نعانى العديد من النواقص فى حياتنا.. نقص فى الموارد المالية، نقص فى الإنتاج، نقص فى السولار وفى القمح وفى الأدب وأهمها نقص فى الأدوية.. وأصبحنا الآن على أعتاب الخطر ففى يناير الماضى أعلن وزير الصحة عن تحريك سعر أكثر من 40 صنفا دوائيا ومنذ بداية العام ونحن فى أزمة مستمرة والأدوية تتناقص حتى طال النقص المستشفيات وليس فقط الصيدليات.. فقصر العينى الفرنساوى أعلن حاجته الملحة لأى نوع مخدر موضعى وبأى ثمن؟ فأصبح الدواء الآن صعب المنال ليس لارتفاع سعره مثل الذهب والحديد، وإنما لعدم توافره أساسا . فى بيتنا أزمة.. هذه الجملة ستكون شعار المرحلة القادمة وها نحن نعلن عنها ونحذر فى صباح الخير.. فالأزمات أصبحت ملموسة بشكل أكبر ونشعر بها بشكل واضح فكل من له مريض وذهب للصيدلية لصرف دواء لم يجده وإن وجد البديل أو المثيل فعندها نستطيع قول إن «أمه دعياله»، فهناك العديد من يتعامل مع الأزمة فى مصر ويحاول حلها أو التحايل عليها بطرق مختلفة ومنها منى ضياء الدين معلمة إنجليزى وزوجها يعمل فى إحدى الدول العربية الشقيقة ونظرا لأزمة الأدوية الحادة فهى تطلب من زوجها كمية للاستعمال الشخصى الخاص لعلاج ابنها الرضيع الذى لم يتعد الستة أشهر ويعانى من ضيق فى التنفس وبحاجه دائمة إلى بخاخات للأنف غير متواجدة فى مصر وبدائلها أيضا غير متوافرة وخافض للحرارة، كما تطلب دواء خاصا بها للضغط والكوليسترول غير متواجد فى مصر الآن وقالت: فى السنوات الماضية عندما كان يسألنى زوجى عن احتياجاتى، إما أطلب منه فلوس أو شراء أدوات منزلية وأجهزة غير متواجدة فى مصر الآن أصبح كل طموحى أن أطلب منه أدوية ابنى وأدويتى ليقوم بإرسالها مع أحد من أصدقائه المسافرين قريبا أو يقوم بإرسالها عند الضرورة بالشحن على الطائرة وأقوم باستلامها فى المطار.
أما محمد مهدى مدير أحد المطاعم العالمية فيقول: زوجتى تعانى من الأملاح الكلسية الزائدة والدواء التى كانت تأخذه أصبح غير متوافر وتكاسلنا عن شراء الدواء غير الموجود فى الأصل أدى إلى وجود مضاعفات لدى زوجتى وأصبحت الآن أقوم بعلاجها لأسباب أخرى كالتهابات فى الكلى والحالب، ولذلك قمت بشراء الأدوية عن طريق الإنترنت وسيتم توصيلها حتى المنزل عن طريق خدمات الشحن السريعة وستكون تكلفتها مضاعفة، ولكن لم نجد أى حل آخر.
طارق المغاورى محاسب يقول: بالفعل هناك أزمة فى الصيدليات ولكن تعلمت طيلة حياتى أن طالما هناك أزمة ف أيضا هناك طريقة غير شرعية لحل الأزمة وبالفعل وجدت الطريقة فى شراء الأدوية المهربة، فأنا أغلب الأدوية الآن أقوم بشرائها عن طريق زميل لى لديه خال يعمل فى دولة خليجية يقوم بإرسال الدواء معه ولكن يضرب السعر فى 3 ولأن «الحوجة» أمر مسلم به فأقوم بدفع دوائى ودواء والدتى حتى وإن كان بالاستدانة.. وأخشى أن تطول المرحلة فأقوم بشراء أدويتى من خلال جمعية بدلا من تجهيز بيت الزوجية!!
∎ فشل الإدارة والتنظيم
دكتور سيف الله إمام وكيل نقابة الصيادلة سابقا قال: هناك أدوية بها نقص وهى ليست مستوردة ولا تتأثر بارتفاع المواد الخام مثل الأوترفين، البيرال والسيتال، أقصد هنا أدوية البخاخات فلا علاقة لها بالسوق العالمية وإنما لها مؤثرات أخرى تحد من وجودها وسأقوم بضرب المثل هنا على الأوترفين السبب فى نقصه هو إجراءات تنظيمية وإدارية فاشلة.. فالأوترفين يمثل 50٪ من سوق بخاخات الأنف فعندما يغلق خط إنتاجه بسبب تحديث البخاخات وفقا لاشتراطات صحية جديدة ويحدث ذلك بدون إخطار وعملية تحديث الدواء تستغرق سنة والشركة ليست لديها من الخامات أو المخازن ما يكفى لتخزين أدوية السنة.. فما يحدث أن الشركة لم تخطر وزارة الصحة أنها ستقوم بوقف إنتاجها لمدة عام وعندها يحدث خلل كبير لأن إذا كان الأوترفين يتم الاعتماد عليه بنسبة 50٪ فهناك 3 أو أربعة أصناف تمثل النسبة الباقية وعندما ينتهى وجود الأوترفين سيكون الاعتماد الكلى على الأصناف الأخرى، ولذلك ينفد البديل بسرعة ويواجه السوق أزمة فكلما أنتجت شركات الأدوية الباقية بخاخات لجفاف الأنف يتم الانتهاء من بيعها فورا دون الشعور بتواجدها لأنها لا تستطيع إغراق السوق أو تغطية الكميات والاحتياجات اللازمة وبذلك تظل الشركة المنتجة للأوترفين محتفظة ببيعها عندما ترجع مرة أخرى للإنتاج وتستطيع أن تسترد السوق بسهولة.. ومن المفترض أن ما يحدث هو إخطار الشركة المنتجة الوزارة بوقف خط إنتاجها فتعمل على زيادة الإنتاج لأصناف أخرى أو تسمح باستيراد هذا الصنف الدوائى حتى يتم إعادة الإنتاج مرة أخرى.
كما أن تصنيفنا الائتمانى انخفض وذلك جعل الموردين يخشون على بضائعهم ولم يقوموا بتصدير أدوية بالأجل أو بنصف الثمن وتسديد الباقى على مراحل وإنما سيكون الدفع .
∎ أسباب النقص عديدة
دكتور يوسف طلعت المتحدث الرسمى بقطاع الصيادلة بوزارة الصحة قال: هناك أدوية غير موجودة ولكنها غير مؤثرة بدرجة كبيرة فى إنقاذ حياة المواطنين فهى تعد من الأدوية الثانوية وليست الرئيسية فهناك أدوية منقذة للحياة إذا لم يأخذها المريض قد تنتهى حياته، أما الأدوية الناقصة فهى مسكنات وبعض من أدوية الأطفال وبعض أدوية الضغط وبدائلها من المستورد متوافر.. وإن كنت سابقا أرجعت نقص الأدوية إلى ارتفاع أسعار المواد الخام عندما ارتفع سعر الدولار فهذا السبب ليس الوحيد فى نقص بعض الأدوية، وإنما هناك أسباب عديدة منها الانفلات الأمنى الذى جعل العديد من الموردين يخشون على أنفسهم وعلى بضائعهم وأموالهم فأصبحوا متكاسلين عن قضاء هذه المهمة لتوريد الأدوية للصيدليات، السبب الثانى أن هناك اشتراطات صحية ومواصفات قياسية تجعلنا نقفل خطوط إنتاج معينة لتحديثها كلما لزم الأمر وجد جديد، ومن ضمن هذه الأدوية جميع البخاخات للأنف أو الأذن والعين لذلك أدوية الأطفال بها نقص كبير بسبب تغير الاشتراطات الصحية، أما السبب الأخير فقد يكون ارتفاع أسعار الدولار أدى إلى وجود مشكلة ما فى الاستيراد، وعندما أخبرته أن العجز الدوائى وصل إلى المستشفيات وضربت المثل بمستشفى قصر العينى الفرنساوى وأن الحالات الكائنة بالمستشفى لا يجدون علاجهم نفى ذلك قائلا: لا يوجد صحة لهذا الكلام وإذا حدث نقص فى أدوية المستشفى على الفور تقوم المستشفى بإبلاغنا عن أسماء الأدوية الناقصة ونخبرهم بأماكن تواجد هذه الأدوية وبالكمية المتبقية ويتم تغذية الصيدليات بالمستشفيات بجميع الأدوية التى تلزمهم وتنقصهم.. وطالما لم تحدث شكوى من أى مستشفى أو لم يتم إبلاغنا عن النواقص فى المستشفيات فمعنى هذا ألا أزمات بالمستشفيات وأن المرضى المقيمين بالمستشفى يجدون علاجهم ولا مشاكل لديهم.
∎ أزمة المخدر الموضعى
وعلى الرغم من نفى الدكتور يوسف بقطاع الصيادلة فى وزارة الصحة إلا أن الدكتور تيمور مصطفى نائب رئيس مستشفى قصر العينى أكد أن هناك نقصاً فى بعض الأدوية فى صيدليات المستشفى قائلا: سبب نقص الأدوية أمران إما تعدى الأمر المباشر المسموح وإما أن بعض الأدوية المستوردة لم يتم استيرادها بسبب ارتفاع الأسعار وعدم استقرار سعر الدولار.. وبصفة خاصة المستشفى يعانى من نقص الأدوية وخاصة المخدر بكل أنواعه وبدائله، فالمخدر الموضعى غير متوافر فى مستشفيات مصر وإن كان متواجداً لدى قطاع الصيادلة سآخذه منهم بأى ثمن على الرغم من أن ثمنه الأصلى 6 جنيهات وسآخذ أى كمية وبنفسى سأذهب إلى وزارة الصحة لآخذ المخدر الموضعى.
∎ نواقص الأدوية
دكتورة آية محمد تعمل بإحدى صيدليات مكرم عبيد قالت: هناك نواقص عديدة فى الأدوية وفى مختلف القطاعات فهناك نواقص فى الأدوية الصدرية وهناك ما تم إلغاؤه من الأدوية مثل بخاخات الربو وضيق التنفس «كلينيل وكومبيفنت» وهناك نواقص فى أدوية التى تعالج القيئ مثل «كوررتجين وكورتبلكس» وبعض الأدوية الخافضة للحرارة مثل «بيرال، سيتال وأدول أطفال وغيرها كثيرا.
ونتيجة لتلك النواقص قدمت وزارة الصحة منشورات بالنواقص وبدائلها ومثيلها فالبديل يختلف عن المثيل. فالمقصود بالبديل هو دواء له نفس المادة الفعالة باختلاف اسم الشركة التجارى، أما المثيل فهو دواء له نفس الأثر العلاجى لنفس الشركة أو شركة أخرى وهذه المنشورات نقوم بتنفيذها مع المرضى بإعطائهم البديل أو المثيل للدواء، ولكن للأسف المريض لا يعى هذه السياسات ولا يهتم إلا بأخذ علاجه الحقيقى الذى وصفه الطبيب له لذلك أود مخاطبة الأطباء بأن يكتبوا فى الروشتات العلاجية الأدوية المتوافرة بالصيدليات حتى لا تتأزم نفسية المريض بأنه لم يجد دواءً لعلاجه!