بعد يومين من إعلانها عن إنجازات عسكرية ضخمة, وقبل ساعات قليلة من احتفالاتها بعيد الاستقلال ال66, استيقظت الهند علي كارثة انفجار الغواصة' آي ان اس شيندوراكشاك' أو' حامية المحيطات' الذي أسفر عن مقتل طاقمها المكون من18 شخصا, وهو ما شكل انتكاسة كبيرة لجهود نيودلهي في تطوير ترسانتها الحربية والبحرية في ظل المنافسة الشديدة مع جارتها وعدوها اللدود باكستان. ألسنة نيران الانفجار المدوي التي أضاءت سماء الساحل الغربي لمومباي فوق حوض بناء السفن حيث كانت الغواصة ترسو علي الرصيف كانت دليلا واضحا علي حجم الكارثة التي لم تفلح معها جهود السطات الهندية في إطفاء الحريق الضخم ولا في إخراج جثث القتلي أو في التحقيقات لمعرفة ملابسات تراجيديا البحرية الهندية, فسادت الصدمة في أوساط صناعة القرار بالهند حيث صنف' ايه.كي انتوني' وزير الدفاع الحادث بأنه' أكبر مأساة في التاريخ الحديث' بينما اعترف' مانموهان سينج' رئيس الوزراء ب أن الحادث أكبر من مجرد وصفه بالمؤلم لأن البحرية أنجزت مؤخرا نجاحين رئيسيين تمثلا في إنتاج أول غواصة نووية' آي ان اس أريهانت' وحاملة الطائرات' أي ان اس فيركرانت'.. لكن كارثة انفجار واشتعال النيران في الغواصة حول مسار لحظة المجد الوطني بتحقيق مثل هذه الإنجازات العسكرية الكبري إلي نهاية مفجعة وإحساس بالخيبة. وخلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب الكارثة, حاول' دي كي جوشيه' رئيس البحرية الهندية الخروج بنظريات محتملة حول أسباب احتراق الغواصة التي تمت صيانتها في روسيا الشهر الماضي, واعترف ب أنه خلال هذه المرحلة أن الهند غير قادرة علي معرفة أسباب الخطأ الذي كان وراء الحادث. وبرغم أن السلطات الهندية ترجح وجود مشاكل تقنية إلا أن روسيا المصدر الأول للترسانة العسكرية الهندية ومصنعة الغواصة مالت إلي وجود نظرية مؤامرة وعمل إرهابي وراء المأساة, وأنه من غير المستبعد أن يكون هناك طرف ما قرر تخريب العيد الوطني في الهند. وقد عززت نظرية موسكو ما ذكرته وكالة' إيتار تاس' الروسية أنه تمت إعادة تصميم للغواصة بحيث تم تركيب صاروخ جديد وأنظمة تبريد واتصالات ورادار بالإضافة إلي تحديث القدرات القتالية والسلامة التشغيلية. انفجار الغواصة لم يكن لطمة موجهة للهند فقط بل لروسيا كواحدة من أكبر مصدري الأسلحة في العالم خاصة أن الغواصة الهندية تعرضت لمشاكل تقنية خطيرة في2010 وكانت علي وشك حدوث نفس السيناريو وقامت موسكو بجهود الصيانة وتحديث الغواصة لتصبح مستعدة للاشتباك. وفي محاولة لتبرئة ساحتها من المشاكل التقنية قررت إرسال فريق من المحققين للوقوف علي الأسباب الحقيقية باعتبارها المصنعة لهذا النوع من الغواصات. حيث أكد إيجور كوروتشينكو عضو المجلس العام بوزارة الدفاع الروسية أن هذا النوع من الغواصات موثوق به للغاية, فهي تستخدم في صفوف الاسطول الروسي منذ عدة عقود. وبالإضافة إلي ذلك, فإن هذه الغواصات وضعت في الخدمة في العديد من البلدان في منطقة آسيا والمحيط الهادئ, وعملت أيضا هناك دون أعطال, وأنها قطعت مسافة أكثر من10 آلاف ميل بحري. وبرغم أن هذا الانفجار يعد أخطر كارثة للبحرية العسكرية الهندية منذ ان أغرقت فرقاطة باكستانية غواصة هندية في1971, فأن الهند أيضا تقف في موقف لا تحسد عليه خاصة في ظل سباقها النووي مع باكستان والصين وسعيها الحثيث للسيطرة علي منطقة المحيط الهندي بمزاياها التجارية وذلك لعدة أسباب أولها قدم الغواصات التي تمتلكها والتي تعود إلي زمن الاتحاد السوفيتي, فهناك نحو14 غواصة أخري ستلحق بالغواصة المنكوبة بسبب عيوب فنية بالإضافة إلي إحالة4 منهم إلي التقاعد. إضافة إلي ذلك أن خطط الهند لتطوير أسطولها البحري تأجلت أكثر من خمس سنوات بسبب مشاكل تقنية وخلافات بيروقراطية والتكاليف الباهظة التي تتطلبها عمليات التطوير. والغريب في الأمرأن هذه الحادثة لم تفسد أجواء عيد الاستقلال فقط بل أفسدت إنجاز الهند التي تعد خامس أكبر قوة بحرية في العالم بإعلانها عن تصنيع حاملة الطائرات' إي.إن.إس فيكرانت' والتي نافست بها الصين بل وتجاوزتها لتنضم إلي مجموعة النخبة التي تضم الدول التي تستطيع تصميم وبناء حاملات الطائرات الخاصة بها, وهي الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا, الأمر الذي ألقي بمزيد من ظلال الحزن علي الوضع العام هناك.