الأزمة التي احدثت فزعا في مستقبل حياة المصريين نتيجه للتصرف العشوائي الذي لجأت اليه حكومة إثيوبيا بالبدء في اقامه سد النهضة الذي يضر بمصالح مصر والسودان وامنهما القومي. واعتبار هذا الاجراء عملا غير مشروع ويخالف قواعد القانون الدولي تتحمل مسئوليته الكاملة اثيوبيا الامر الذي سيترتب عليه نزاع يهدد السلم والامن الدوليين كان هذا مجمل حوار الاهرام مع الدكتور نبيل أحمد حلمي عميد كلية الحقوق بجامعة الزقازيق الاسبق واستاذ القانون الدولي العام. في البداية ما رؤيتكم القانونية الدولية لكارثة سد النهضة؟؟ إن أزمة حوض النيل تتزايد مع تزايد السكان علي دول الحوض التي يمر بها النهر وعلي اتساع مشروعات التنمية الزراعية والصناعية. ومصر مقرر لها النصيب الأكبر من مياه النهر حيث انه المورد الوحيد للمياه علي طول مصر وعرضها علي خلاف دول المنبع التي تتساقط فيها الأمطار علي مدار السنة. وكانت دول المنبع تعترض علي حصة مصر لأنها وضعت في اتفاقيات وقعت عليها الدول الاستعمارية نيابة عن دول الحوض التي لم تكن لها سيادة ولا حق التوقيع ومن ثم كانت دول الاستعمار هي الممثلة لها. وترجع جذور الأزمة بين مصر ودول الحوض إلي تاريخ استقلال دولة تنزانيا عام1964 حين أصدر الرئيس التنزاني وقتها إعلانا باسم مبدأ نيريري يتضمن عدم الاعتراف بهذه الاتفاقيات لان دول المنبع لم تكن مستقلة في ذلك الوقت وتكتلت دول المنبع مؤيدة هذا المبدأ. وأدي ذلك إلي عدم الاعتداد باتفاقية1929 المنظمة لمياه نهر النيل وفي عام1977 قامت إثيوبيا برفض اتفاقيتي1959,1929 والأخيرة كانت استكمالا للاتفاقية الأولي وعقدت بين مصر والسودان وحددت حصص المياه بين الدولتين باعتبارهما دولتي المصب.ما أهم الاتفاقيات التي تحكم استخدام مياه النيل؟ إن تنظيم نهر النيل ومياهه وضح من الناحية القانونية من فتره طويلة وظهر بشدة في اتفاقية أديس أبابا في15 مايو1902 ثم اتفاقية لندن في13. ديسمبر1906 واللتين أكدتا علي حق مصر في مياه النيل الأزرق وروافده وعدم وضع أي عراقيل للوصول إلي مصر ثم تعاقبت الاتفاقيات عام1959,1929 والتي نصت علي ضرورة التنسيق بين دول الحوض عند القيام بأي أعمال ري أو توليد قوي أو أي أعمال يمكن أن تؤثر علي كمية مياه النهر. الاتفاقية الإطارية عنتيبي هي اتفاقية دول المنبع الاخيره لفرض الرأي علي دول المصب السودان ومصر حيث أن اتفاقية1959 بين الدولتين قد نصت علي منح مصر5 ر55 مليار متر مكعب من المياه بينما تحصل السودان علي5 ر18 مليار متر مكعب من المياه. وقد تضمنت الاتفاقية الإطارية عدم الاعتراف بالحقوق التاريخية وكذلك عدم الالتزام بالمبدأ المستقر في القواعد القانونية الدولية في تنظيم مياه الأنهار وهو الإخطار المسبق الذي تقوم به أي دولة تريد إنشاء أي منشأة أو تغير مسار النهر أو غير ذلك مما يؤثر علي النهر وتضاريسه. ومشروع اتفاقية عنتيبي التي وقعت عليها معظم دول حوض نهر النيل تطرح إعادة النظر في حصتي دولتي المصب وإعادة توزيع حصص المياه مره ثانية حيث تنتفع دول المنبع بمياه النيل بشكل منصف ومعقول دون أن يكون هناك تعريف أو معيار واضح للمنصف والمعقول ودون اعتبار للوضع الجغرافي والمائي لدول الحوض. هل بناء سد النهضة يعد إعلان حالة حرب ضد مصر ويبرر استخدام القوة ضد إثيوبيا كدفاع شرعي لمصر؟ بناء سد النهضة لا يعني بالشكل القانوني إعلان حالة الحرب ضد مصر ولكنه عمل غير مشروع ويخالف قواعد القانون الدولي المستقرة في تنظيم الأنهار الدولية كما أن بناء هذا السد وغيره يحمل إثيوبيا المسئولية الدولية نتيجة للاضرار التي ستقع علي دول الحوض الاخري وخاصة دول المصب. وفي الوقت نفسه فإننا نعتبر أن هذا النزاع هو نزاع دولي يهدد السلم والأمن الدوليين ويسعي المجتمع الدولي ومنظماته الدولية إلي استقرار السلم والأمن الدوليين وعدم تكرار استخدام الحرب أو القوة لحل المنازعات الدولية. هل توجد قوانين دولية تمنع إقامة مشروعات في دولة لأنها تضر بدولة أخري؟ القوانين الدولية التي تنظم المعاهدات الدولية وخاصة اتفاقية فيينا للمعاهدات الدولية1969 واتفاقية فيينا للتوارث الدولية1978 وكذلك حكم محكمة العدل الدولية في النزاع بين المجر وسلوفاكيا حول تنظيم استخدام نهر الدانوب. يجعل استخدام النهر من الناحية القانونية لا يتم إلا بالتوافق بين دول الحوض وعدم فرض رأي دوله علي الدول الاخري واحترام الامن المائي اعتمادا علي الحقوق التاريخية المكتسبة والتوارث الدولي والالتزام بالإخطار المسبق وكذلك عدم الاضرار بأي دولة من دول الحوض والنظر في انشاء مفوضية لدول الحوض. وفي حالة مخالفة هذه القواعد فإن الدولة المخالفة والتي تسبب ضررا من جراء هذه المخالفة تتحمل المسئولية القانونية الدولية ويحاسبها المجتمع الدولي علي هذه المخالفة القانونية الدولية. كيف يمكن لمصر اللجوء للتحكيم الدولي ؟ أثيرت بعض الآراء التي تتحدث عن المواجهة عن طريق تسويه النزاع باللجوء إلي التحكيم الدولي ولكن التحكيم الدولي بصفه خاصة والقضاء الدولي بصفه عامه يتدخل عند وجود نزاع بين أطراف دولية بشأن اتفاق دولي بينهم ولا يتم إلا بموافقة أطراف أي نزاع. ولذلك فإن اللجوء للقضاء الدولي ومنه التحكيم الدولي يشترط أن يوافق علي ذلك كل من مصر وإثيوبيا. وأنا اعتقد أن إثيوبيا لن توافق علي عرض النزاع علي القضاء الدولي سواء كان محكمة العدل الدولية أو لجان التحكيم القانونية الدولية. ومن ثم ما الإجراء القانوني الذي يمكن أن تتخذه مصر؟ إثيوبيا ترتكب مخالفة قانونية دولية ضد إحدي الدول في إفريقيا ومن ثم فهناك طريقتان قانونيتان يمكن لمصر اللجوء لاحداهما أو كليهما. ما هي هذه الطرق القانونية؟ الأولي: اللجوء لمنظمة الأممالمتحدة وتقديم شكوي ضد إثيوبيا أمام مجلس الأمن. الثانية: وهو أن تتقدم مصر بشكوي إلي الاتحاد الإفريقي.