بعض الأطفال يولدون بعيوب خلقية أو تشوهات مثل عدم وجود مخ أو الكليتين علي سبيل المثال,, وقد أمكن من خلال العلم الحديث والأجهزة المتطورة الكشف عن تلك الأمراض والتشوهات أثناء وجود الجنين في بطن أمه, فما حكم الشرع في إجهاض تلك الأجنة المصابة بتلك العيوب الخلقية التي تحول دون اكتمال حياة الجنين بعد الولادة ؟ وما الحكم لو كان هذا الإجهاض بعد مائة وعشرين يوما؟ تساؤلات تهم القوارير معرفة الإجابة عليها. وللإجابة علي ما سبق أفادت أمانة الفتوي بدار الإفتاء المصرية بأن إجهاض الأجنة المصابة بعيب خلقي يحول دون اكتمال حياة الجنين بعد الولادة مثل عدم اكتمال القلب أو المخ أو عدم وجود الكليتين فقد روي البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما, ثم يكون علقة مثل ذلك, ثم يكون مضغة مثل ذلك, ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات, ويقال له: أكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد, ثم ينفخ فيه الروح, فهذا الحديث الشريف دال علي أن نفخ الروح في الجنين يكون بعد مضي مائة وعشرين يوما علي الحمل. وعليه فإن الجنين الذي تتحقق إصابته بعيب خلقي يحول دون اكتمال حياته بعد الولادة عادة إذا مر علي حمله ما دون المائة والعشرين يوما, فإن القواعد الشرعية لا تمنع الأم من القيام بعملية إسقاطه والحالة هذه, ما دام لا يوجد ضرر محقق أو راجح علي الأم من جراء الإجهاض; وذلك لرفع متاعب الحمل ومشاق الولادة ومخاطرها عنها وتجنيبا لها ما يكون من آلام الفقد بعد الأمل والتعلق, مع ما يصاحب ذلك من كلفة مادية نظير المتابعات الطبية وإجراء عملية الولادة, ويكون هذا من باب رفع الضرر. وقد ذهب طائفة من الفقهاء إلي جواز إسقاط الحمل قبل نفخ الروح فيه إذا كان ثم عذر معتبر; كأن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصبي ما يستأجر به الظئر وهي من ترضع غير ولدها ويخاف هلاكه كما نقل عن فقهاء الحنفية, ولا شك أن ما ذكرناه أقوي في الإعذار مما ذكر عن فقهاء الحنفية. وجاءت عبارات فقهية أخري تفيد الجواز مطلقا حتي ولو لم يكن هناك عذر; فقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي فيشرح البهجة الوردية:(إسقاط الحمل إن كان قبل نفخ الروح جائز, أو بعدها حرم). أما إذا مضي علي الحمل مائة وعشرون يوما في بطن أمه فلا يجوز إسقاطه بحال; لأنه حينئذ يكون قد نفخت فيه الروح, والإعتداء عليها غير جائز, ويكون الإسقاط حينئذ قتلا للنفس التي حرم الله تعالي قتلها إلا بالحق. إلا أن يكون في استمراره خطرمحقق علي حياة الأم ويقرر الأطباء المتخصصون , فلا مانع حينئذ من الإجهاض; لأن الحياة المتيقنة مقدمة علي الحياة المظنونة, ولكن جواز الإجهاض هنا إنما كان لأجل هذا المعني لا لأجل خصوص التشوه.