عندما نريد أن نحلل الأوضاع في الوطن العربي فيجب أن نستمع إلي الكاتب الكبير جهاد الخازن الذي لا يخفي استياءه من أوضاع المنطقة ويراها الأسوأ علي الإطلاق وأن أسباب التفاؤل قليلة.. ويبحث عن أن تعود مصر لتتولي قيادة العالم العربي وتنهض حتي تقلدها البلاد الأخري التي يؤكد أن أوضاعها صعبة الآن.. يحلل لنا كل تلك الأوضاع في الحوار التالي... * الجميع يسأل هنا مصر إلي أين.. ولكننا نريد أن نسألك الوطن العربي إلي أين؟ ليست عندي كرة بلورية لأعرف إلي أين, ولكني أرجو أن يكون في طريق المستقبل والخير, ولكنها تمنيات شخصية أكثر منها موضوعية, فالوضع العربي الآن هو أسوأ ما رأيت في حياتي كلها, وأنا صحفي منذ كنت أودع المراهقة, وكنت في رويترز وأنا في بداية العشرينات من عمري, فهذا الوضع العربي من السوء لم أتصور أنني سأراه, ومع ذلك نأمل بالخير لنجده, لذلك أقول أرجو أن تنهض الأمة من عثرتها وتسير في طريق المستقبل وطرق الحريات والديمقراطية وفي طريق توفير حد أدني من الكرامة للمواطن سواء في العيش أو التعليم أو الصحة. وما هو أسوأ ما يتعرض له الوطن الآن؟ الوضع صعب جدا في كل بلد عربي, وعادة القيادة تأتي من مصر, فالعرب يتبعون مصر في الحسن والسيئ, فعندما أممت الحكومة المصرية في أوائل الستينات الإعلام والتجارة والصناعة تبعها العرب وكانت النتيجة وبالا علي الجميع, وعندما بدأت تطلق حريات صحفية وتطلق حريات تجارية واقتصادية أيضا تبعها العرب, فأرجو أن تكون القيادة من مصر. هناك من يؤكد وجود مؤامرة علي العالم العربي.. والأستاذ هيكل منذ عامين تحدث عن وجود سايكس بيكو جديدة.. فكيف تري ذلك؟ أعتقد أن الحديث عن مؤامرات خارجية هروب من واقع الفشل العربي, فنحن المسئولون وليس الأجانب, فأنا أغضب جدا واستاء عندما أسمع أن الولاياتالمتحدة قالت لإحدي الدول العربية ما تفعل وما لا تفعل, فمن وكلهم ليكونوا أوصياء علينا, فلا أعترف لهم بأي نفوذ وكل نفوذ لهم كان نحو الخراب, فهم يتبنون إسرائيل ولولاهم لما وجدت, ويحاولون أن يفرضوا شروطهم علينا, فنحن المسئولون في كل ذلك, فهناك مؤامرات وهناك مصالح وكل دولة تسعي لمصالحها, ولكن علينا نحن كشعوب عربية أن نسعي أيضا إلي مصالحنا, وأن نعرف الصديق من العدو, وأن نحاول أن نحبط المؤامرات لا أن نترجم فشلنا إلي مؤامرات خارجية, فنحن لا نحتاج لأحد يتآمر علينا لأننا نحن نتآمر علي أنفسنا. ز... س عنوانا لمقال لك العام الماضي.. فهل تري الأوضاع كذلك الآن؟ وكيف نصلح المسار؟ المشكلة في كل بلد عربي, كانت العادة أنه إذا كانت دولة عربية صغيرة عندها مشكلة كانت تتجه لمصر لتحل لها المشكلة ونحن كمواطنين عرب حتي لو لدينا مشكلة شخصية كنا نذهب لمصر, وأصدقاؤنا المصريون يرفعون معنوياتنا ولكن الآن نحن من نحل مشاكل مصر ونرفع معنويات أصدقاؤنا المصريين, فالوضع تغير كثيرا وبشكل مفاجئ, وأتمني أن أري إصلاحا في مصر, لأن الدول العربية ستقلده ولكن يجب أن تكون البداية في مصر, ولكن الوطن به مشاكل كثيرة, ففي العراق شبه حرب أهلية, وسوريا بها قتلي كل يوم, واليمن بها أزمات, وليبيا هناك3 ملايين مسلح, والسودان أصبح اثنين, فلا يوجد بلد عربي وضعه جيد, والآن كملت معنا بقصة سد أثيوبيا, فنحن إلي الأسوأ. ز والفشل بالقنطار.. هذا ما كتبته من قبل فكيف نغير ذلك؟ ز بأنفسهم, نحتاج لأن نفرق بين الخطأ والصواب, وأن نواكب العصر, فالدين والإسلاميون علي رأسي, ولكن الدين بيني وبين ربي, فلا أريد من داعية أن يفرض علي فهمه للدين, فالإخوان المسلمين في مصر حتما كانت لهم شعبية, ولكن لماذا تفرض رأيها علي الجميع وخصوصا أنهم ليس لديهم إنجازات, فأردوغان حقق معجزة في تركيا وعندما حاول أن يفرض رأيه علي النصف الآخر من الأتراك قامت ثورة عليه, فأردوغان في عشر سنين من حكمه زاد الاقتصاد التركي100%, وزاد الدخل, ومع ذلك عندما حاول أن يفرض قناعاته علي الجزء الآخر من الشعب ثاروا عليه, فالحكم الإخواني في مصر لم ينجز شيئا, ومع ذلك حاول أن يفرض قناعاته علي النصف الآخر, ولم يدركوا أن الديمقراطية تتسع للجميع, ولكل الأفكار, ولا توجد ديمقراطية إذا لم يكن هناك رأي آخر, فأرجو أن يتسع الحكم القادم لجميع الأفكار. تحدثت من قبل عن حدوث ثورة جديدة في مصر وعمر سليمان تنبأ بذلك.. وتحققت هذه النبوءه ؟ من حظي الجيد أن آخر مقابلة بيني وبين عمر سليمان كانت أطول وأهم مقابلة وكنا نحكي عن الوضع في مصر, وكنا نتحدث عن الجماعة فقال لي لا أذكر أننا سجنا منهم خبراء اقتصاديين, وأنا قلت لمحمد مرسي إذا لم يكن هناك خبراء في مصر احضروا خبراء من الخارج فإذا حلوا مشاكل الاقتصاد الفضل سيكون لكم لأن المواطن المصري لا يعرف هذا الخبير الأجنبي, فأهم شئ في الوقت الحالي إنقاذ الاقتصاد المصري من عثرته, فالمواطن المصري في حاجة إلي توفير الأكل, والمدارس لأبنائه وبعض الضمانات لمستقبله, فلو الحكومة المصرية كانت حلت مشاكل الاقتصاد كانت الناس ستنسي للرئيس السابق محمد مرسي الوعود الأخري. وكيف تري قطع العلاقات مع سوريا؟ العلاقات لم تكن موجودة منذ بدء الثورة علي نظام الأسد, فكنت أفضل أن تركز الحكومة المصرية علي مشكلة السد في أثيوبيا, فإذا كان سد لإنتاج الكهرباء كما يقولون وليس هناك أوراق مخفية فلا توجد مشكلة, ولكن لو بدأوا في إصلاحات زراعية واستخدموا الماء فمصر بدون النيل لا توجد مصر. نذهب إلي الوضع في سوريا.. ألا يوجد أمل في إصلاح الأحوال هناك؟ أتمني أن أكون مخطئا, ولكني أتصور أن الوضع سيستمر هناك علي وضعه السيئ الحالي وربما ازداد أكثر, فالمعارضة هناك من يدعمها وبشار أيضا تدعمه إيران وتحميه روسيا بفيتو في مجلس الأمن, والضحية في هذا الوضع هو الشعب السوري هو الذي يقتل فأخشي أن يستمر هذا الوضع لعدة أشهر وربما سنوات فسوريا ليس لديها دخل نفطي يصلح الخراب هل تحدثت مع بشار الأسد؟ كنا نتحدث كثيرا من قبل ولكن منذ2011 لم نتحدث, ففي نهاية2010 تقابلت معه وكانت محاولات لإصلاح العلاقات بينه وبين الرئيس السابق حسني مبارك, بطلب من عمر سليمان وجمال مبارك, والوساطة فشلت, ولكن منذ أن بدأت المشاكل لم نلتق أو نتحدث. هل تتنبأ بأن تلحق دولة عربية أخري بما يسمي الربيع العربي؟ لا أعرف من اخترع تلك التسمية ولكن الثورات العربية بدأت في الخريف ولم تصل للربيع وأرجو أن تصل للربيع, ولكننا دائما نرجو الخير ونأمل أن تنتهي المشاكل في كل الدول العربية. كيف تري مشهد التنازل عن السلطة في قطر؟ خطوة إيجابية فالشيخ حمد عمره61 سنة, وبالنسبة لرئيس دولة فهو عمر وسيط ولكن كان عنده مشاكل صحية وابنه تدرب علي يديه في السنوات العشر الأخيرة فكان بجانبه. ولكن قطر دائما متهمة بالتآمر علي البلاد العربية وأن لها أطماع بالتحديد في مصر فما هو تحليلك لذلك؟ تتآمر كلمة كبيرة, ولا أعتقد أنها تتآمر, فهمغلابة يريدون أن يكون لهم دورا في كل قضية, وأنا قلت لهم من قبل بلدكم صغيرة وتستطيعون أن تعملوا للخير في المنطقة والعالم بدون أن يكون لديهم اهتمام بكل قضية, فقبل الثورات تدخلوا في قضية الممرضات البلغاريات في ليبيا ودفعوا فدية400 مليون دولار وهذا بالطبع عمل إنساني ولكن لماذا تتدخل في كل مشاكل العالم فلتركز في بلدك ووطنك, فهم عندهم دور ولكني أريده دور للخير ولا يزيد الخلافات وإنما يحل الخلافات. الشعوب تستحق حكامها.. ألا يوجد شعب عربي لا يستحق حاكمه؟ أستطيع أن أقول أن نصفهم لا يستحقون حكامهم ونصف حكامهم لا يستحقون شعوبهم, فهي من الطرفين, ولكن بدون أن نقول من يستحق ومن لا يستحق بعض الحكومات العربية مثلا لبنان فمعظم مشاكله مستوردة من الجيران لكن مشاكله أكبر منه فمهما كانت الحكومة قادرة فهي أكبر منها لأن هناك تدخلات خارجية أيضا, في دول الخليج الحكومات أكثر ليبرالية من الشعوب التي تعتبر مجتمعات محافظة متدينة تنظر إلي الأشياء المستوردة كلها علي أساس أن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار, ولكن يجب أن تواكب العالم, فهذا الوضع لا ينطبق علي مصر أو سوريا أو لبنان أو الأردن, فهناك مستوي من التعليم الجيد والتعامل القديم مع الخارج, ولكن الوضع صعب في المنطقة ونأمل أن نري بصيصا من النور في نهاية هذا الطريق. أخيرا نخرج من الوطن العربي ونذهب إلي إيران.. فهل تتغير سياستها تجاه الوطن العربي عقب انتخاب روحاني؟ من المسلمين في العالم كله الشيعة أقل من10% وبين العرب المسلمون90% منهم, ومن كل المسلمين العرب الشيعة أقل من10% ولا يمكن أن تسيطر عليها, فطموحات إيران أكبر منها, وهي فارسية أكثر منها دينية شيعية, وهنا مكمن الخطر, ولكن أيضا هذه الطموحات ممكنة في ظل الضعف العربي, والانقسام, فكنا ننظر لمصر أنها العمق السني للعرب, ولكن وصل وقت إلي أن بعض الجماعات في مصر علي علاقة جيدة بإيران, وعند سقوط نظام مبارك كان هناك بعض المطلوبين الذين لجأوا لإيران, فهذا اعتبره زواج مصلحة, ولكن لا يمكن أن يستمر, لأن في النهاية الغالبية العظمي علي المذهب السني ويجب أن يكون الحكم والقيادة للأغلبية.