت الدعاوي ضد اللجنة إلي أنها لا تعبر عن كافة أطياف المجتمع المصري وتخالف القواعد والأعراف لوضع الدستور الصحيح، واستئثار التيار الديني بتشكيل اللجنة، وتعاني من عدم وجود تمثيل حقيقي للأقباط والمرأة. وانتخب رئيس مجلس الشعب د.سعد الكتاتني، رئيسا للجمعية التأسيسية للدستور، مما عكس سيطرة القوي الإسلامية علي مقاعدها، في ظل غياب لمعظم الأعضاء من التشكيلات السياسية الأخري. وكان اجتماع المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي عقد يوم السبت الماضي مع القوي السياسية والأحزاب قد توصل إلي ست نقاط رئيسية متعلقة بأسس ومعايير تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور وتشمل الأسس والمعايير والتوافق علي النسب المحددة للجمعية التأسيسة التي تم الاتفاق عليها في إطار المعايير وحكم محكمة القضاء الإداري.وفيما يتعلق بإقرار بنود الدستور فإن الأصل يكون التوافق وإذا لم يتم التوافق يؤخذ بالتصويت بنسبة الثلثين (67 عضوا) فإن لم تصل النسبة للثلثين يتم التصويت في جلسة أخري خلال 24 ساعة يتم التصويت بنسبة 57 ٪ . وتتولي الأحزاب ترشيح الشخصيات الحزبية والمؤسسات الدينية شخصياتها حيث يرشح الأزهر (4) شخصيات والكنائس المصرية الكاثوليكية والأرثوذكسية والإنجيلية (6) شخصيات ويتم اختيار (10) من الخبرات القانونية من فقهاء القانون والدستور وعضو واحد من كل هيئة قضائية و(2) ممثلين عن الفلاحين و(2) عن العمال بالإضافة إلي شخصيات عامة من المرأة والطلبة والفئات ذات الاحتياجات الخاصة. وأن يدعو المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة مجلسي الشعب والشوري إلي عقد جلسة مشتركة لانتخاب الجمعية التأسيسية للدستور. وتشكيل لجنة للمتابعة تضم أحزاب الوفد والحرية والعدالة والنور والكتلة والحضارة وغد الثورة ومن الأعضاء المستقلين مصطفي بكري ومريان ملاك . وأكد المشير حسين طنطاوي القائد العام رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن المجلس يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وأنه انطلاقا من الدور الوطني للقوات المسلحة فإنه طالب رؤساء الأحزاب والقوي السياسية وأعضاء مجلسي الشعب والشوري المستقلين الذين شاركوا في الاجتماع مع أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة بضرورة التوصل إلي صيغة توافقية من أجل تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور وتجاوز خلافاتهم وانتماءاتهم للوصول إلي تشكيل الجمعية التأسيسية في أسرع وقت ممكن. وأشار القائد العام رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة الي أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة سيلتزم بما تتفق عليه الأحزاب والقوي السياسية لتشكيل الجمعية بحيث تشمل كل فئات وأطياف المجتمع للوصول بالبلاد إلي بر الأمان. ومن جانبه قال رئيس حزب الوفد السيد البدوي إنه تم الاتفاق في اجتماع الأحزاب مع المجلس العسكري علي تمثيل الغرف الصناعية في تأسيسية الدستور بعضو واحد والغرف التجارية بعضو واحد أيضا، بالإضافة إلي عضو من ذوي الإعاقة، وعدد من الشخصيات العامة تمثل المرأة والشباب . ومن جهته، قال الدكتور عصام العريان القيادي بحزب الحرية والعدالة إن رؤساء الأحزاب جاءوا للاجتماع مع المجلس العسكري بروح توافقية وبعد جهود كبيرة تبذل من أجل الوصول إلي توافق لتأسيس الجمعية التأسيسية .وأشار إلي أن الترشيحات من كافة الجهات يجب أن تكون ثلاثة أضعاف العدد المطلوب من كل جهه ليختار منها مجلسا الشعب والشوري المائة عضو أعضاء الجمعية التأسيسية ..منوها الي أن تشكيل الجمعية التأسيسة لم يكن مشكلة كبيرة خلال الاجتماع مع المجلس العسكري، ولكن المشكلة كانت في نسبة إقرار بنود الدستور، حيث تم الاتفاق في النهاية علي أن يكون إقرار المواد بالتوافق وإذا لم يحدث فيتم التصويت بنسبة الثلثين ( 67 عضوا )، وإذا لم يتم الإقرار في هذه النسبة تعاد المداولة مرة أخري ويتم الإقرار بالتصويت بنسبة 57 ٪ . وأضاف العريان أننا بصدد دعوة مجلسي الشعب والشوري للانعقاد في جلسة مشتركة مشددا علي أن مجلس الشعب سيعمل علي إزالة أي عوائق قد تقف أمام التوافق وأوضح العريان أنه بعد إعداد الدستور سيجري حوله حوار مجتمعي واسع بشأن كافة نصوصه حتي يكون دستورا معبرا عن كل إرادة الشعب وإرادة أغلبية المصريين والروح المصرية في إقامة دولة مصرية حديثة ديمقراطية ويحقق تداول السلطة سلميا ويمنع الفساد وينطلق بالدولة المصرية . من جانبه، قال النائب أنور عصمت السادات إن هذا هو عهدنا بالمجلس العسكري في التشاور، حيث أننا التقينا من أجل التوافق علي معايير الجمعية التأسيسية وأوضح السادات أن ما تم التوصل إليه هو توصيات، وأن الاختيار سيرجع إلي مجلسي الشعب والشوري باعتبارهما أصحاب القرار في اللجنة التأسيسة وفقا للإعلان الدستوري . أما الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع، فقال إنه تم الاتفاق علي أن تلتزم الأحزاب التي حضرت الاجتماع فيما تم الاتفاق عليه، وأن تطلب من أعضائها في البرلمان الالتزام به أيضا . وأوضح السعيد أننا نريد دستورا لكل مصر وليس دستورا يمثل أحدا أو جهة، بل نريد دستورا يرضي عنه كل المصريين باعتباره وثيقة تحدد مصير الوطن لفترة طويلة وأشار إلي أن هذا الاتفاق يضع الأساس لدستور يحقق المواطنة ويرسخ حقوق الجميع (المرأة والرجل الفقير والغني - الكبير والصغير - المسلم والقبطي )، ويقيم مجتمعا حرا عادلا يضمن الاستقرار ويحقق أهداف ثورة 25 يناير. وقال الفقيه الدستوري نور فرحات إنه بالنسبة للتمثيل إن البعض سيمثلون بحكم وظائفهم وقال إنه بالنسبة لفقهاء القانون هناك مجموعتان مجموعة فقهاء القانون ويمثلون تيارات تنتمي للاسلامي وتيارات ليبرالية مؤكدا أنه لا يوجد فقيه قانوني محايدا. وأشار الي أن لجنة المتابعة ستكون وظيفتها مراقبة تنفيذ هذه الاتفاقات وسيكون هناك من سيقترحون الدستور ومن سيكتبون الدستور من رجال القانون والعلوم السياسية تنتهي من أعمالها وتعرضها علي الجمعية وأوضح أيمن نور رئيس حزب الغذ أن هناك عددا من الشخصيات التي تم عليها توافق من قبل القوي السياسية مثل د. جمال جبريل ود.عاطف البنا ود.جورجيت قليني مؤكدا أن مخاوف اختطاف الجمعية التأسيسة مرة أخري أصبحت بعيدة. وكانت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب برئاسة المستشار محمود الخضيري قد عقدت ثلاثة اجتماعات بتكليف من الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب بحضور كبار السياسيين والمفكرين والكتاب لمناقشة أسس ومعايير اختيار الجمعية التأسيسية وبدأ الاجتماع الأول للجنة التشريعية بحضور المستشار محمد نور فرحات والدكتور عاطف البنا والدكتور أحمد كمال أبو المجد، وأعلن المستشار الخضيري أن اللجنة وجهت الدعوة لعدد من أساتذة القانون مثل جابر نصار وثروت بدوي وإبراهيم درويش ورمزي الشاعر الذي اعتذر.ورشح أعضاء اللجنة عددا من الشخصيات العامة لتوجيه الدعوة لهم للاستماع لهم مثل محمد محسوب وحسام عيسي ومحمد أمين المهدي والمستشار أحمد مكي والمستشارة تهاني الجبالي، وقال صبحي صالح إن اللجنة ستوجه الدعوة لممثلي الأحزاب والهيئات القضائية. وفي الاجتماع الثاني للجنة التشريعية والذي أكدت فيه الدكتورة مني ذو الفقار، ممثلة المجلس القومي للمرأة، إنه من الضروري مراعاة العلاقة بين السلطات الثلاث الموجودة في البلاد في الدستور الجديد، وذلك بوضع أسس متوازنة لهذه العلاقة، وتوفير عدالة التمثيل.وعرضت مني ذو الفقات مقترح المجلس القومي لحقوق الإنسان حول التأسيسية، وهو 20 مقعدا للخبراء والفقهاء، و4 للأزهر الشريف والكنيسة، ويجب أن تمثل الأحزاب السياسية، والمجلس الأعلي للصحافة والمجالس القومية المتخصصة والمجمع العلمي واللغوي والمجلس القومي لحقوق الإنسان والمرأة، والنقابات المهنية، وبالنسبة للمبادئ يجب أن يراعي أن تكون المرأة ثلث أعضاء الجمعية والشباب تحت سن 35 سنة، ويغلب معيار الكفاءة والخبرة في كل هذه الفئات، ويجب أن تراعي الجمعية التأسيسية العلانية في أعمالها، وأن يأخذ الدستور وقتا كافيا في إعداده، ففكرة أن يعد الدستور في أيام أو شهر أو شهرين لا يعطي دستورا جيدا بعد ثورة 25 يناير، ولن يكون دستورا يحفظ للمواطنين حقوقهم. وأكدت السفيرة ميرفت تلاوي، ممثلة مجلس حقوق المرأة، أن مصلحة الجميع تقتضي أن نضع دستورا جيدا في هذه الفترة الحرجة، ويجب أن يكون الدستور القادم له رؤية واضحة.وأشارت التلاوي إلي أن الخطأ الكبير هو الرأي الذي يقول أن نأخذ جزءا من هذا الدستور، وآخر من دستور آخر، وننتج دستورا جديدا، فيجب أن يكون هناك عدة مبادئ ورؤية تحكم صياغته، وأن يتضمن الإصلاح التشريعي عدم الميل إلي أي توجهات دينية أو حزبية، ويراعي توازن السلطات، خاصة بعد أن دخلنا عصر عقب ثورة، فيجب أن تحترم المؤسسات، فمن الممكن أن تحدث مشاكل العراق في مصر لو أسقطنا مؤسساتنا. وكان الاجتماع الثالث لجلسات الاستماع التي تعقدها اللجنة التشريعية، حيث خصصت هذه الجلسة التي ترأسها المستشار محمود الخضيري لرؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة. وقال الكاتب الصحفي إبراهيم قاعود، رئيس تحرير مجلة آخر ساعة لابد أن يكون لمجلسي الشعب والشوري تمثيل في اللجنة التأسيسية للدستور ليس بنسب، ولكنها مثل تمثيل السلطة القضائية والنقابات والجامعات. وأشار إلي أن فقهاء القانون والدستور يضعون الصياغة النهائية للدستور ولا يشترط أن يطغي تمثيلهم علي اللجنة، مقترحا أن تكون هناك لجان فنية مساندة لأعمال التأسيسية لكي تتغلب علي عدم تمثيل البعض في الجمعية وذلك بهدف إصدار دستور بكل الجهود الممكنة. وقال: كل من يريد تصفية خلافاته مع البرلمان يلجأ للقضاء فلا أحد يضمن أن تتم الدعوي التأسيسية، لافتا إلي أن الدستور لابد أن يحفظ التوزان بين السلطات، مشيرا إلي أن البرلمان المصري محاصر من السلطة التنفيذية والسلطة القضائية مما يضعفه. وأكد الكاتب الصحفي ياسر رزق رئيس تحرير صحيفة الأخبار علي ضرورة احترام حكم محكمة القضاء الإداري بشأن وقف أعمال الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وأضاف رزق أنه يري قيام أعضاء مجلسي الشعب والشوري المنتخبين باختيار أعضاء الجمعية التأسيسية التي يجب أن تضم ممثلي الاتحادات والنقابات العمالية والمهنية دون النظر لمعيار الحجم. وأشار رزق إلي ضرورة الابتعاد عن الخلافات السياسية علي أن يتم اختيار 02 عضوا بالجمعية التأسيسية للتيارات السياسية الممثلة في البرلمان طبقا للأوزان النسبية لكل حزب بحد أدني مقعد واحد علي الأقل وبحد أقصي 5 مقاعد. ومن جانبه قال محسن حسنين، رئيس تحرير مجلة أكتوبر، إننا منذ أكثر من عام ندور في حلقة مفرغة، منتقدا استدعاءهم في نفس يوم الاجتماع، ما اعتبره موضوعا خطيرا، قائلا: لا يجب أن يتبني البرلمان الدستور، مشيرا إلي أن الدستور ليس حلم حزب أو الحرية والعدالة وإنما حلم أمة. وأوضح أن الفقهاء الدستوريين ليسوا المعنيين بوضع الدستور، فالدستور هو حلم أمة بما تضم من مثقفين وعمال وفلاحين وعاطلين، لافتا إلي أن كل هذه الفئات لابد أن تشارك في صياغة الدستور وانتقد ما أسماه بالسرعة في عمل الدستور قبل انتخابات الرئاسة وتساءل:"احنا هنسلق دستور ولا هنفصله".وأكد أهمية أن يكون هناك اختيار دقيق لأعضاء الجمعية، وقال لا يجب أن يضع مجلس الشعب الدستور، مشيرا إلي خطورة المرحلة القادمة، محذرا من أن الوقت غير كاف لعمل الدستور قبل الانتخابات الرئاسية، مشددا علي أهمية أن نحدد هل المدة كافية لعمل دستور يمثل عظمة مصر وتاريخها وحلمها خلال شهر ونصف أم أننا نسلق دستورا؟. وقال محمد هيبة، رئيس تحرير مجلة صباح الخير، إن ما يحدث الآن هو تصحيح لخطأ سابق وهو استحواذ البرلمان علي اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، مقترحا أن يكون تشكيل التأسيسية من 30٪من الفقهاء الدستوريين و30٪من الطوائف الأخري مثل الأزهر والكنيسة والجماعات الدينية و40٪ من الشباب والمرأة والجامعات.