ما هو الحكم الشرعي لإجهاض الجنين؟ وإذا خافت المرأة علي نفسها من الهلاك فهل لها أن تجهض الحمل؟ وما مدي مشروعية الإجهاض إذا ثبت وجود تشوهات بالجنين تعوقه عن الحياة المعتادة؟ وماذا عن اجهاض المغتصبة؟ أسئلة تهم الكثير من النساء يجيب عنها فضيلة د. محمود عاشورأستاذ الشريعة الإسلامية و وكيل الأزهر السابق قائلا: علماؤنا وأساتذتنا من الفقهاء القدامي, وأيضا مجمع البحوث الإسلامية حرموا الإجهاض إلا إذا كانت هناك ضرورة أو ما أطلقوا عليه عذر. ومن الأعذار التي تبيح الإجهاض شريطة أن يكون ذلك قبل استكمال الجنين مائة وعشرين يوما- أي من قبل نفخ الروح, انقطاع لبن الأم بسبب الحمل وهي ترضع طفلها الآخر وضعف صحتها مما يضر بالإثنين معا. ولرسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم حديث في ذلك يقول فيه لا تقتلوا أولادكم سرا فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه. ومعناه أن الحمل أثناء الرضاع يجعل الرضيع هزيلا ومريضا. وكذلك إذا ثبت ثبوتا قطعيا دون ريب بالوسائل العلمية وبمجلس طبي ذو ثقة أن بالجنين عيوبا وراثية خطيرة وأن هذه العيوب تدخل في نطاق مرضي لا شفاء منه جاز اسقاطه بالإجهاض ما دام لم تبلغ أيامه في رحم الأم مائة وعشرين يوما. أما الأجنة التي ترث عيوبا من الأب أو الأم, للذكور فقط أو للإناث فقط فيجوز اسقاطها إذا ثبت أنها عيوب وراثية خطيرة مؤثرة علي الحياة ما دام الجنين لم يكتمل في الرحم أيضا مدة مائة وعشرين يوما. أما العيوب الجسدية كالعمي أو نقص إحدي اليدين أو غير ذلك, فإنها لا تعتبر ذريعة مقبولة للإجهاض, لا سيما مع التقدم العلمي في الوسائل التعويضية للمعوقين. أما معيار جواز الإجهاض للحمل الذي تجاوزت أيامه الرحمية مائة وعشرين يوما وصار بذلك نفسا حرم الله قتلها, هو خطورة بقائه حملا في بطن أمه علي حياتها سواء في الحال أو في المآل عند الولادة, كما اذا ظهر هزالها وضعفها عن احتمال تبعات الحمل حتي اكتمال وضعه أواذا كانت الولادات متعسرة, وقرر الأطباء المختصون أن حياتها معرضة للخطر إذا ولدت هذا الحمل بهذه الطريقة واستمر الحمل في بطنها الي حين اكتماله. أما بالنسبة لجواز اجهاض المغتصبة فلا مانع من ذلك شرعا بناء علي ما أقره مجمع البحوث الإسلامية قبل أن يمضي علي الحمل مائة و عشرون يوما, فكما سبق وذكرنا فقد أجاز المجمع ذلك في الحمل الحلال ولذلك فهو في الحرام أولي. أما إذا مضي علي الحمل مائة و عشرون يوما فإنه لا يحل إسقاط الجنين بحال, لأنه في هذه الحالة يكون نفسا ذات روح يجب المحافظة عليها بالإجماع والإعتداء عليها لا يجوز بأي حال من الأحوال إلا إذا كان في استمرار وجوده خطر حقيقي علي حياة ا لأم, لأن حياة الجنين قبل ولادته محتملة و حياة الأم متيقنة, و اليقين يقدم علي الاحتمال و الشك, طبقا للقواعد الشرعية.