بعيدا عن مشهد العبث السياسي الذي تشهده البلاد حاليا, بعيدا عن حملات التحريض والرعب والفزع التي أصابت الناس باليأس والخوف, بعيدا عن الكاميرات التي باتت تفتش في الشوارع والميادين وحتي القري والنجوع بحثا عن صيد ثمين من الدماء السائلة والاشتباكات العنيفة بين المؤيدين للشرعية والمعارضين المطالبين برحيل الرئيس. بعيدا عن كل ذلك شاركت حضورا جماهيريا يبعث علي الأمل والتفاؤل, وأن الغد يحمل الخير الكثير لهذه البلاد مادام فيها هؤلاء الرجال والشباب الواعد, فقد تلقيت دعوة من الدكتور إسماعيل عبدالغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري, لحضور حفل تخريج الدفعة97 من كلية النقل البحري بمقر الأكاديمية في أبوقير بالإسكندرية. فكم كان المشهد مهيبا ورائعا وأنت تري مئات الطلاب يؤدون عروضا متنوعة من التشكيلات والتدريبات تعبر عن القوة والعلم والإيمان والانضباط, في حضور الآلاف من أولياء الأمور وأقارب الخريجين والدارسين, الذين جاءوا من عشرات الدول العربية والإفريقية لحضور هذه اللحظة الفارقة وهم يتسلمون شهادات التخرج بمشاركة مدير الكلية البحرية. كم تمنيت أن تكون كل الفضائيات حاضرة لنقل هذا الاحتفال علي الهواء مباشرة, ليري الشعب والعالم أن مصر ليست قطع الطرق وإحراق المباني, بل هناك مؤسسات تدعو إلي الفخر والثقة في المستقبل, وشخصيات وطنية ومسئولون يواصلون الليل والنهار لأداء رسالتهم تجاه الوطن, وكانت الثمرة هؤلاء المئات من الخريجين الذين يمثلون فخرا لبلادهم. فاصل قصير: هناك صعوبات كثيرة في الحياة بعد الثورة علي المستوي الاقتصادي والأمني, والمعاناة اليومية في التعامل مع الخدمات الأساسية, الأمر الذي دفع العديد إلي القول ولا يوم من أيام مبارك, وبدلا من السعي إلي تحسين الأوضاع المعيشية والحرص علي الاستقرار لإعادة عجلة الإنتاج والسياحة والنمو الاقتصادي, تظهر الدعوات لرحيل النظام الذي انتخبه الشعب وأخشي في حالة حدوث ذلك بالعنف, أن تدخل البلاد في دوامة لا يعرف أحد متي تنتهي ولا نتمناها أبدا, وربما ساعتها نقول ولا يوم من أيام مرسي! لمزيد من مقالات هانى عمارة