بعد أن صار قتل رجال الشرطة والتعدي عليهم خبرا يوميا في صفحات الحوادث, صار من الضروري تغليظ العقوبة القانونية لردع البلطجية ومرتكبي هذه الجرائم. خاصة أن كثيرا منها يتم في أثناء تأدية رجال الشرطة لمهام عملهم في حماية المواطنين وتأمين المنشآت العامة والخاصة, أو في أثناء دفاعهم عن أنفسهم في ظل حالة الانفلات الأمني الراهنة. وعلي الرغم من ذلك فإن مشروع القانون الذي أحاله مجلس الوزراء إلي مجلس الشوري مؤخرا حول تغليظ هذه العقوبة, هناك أصوات مؤيدة له وأخري معارضة نرصدها فيما يلي: يقول ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل الديمقراطي وعضو اللجنة التشريعية بمجلس الشوري إن تغليظ العقوبة علي المعتدين علي رجال الشرطة أمر مطلوب ولابد منه لكي ننهي حالة الانفلات الأمني ولكي يعود الاستقرار إلي ربوع الوطن. كان في الستينيات من يعتدي علي زرار في بدلة عسكري الشرطة يغيب في السجن شهور وسنوات واليوم نري من يختطف رجال الشرطة ويعذبهم ويقتلهم مطلق السراح لذلك لابد من تغليظ العقوبة حتي لو وصلت إلي الاعدام فعودة الأمن والاستقرار هو طريق بلادنا إلي النهضة. ويقول المستشار نبيل عزمي عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشوري إن هذا القانون تجاوز حقوق الإنسان وإن كل دول العالم المتقدمة ألغت عقوبة الاعدام ونحن في ذلك العصر نسعي إلي تجديد تلك العقوبة في حالة الاعتداء وليس في حالة القتل فالفكر العقابي القانوني يأبي تغليظ مثل هذه العقوبات خاصة عقوبة الاعدام وأنه في التشريعات الحديثة هناك بدائل لعقوبة الاعدام وهي في ذات الوقت عقوبات تغليظية تؤدي إلي ذات الهدف أما من الناحية القانونية إن قانون العقوبات ملييء بترسانة القوانين السالبة للحرية وأما من الناحية السياسية والمجتمعية فنحن مع تغليظ العقوبة في حالة الاعتداء علي رجل الشرطة بما يتناسب مع الفعل الاجرامي شريطة أن يكون وصف الجريمة كاملا في أركانها ويكون الاستبعاد لذلك الفعل الاجرامي محددا بما يتلائم مع النظريات الحديثة للعقوبات الجزائية إجمالا. ويضيف المستشار نبيل عزمي أنه طبقا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان لا نستطيع أن نقر عقوبة الاعدام في فكرة تغليظ العقوبة. ويقول المستشار أحمد مدحت المراغي الرئيس السابق لمحكمة النقض ومجلس القضاء الأعلي: كثرت في الآونة الأخيرة أعمال البلطجة والاستهتار بالأمن والاعتداء علي المواطنين والأموال ووصل الأمر إلي الاعتداء علي رجال الشرطة الذين يحمون الناس وأموالهم وأصبحت العقوبات المطبقة حاليا غير كافية ولا رادعة لهؤلاء المجرمين الذين يستحقون أشد العقوبات التي قد تكون زاجرة لهم ولأمثالهم علي عدم الإقدام علي الاعتداء علي أفراد الشرطة وأن رجال الشرطة هم الذين ينزلون إلي الشوارع والميادين ويتصدون للمجرمين في أثناء أو قبل ارتكابهم جرائمهم أما رجل القضاء فليس له احتكاك بهؤلاء ويجلس علي منصته العالية وفي وسط الجمهور وفي حماية أمن المحاكم وأن العقوبات الخاصة بالاعتداء علي المحاكم وأمنها رادعة وكثير من الدول تضاعف العقوبات علي الاعتداء علي رجال الأمن. حق القتل اوضح المستشار الدكتور رفيق محمد سلام نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية أنه لا يوجد في قوانين العالم العقابية أو غير العقابية ما يعطي لرجل الضبط ما يبيح له القتل دون عقاب إذا كان خارج نطاق عمله أو لا ينطوي علي دفاع شرعي لاعتداء وقع عليه أو علي أحد المواطنين أو علي الأموال العامة أو الخاصة وقانون العقوبات المصري أعطي سلطات واسعة لرجل الضبط القضائي سواء بصفته الإدارية أو القضائية فله كل السلطات حال التلبس بالجريمة من قبض وتفتيش وحبس وله حق القتل عمدا حال التعدي عليه أو علي أحد المواطنين أو علي الأموال العامة أو الخاصة ومن ثم لا يمكن اتهام قانون العقوبات بالقصور فإذا ماتعدي شخص علي أحد رجال السلطة العامة بما من شأنه قتله أو إحداث جروح بالغة فمن حق رجال الشرطة وأيا كانت رتبهم العسكرية رد هذا الاعتداء بالقتل والحقيقة أنه ليس هناك قصور في القانون ولكن يوجد خوف ورعب من جانب رجال الشرطة لما يلاقونه من تهديد من البلطجية وعدم توفير السلاح المناسب لهم فلا يعقل أن يواجه رجل الشرطة عتاة الإجرام ومعهم أحدث أسلحة من رشاشات جرينوف وصواريخ ويتم الرد عليهم بطبنجة أو ببندقية متهالكة منذ عصر الإنجليز فضلا عن خوفهم من المسئولية الجنائية وهنا لا بد من تفعيل ذلك مع النيابة العامة من عدم المبالغة في التعرض لرجال الشرطة. وأضاف المستشار رفيق سلام انه يعتقد أن مثل هذه الحوادث الإجرامية لابد أن تواجه بكل حزم ولابد من توفير الحماية الكافية لرجال الشرطة من إصدار قانون طواريء جديد وهذا هو المطلوب الآن لتمكينهم من القبض علي البلطجية ومحترفي الإجرام وليس المطلوب إصدار قانون لإعدام من يعتدي علي الشرطة لأن النصوص الحالية تسمح بإعدامه ولايفيد رجل الشرطة بعد قتله إعدام قاتله ولكن لابد من تحصينه بداءة وهذا الفكر كلمة حق يراد بها باطل لأنهم من يدعون أنهم أصحاب حقوق الإنسان فيعترضون بحجة إعطاء الشرطة حصانات فوق الشعب وهذا ليس بحقيقة وآفة مصر الآن قصور الأمن قصورا شديدا مما رتب ضرب الاقتصاد وضرب السياحة في مقتل ونشر الفزع والرعب بين المواطنين بسبب عمليات السطو المسلح وضرب وسائل المواصلات في مقتل بسبب قطع الطرق والدليل علي ذلك أن في عهد الوزير زكي بدر كان يعطي أوامر صريحة بالرد بالقتل علي كل مجرم يهدد الأمن وكان هناك أوامر اعتقال لعتاة الإجرام والبلطجية لذلك علي المتشدقين بحقوق الإنسان إن ينظروا إلي وضع رجال الشرطة في الدول الأجنبية وبخاصة الخارجين علي القانون والمتظاهرين المعطلين للدولة إذ يتم طحنهم في الشارع. يقول المستشار أحمد الخطيب رئيس بمحكمة استئناف الإسكندرية تأتي التشريعات الجنائية استجابة لاحتياجات المجتمع وما يواجهه من ظواهر جنائية تستلزم التجريم أو التشديد وإزاء تفشي جرائم البلطجة من خلال الجماعات المسلحة وتنامي الاعتداء علي رجال الشرطة في ظل الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد وانتشار السلاح غير المرخص وكلها مؤشرات تدفع المشرع إلي تحمل مسئوليته في مواجهة تلك الظواهر الدخيلة علي المجتمع بتشديد العقوبات والتي قد تصل إلي عقوبة الإعدام وهي ليست بدعا من الفقه المصري وإنما هي نظرية تعرفها التشريعات المقارنة في دول العالم مع مراعاة أنه في حالة إستقرار الأوضاع يمكن أن تعود العقوبة إلي حدودها العادية وأضاف الخطيب أنه يستلزم تفعيل ذلك التشديد الإبقاء علي السلطة التقديرية لرجال القضاء من خلال حد أدني وأقصي للعقوبة وحق القاضي في استعمال الرأفة طبقا لظروف كل واقعة علي حدة وملابساتها حتي لايجد نفسه مضطرا أي الحكم إما بالعقوبة المشددة وإما البراءة نظرأ لجسامة تلك العقوبة وأن سلطته التقديرية تحول دون الحكم بالبراءة وإنما توقيع عقوبة متوازنة تفاديا لإفلات المتهم من العقاب وأشار الخطيب إلي أن إجراءات التشديد إزاء انتشار ظواهر الاعتداء علي المواطنين والشرطة ينبغي أن تمتد معها مظلة الحماية الجنائية المشددة إلي رجال القضاء لا سيما وأن الإعتداءات علي دور العدالة وحصارها ومحاولة التأثير في أحكامها أصبحت جزءا من مشهد الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد فلا يمكن تشديد العقوبات وترك القاضي بدون حماية تشريعية كافية توفر له الاستقلال لتكوين عقيدته وإصدار أحكامه.