ربما لن يستطيع أحد التكهن بما ستئول إليه الأمور في مصر خلال الساعات المقبلة, ولا أحد يعلم تفاصيل المرحلة الانتقالية, حال فشل الجهود اللازمة للخروج من المأزق السياسي الحالي, خاصة بعد صدور بيان القيادة العامة للقوات المسلحة والذي قرر منح الجميع48 ساعة كفرصة أخيرة; لتحقيق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة, وإلا فسوف يكون لزاما عليها; استنادا لمسئوليتها الوطنية والتاريخية واحتراما لمطالب شعب مصر العظيم- وفقا لما جاء في البيان- الإعلان عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف علي تنفيذها, وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة, بما فيها الشباب الذي كان ولا يزال مفجرا لثورته المجيدة, ودون إقصاء أو استبعاد لأحد. في المقابل, أصدرت رئاسة الجمهورية في بيان لها أنها قد أخذت خطوات عملية لتفعيل آلية المصالحة الوطنية التي أعلنها الرئيس في خطابه الأخير بمناسبة مرور عام علي تحمله المسئولية وتهدف تلك الآلية إلي العمل علي التواصل بين كافة القوي السياسية للتوافق حول مسار وخطوات واضحة لمعالجة القضايا الوطنية المثارة من قبل الشارع, وإجراء مشاورات مع كافة القوي الوطنية حرصا علي تأمين مسار التحول الديمقراطي وحماية الإرادة الشعبية, مؤكدة أنها ماضية في طريقها الذي خططته من قبل لإجراء المصالحة الوطنية الشاملة استيعابا لكافة القوي الوطنية والشبابية والسياسية, واستجابة لتطلعات الشعب المصري العظيم. والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا: كيف يمكن الخروج من المأزق السياسي الحالي؟.. ما هي الإجراءات التي يقترحها خبراء القانون وفقهاء الدستور للمرحلة الانتقالية حال فشل جهود التوافق؟.. وهل ستسير المرحلة الانتقالية وفقا للدستور الحالي أو وفقا لرغبة الجماهير المحتشدة في الشوارع؟.. طرحنا تلك التساؤلات علي الخبراء, وإليكم التفاصيل: الحالة الثورية وفقا للظروف الطبيعية,- كما يقول الدكتور صلاح الدين فوزي رئيس قسم القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة المنصورة- فإنه في حالة خلو منصب الرئيس بالاستقالة أو التنحي, فإنه يتم الاعلان عن خلو المنصب, وفي هذه الحالة فإن المنوط بالاعلان عن خلو منصب الرئيس هو مجلس النواب, ولأن مجلس النواب لم يعد موجودا, فإن المادة رقم153 من الدستور قد أوكلت الاعلان عن خلو منصب الرئيس لمجلس الشوري, علي أن يتولي الرئاسة مؤقتا رئيس مجلس الشوري, وتبلغ المفوضة الوطنية للانتخابات لمباشرة اختصاصاتها بالدعوة لاجراء انتخابات مبكرة خلال60 يوما, وحتي لو لم يتم تشكيل المفوضية العليا للانتخابات التي نص عليها الدستور.. ذلك يحدث في الامور الطبيعية.. لكن الحالة التي تمر بها البلاد الآن ليست طبيعية وإنما حالة ثورية, ومن ثم فإن الحل يكون متمثلا في محاولة التوافق بين كل القوي السياسية للاتفاق علي الخطوات والاجراءات التنفيذية التي إما تقود إلي تثبيت النظام أو تغييره. لا للإقصاء والحال كذلك, فإن البدائل المطروحة في ظل الظروف السياسية والثورية التي تمر بها البلاد حاليا- تتضمن تكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بإدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية التي سيتم الاتفاق عليها بين كل القوي السياسية, وإذا لم يحدث اتفاق يمكن أن يتم تشكيل مجلس رئاسي لإدارة شئون البلاد يضم جميع القوي السياسية دون إقصاء لأي فريق, وفي حالة رفض الرئيس لهذه المقترحات, يمكن طرح الاستفتاء علي وجوده من عدمه, وهوما تنص عليه المادة رقم150 من الدستور, والتي تقضي بأن يقوم الرئيس بإجراء استفتاء علي بقائه لاستكمال مدته الرئاسية من عدمه. التخلي عن العنف في كل الأحوال,- والكلام ما زال للدكتور صلاح الدين فوزي- لابد من التخلي عن العنف بكل أشكاله, والتخلي عن العناد بكل درجاته, وفي هذه الحالة يمكن القبول بالحلول الوسط, والتي تحمل تنازلات من هنا وهناك, أي الشعب والقوي الإسلامية, شريطة أن تكون تنازلات لصالح الوطن, والتخلي عن المصلحة الشخصية والحزبية, حقنا لدماء المصريين, وحفاظا علي الدولة من أي تدخل خارجي, ويلزم بكل السبل تجنيب البلاد مخاطر العصيان المدني. دستور71 وفي اعتقادي- والكلام للدكتور أنس جعفر الفقيه الدستوري ومحافظ بني سويف الأسبق- أن خارطة الطريق يجب أن تتضمن سقوط دستور2012, والعمل بدستور1971 بعد التعديلات التي وردت عليه في مارس2011, والتي كان عليها شبه اجماع من المجتمع. وبطبيعة الحال, سوف يترتب علي إسقاط الدستور, تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا رئاسة الدولة مؤقتا لحين إجراء انتخابات رئاسية, علي ألا يرشح نفسه رئيس المحكمة الدستورية العليا لرئاسة الدولة, وإجراء انتخابات رئاسية خلال60 يوما حتي لا تطول فترة الفراغ الرئاسي أو الدستوري. وبعد انتخاب الرئيس,- كما يقول الدكتور أنس جعفر- يتم إجراء انتخابات برلمانية لكل من مجلسي الشعب والشوري, علي أن تتم هذه الإجراءات والترتيبات وفقا لدستور1971, وتستلزم كل هذه الإجراءات أن يتنازل الرئيس محمد مرسي عن سلطته نتيجة الأحداث التي مرت بها جميع محافظات مصر, وإذا فشلت الجهود السلمية, فلابد من إعلان حالة الطوارئ, وفرض حظر التجوال في المدن الكبري حماية لأرواح المواطنين, وللفترة التي تري القيادة العامة للقوات المسلحة أنها لازمة لإعادة الاستقرار في البلاد, علي أن يتولي رئاسة الوزارة شخصية قوية خلال الفترة الانتقالية هي محدودة بطبيعتها, ويفضل أن تكون هذه الشخصية من القوات المسلحة, لأن الدولة في حاجة إلي تحقيق الاستقرار ونشر الأمن, علي أن يكون أعضاء الحكومة من التكنوقراط لرسم السياسات الكفيلة بعبور البلاد من الأزمات التي تواجهها في مختلف المجالات. فترة انتقالية وبشكل عام, فإن المرحلة الانتقالية حال الاتفاق عليها يجب أن تتضمن- كما يقول الدكتور شوقي السيد البرلماني السابق والمحامي الشهير إسقاط الدستور الحالي, وإنهاء فترة الرئيس, وحل مجلس الشوري, وفترة انتقالية لمدة عام, ومجلس انتقالي أو رئاسي يضم كافة الخبرات والكفاءات الوطنية, ولا يشارك فيه كل من اعتركوا الحياة السياسية خلال الفترة الرئاسية, ولا يجوز لأي عضو في المجلس الانتقالي أو الرئاسي المقترح تشكيله ألا يرشح نفسه لانتخابات الرئاسة, تجنبا لأية صراعات قد تنشأ علي السلطة, مشيرا إلي أن المحكمة الدستورية العليا بجمعيتها العمومية يمكن أن تضع خارطة الطريق للمستقبل, لترتيب الأولويات بين إعداد دستور جديد للبلاد, وإعادة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لإعادة تشكيل المؤسسات الدستورية في البلاد خلال المرحلة الانتقالية, ومسئولية الجيش هي حماية الأمن القومي المصري, وحماية الشعب من البطش والفوضي التي قد تجتاح البلاد. [email protected]