رئيس جامعة الفيوم يفتتح الملتقى التقني العاشر للطلاب المثاليين    جامعة الزقازيق تنظم قافلة تنموية شاملة بمركز مشتول السوق    بعد حديث السيسي.. خبراء: 29 تخصصا بالجامعات توفر فرص عمل بمرتبات خيالية    5 و6 مايو إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    تأجيل دعوى إلغاء تصاريح مدرسة ألمانية لتدريس مادة مخلة بالآداب ل 19 مايو    محافظ أسيوط يتابع آخر مستجدات توفيق أوضاع الكنائس والمباني الخدمية    استراتيجيات الأمن الغذائي بدول حوض النيل، ندوة بجامعة الفيوم    بشرى لأهالي الجيزة.. النقل تسعد لافتتاح أهم مشروعاتها في المحافظة خلال أيام| تفاصيل    اقتصادية النواب توافق على موازنة جهاز حماية المستهلك للعام المالي الجديد 2024 /2025    الدفع بأتوبيسات النقل الجماعي «الخاص» على مستوى المراكز السبع ببني سويف    هيئة سلامة الغذاء: إصدار 2275 إذن تصدير لحاصلات زراعية خلال أسبوع    خبيرة سياحية: الدولة تدرك أهمية مد برامج تحفيز الطيران    رئيس مجلس النواب البحرينى: ليس بغريب عن مصر دعم العرب والقضية الفلسطينية    وزير المالية الإسرائيلي المتطرف يهدد نتنياهو: لن تبقى بمنصبك في هذه الحالة    مذكرة أمريكية تؤكد انتهاك إسرائيل للقانون الدولي في غزة    اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية تدعو إلى وقف الحرب على غزة    السيسي يوجه رسالة مهمة للمصريين.. وتحركات جديدة بأسعار الذهب| حصاد التوك شو    أبومازن: اجتياح رفح الفلسطينية سيمثل أكبر كارثة بتاريخ الفلسطينيين    رئيس الشيوخ يستقبل رئيس مجلس الشورى البحريني.. صور    روسيا تهدد الغرب برد قاس حال المساس بأصولها    انتر يهزم تورينو في مباراة التتويج بالدوري الإيطالي    أزمة القيد تقرب ثلاثي الزمالك من بيراميدز    قائمة ريال مدريد لمواجهة بايرن ميونخ في دوري أبطال أوروبا    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    المشدد 3 سنوات لعاملين وربة منزل لإتهامهم باستدراج سائق تحت تهديد السلاح بالقليوبية    تأجيل محاكمة ربة منزل بتهمة إحداث عاهة مستديمة لسيدة في منشأة القناطر    تجديد حبس المتهمين بقتل طفل شبرا الخيمة واستخراج أعضاءه 15 يوما    رضا حجازي: زيادة الإقبال على مدارس التعليم الفني من أصحاب المجاميع الكبيرة    ضبط 1.25 طن لحوم ودواجن مجهولة المصدر وغير صالحة للاستهلاك الآدمي بالشرقية    فرقة نانجينج الصينية تحيي حفلا بجامعة قناة السويس (صور)    الرئيس السيسي: «متلومنيش أنا بس.. أنا برضوا ألومكم معايا»    غداً...انطلاق معرض أبوظبي الدولي للكتاب ومصر ضيف الشرف    فيلم «أسود ملون» ل بيومي فؤاد يحقق المركز الرابع في شباك التذاكر    اتهمها ب«الزن.ا»|ميار الببلاوي تفتح النار على «محمد أبوبكر» وبسمة وهبة..وعبير الشرقاوى تدافع عنها    بحضور محافظ مطروح.. «قصور الثقافة» تختتم ملتقى «أهل مصر» للفتيات والمرأة بالمحافظات الحدودية    بعد شائعة انفصالها عن أحمد السقا.. من هي مها الصغير؟    وكيل صحة الشرقية يناقش مع مدير إدارة أبو حماد خطة العمل الوقائية    «الصحة» تكشف تفاصيل «معا لبر الأمان»: نخطط للوصول إلى 140 ألف مريض كبد    صحة المنيا تنظم قافلة طبية بقرية جبل الطير ضمن مبادرة حياة كريمة    الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس المتوقعة اليوم وحتى الجمعة 3 مايو 2024    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    أجمل دعاء للوالدين بطول العمر والصحة والعافية    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    إدارة الأهلي تتعجل الحصول على تكاليف إصابة محمد الشناوي وإمام عاشور من «فيفا»    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    جامعة بني سويف: انطلاق فعاليات البرنامج التدريبي للتطعيمات والأمصال للقيادات التمريضية بمستشفيات المحافظة    مطران دشنا يترأس قداس أحد الشعانين (صور)    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    بنك QNB الأهلي وصناع الخير يقدمان منح دراسية للمتفوقين بالجامعات التكنولوجية    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن ثقافة نزع السلاح النووي

لاشك أن أي تطور سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي يستند إلي وجود ثقافة مواتية له وتشكل ركيزة لهذا التطور وتمنحه قدرا من المشروعية والمصداقية في آن واحد‏,‏ سواء في أعين القاعدة الشعبية التي انطلق منها أو للفئات المستهدفة من جراء هذا التطور‏...‏ وتتكون هذه الثقافة عادة من منظومة من القيم المتصلة ببعضها البعض والداعمة كل منها للأخري‏.‏
ويصدق هذا التوصيف أكثر مايكون في حالة الدعوة إلي نزع السلاح النووي‏,‏ فالتفكير المنطقي‏,‏ بل وحتي الأولي‏,‏ يقودنا إلي توقع أن تكون أكثر الدول والشعوب الداعية لنزع السلاح النووي هي اليابان‏,‏ باعتبار أنها الدولة الوحيدة في العالم التي تعرضت فعليا‏,‏ حتي الآن علي الأقل‏,‏ للقصف بالسلاح النووي‏.‏
لذا‏,‏ فلا غبار في أن اليابان‏,‏ ليس فقط علي المستوي الحكومي بل وربما بدرجة أوسع علي مستوي المجتمع المدني ومنظماته غير الحكومية‏,‏ في مقدمة الدافعين باتجاه نزع السلاح النووي علي الصعيد العالمي‏.‏
ولهذه الدعوة لنزع السلاح النووي ثقافتها الداعمة لها‏,‏ والمتمثلة في عدد من الركائز التي سنسعي هنا إلي تناول بعضها‏,‏ ولو بقدر من الإيجاز‏.‏ وتتمثل أولي هذه الركائز في الهيباكشا‏,‏ وهم اليابانيون الأحياء ممن عاصروا إلقاء القنبلتين النوويتين علي هيروشيما وناجاساكي وكانوا يعيشون في المدينتين خلال إلقاء القنبلتين النوويتين عليهما يومي‏6‏ و‏9‏ أغسطس‏1945‏ علي التوالي‏.‏ وبالضرورة‏,‏ فإن عدد هؤلاء في تناقص مستمر نتيجة تفاعل الزمن من جهة وحدود عمر البشر من جهة أخري‏.‏ وتتباين التقديرات اليابانية بشأن العدد الباقي حاليا علي قيد الحياة من الهيباكشا‏,‏ ويبرز هذا التباين علي وجه الخصوص بين التقديرات الحكومية الرسمية التي تتسم بقدر من التحفظ في تقدير أعداد الهيباكشا وبين تقديرات المنظمات غير الحكومية اليابانية‏,‏ خاصة تلك التي يندرج في عضويتها الهيباكشا أنفسهم‏,‏ فالتقديرات الحكومية تضع أعداد الأحياء من الهيباكشا في حدود‏70‏ ألف شخص‏,‏ بينما تتضاعف الأعداد المقدرة من قبل المنظمات غير الحكومية المذكورة‏.‏ وقد قرر الهيباكشا منذ وقت مبكر تجاوز أحزانهم الشخصية والعائلية أو حتي الوطنية نظرا لما حدث لهم من اصابات أو حروق أو تشوهات نتيجة الإشعاعات التي خلفها السلاح النووي‏,‏ وكذلك ماسببه التفجير من خراب في مدنهم‏,‏ وما أدي إليه من جرح للكبرياء القومي لوطنهم وشعبهم‏.‏ وحول الهيباكشا أنفسهم ومنظماتهم إلي دعاة لنزع السلاح النووي علي المستوي العالمي‏,‏ حيث جابوا العالم‏,‏ وخاطبوا مختلف المؤتمرات والمحافل الدولية‏,‏ الحكومية وغير الحكومية علي حد سواء‏,‏ واستقبلوا في اليابان‏,‏ وبشكل اكثر تحديدا في مدينتي هيروشيما وناجاساكي‏,‏ مئات‏,‏ بل ربما آلاف‏,‏ الوفود من مختلف أرجاء العالم‏,‏ ومن مختلف الأعمار والخلفيات‏,‏ بغرض تعريف أكبر قدر ممكن من البشر في العالم بما تركه السلاح النووي علي أرض الواقع من دمار وخراب‏.‏
وثانية هذه الركائز ترتبط بالركيزة الأولي‏,‏ وهي خاصة بانطلاق مبادرة ضخمة لنزع السلاح النووي من قبل السلطات المحلية في كل من هيروشيما وناجاساكي‏,‏ وهنا يجب الإشارة إلي أن هذه المبادرة‏,‏ وإن نشأت في العقد التاسع من القرن العشرين‏.‏ فإنها اكتسبت زخما كبيرا علي الصعيد الدولي في الأعوام القليلة الماضية‏,‏ وأقصد هنا إنشاء منظمة عمد من أجل السلام غير الحكومية‏,‏ التي أنشأها ويترأسها عمدتا هيروشيما وناجاساكي‏,‏ وقد فتحت هذه المبادرة زراعيها لعمد المدن من مختلف أنحاء العالم‏.‏ ووصل عدد من المدن المشاركة فيها حتي الآن إلي‏4069,‏ ومن المنتظر وصول الرقم إلي حوالي‏5000‏ بحلول نهاية العام الحالي‏,‏ وبالمناسبة فإن مدينة السويس المصرية كانت أول مدينة مصرية مشاركة في هذه المنظمة‏.‏ومرة أخري‏,‏ وكما هو الحال مع نشاط الهيباكشا‏,‏ فإن جهود عمد من أجل السلام لتحقيق النزع الشامل للسلاح النووي استندت إلي خصوصية وفرادة تجربة هيروشيما وناجاساكي في كونهما المدينتين الوحيدتين علي صعيد العالم اللتين تعرضتا للضرب بالسلاح النووي‏,‏ كما نشأ تعاون بين هذه المبادرة ومنظمات الهيباكشا‏,‏ وسعت المنظمة لتوظيف الهيباكشا لخدمة دعوتها داخل اليابان وخارجها للقضاء علي الأسلحة النووية‏.‏ وبالرغم من أن نزع السلاح النووي علي الصعيد العالمي هو هدف عمد من أجل السلام منذ نشأتها‏,‏ فإن هذا الهدف والمنظمة ذاتها شهدتها اختراقا نوعيا عام‏2008,‏ عندما تبنت بروتوكل هيروشيما ناجاساكي والذي دعا‏,‏ ولأول مرة‏,‏ إلي برنامج زمني مبرمج لتحقيق هدف التخلص من السلاح النووي من علي وجه الأرض‏.‏ فقد حدد البروتوكول عام‏2015‏ كموعد لانتهاء التفاوض والتوصل لاتفاقية دولية قانونية ذات طابع ملزم تحظر السلاح النووي عالميا‏,‏ علي أن يتم فعليا استكمال تفكيك ترسانة السلاح النووي في العالم بحلول عام‏2020.‏
أما الركيزة الثالثة للثقافة الداعمة لدعوة نزع السلاح علي الصعيد الياباني فهي متحف السلام الموجود بحديقة السلام بمدينة هيروشيما اليابانية‏,‏ ويتميز المتحف بأنه يقدم عرضا متكاملا ليس فقط لحدث إسقاط القنبلتين النوويتين علي المدينتين بمعزل عن السياق التاريخي الذي أدي إليه‏,‏ بل أيضا لتطور الأحداث‏,‏ سواء علي الصعيد الداخلي في اليابان أو فيما يتعلق بدور اليابان الإقليمي وعلاقاتها الدولية منذ مرحلة مبكرة تعود إلي العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر‏,‏ بما يوضح خلفيات التطورات التي طرأت فيما بعد والتفاعلات التي أفضت في نهاية المطاف إلي دخول اليابان الحرب العالمية الثانية وموقعها ونمط تحالفاتها فيه وانتهاء بتعرض اليابان للقنبلتين النوويتين‏.‏
وفي ضوء ماتقدم وغيره من اعتبارات‏,‏ فلم يكن من المستغرب أن تتقدم اليابان إلي مؤتمر المراجعة الدوري الأخير لمعاهد حظر الانتشار النووي الذي عقد في نيوبورك في مايو‏2010‏ بمشروع قرار معنون ثقافة نزع السلاح النووي‏.‏ فجزء كبير من هذه الثقافة ناتج عن حقيقة المعاناة الإنسانية والمجتمعية للشعب الوحيد في العالم الذي تعرض لاستخدام السلاح النووي حتي الآن‏.‏

المزيد من مقالات د.وليد محمود عبد الناصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.