أزمات متلاحقة تواجه سوق الدواء بعد اختفاء نحو140 صنفا بسبب نقص المادة الفعالة عالميا, مما أدي الي الاعتماد علي بعض المستحضرات الطبية المهربة من الخارج مجهولة المصدر لسد العجز في بعض الأدوية. توافر العلاج أصبح حلما للجميع وصداعا في رأس المرضي يحاولون الشفاء منه. تحقيقات الأهرام التقت بأطراف القضية ورصدت التفاصيل في السطور التالية: في البداية يري الدكتور محسن عبدالعليم رئيس الإدارة المركزية للشئون الصيدلية أن نقص الدواء ظاهرة عالمية, وهناك الكثير من الدول تعاني الظروف نفسها, ولكن الأزمة في مصر كانت أوضح بسبب الظروف التي تمر بها البلاد, كما ان لدينا نقصا في التعريفات العالمية فكل دواء له مثيل وبديل فالمثيل هو الذي يحمل المادة الفعالة نفسها ولكن يختلف في الاسم التجاري أما البديل فهو الذي يحمل مادة فعالة مختلفة واسما تجاريا مختلفا ولكن يؤدي الغرض نفسه, وأزمة المريض المصري أنه يتمسك حرفيا بما يقوله الطبيب ويعتبره أمرا مقدسا ولايصح تغيير الدواء لأنه لن يأتي بالشفاء, وهذه ثقافة يجب علي الناس تغييرها, والبحث عن البدائل, ففي مصر13 ألف مستحضر دوائي ولكل منها مثائل وبدائل إلا في حالات نادرة. الأزمة اختلفت ويشير الدكتور محسن الي أن الأزمة اليوم ليست كالأمس, فقد حدث لها انحسار تدريجي, ووصل النقص الي140 صنفا, لكن اختفاء الظاهرة سيكون صعبا ليس بسبب الظروف الحالية فحسب بل أيضا لنقص المادة الفعالة عالميا, أو وجود اشتراطات صحية في الانتاج أحيانا أخري. ومن أجل السعي لحل الأزمة في النواقص تحركنا في أكثر من اتجاه لتسهيل عملية التسجيل لشركات الأدوية, خاصة في قائمة الأدوية الأساسية المنقذة للحياة وتحريك السعر لبعض الأصناف, وتخصيص اعتمادات مالية من البنك المركزي لمصلحة شركات بقيمة الخطط الانتاجية الفعلية, وهو مقترح حتي تنتهي أزمة الدولار وبالتالي النواقص. ويري د. محسن أن ماسبق هو حل لجزء من الأزمة خارجيا, بينما علي مستوي شركات الداخل لا يصح إغفال أن ماتمر به مصر من اضرابات واعتصامات كان له دور في غلق مصانع بالكامل وتوقف خطوط الانتاج, فلا تنسوا وقت حادث قطار أسيوط الذي راح ضحيته أكثر من50 طفلا حيث لم نجد بيكربونات صوديوم متوافرا وفي الوقت نفسه كان موجودا علي إحدي السفن في العين السخنة ولكن نظرا لاعتصام عمال الميناء ظل الدواء في الميناء أياما عديدة دون دخول الشحنة. ويذهب د. عادل عبد المقصود رئيس شعبة أصحاب الصيدليات إلي أن نقص الأدوية سوف يستمر ويزداد, وذلك لأسباب منها أن تخفيض التصنيف الائتماني لمصر أدي الي تراجع شركات كبيرة عن التسهيلات الممنوحة للجانب المصري سواء كان مصنعا أو لمستورد منتج نهائي, كما أن الازدياد غير الطبيعي لسعر صرف العملة وعدم توافرها مع ثبات سعر البيع والزيادة المستمرة في كل عناصر التكلفة من رواتب ونقل ووقود أدي أيضا إلي توقف إنتاج أو استيراد منتج نهائي لأنه أولا وأخيرا منظومة استثمارية تهدف الي تحقيق ربح مناسب وغير مدعمة من الدولة, أضف الي ذلك كما يقول د. عبد المقصود أن الحالة الأمنية السيئة دفعت العديد من المصانع إلي تقليل ساعات العمل ويضيف أن أسباب النقص أيضا هو عدم استجابة متخذي القرار لتحريك اسعار بعض الاصناف التي تمثل صناعتها أو استيرادها خسارة للمنتج أو المستورد وبالتالي تقليل حجم الانتاج إلي أقل معدل أو الاستيراد من أجل الوجود في السوق ليس إلا. وهذا يعود إلي عدم جرأة صاحب القرار في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب من المنظور السياسي وليس البعد الصحي أو الاجتماعي. تهريب وغش ويشير رئيس الشعبة الي ان نقص بعض اصناف الدواء يسبب مشكلة لأصحاب الصيدليات مع انخفاض معدلات البيع اليومي مما يؤثر علي ارباحهم, ومن هنا فقد يلجأ بعض أصحاب النفوس الضعيفة الي التعامل مع بعض الاصناف المهربة من الخارج( مجهولة المصدر) لسد العجز في بعض الادوية وعلي سبيل المثال دواء مثل( هيومن البومين) وهو أحد العناصر المشتقة من الدم لعلاج تليف الكبد اكتشف وكيل احدي الشركات العالمية أن هناك عبوات تحمل اسم الشركة الام فقام بارسالها اليها للتحليل وإبداء الرأي فاكتشفت الشركة أن العبوات غير مطابقة للمواصفات وأنها مخفضة200 مرة عن أي عبوة أصلية مما يهدد حياة المريض مستخدم الدواء, حيث يقوم بعض ضعاف النفوس بتجميع الزجاجات الفارغة من المستشفيات وملئها باستخدام واحدة أصلية. وفي خطوة لاحقة هددت الشركة العالمية بوقف تصدير الدواء إلي مصر إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لمواجهة هذه المخالفات. تحريك الأسعار وتري الدكتورة مروة خليل عضو مجلس نقابة الصيادلة ومسئولة لجنة الصيدليات بالنقابة أن نقص المواد الخام سواء بسبب الانفلات الأمني أو البيروقراطية وأزمة الدولار كلها لها دور في نقص بعض أصناف الدواء, وان الحل يتطلب تحريك اسعار بعض الأصناف خاصة لشركات قطاع الأعمال, فهناك أصناف لم يرتفع سعرها منذ20 عاما, وأغلب الأدوية سعرها تحت ال10 جنيهات, وإذا تحرك السعر فلن يشكل أزمة للمريض, فتوفير بعض الأصناف بسعر معقول أفضل من عدم وجوده نهائيا. وتشير د. مروة إلي إننا كصيادلة وصل النقص من250 صنفا إلي350 منها مجموعات دوائية كاملة أهمها مضادات القئ عند الأطفال ومضادات احتقان الأف, وألفا كيموتربس مضاد الالتهاب وكيتوستريل للفشل الكلوي, وليبادول صبغة أشعة, وأي في جي لزرع النخاع, وفاكتور8 لمشكلات الدم, وللأسف فإن الصيدلي مهمش تماما, حيث لا تصله نشرات النقص, بعكس الطبيب, وشركات الأدوية تتعامل معه كبائع أكثر من كونه طبيبا. قائمة النواقص بينما يعلق الدكتور عبد الله زين العابدين وكيل نقابة الصيادلة علي الأزمة بقوله إن قائمة النواقص ليست ثابتة وهي متغيرة, وأحيانا يكون النقص في جزء من المجموعة الدوائية, وكل دواء له نحو12 مثائل, والأزمة الحقيقية أن يكون النقص في كل المثائل, وهي تنحسر في عدد قليل جدا, مثل بعض أدوية التخدير وغرفة العمليات لأن الدواء يكون له مثيل واحد ولا يوجد له بديل. ويقترح حلولا لأزمة النواقص بإنشاء بنك معلومات عن مخزون الأدوية, وحركة الأدوية من الرصيد المتبقي بحيث يتم التنبؤ بنقص الدواء قبل حدوثه يتم حل المشكلة, ثانيا: الأدوية التي ليس لها مثائل كافية يتم التسهيل في تسجيل مثائل أخري لطرحها سريعا في السوق. ويحذر د. عبد الله من أن أزمة النقص تفتح الباب واسعا لتهريب الدواء لسد النقص, ونحن لا نعلم مصدر هذا الدواء الذي غالبا ما يكون مجهول المصدر, حيث تنشط مافيا الدواء من خلال المنافذ الجمركية وتهريب كميات كبيرة جدا.