في الوقت الذي قال فيه مسؤولو وزارة الصحة: إن الأدوية الناقصة في السوق لا تتجاوز 140 صنفًا فإن بعض الصيادلة قال إنها تتراوح بين 250 و 350 صنفًا، واتهموا الوزارة بتهميش الصيادلة وعدم تعريفهم بنشرات الأدوية الناقصة أولا بأول. كما اتهم رئيس شعبة أصحاب الصيدليات متخذ القرار بالتسبب فى أزمة نقص بعض أصناف الأدوية لعدم تحريك أسعار بعض الأصناف، التى تمثل صناعتها أو استيرادها خسارة للمنتج أو المستورد، وبالتالى تقليل حجم الانتاج إلى أقل معدل أو الاستيراد من أجل التواجد فى السوق ليس إلا. ووصف د. عادل عبدالمقصود رئيس شعبة أصحاب الصيدليات المسئولين عن تسعير الدواء بعدم الجرأة على اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب من المنظور السياسى وليس البعد الصحى أو الاجتماعى مما يسبب مشكلات صحية للمرضى إضافة إلى المشكلات الاجتماعية. ويتوقع د. عادل عبدالمقصود أن يستمر نقص الأدوية ويزداد، لأسباب منها أن تقليل التصنيف الائتمانى لمصر أدى إلى تراجع شركات كبيرة فى عملية التسهيلات الممنوحة للجانب المصرى سواء مصنّع أو مستورد منتج نهائى. وأوضح أن الازدياد غير الطبيعى لسعر صرف العملة وعدم توافرها بالصورة المناسبة مع ثبات سعر البيع للمستهلك - رغم الزيادة المستمرة فى كل عناصر التلكفة من مرتبات ونقل ووقود - أدى أيضا إلى توقف إنتاج أو استيراد منتج نهائى لأنه أولا وأخيرا منظومة استثمارية تهدف إلى تحقيق ربح مناسب وغير مُدعمة من الدولة. ويضيف أن الحالة الأمنية السيئة دفعت العديد من المصانع إلى تقليل ساعات العمل تجنبا لما يواجههم من بلطجة فى السوق المصرية. ويشير رئيس الشعبة الى أن نقص بعض أصناف الدواء لا يشكل مشكلات صحية واجتماعية للمريض فقط بل يسبب مشكلة أيضا لأصحاب الصيدليات، فهم يعانون من انخفاض معدلات البيع اليومى، وهذا يؤثر على أرباحهم التى تتزايد فى مقابل المصروفات وارتفاعها طبقا لما هو سائد فى كل القطاعات. وقال إن بعض أصحاب النفوس الضعيفة يلجأون إلى التعامل في بعض الأصناف المهرّبة من الخارج ( مجهولة المصدر) لسد العجز فى بعض الأدوية. وأضاف أن نقص يتسبب أيضا فى دخول بعض ألأدوية غالية الثمن وتمثل نقصا فى السوق ولها احتياج شديد ولا يوجد لها بديل، وعلى سبيل المثال دواء مثل ( هيومن ألبيومين) وهو أحد العناصر المشتقة من الدم لعلاج تليف الكبد. وترى الدكتورة مروة خليل عضو مجلس نقابة الصيادلة ومسئولة لجنة الصدليات بالنقابة أن حل الأزمة يكون بتحريك أسعار بعض الأصناف خاصة لشركات قطاع الأعمال، فهناك أصناف لم يرتفع سعرها منذ 20 عاما، وأغلب الأدوية سعرها تحت ال 10 جنيهات، وإذا تحرك السعر فلن يشكل أزمة للمريض، فتوفير بعض الأصناف بسعر معقول أفضل من عدم وجوده نهائيا. وقالت إنه في حالة تحريك الأسعار وعدم توافر بعض الأصناف يجب غلق أى شركة تتقاعس عن الانتاج أو اتخاذ الاجراءات القانونية ضدها. وتشير د. مروة الى أن النقص يشمل من 250 صنفًا إلى 350 منها مجموعات دوائية كاملة أهمها مضادات القىء عند الأطفال ومضادات احتقان الأنف، وألفا كيمو تربس مضاد الالتهاب وكيتو ستريل للفشل الكلوى، وليبادول صبغة أشعة، وأى فى جى لزرع النخاع، وفاكتور 8 لمشكلات الدم. وقالت للأسف فإن الصيدلى مهمش تماما، حيث لا يصله نشرات النقص، بعكس الطبيب، وشركات الأدوية تتعامل معه كبائع أكثر من كونه طبيبا. ويصف الدكتور محسن عبدالعليم رئيس الإدارة المركزية للشئون الصيدلية نقص الدواء بأنه ظاهرة عالمية، ولكن فى مصر كانت الأزمة أوضح بسبب الظروف التى تمر بها البلاد. ويوضح أن "النقص" فى التعريفات العالمية يعنى أن الدواء ليس له مثيل أو بديل ، وأن عدم وجوده يؤثر على حياة الإنسان، ولكن يغيب عن أناس كثيرين أن أى دواء يكون له مثائل وبدائل، والمثيل هو الذى يحمل نفس المادة الفعالة ولكن يختلف الاسم التجارى فقط، بينما البديل هو ما يحمل مادة فعالة مختلفة واسما تجاريا مختلفا ولكن يؤدى نفس الغرض. ويضيف أن أزمة المريض المصرى أنه يتمسك حرفيا بما يكتبه الطبيب ويعتبره أمرا مقدسا لايصح تغيير الدواء لأنه لن يأتى بالشفاء، وهذه ثقافة يجب على الناس تغييرها، والبحث عن البدائل، ففى مصر هناك 13 ألف مستحضر دوائى ولكل دواء مثائل وبدائل إلا نادرا جدا وفى أصناف تُعد على أصابع اليد. ويشير د. محسن إلى أن الأزمة اليوم ليست كالأمس، فقد حدث لها انحسار تدريجى، ووصل النقص إلى نحو 140 صنفا، لكن اختفاء الظاهرة سيكون صعبا ليس بسبب الظروف الحالية فحسب بل أيضا لنقص المادة الفعالة عالميا أحيانا، أو وجود اشتراطات صحية فى الانتاج أحيانا أخرى.