يأتي قرار محكمة القضاء الإداري بوقف بث4 قنوات, منها الجزيرة مباشر, ليثلج قلوب الكثيرين ممن طالبوا طويلا بهذا الإجراء في ضوء الأداء المستفز للقناة فيما تنقله من تقارير مغلوطة, والعمل علي نشر الكراهية والفتنة بين المصريين, وحرصها علي أن تكون بوقا للفصيل الإخوان في مصر. لدي إطلاق قناة الجزيرة استبشر كثيرون بها لأن تكون منبرا إعلاميا محترما يقوم علي أسس مهنية سليمة, وتحترم أخلاقيات الرسالة الإعلامية التي يفترض منها أن تقدم الحقيقة, وليس الادعاءات والافتراءات, لكنها حادت كثيرا عن هذا النهج, فيما اتضح بعد ذلك أن السياسة التي تقف وراءها تخدم زرع بذور الفتنة, وقد حاولت الشيء نفسه من قبل مع دول عربية أخري كالسعودية, والأردن وليبيا وتونس وغيرها, السؤال الذي لا يمل أحد من طرحه هو: لماذا لا توجه هذه القناة اهتمامها نحو الداخل القطري؟ قد يكون هناك من يري أن اتخاذ قرار الإغلاق والمنع هو انتهاك للحريات والديمقراطية, لكن ببساطة يأتي الرد بأن لكل حرية إطار ينظمها, فلا حريات مطلقة حتي في أكبر الديمقراطيات في العالم, ولا ننسي ما قاله رئيس وزراء بريطانيا حين تعرضت بلاده لخطر الإرهاب, واستوجب وقوف الدولة بكل حزم في مواجهته, حيث قال: في مثل هذه الظروف لا تسألوني عن حقوق الإنسان. قد تكون تلك فرصة أيضا ليراجع المسئولون عن الإعلام في مصر صياغة الخطاب الإعلامي بصورة جديدة معاصرة تجذب المشاهد الذي كان يلاحق قناة الجزيرة مباشر لاعتقاده أنها الأسرع في نقل الأحداث إليه, كما نجحت تلك القناة في التحرك في أنحاء مصر, واقتربت من المشاهد في المحافظات والأقاليم, وهو ما لم يوفق فيه إعلامنا برغم تعدد القنوات الإقليمية, وقامت بمتابعة اهتمامات الناس ومشكلاتهم بصورة حية, وليس مجرد الجلوس في الاستوديو وإجراء حوارات مملة. المؤكد أن مصر يجب أن تعيد النظر في العديد من الأمور التي تجعلها مطمعا لأصحاب النفوس المريضة, فمصر برحابة صدرها, وكرم أخلاقها, تحاول احتواء الجميع من الأشقاء كبارا وصغارا, لكن هذا لا يعني التسامح إزاء استمرار استهدافها, والتطاول علي سلامتها وسيادتها, وتهديدها للأمن القومي. لمزيد من مقالات راى الاهرام