بلا شك نحن أمام أصعب أزمة في تاريخ السياحة المصرية.. ومن يعرف الواقع المؤلم الذي تعاني منه السياحة الآن يتألم حزنا وحسرة علي أحوال هذا القطاع الذي يعد أحد المصادر الكبري لتوفير فرص العمل لشباب مصر وتوفير العملات الصعبة للاقتصاد القومي ناهيك عن مساهمته في خطة التنمية الشاملة بشكل عام. الأرقام أو الواقع, المؤلم يقول إن نسبة الإشغال في فنادق مصر حاليا من10% إلي15% أو حتي20% في أحسن الأحوال خاصة في الغردقة وشرم الشيخ لأنهما بعيدان عن حظر التجوال.. لكن الأسوأ أن نسبة الأشغال تنخفض في الأقصر وأسوان لتكون3% أو حتي5% وهي أرقام كلها لا تغطي تكلفة تشغيل أي فندق أو حتي دفع رواتب الموظفين. الواقع المؤلم للسياحة المصرية الجريحة أو المريضة والفنادق التي يكسوها الحزن في كل مكان بعد أن كانت تضج بالسياح والأضواء والحفلات والحياة.. يقول أيضا إن الفنادق المصرية التي تشكل أهمية كبيرة أو عصب قطاع السياحة لأنها في حقيقة الأمر تشكل نحو ثلثي العمالة والإيرادات في هذا القطاع.. هذه الفنادق حاليا وطبقا للأرقام التي وصلتني بدأ الكثير منها خلال الشهر الماضي يغلق أبوابه تماما لعدم وجود سياح.. لدرجة أنني سمعت أن الغردقة ومرسي علم فيهما حاليا ما يقرب من100 فندق مغلق ولا تستقبل السياح وأن أصحابها فضلوا ذلك لأن نسب الإشغال ضعيفة ولا يكفي الايراد تكلفة التشغيل والمرتبات.. كما أن الصورة محزنة اكثر في حالة الفنادق العائمة بين الأقصر وأسوان التي توقفت عن العمل تماما(280 فندقا عائما). والأسوأ بعيدا عن الإغلاق أن أمامي قائمة بأسماء فنادق يتعدي عددها50 فندقا يطرحها حاليا أصحابها للبيع في الغردقة وشرم الشيخ بسبب مشكلات في سداد القروض من البنوك وتعثر حركة السياحة الوافدة وصعوبة التشغيل في ظل هذه الأوضاع. وزيادة علي ذلك عزيزي القارئ إن كثيرا من فنادق مصر قامت بالفعل بتسريح عدد كبير من العمالة المدربة للأسف لديها لعجزها عن سداد المرتبات وفي أحسن الأحوال فنادق أخري قررت دفع نصف المرتب أو حتي ربعه شهريا أو كل شهرين للعاملين. ونحن لا نبالغ في هذا الكلام.. وربما من يتابعون من القراء يجدون في الصحف المصرية وعلي رأسها الأهرام في صفحته الأولي منذ يومين استغاثة من غرفة الفنادق إلي الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء تطالبه بالتدخل وإنقاذ الموقف إلي أن تتحسن الأحوال. ونحن نقول إن انقاذ الموقف يتطلب فعلا تدخلا عاجلا من الحكومة في إطار خطتها التي اعلنت عنها لتحريك الاقتصاد المصري. وأعتقد أن الدكتور الببلاوي بكل خبرته الاقتصادية يستطيع أن يلبي استغاثة أهل هذا القطاع ويراعي ظروفهم ايمانا منه بأهمية السياحة التي يصب جزء كبير من نشاطها في جيوب الناس مباشرة. إن مؤتمرا أو اجتماعا عاجلا نقترح أن يرعاه الدكتور حازم الببلاوي بالتنسيق مع هشام زعزوع وزير السياحة ويحضره رجال الأعمال في قطاع السياحة لمواجهة كل مشكلات هذا القطاع بحلول فورية وكذلك النظر في منح تيسيرات فيما يتعلق بالرسوم التي تدفعها الفنادق لكل اجهزة الدولة بعد ان اصبحت عاجزة عن ذلك الآن وعلي الأقل لمدة محددة يتم الاتفاق عليها. أعلم أن ما كتبته في السطور السابقة مؤلم لقطاع كان واعدا في دعم الاقتصاد المصري.. لكنه يعاني الآن وبشدة.. بعد أن دخلت السياحة المصرية في نفق صعب ولا أقول أبدا مظلما لأن السياحة المصرية مقوماتها كبيرة جدا وقادرة علي النهوض من كبوتها أو مرضها رغم قسوته. فقط عندما تستقر الأحوال في مصر.. وقريبا جدا إن شاء الله. لكن ما يسعدنا أننا رغم صعوبة ما تعانيه السياحة نلمح ضوءا في نهاية النفق كما يقولون. فهذا الأسبوع وتتويجا لجهود كبيرة وجولات مكوكية لوزير السياحة بين عواصم العالم الكبري المصدرة للسياحة إلي مصر بدأت من لندن ثم موسكو ثم ألمانيا ثم فرنسا.. أعلنت مجموعة من شركات السياحة الكبري في روسياوألمانيا وهولندا وبلجيكا والنمسا وفنلندا وبولندا والتشيك والدانمارك أنهم ستبدأ من الأسبوع المقبل إعادة تشغيل رحلاتها إلي مناطق البحر الاحمر, وجنوب سيناء, ومرسي علم, وذلك رغم استمرار الحظر الذي فرضته الحكومات علي السفر إلي مصر. لقد أعلنت هذه الشركات عن هذه العودة بعد أن علمت برأي الخبراء الأمنيين الذين زاروا مصر من هذه الدول الذين أكدوا في تقاريرهم أن هذه المناطق آمنة. وهكذا هو ضوء في نهاية النفق أو هي البداية لكن أرجو ونحن نتفاوض علي هذه العودة أن نراعي, كما يقول الصديق والخبير السياحي ناجي عريان عدم حرق الأسعار.. أي يجب ألا ننزل بأسعار السياحة المصرية أكثر مما هي فيه.. وتلك قضية كبري يجب أن نراعيها لأن استغلال الأزمة قائم من جانب هذه الشركات لكن المصيبة أن العودة بالأسعار إلي الحد المعقول ستكون صعبة جدا.. لذا لزم التنويه. مرة أخيرة.. السياحة المصرية جريحة, والفنادق يكسوها الحزن.. لكن السياحة المصرية لن تموت وستعود إلي سيرتها الأولي من جديد وبأسرع مما نتوقع بفضل الله.