لا يتورع الأمريكيون عن صب المزيد من الزيت علي النار المشتعلة في سوريا, وتأجيج لهيب الثورة بغرض المزيد من العقوبات المتتالية علي دمشق, والتشكيك في قدرة نظام الحكم علي انجاز مطالب الإصلاح السياسي.. ويبدو أن الأمريكيين الذين التزموا في البداية جانب الحذر تجاه الثورة في سوريا, ودافعوا عن الرئيس بشار الأسد, ورأوا فيه قوة إصلاح يمكن أن تستجيب لبعض مطالب التغيير, وطدوا أنفسهم الآن علي أن سقوط النظام السوري ربما يكون أفضل للمصالح الأمريكية رغم الهدوء الذي يسيطر علي الجولان طوال فترة حكم بشار, لان سقوط النظام السوري يمكن, من وجهة نظر أمريكية, أن يفتح الطريق لحدث جلل يغير كل المعطيات الراهنة في الشرق الأوسط, إذا ما اندلعت ثورة جديدة في إيران, يري الأمريكيون حتمية وقوعها إذا انهار النظام السوري, بعد أن نجح حكم آيات الله في إخماد حركة المعارضة الإيرانية العام الماضي بقوة الحديد والنار, لكن الأمريكيين يعتقدون أن النار لا تزال تشتعل تحت الرماد, وان النظام الإيراني يزداد عجزا عن الوفاء بمطالب أجيال إيرانية جديدة تتطلع إلي الديمقراطية والحرية والتخلص من حكم أوتوقراطي يسيطر عليه مجموعة من الفقهاء المحافظين جاوز معظمهم سن الصلاحية ولا يبدو أن التفجيرين الانتحاريين اللذين وقعا أخيرا في منطقة كفر سوسة في دمشق أمام مبنيين تابعين لأمن الدولة والمخابرات الحربية, وأسفرا عن مقتل40 شخصا وإصابة العشرات قد غيرا كثيرا من المواقف في سوريا, بعد أن اتهمت المعارضة السورية نظام الحكم بأنه هو الذي دبر الحادثين, لان أحدا لا يستطيع أن يصل إلي هذه المنطقة التي تخضع لحراسة مشددة دون معرفة الأمن السوري, وان هدف الحكم من الحادثين إثارة مخاوف المراقبين العرب الذين كانوا قد وصلوا إلي دمشق صبيحة يوم الحادث وتقييد حريتهم في التنقل, والتأكيد علي وجود مصدر آخر للعنف يتمثل في تنظيم القاعدة يمثل الخطر الحقيقي الذي ينبغي مواجهته. وسواء كان ما تراه المعارضة السورية يعكس جانب الحقيقة أم أن تنظيم القاعدة نجح في اختراق الأمن السوري والوصول إلي هذه المنطقة الحيوية شديدة الحراسة, يبقي المحك الأخير في مدي استعداد دمشق لتسهيل مهمة المراقبين العرب, وتمكينهم من حرية التنقل ومتابعة ما يجري علي ارض الواقع في ظل شكوك متزايدة بأن دمشق سوف تستخدم فزاعة القاعدة لتعطيل مهمة المراقبين, خوفا من أن يحتل الثوار ميادين المدن السورية تحت أعين المراقبين. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد