«الشيوخ» ينتقد أوضاع كليات التربية.. ووزير التعليم العالى: لسنا بعيدين عن الموجود بالخارج    اعتماد نتيجة امتحانات الترم الثاني لمعاهد "رعاية" التمريضية بالأقصر.. تعرف على الأوائل    بعد ارتفاعه رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 يونيو 2025    سعر الطماطم والبصل والخضار في الأسواق اليوم الاثنين 23 يونيو 2025    منصة إلكترونية بين مصر والأردن لضمان حماية العامل    سعر الدينار الكويتي مساء الأحد 22 يونيو بعد القصف الأمريكي على إيران    اعتماد خطة التنشيط السياحي في مصر للعام المالي 2025-2026    انفجارات تهز كرج وتبريز شمالي إيران    سيناتور أمريكي: إدارة ترامب تكذب على الشعب الأمريكي    البطريرك الراعي يدين تفجير كنيسة مار إلياس: جريمة مؤلمة طالت الأبرياء في دمشق    جيش الاحتلال: دمرنا منصات صواريخ ورادارات وأقمار صناعية في كرمنشاه وهمدان وطهران    الشرطة الأمريكية: مقتل مشتبه به بعد إطلاق نار في كنيسة بولاية ميشيجان    مستشار المرشد الإيراني: مخزون اليورانيوم المخصّب لا يزال سليمًا    كأس العالم للأندية 2025.. ثلاثة أفارقة في تشكيل سالزبورج أمام الهلال    المواجهة الأولى المرتقبة.. الأهلي يبحث عن تعزيز التفوق أمام فرق البرتغال في آخر طموحات المونديال    كورتوا ينتقد أسينسيو: كرر نفس الخطأ مرتين.. وعليه أن يكون أكثر ذكاءً    «المصرى اليوم» تقتحم ملف البيزنس الخفى للاتجار فى اللاعبين الأفارقة    تقارير: موناكو يحسم صفقة بوجبا    زكي عبد الفتاح: ميدو أسوأ تجربة احتراف للاعب مصري    زكي عبد الفتاح: نتائج الأهلي في مونديال الأندية طبيعية.. تعاقد مع لاعبين فرز تالت    ألفاريز: سنفوز بثلاثية أمام بوتافوجو وسننجح في التأهل بالمونديال    شكاوى من صعوبة «عربى» الثانوية.. وحالات إغماء بين الطلاب    تفاصيل القبض علي المتهم بقتل زوجته بعلقة موت في الدقهلية    رئاسة حى غرب المنصورة تواصل حملاتها المكبرة لرفع الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    استعدوا لمنخفض الهند «عملاق الصيف».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم (تفاصيل)    إصابة 6 أشخاص خلال مشاجرة ب الأسلحة البيضاء في المنوفية    مصرع عامل إثر سقوطه من أعلى محطة مياه في سوهاج    غرق شابان في بركة زراعية على طريق شرق العوينات في الوادي الجديد    مصرع طفلين غرقًا أثناء الاستحمام في ترعة بمحافظة البحيرة    لا تسمح لأحد بفرض رأيه عليك.. حظ برج الدلو اليوم 23 يونيو    «المهرجان الختامى لفرق الأقاليم» يواصل فعاليات دورته السابعة والأربعين    صنّاع وأبطال «لام شمسية»: الرقابة لم تتدخل فى العمل    18 يوليو.. هاني شاكر يلتقي جمهوره على مسرح البالون في حفل غنائي جديد    وهل تكون السعادة الأبدية في قبلة!؟    بالأرقام.. ممثل «الصحة العالمية» في مصر: 50% من حالات السرطان يمكن الوقاية منها    وداعًا لأرق الصيف.. 4 أعشاب تقضي على الأرق وتهدئ الأعصاب    حلم أنقذ حياتها.. نيللي كريم تكشف عن تفاصيل إصابتها بورم بعد تشخيص طبي خاطيء    وزير المالية يكرم مجموعة طلعت مصطفى وكيانات اقتصادية بارزة لدعم جهود تحديث المنظومة الضريبية (فيديو)    بحضور وزير التعليم العالي.. تفاصيل الجلسة العامة لمجلس الشيوخ اليوم| صور    تمثال ميدان الكيت كات ليس الأول.. مجدي يعقوب ملهم النحاتين    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بمصر تؤكد أن مصر بعيدة عن أي تأثير مباشر نتيجة استهداف الولايات المتحدة لمنشآت تخصيب وتحويل اليورانيوم في إيران.    مصرع عامل في تجدد خصومة ثأرية بين عائلتين بقنا    قرار وزارة جديد يُوسع قائمة الصادرات المشروطة بتحويل مصرفي مُسبق عبر البنوك    خبير للحياة اليوم: الضربات الأمريكية عكست جديتها فى عدم امتلاك إيران للنووى    الأزهر للفتوى: الغش في الامتحانات سلوك محرم يهدر الحقوق ويهدم تكافؤ الفرص    هل يُغسل المتوفى المصاب بالحروق أم له رخصة شرعية بعدم تغسيله؟.. الإفتاء تجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كأنك تقول ان هناك طريق "غير جاد"    مزاح برلماني بسبب عبارة "مستقبل وطن"    وظائف خالية اليوم.. المؤسسة القومية لتنمية الأسرة تطلب أفراد أمن وسائقين    خبير استراتيجي: إيران لن تجلس على مائدة المفاوضات وهي مهزومة    عميد قصر العيني يعلن إصدار مجلة متخصصة في طب الكوارث    رئيس "الشيوخ" يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة -تفاصيل    محمد علي مهاجمًا محمد حسان بسبب إقامته عزاء لوالدته: تراجع عما أفتيت به الناس في الماضي    بحضور نائب رئيس الوزراء ووزير الثقافة.. محافظ الجيزة يشارك في فعاليات إقامة تمثال يخلّد مسيرة الدكتور مجدي يعقوب    وزير التعليم العالي ومجدي يعقوب يشهدان بروتوكول بين جامعة أسوان ومؤسسة أمراض القلب    "حياة كريمة" تقترب من إنجاز مرحلتها الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه.. أكثر من 500 قرية تم تطويرها و18 مليون مستفيد    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب ما بعد الكيمياوي
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 09 - 2013

إذا كانت اليابان بعد الحرب العالمية الثانية, نتيجة للقنبلتين النوويتين, اللتين ألقتهما الولايات المتحدة الأمريكيةعلي ميدنتي هيروشيما وناجازاكي, قد دخلت في نظر المراقبين عصر ما بعد النووي, لدرجة أن هناك من يعتقد أن حياتنا المعاصرة,رغم جمعها لتواريخ مختلفة ومتباعدة, يمكن اختصارها في عصرين, هما: عصر ما قبل النووي, وعصر ما بعد النووي.
يشير بعض المؤرخين إلي أن اليابان تعيش اليوم مستحضرة تجربتها المريرة, ومستفيدة من درس الحرب العالمية, وإذا كانت اليابان علي ذلك النحو, فإن العرب يعيشون مجتمعين ومتفرقين عصر ما بعد الكيمياوي, وما بعد النووي أيضا. في الحالة الأولي, نسترجع بهدف التذكير جريمة الغرب,وذلك حين تحالفت إسبانيا مع فرنسا لمحاربة الجيش المغربي بقيادة عبد الكريم الخطابي, وعند عجزهما عن الانتصار لمدة خمس سنوات, وبإستشارة من ألمانيا, استعملتا السلاح الكيمياوي, وبذلك كان شمال المغرب أول منطقة في العالم تقصف سنة1926 بالسلاح الكيمياوي, علي حد ماذكره الكاتب والإعلامي المغربي حسن أبراغ.
وفي الحالة الثانية, لا تزال ماثلة في الذاكرة, ومدمرة لأي علاقة يمكن أن تقوم في المستقبل,سلسلة التفجيرات النووية المقدرة بنحو210 تجارب, أجرتها فرنسا مابين سنة1960 و1966, علي أرض الجزائر, وغيرت من وجه البشر والحجر والكائنات, حتي أن أول تفجير نووي فرنسي بمنطقة الحمودية برقان, وحمل اسم اليربوع الأزرق, كانت طاقة تفجيره60 كيلو طن, أي ما يعادل70 مرة قنبلة هيروشيما اليابانية, بحسب صحيفةالشعب الجزائرية. ناهيك عن الألغام, ذاك الميراث المر من الغرب الاستعماري البشع في المنطقة العربية كلها, الذي تعاني منه إلي الآن, كل من: مصر, والعراق, والكويت, ولبنان, والسودان, وفلسطين, والأردن, وسوريا, وموريتانيا, وتونس, وليبيا, والجزائر, والمغرب, والصومال..الخ. إذن, نحن العرب اليوم نعيش مرحلة ما بعد الكيمياوي وما بعد النووي, والترويج الغربي عبر الأمم المتحدة اليوم لجهة القول: أن تدمير ترسانة سوريا الكيمياوية سيجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل, هو نوع من الوهم, لأن الهدف منه بالأساس هو ترجيح الكفة لصالح العدو الإسرائيلي.
عمليا, لا جدوي في الغالب من توفر الأسلحة حينما لا تكون الروح القتالية عالية,أوحين تغدو مجرد ديكور في بعض الدول العربية, أو عندما تجبر دولنا علي صفقات من أجل تشغيل المصانع وتقليل البطالة لدي الغرب, لكن القول بهذا الواقع شيء وتدمير السلاح شيء آخر, وفي الحالة السورية تحديدا علينا أن نتساءل: ما الذي سيجنيه الشعب السوري حينما يقضي علي السلاح الكيمياوي في هذا البلد الممزق؟.
لقد تحدثت بعض وسائل الإعلام المختلفة, مثلما تحدث مسئولون غربيون ومن الأمم المتحدة وعرب تبع علي أن عدد القتلي في سوريا نتيجة الحرب تجاوز مائة ألف قتيل, وأن عدد النازحين في الخارج قارب الأربعة ملايين, وأن المدارس والمصانع دمرت وأن..و أن.. وأن.. كل ذلك ما حرك في الضمير العالمي, ولا في الأخوة العربية المزعومة, جانبا من الرأفة, أو حقق نوعا من الأمان ولو جزئيا, بل علي العكس من ذلك, تحولت سوريا إلي دار حرب تشارك فيها حسب بعض المصادر ثلاث وأربعون جنسية, منهم في آخر الأنباء 400 روسي و120 جزائريا, وستكون الدول العربية الأخري في مرحلة لاحقة هي أيضا ديار حرب لجماعات تقاطعت مصالحها, أو وظفت لأجندات خاصة, معتقدة بوعي أو بدونه أنها تدافع عن الإسلام.
مرحلة ما بعد الكيمياوي ستؤدي بدولنا العربية تباعا إلي الدخول في نفق مظلم, وتعمل ضبابية الرؤية علي عدم إدراك النتائج المستقبلية لهذه الأمة, وحين نقول أن سوريا تعتبر في نظر الجماعات الآن دار حرب, فإن أي دولة عربية أخري تقاوم الإرهاب والعنف ستكون في المستقبل علي نفس الشاكلة. وحسب تراث الإرهاب في العقدين الماضيين, فإن محاولات مدروسة تعمل من أجل إدخال مصر ضمن التصور العام لجماعات العنف, بحيث تغدو هي أيضا دار حرب في المستقبل المنظور, ما يعني أن تدمير سلاح سوريا إن تم سيتبع, لا محالة, بتدمير البني الاجتماعية بالكامل, علي نفس النهج الذي حدث منذ سنوات في الصومال, ثم في العراق, وأخيرا في ليبيا.
ليس مهما لدي الدول الغربية أن تكون حياتنا اليومية, علي المستوي العربي, حديثا أو ترحالا نحو المقابر بالمئات أو بالآلاف, ولا يعنيها تغير الأهداف السامية لمنابعنا العقدية, ولا احتضاننا للعالم والاعتراف بإنسانية الآخرين ووجودهم, ولا حتي لو استمرت مناطقنا مشتعلة لعهود مقبلة, إنما الذي يعنيها, وبالأساس, أن نظل في مرحلة الضعف, بحيث لا نكون قادرين علي المواجهة وأن نكون أيضا وهذا بشكل قطعي, ضعفاء أمام العدو الإسرائيلي, وليس صحيحا أن الغرب في حركته الجديدة مقبل إلينا بأساليب شتي بسبب النفط أو الغاز أو الطاقة فقط, فقد استعمرنا سابقا من أجل الآثار ومن أجل الأراضي الزراعية والمواقع الاستراتيجية, بل احتلنا من أجل فضاء حيوي وأراضينا آنذاك كانت جرداء لا تنبت شيئا.
السلاح الكيمياوي لدي العرب, ليس خطرا علي الغرب, لأنه يعرف أنه حين تشتد الحرب, وعلي غرار تجارب سابقة, سنستعمل هذا السلاح ضد أنفسنا.. إنه مطمئن لجهة استعماله, لذا فإن الذي يخشاه هو أن تأتي منا فئة تعي دورها التاريخي وتسعي لتحقيق العدل في الأرض وأن يكون دفاعها عن سياسة التوحيد هدفا استراتيجيا دنيوا وأخرويا, وأن تكون واعية لما يحاك ضدها أو رافضة لمواقف الغرب, التي تجاوزت مرحلة المؤامرات إلي صياغة الأوامر القطعية واجبة التنفيذ.
لا جدوي, والحال تلك, من مواصلة الحديث في صيغتيه الإعلامية والسياسية عن العرب ما بعد الكيمياوي, لأنهم كانوا ضحايا لما هو أبشع من ذلك, بل إن التجارب تلو التجارب قامت في جانب منها علي أراضيهم, وفي بعض آخر منها عليهم, وحين تمرد بعضهم جلبوا مزيدا من القوي الاستعمارية, آخرها الحرب المستمرة لطائرات بلا طيارين, كما هو الأمر في اليمن. لهذا ولغيره, علينا أن نرفض بشكل عملي إجبارنا علي خوض حرب هزمنا فيها قبل أن تدور رحاها, لأن جبهتنا الداخلية مضطربة, لدرجة لم تعد الدول العربية فيها ديار سلام.
كاتب وصحفي جزائري
لمزيد من مقالات خالد عمر بن ققه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.