تدفع دول الخليج العربي لاسيما السعودية والإماراتوالكويت, بكل قوتها وثقلها المالي والدبلوماسي, لإنجاح الإدارة السياسية المصرية الانتقالية بعد سقوط حكم الإخوان. وشكلت هذه الدولمجموعة ضغط( لوبي)معارض لوجهة النظر الغربية ومدافع عما حصل في مصر عقب ثورة30 يونيو,ويعود هذا التحرك الثلاثي الخليجي لعدة أسباب أولها أن المواقف الغربية المنددة بما حدث في مصر, تزيد من توجس دول الخليج إزاء سياسة الولاياتالمتحدة في المنطقة خاصة وأن هناك مخاوف خليجية كثيرة ومتعددة إزاء الغرب, لعل أهمها أن دول الخليج منزعجة مما تراه توددا غربيا لتيارالإخوان المنفتح علي إيران وخاصة بعدما كشف عن صفقات عقدها الغرب مع الاخوان, فضلا عن الاستياء من تسليم العراق إلي إيران,لذا فدول الخليج لديها قناعة بأن الغرب لن يتردد في عقد صفقة في وقت ما مع إيران علي حسابها,لذا قامت الدول الثلاث بتحركات دبلوماسية وتبنت موقفا سياسيا داعما لمصر كان أخطره بيان العاهل السعودي الملك عبدالله الذي رفض التدخل الغربي في شئون مصر ومعلنا دعم بلاده لها في الحرب ضد الارهاب فضلا عن الدعم المالي من الدول الثلاث(12 مليار دولار) واعلانها استعدادها لتعويض المساعدات الغربية في حال قطعها فيما ظهر وكأنه رسالة قوية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وثانيها, توجس دول الخليج من تنامي الإسلام السياسي في المنطقة,فهي لديها مشكلة مع التنظيمات الإسلامية وبالذات الإخوان, وضرب هذا التيار في مصروإثبات فشله هو لصالحها حتي لا يكون النموذج المصري قابلا للتصدير إلي المنطقة الخليجية والعربية عموما,كما أن الإخوان خسروا ثقة هذه الدول بسبب تأييدهم غزو العراق للكويت عام1990 ثم مبادرتهم بعلاقات قوية مع ايران في عهد محمد مرسي علي حساب دول الخليجمما أزعج السعودية أكبر رافض للوجود الإيراني الشيعي في المنطقة, فضلا عن الإمارات التي كشفت عن مخطط اخواني للانقلاب علي نظام الحكم. وموقف دول الخليج إزاء مصر والإخوان لا يشمل قطرالتيتبدو وحيدة ومعزولة في دعم الإخوان ماليا واعلاميا, وتعاني الآن عزلة كبيرة داخل مجلس التعاون الخليجي لأن سقوط الإخوان أضعف موقفها كثيرا. وعلاقات دول الخليج بمصر في المستقبل ستتوقف علي طريقة تعامل الدولة المصرية مع الإخوان, وطبيعة المصالحة الوطنية معهم, وحجم ومساحة الحركة التي ستمنح لهم, ولعل ذلك يضغط علي القيادة السياسية في مصر للتحرك بحساسية وذكاء في ملف المصالحة, بما لايضر بالحاجة الي الاستقرار الداخلي وبما لا يتعارض مع المصلحة الاستراتيجية المصرية وعلاقاتها التاريخية مع الخليج. ثالثها وهو الدافع الأساسي للسعودية لدعم الإدارة المصرية الحالية وهوخوفها من عواقب انهيارالوضع فيمصر, اذ ستكون الرياض مكشوفة تماما ومن ثم منطقة الخليج العربي إذا ما سقط الركن الأول من الأعمدة الاربعة للنظام السياسي العربي التقليدي,وهيبالأضافة الي مصر والسعودية, العراق الذي بات تحت التأثير الإيراني, وسورية التي تعصف بها حرب أهلية مدمرة, لذا اختارت السعودية ودول الخليج الأخري أن تقف في صف المؤسسة العسكرية المصرية التي تعرفها منذ عقود وتقيم معها علاقات قوية منذ أيام الرئيس الرحل أنور الساداتوحتي الانوتعتقد أنها الأصلح لارساء الاستقرار في مصر بعد فشل الإخوان في الحكم وفي ظل الانقسام الكبير في الشعب المصريمنذ ثورة يناير. كما أن لهذه الدول مصالح اقتصادية كبيرة فيالاقتصاد المصري ثالث أكبر اقتصاد عربي من حيث الناتج القومي بعد السعودية والإمارات و أكثر اقتصادات المنطقة جذبا للاستثمارات الأجنبية لأنه يمتلك بالأضافة لقدراته المتنوعة سوقا واعدة وكبيرة لأكثر من92 مليون نسمة لذلك فالمكاسب الاقتصادية المتوقعة لدول الخليج من الاستثمار في مصر كبيرة, فالمستثمرون السعوديون يتصدرون قائمة الاستثمارات الأجنبية في مصربمقدار2971 شركة, بلغت رءوس أموالها المصدرة أكثر من23.1 مليار دولار, وذلك في7 قطاعات رئيسية, و تأتي الإمارات في المرتبة الثالثة ب616 شركة برأسمال بلغت11.5 مليار دولار, وجاءت الكويت في المرتبة الرابعة برأسمال بلغ8.5 مليار دولار و885 شركة, ثم قطر في المرتبة ال18, بعدد شركات قدر ب176 شركة وبرأسمال بلغ1.8 مليار دولار. ويبدو أن التفضيل الأول للخليج هو عودة الدولة القوية في مصر, التي يهيمن عليها صانع قراررئيسي مدرك لضرورة الحفاظ علي علاقاته بهم, ولديه أمن قومي ضامن لعدم انعكاس تأثيرتفاعلاتها الديمقراطية أوغير الديمقراطية علي الإقليم الخليجي, فاستقرار مصر مهم لدول الخليج شريطة ألا يسمح ذلك بتكرار وجود الإخوان علي رأس السلطة.