«دست الأشراف» دون صرف صحى.. ورئيس الشركة بالبحيرة: «ضمن خطة القرى المحرومة»    عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم السبت 20-9-2025 بعد الانخفاض الكبير    أسعار الفراخ وكرتونة البيض في أسواق وبورصة الشرقية السبت 20-9-2025    طبقت من قبل على ميلانيا، ترامب يفرض رسوما جديدة على هذه الفئة من التأشيرات    الاعتراف بفلسطين، جوتيريش يطالب دول العالم بعدم الخوف من رد فعل إسرائيل الانتقامي    بعد تحريض ترامب، تعرض محطة أخبار تابعة لشبكة "إي بي سي" لإطلاق نار (صور)    ديربي الميرسيسايد وقمة آرسنال والسيتي، مواعيد مباريات الجولة الخامسة من الدوري الإنجليزي    تشكيل ريال مدريد المتوقع ضد إسبانيول في الدوري الإسباني    السحب تزحف نحوها الآن، الأرصاد تحذر هذه المناطق من أمطار متفاوتة الشدة    3.5 مليون طالب ينتظمون فى الجامعات اليوم    كارول سماحة تتصدر الترند وتكشف أسرار أيامها الصعبة بعد رحيل زوجها وليد مصطفى    أشرف زكي يساند عيد أبو الحمد بعد أزمته الصحية ورسالة استغاثة تُحرّك الوسط الفني    نجوم الفن يشعلون ريد كاربت "دير جيست 2025" بإطلالات مثيرة ومفاجآت لافتة    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    «تريزيجيه تخلى عن الأنانية».. محمود الدهب يعلق على فوز الأهلي ضد سيراميكا    أحمد صفوت: «فات الميعاد» كسر التوقعات.. وقضاياه «شائكة»| حوار    كيف تحصل على 5250 جنيه في الشهر من شهادات البنك الأهلي 2025؟.. اعرف عائد ال300 ألف جنيه    حبس المتهم بسرقة الدراجات النارية بالتجمع الأول    ترامب: الرئيس الصيني وافق على صفقة «تيك توك».. ولقاء مرتقب في كوريا    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات بمنشأة ناصر    ماذا تفعل حال تهشّم زجاج سيارتك؟ خطوات تنقذك على الطريق السريع    ترامب: القوات الأمريكية استهدفت سفينة تهريب مخدرات بالمياه الدولية    خبير عسكري| قرار نتنياهو بهدم غزة بالكامل هو رسالة ل«مصر»    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 20 سبتمبر 2025    مهرجان الجونة السينمائي يقرر.. اختيار كيت بلانشيت ضيفة شرف وجائزة الإبداع لمنة شلبي    حكاية «الوكيل» في «ما تراه ليس كما يبدو».. كواليس صناعة الدم على السوشيال ميديا    الأكاديمية المهنية للمعلمين تعلن تفاصيل إعادة التعيين للحاصلين على مؤهل عالٍ 2025    عوامل شائعة تضعف صحة الرجال في موسم الشتاء    «هيفتكروه من الفرن».. حضري الخبز الشامي في المنزل بمكونات بسيطة (الطريقة بالخطوات)    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة    أسعار المستلزمات المدرسية 2025: الكراسات واللانش بوكس الأكثر شراءً    أسعار اللحوم في أسيوط اليوم السبت    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    مذيع يشعل النار في لسانه على الهواء.. شاهد التفاصيل    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    تحذير عاجل للأرصاد بشأن اضطراب البحر المتوسط غدًا والخريف يبدأ رسميًا الاثنين    الشيباني يرفع العلم السوري على سفارة دمشق لدى واشنطن    ترامب يعلق على انتهاك مزعوم لمجال إستونيا الجوى من قبل مقاتلات روسية    عبد الحفيظ: جلستي مع الخطيب استمرت ساعتين.. ولا يوجد قرار رسمي    الأهلي: يتم استهلاكنا في أمور غير منطقية.. وزيزو يعود خلال أيام    كارول سماحة عن انتقادات إحيائها حفلات بعد وفاة زوجها: كل شخص يعيش حزنه بطريقته    قرار عاجل من النيابة ضد أبطال فيديو سكب السولار على الخبز بالشرقية    ليلة كاملة العدد في حب منير مراد ب دار الأوبرا المصرية (صور وتفاصيل)    مدارس دمياط في أبهى صورها.. استعدادات شاملة لاستقبال العام الدراسي الجديد    شوقي حامد يكتب: استقبال وزاري    مؤتمر إنزاجي: هذا سبب التعادل مع أهلي جدة.. وعلينا التعلم من المباراة    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    محافظ الأقصر يسلم شهادات لسيدات الدفعة الثالثة من برنامج "المرأة تقود".. صور    انطلاقة قوية ومنظمة وعام دراسي جديد منضبط بمدارس الفيوم 2026    القرنفل مضاد طبيعي للالتهابات ومسكن للآلام    ديتوكس كامل للجسم، 6 طرق للتخلص من السموم    محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً قبل الاقتصادي    سيف زاهر: جون إدوار يطالب مسئولى الزمالك بتوفير مستحقات اللاعبين قبل مواجهة الأهلى    محمود محيي الدين: الذهب يتفوق على الدولار فى احتياطات البنوك المركزية لأول مرة    لماذا عاقبت الجنح "مروة بنت مبارك" المزعومة في قضية سب وفاء عامر؟ |حيثيات    موعد صلاة الفجر ليوم السبت.. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    طارق فهمي: المجتمع الإسرائيلي يراقب التطورات المصرية بقلق (فيديو)    مدينة تعلن الاستنفار ضد «الأميبا آكلة الدماغ».. أعراض وأسباب مرض مميت يصيب ضحاياه من المياه العذبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول مشروعية إنتاج السلاح النووى
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 05 - 2010

كانت الولايات المتحدة تخاف من أن تنجح ألمانيا النازية فى إنتاج القنبلة النووية فتفرض بذلك شروط الاستسلام على العالم. ولذلك سرّعت فى مشروعها النووى (مانهاتن) مستعينة بعدد من العلماء الألمان سواء منهم الذين هربوا إلى الغرب بإرادتهم، أو الذين أُسروا أثناء الحرب.وكان الاتحاد السوفييتى يخشى أن يؤدى احتكار الولايات المتحدة للسلاح النووى إلى الهيمنة الأمريكية على العالم بما فيه العالم الشيوعى آنذاك. ولذلك سرّع فى مشروعه النووى حتى أنتج القنبلة فى عام 1949.
وكانت فرنسا وبريطانيا تخشيان من أن يؤدى حصر القوة النووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى إلى وقوعهما بين فكى كماشة تفاهم أو تصارع الدولتين الكبيرتين. فعمدتا إلى تطوير برامجهما النووية حتى تمكنت كل منهما من إنتاج القنبلة أيضا.كذلك خافت الصين على مستقبلها من الهيمنة السوفييتية النووية من جهة، ومن الهيمنة النووية الأمريكية (عبر شرق آسيا) من جهة ثانية، فكان لها مشروعها النووى الناجح.
وكان خوف الهند من الصين، الدافع وراء التحاقها بالنادى النووى، الأمر الذى أخاف بدوره الباكستان التى سارعت إلى اللحاق بالهند، إلى هذا النادى.وبعد قيام إسرائيل كان واضحا أنها تخاف من الديموغرافيا العربية المعادية لها كما كانت تخاف من مخاطر الاعتماد الكلى على حلفائها الغربيين لحمايتها ولنجدتها، فكانت لها ترسانتها النووية التى تقدر بنحو 200 رأس. والآن تبدى كوريا الشمالية خوفا من التجمع العسكرى الأمريكى فى كوريا الجنوبية والمستمر منذ الحرب الكورية فى مطلع الخمسينيات من القرن الماضى، وقد استخدمت هذا الخوف لإنتاج سلاح نووى معزز بقدرة صاروخية بعيدة المدى.
من خلال ذلك يبدو أن الخوف كان العامل الأساس وراء انتشار السلاح النووى. فهل أدى امتلاك هذا السلاح التدميرى الشامل إلى اطمئنان الدول التى تملكه؟.
تدّعى الولايات المتحدة، الدولة النووية الوحيدة التى استخدمت هذا السلاح ضد اليابان فى شهر أغسطس من عام 1945 فى هيروشيما وناجازاكى، أن هذا السلاح أدى إلى حمل اليابان على الاستسلام، وبالتالى إلى إنهاء الحرب ووقف سفك الدماء على الجبهتين الأمريكية اليابانية، والأمريكية الألمانية.
ولكن ثمة معلومات تؤكدها وثائق رسمية أمريكية أن اليابان كانت تفاوض على الاستسلام قبل إلقاء القنبلتين وأن الانفجار النووى لم يؤد الا إلى حسم التفاوض باستسلام اليابان دون قيد أو شرط.منذ ذلك الوقت لم يستعمل السلاح النووى رغم أن القدرة النووية للولايات المتحدة ولروسيا وحدهما تكفى لقتل كل إنسان على وجه الأرض سبع مرات على الأقل!!.
مرة واحد جرى الاستعداد والتهديد باستخدام هذا السلاح. كان ذلك فى عام 1973 عندما منيت إسرائيل بهزيمة عسكرية على الجبهتين المصرية (اجتياز القوات المصرية قناة السويس وتدمير خط برليف وتحرير سيناء)، والسورية (اجتياز القوات السورية الدفاعات الإسرائيلية فى الجولان واسترجاع جبل الشيخ). يومها قررت إسرائيل اللجوء إلى السلاح النووى باعتباره «الملاذ الأخير». ولكن عقبتين حالتا دون ذلك. الأولى هى حتمية ارتداد استخدام هذا السلاح على الإسرائيليين أنفسهم نظرا لوقوعهم فى مرمى الإشعاع النووى. والثانية هى أن الولايات المتحدة تخوفت من رد فعل الكرملين الذى ما إن عرف بالأمر حتى هدّد باستخدام القوة العسكرية.
وبالفعل نقل الكرملين عددا من قطع الأسطول الحربى من البحر الأسود إلى البحر المتوسط.يومها بدا العالم كله وليس الشرق الأوسط وحده على شفا حفرة من جهنم نووية.. ولكن الله سلّم!.أثبتت تلك التجربة أن السلاح النووى الإسرائيلى لم يقضِ على المخاوف الإسرائيلية. ولا هو شكل قوة ردع لمنع الفلسطينيين خاصة والعرب عامة من استمرار التمسك بحقوقهم الوطنية.
ثم إن امتلاك دولة ما للسلاح النووى أدى إلى تشجيع دول أخرى على امتلاكه أيضا.. وبالتالى تحول الخوف إلى خوف متبادل.. والخوف المتبادل لا يشكل قاعدة للاطمئنان ولا للسلامة.فى عام 1942 طلب العالم النووى الألمانى هاينزبرغ من أدولف هتلر مبلغ 80 ألف دولار فقط لإنشاء مفاعل نووى ألمانى. يومها كان هناك شعار باستخدام العلم من أجل كسب الحرب. إلا أن هاينزبرغ كان له شعار معاكس وهو استخدام الحرب لكسب العلم. كان يريد الحصول على التمويل لتطوير العلم النووى.. ولكن هتلر كان مستعدا لتوفير التمويل لكسب الحرب. ولذلك رفض الاستجابة إلى العالم النووى الألمانى.. فهاجر عدد من العلماء الألمان الذين كانوا ضد النظام النازى إلى بريطانيا.. ومن هناك إلى أمريكا.. حيث كانوا النواة الأولى للصناعة النووية العسكرية التى كشفت عن أنيابها فى هيروشيما وناجازاكى باليابان!!.
فأثناء لجوئهم الأول، وفرت لهم الحكومة البريطانية إقامة خاصة فى مزرعة منعزلة قرب جامعة كمبريدج، وذلك بعد أن زرعت المخابرات البريطانية الغرف كلها بأجهزة تنصت سرية. ويروى أحد هذه التسجيلات أن العلماء الألمان كانوا يتبادلون الحديث فيما يجب عليهم أن يفعلوا. فحذر أحدهم من احتمال أن يكون الإنجليز «يتنصتون علينا». فرد آخر: «هذه مخاوف لا يبررها سوى العيش فى ظل النظام النازى الذى تحررنا منه. فالإنجليز أسمى من أن يمارسوا هذه الأساليب القذرة». ولكن الإنجليز كانوا يمارسونها حتى الثمالة. كانوا يسجلون كل فكرة أو خاطرة أو رأى.. حتى الأحاديث الشخصية الحميمة.
لم تكتف بريطانيا والولايات المتحدة باستغلال العلماء الألمان فقط، ولكنهما استغلتا أيضا المخزون الألمانى من اليورانيوم الذى جرت مصادرته فى المراحل الأخيرة من الحرب. وصنعتا منه ما كان يطمح هتلر أن يكون أول الصانعين. فالعلماء الألمان هم أول من حطم الذرة. كان ذلك فى عام 1939. كانوا يملكون اليورانيوم. وكانوا يملكون المعادلات العلمية وكذلك الإمكانات المالية. إلا أنهم أو معظمهم على الأقل لم يكونوا متحمسين لصنع القنبلة النووية لأسباب إنسانية وأخلاقية. ولأن النظام النازى لم يكن جذابا لهم أو مقبولا منهم. حتى أن أحد هؤلاء العلماء «اوتوهان»، وكان من مجموعة العلماء الذى هاجروا إلى بريطانيا، حاول الانتحار بعد أن عرف بالتفجير النووى فى هيروشيما.
فالجريمة الجماعية التى لم يرد العلماء الألمان أن يسمحوا لهتلر بارتكابها، ارتكبها أعداؤه بذريعة «تسريع» تخليص الإنسانية من شروره وآثامه، مع حلفائه فى اليابان.
أما الآن فى مطلع القرن الواحد والعشرين، فإن دول العالم تتخوف ليس فقط من اتساع دائرة الدول المنتجة للسلاح النووى، ولكنها تخشى أيضا أن يصل هذا السلاح المدمر إلى يد الإرهابيين. ولو على نطاق محدود. الأمر الذى يشير إلى أن الإنسانية لاتزال تدور فى دائرة الخوف المفرغة..
لقد جرت محاولات عديدة لمعالجة هذا الخوف باستخدام السلاح النووى وبالهيمنة وبالخوف المتبادل. ولكن كل تلك العمليات باءت بالفشل، المحاولة الوحيدة التى لم تجرب هى سلاح العدالة واحترام حقوق الشعوب وكراماتها.. الأمر الذى لم تعرفه فى التاريخ سوى جمهورية أفلاطون!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.