الغربية : من أحمد أبو شنب الهجرة من المدينة إلي القرية, أصبحت أمرا واقعا, ومطلبا ملحا في محافظة الغربية خاصة بعد الطفرة التي شهدتها العديد من القري خلال السنوات الأخيرة, حيث توافر الخدمات والمرافق, بعد افتقادها سنوات طويلة. وقد اصطبغت بعض قري المحافظة بصبغة المدنية من حيث كونها عامل جذب للإقامة بها, حيث يؤكد السيد عبدالحميد الشناوي محافظ الغربية أن سياسة الدولة حاليا تركز علي النهوض بالقرية في شتي الخدمات والمرافق, مشيرا إلي أن القري أصبحت مدنا صغيرة من حيث المساكن والتطور المستمر في تقديم الخدمات, فمثلا: تم تنفيذ مشروع توزيع الخبز علي المنازل بالعديد من قري المحافظة, بجهود تطوعية من الجمعيات الأهلية ومراكز الشباب بهذه القري, وفي غيرها تم إنشاء178 منفذا لتوزيع الخبز بتكلفة702 ألف جنيه, وأضاف محافظ الغربية أن مما يشجع حاليا علي الاقامة بالقري وجود شبكة طرق تربط القري بالمدن, حيث تم رصف طرق ترابية خلال العام الماضي فقط بتكلفة16 مليونا و700 ألف جنيه بالإضافة إلي استكمال10 مشروعات للرصف و6 مشروعات جديدة, بتكلفة13 مليونا و400 ألف جنيه.. وجميعها خاصة بالقري علي مستوي المحافظة. ويؤكد المهندس محمد جاويش وكيل وزارة الإسكان بالغربية أنه تمت إقامة393 وحدة سكنية( حجرتين وصالة) بتكلفة20 مليونا و811 ألف جنيه, و180 وحدة( حجرة وصالة) بتكلفة10 ملايين و274 ألف جنيه بقرية الراهبين بالمحلة الكبري, وذلك ضمن المشروع القومي للرئيس مبارك لمساكن الشباب, بالإضافة إلي345 وحدة سكنية بقرية إشناواي التابعة لمركز السنطة بتكلفة19 مليونا و592 ألف جنيه, وكذلك15 وحدة سكنية بقرية الدلجمون بكفر الزيات, بتكلفة752 ألف جنيه.. الأمر الذي جعل الشباب يفضلون الإقامة بالقري عن المدينة. ويشير فتحي هراس وكيل وزارة التربية والتعليم بالغربية, إلي أن القري علي مستوي مراكز المحافظة الثمانية بها1995 مدرسة بالإضافة إلي المدارس التجريبية والخاصة والتي انتشرت خلال الفترة الأخيرة بقري المحافظة, مما جعل المواطنين يفضلون أن يتلقي أبناؤهم تعليمهم في مدارس القري حيث الكثافة الأقل وعدم الزحام. وأكد المهندس محمد أبوسنة مدير عام فرع الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي بالغربية أنه تم تنفيذ167 مشروعا جديدا للصرف الصحي ومياه الشرب بقري المحافظة خلال الأعوام الثلاثة الماضية فقط بتكلفة تبلغ نحو مليار و700 ألف جنيه, حيث وصلت خدمة الصرف الصحي إلي معظم قري المحافظة بالإضافة إلي توصيل مياه الشرب لكل قرية وتابع, حفاظا علي صحة المواطنين, وتنفيذا لبرنامج الرئيس مبارك الذي يهدف إلي توصيل مياه الشرب والصرف الصحي لكل قرية علي مستوي الجمهورية بحلول2017. ويضيف أبوسنة أن هذه الخدمات والمرافق الحيوية تجعل من القرية عنصر جذب للإقامة بها, حيث لم يعد هناك فارق كبير بين القرية والمدينة في الحصول علي هذه الخدمات. ويؤكد ثابت مراد مواطن مقيم بمدينة المحلة الكبري أن ماتشهده قلعة صناعة الغزل والنسج من تكدس وازدحام شديدين, جعل المواطنين يهربون من المدينة إلي القرية, خاصة أنه لم يعد ينقص القرية شيئ في الخدمات مقارنة بالمدينة, كما أن الامتداد العمراني لبعض القري التابعة لمركز المحلة, وصل المدينة نفسها حتي أصبحت هذه القري ملاصقة للمدينة مثل قري: كفر حجازي, ومحلة أبوعلي, وبلقينا, والعلو, والراهبين, وشبرا ملكان, وعياش, وبطينة, وشنتنا عياش, بالاضافة إلي قريتي: الدواخلية والعامرية.. مشيرا إلي أن المواصلات الداخلية تصل هذه القري بالمدينة.. الأمر الذي جعل القرية جاذبة للسكان, خاصة مع الارتفاع الشديد في أسعار المساكن حيث وصل سعر متر الأرض داخل المحلة إلي أكثر من30 ألف جنيه, كما بلغ سعر الوحدة السكنية مايقرب من مليون جنيه. ويتساءل: ماذا يفعل محدودو الدخل بالقري التابعة لها, بعيدا عن التلوث البيئي الموجود بهذه المدينة الصناعية الكبيرة.. مما يجعل بيئة القري أفضل, والإقامة بها أقل تكلفة. ويضيف عصام عمارة, عضو مجلس محلي مركز كفر الزيات عن قرية كفر ديما, أن الخدمات الموجودة بالقري حاليا لاتقل عن مثيلاتها في المدينة.. الأمر الذي جعل مجلس محلي قرية الدلجمون يرفض اقتراحا بأن تكون القرية حيا تابعا لمدينة كفر الزيات, خاصة أن عدد سكانها يزيد علي100 ألف نسمة, وذلك حفاظا علي معالمها التاريخية والتي أهمها أنها القرية التي أنشئت قبل المدينة الصناعية كفر الزيات وأشار إلي أن توافر خدمات الصرف الصحي ومياه الشرب والكهرباء التي لاتنقطع بالاضافة إلي المخابز, وغيرها من المميزات.. جعلت المواطنين يقبلون علي الإقامة بالقرية دون المدينة خاصة بعد ازدياد نسبة التلوث البيئي الناتج عن مصانع وشركات كفر الزيات, لاسيما الواقعة علي نهر النيل وتلقي بصرفها في مياهه, مما دفع العديد من المواطنين إلي هجرة المدين والعودة إلي القرية والاستقرار بها. وتؤكد نجلاء الدعمة من قرية كفر كلا الباب التابعة لمركز السنطة أنه لم يعد حلم الهجرة إلي المدينة يراود الكثير من الناس في قريتها التي يسافر شبابها إلي إيطاليا وجنوب إفريقيا, وأصبحوا يقيمون الفيلات والعمارات الجميلة بالقرية, حيث الهدوء وصفاء الجو, ونقاء البيئة, بالإضافة إلي توافر جميع الخدمات والمرافق التي لم تعد تميز المدينة عن القرية, وتضيف أن العديد من أبناء القرية البالغ عدد سكانها نحو80 ألف نسمة, من الذين كانوا يقيمون بمركز السنطة وغيره من المدن, أصبحوا يفكرون بشكل جدي في العودة إلي قريتهم والإقامة بها, خاصة بعد أن عاد الكثيرون منهم إليها وأقاموا بها.