أكد الدكتور القصبي زلط عضو مجمع البحوث الإسلامية أن إسقاط الجنين بعد أربعة أشهر من الحمل أو بعد مائة وعشرين يوماً لا يجوز مطلقاً، وهو محرم شرعاً مهما كانت الأمراض والتشوهات، لأن الروح قد نفخت فيه. جاء ذلك ردا علي أحد التساؤلات حول: ما الحكم إذا أثبتت البحوث الطبية التي تجرى على الجنين أن الأمراض الوراثية التي أصيب بها لا يمكن علاجها؛ فهل يجوز في تلك الحالة إجهاض الأم وإسقاط جنينها المريض ؟. ودلل زلط علي فتواه بما قاله ابن قدامة رحمه الله:" وإذا شربت الحامل دواء فألقت به جنيناً فعليها غرة لا ترث منها شيئاً وعليها عتق رقبة، وذلك لأنها أسقطت الجنين بفعلها وجنايتها، فلزمها ضمانة بالغرة، ولا ترث منها شيئاً، لأن القاتل لا يرث المقتول، وتكون الغرة لسائر ورثته، وأما عتق الرقبة فهو كفارة لجنايتها، وكذلك لو كان المُسْقِط للجنين أباه، فعليه غرة لا يرث منها شيئاً ويعتق رقبة ". كما شدد ابن حزم في هذا الأمر فأوجب القصاص فيمن تعمد قتل الجنين بعد مرور أربعة أشهر، فقال: "فإن قال قائل: فما تقولون فيمن تعمدت قتل جنينها وقد تجاوزت مائة وعشرين ليلة بيقين فقتلته، أو تعمد أجنبي قتله في بطنها فقتله، فنقول : إن القود- أي القصاص – واجب في ذلك ولابد، ولا غرة في ذلك حينئذ، إلا أن يعفى عنه فتجب الغرة فقط، لأنها دية ولا كفارة في ذلك لأنه عمد، وإنما وجب القود لأنه قاتل نفس مؤمنة عمداً، فهو نفس بنفس، وأهله بين أمرين: إما القود ، وإما الدية أو المفاداة، كما حكم رسول الله r فيمن قتل مؤمناً ". وأضاف الدكتور القصبي زلط إن العلماء استثنوا حالة واحدة يجوز فيها الإجهاض بعد الأربعة أشهر، وهي إذا كان استمرار الحمل يؤدي إلى وفاة الأم يقيناً برأي الأطباء، لأن الأم هي الأصل في حياة الجنين، والجنين فرع ، فلا يضحى بالأصل من أجل الفرع .كما أضاف بعض المعاصرين إلى الصورة المذكورة صورة أخرى، وهي أن يثبت بطريقة علمية مؤكدة أن الجنين وفقاً لسنن الله تعالى، سيتعرض لتشوهات خطيرة تجعل حياته عذاباً عليه وعلى أهله وفقاً لقاعدة: الضرر يدفع بقدر الإمكان وينبغي أن يقرر ذلك فريق طبي لا طبيب واحد. ويعلق الدكتور القرضاوي على هذا الرأي بقوله: والراجح أن الجنين بعد استكمال أربعة أشهر إنسان حي كامل، فالجناية عليه كالجناية على طفل مولود. ومن لطف الله أن الجنين المصاب بتشوهات خطيرة لا يعيش بعد الولادة في العادة كما هو مشاهد، وكما قرر أهل الاختصاص أنفسهم، أما قبل الأربعة أشهر وقبل مرحلة نفخ الروح، فإنه يجوز إذا كان هناك عذر، والعذر هنا معتبر، وإن كانت الآراء الفقهية حول إسقاط الجنين قبل أربعة أشهر لعذر قد اختلفت وتعددت، لكن هذا العذر وهو تشوهات الجنين، لا أظن أن أحداً يختلف حوله ويمنع إسقاط الحمل قبل الأربعة أشهر.