مازالت انظمة وقوانين المرور عقيمة وتتعامل باسلوب عفى عليه الزمن فى جميع البلدان النامية والمتقدمة .. .وكنت اتصور ان اول القوانين التى يتصدى لها مجلس الشورى الموقر هى قوانين المرور. واجدنى هنا اسرد وقائع لتجربة شخصية حينما توجهت الى احدى ادارات المرور بالقاهرة لاستخراج شهادة بيانات للسيارة .. وهناك رايت مواطنين يتعذبون ويعانون اشد المعاناة ويصبون جام غضبهم على الحكومة والرئيس وكل من له صلة بالجهاز التنفيذى والتشريعى وتصورت ان هؤلاء المواطنين سوف ينفجرون فى لحظة واحدة .. ولكن الصبر والتحمل والجلد الذى يتحلى به المصرى و يميزه عن باقى شعوب الارض جعله يتحمل المعاناة صابرا غير ابها . وهذا العذاب اليومى يأتى موظفين هم ايضا معذبين ولكنهم استمرؤا التلذذ بتعذيب المواطنين ..فقد رايت ازدحاما شديد بسبب البطىء الشديد من الموظف – الذى لن ينهى عمله الا اذا تقاضى " المعلوم " وجميع المترددين يعلمون ذلك جيدا .. ولسان حالهم يقول " ابجنى تجدنى " . والبداية عندما توجهت فى الواحدة ظهرا لاستخراج الشهادة وعلى الفور بادرنى الموظف : الخزنة قفلت بس الساعة واحدة مش اثنين يا استاذ الساعة 12 اخر ميعاد للخزينة بس انا شايف الخزينة مفتوحة دا بيقفل الحسابات .. وخرجت ولم افطن الى نواياه التى يرمى اليها بعدما كنت قد قطعت مسيرة نحو 35 كيلوا مترا حتى اصل اليه . وفى اليوم التالى كانت الساعة 11،45 ظهرا وللأ سف جائتنى نفس الاجابة الخزنة قفلت. قلت ازاى وهى امامها طابور طويل والساعة ليست 12 قال يا استاذ احنا قفلنا واللى فى الخزنة دول اخر ناس .. لازم تيجى اتلساعة 9 صباحا . طيب والطريق والازدحام اعمل فيه ايه ..! .. فلم يعيرنى اى اهتمام او يابه بى وبعد لف ودوران ومجاهدة بين الزحام فطنت الى ما غاب عنى بالامس عندما رايت البعض يدس فى يديه بعض النقود .. وكانت هى الحل السحرى .. وما هى الا لحظات حتى كانت الشهادة التى جئت من اجلها وتعطلت بسببها عن عملى يومين بين يدى و انصرفت من ادارة المرور فى الساعة الثانية هذا على الرغم اننى انصرفت بالامس فى الواحدة وليس معى الشهادة . والسؤال : هل بعد ذلك نطالب المواطنين بالانتماء او الغيرة الوطنية وهم يعانون كل يوم من الفساد الادارى الذى مازال يعيش بيننا ويعشعش فى قلوب وافئدة الموظفين رغم اندلاع الثورة والتطلع الى الحياة الكريمة التى تصان فيها الحقوق والحريات وهم رون حقوقهم تهدر بهذه الطريقة الهمجية ..؟! ولكن ورغم هذه الصورة القاتمة حالكة السواد الا ان هناك دائما شعاع من الامل يبزغ بين ثنايا الظلمة المعتمة يمنحك الاحساس فى غد افضل على ايدى رجال شرفاء يتعاملون مع المواطنين بخلق رفيع وادب جم يعكس تربية فاضلة ومنبت طيب واصل مصرى كريم وعريق يراعون الله فى اعمالهم فيؤدونها على الوجه الاكمل الذى يرضى الله ثم المواطن .. ومن هؤلاء مدير النيابة علاء عوض هذا الرجل الذى يستطيع بابتسامته الهادئة وروحه السمحة ودماثة خلقه ان يمتلك قلبك وعقلك ويمحو اثار اى معاناة قد تتعرض لها .. ونظرات عينيه تحمل الصدق والاخلاص والصراحة التى نحن احوج ما نكون اليها فى ايامنا هذه .. وحديثه يريحك لانه ببساطة مقنع ولا يشوبه الريبة او الشك وكفيل بان يزيل اثار اى احتقان فى النفس . والرجل لا يتردد لحظة فى البحث عن افضل الحلول التى ترحم المواطن من الجهد والمعاناة التى يلاقيها على ايدى صغار الموظفين ويعلم جيدا ان القوانين وضعت وشرعت فى الاصل لخدمة المواطن لا لتكون سيفا مسلطا على الرقاب .. ولهذا فهو اقرب الى روح القانون منه الى التقيد بنص القانون الاجوف الاصم . وبعد فان ما تنطوى عليه النفس وتخفيه الحنايا ما لا يصح ولا يجوز الحديث عنه فيما يحدث داخل الكثير والكثير من دواوين ومصالح حكومية كثيرة فليس مايحدث فى مصالح الشهر العقارى ودواوين قلم المحضرين باقل مما يحدث فى ادارات المرور وغيرها الكثير من الدواوين والادارات التى تحتاج الى ثورة شاملة لتعريتها امام الراى العام ونسفها تماما وتغيير اسلوب عملها حتى نخفف من الحقد والكره والغل بين المواطنين الذين تدفعهم الظروف والاقدار للتعامل مع مثل هذه المصالح التى شاخت فى اماكنها وهرمت وباتت فى انتظار رصاصة الرحمة .. وهنا تقع المسئولية على المجلس التشريعى ليبادر بتعديل القوانين المنظمة لعمل هذه المصالح مع المواطنين المقهورين الذين بات عليهم ان يكونوا اشبه بجنود المظلات الذين يتعين عليهم – بعد الهبوط بمظلاتهم من الطائرات – ان يبدأو الجرى فور ملامستهم الارض وهو ما يفعلونه الان عندما ترمى بهم الاقدار للتعامل مع هذه المصالح . لمزيد من مقالات عبده الدقيشى