شاء حظي وتساهيل القدر أن أسافر إلي العاصمة دوشنبه بجمهورية طاجيكستان إحدي جمهوريات الإتحاد السوفيتي سابقا واستقلت عام 1991 ، وسكانها 7.5 مليون نسمة، وطاجيكستان تعني "دولة صاحب التاج" وهو إسماعيل الساماني الذي له تمثال على رأسه تاج من الذهب في قلب العاصمة دوشنبه ، والتي تعني باللغة الفارسية مدينة "يوم الإثنين" نسبة لسوق كان يقام في ذاك اليوم، يشكل المسلمون أغلبية سكانها بنسبة 96% ، ورغم أنها بلد جبلي لكن بفضل ما يتوفر لديها من موارد مائية ضخمة حيث يحتل مخزوناتها من المياه المركز الثامن عالميا، والمركز الأول على مستوى دول آسيا الوسطى. وسبب زيارتي تغطية فاعليات الاجتماع السنوي ال38 لمجموعة البنك الإسلامي لمدة 5 أيام، برئاسة الدكتور احمد محمد علي مدير البنك، و برعاية امام علي رحمان رئيس طاجيكستان ، ومشاركة وفود 56 دولة علي رأسهم وفد مصري رفيع المستوي بغياب"للأسف" وزير المالية الدكتور فياض عبدالمنعم في ظل حضور جميع وزراء المالية محافظي البنك ، وقد ساهم البنك في تمويل مشاريع تنموية في طاجيكستان بمبلغ 320 مليون دولار شملت طرق حيوية وكهرباء الريف النظيفة وتحلية المياه ، وقرر البنك في ختام اجتماعاته زيادة رأسماله من 45 مليار دولار إلي 150 مليار دولار لتميكنه من تلبية متطلبات التنمية المتزايدة في الدول الأعضاء، بالإضافة إلي طرح صكوك بقيمة مليار دولار ، وتوقيع اتفاقيات تمويل مشروعات إنمائية جديدة في 11 دولة ، ويعد البنك الاسلامى للتنمية من أكبر المؤسسات الدولية التى قدمت دعما لمصر بعد الثورة فى شكل قرض بقيمة 2مليار دولار ، وفائدة منخفضة جدا لاتتجاوز ال2,5 % ، وقد اجتهد الوفد المصري في مباحثات على هامش الاجتماع مع كافة الصناديق العربية بالبنك للتفاوض حول إمكانية تمويل المشروعات التنموية التى تطرحها الحكومة المصرية حاليا. وبعد أن كثر الحديث مؤخراً عن الصكوك التى طرحها الإسلاميون كأداة مقترحة لتمويل المشروعات التنموية الكبيرة ، ولمن لا يعرف معناها من حيث معناها وأنواعها وفائدتها ، فهي كما وردت فى مسودة القانون المقترح أنها أوراق مالية أسمية متساوية القيمة، تمثل كل منها حصة شائعة فى ملكية أصول أو منافع أو خدمات أو فى مشروع معين وفقاً لما تحدده نشرة الاكتتاب العام أو مذكرة المعلومات ، ومن أنواعها الأكثر شيوعاً صكوك "الإجارة" ويقوم الممولون بشراء أصل ثم تأجيره لطالب التمويل لفترة زمنية بقيمة محددة ، وصكوك "المضاربة" يقوم فيها الممولون بتمويل مشروع بعينه مقابل حصة نسبة من الأرباح لفترة زمنية محددة ، وصكوك "المرابحة"يقوم الممولون بشراء أصل أو منتج ثم بيعه لطالب التمويل مقابل سعر أعلى مدفوع على أقساط محددة، وصكوك "الاستصناع" يقوم الممولون بتمويل عملية بناء أصل ثابت بناء على رغبة طالب التمويل مقابل ثمن أعلى يدفع لاحقاً ويستحوذ القطاع الحكومى على نصيب الأسد من هذه الإصدارات، حيث تستخدم الحكومات إيرادات الصكوك لتمويل المشروعات العملاقة كبناء وتوسعة الموانئ والمطارات، ولمعرفة الفارق بين السندات والصكوك، إن السندات الحكومية تقضى بإصدار مالية تقوم بمقتضاها الحكومة بجمع الأموال مقابل وعد برد أصل المبلغ بعد فترة زمنية محددة ودفع فوائد محددة، ويعتبر السند مديونية على الدولة والحكومة، ولكن تعطى للحكومة الحق فى استخدام الأموال فى سد عجز الموازنة أو تمويل مشروعات أو غيرها، وبما أن السندات تمنح حامليها عوائد محددة دون مخاطرة أو الدخول فى عمليات بيع وشراء فهى تعتبر مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، أما الصكوك فهى أداة مالية تستطيع من خلالها الحكومة جمع الأموال ولكن للصرف فى مشروعات محددة، وينطوى ذلك على مشاركة الممولين فى الربح والخسارة كالمضاربة أو الإجارة، أو الدخول فى عمليات بيع وشراء وتطوير كالاستصناع والمرابحة، ولذلك تُعتبر موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية ، أيضاً الصكوك عادة لا تعتبر مديونية على الدولة ، وفائدتها أن استحداث أدوات مالية جديدة هى دائماً علامة إيجابية تساعد على تنشيط سوق الأوراق المالية وتنشيط الاستثمار خاصة فى المشروعات الكبيرة، وتفتح الباب أمام كثير من المؤسسات المحلية والإقليمية التى ترى فى الصكوك فرصة استثمارية جيدة لتوافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية. وللعلم إن إجمالى سوق الصكوك العالمى بلغ 300 مليار دولار بنهاية 2012، أصدرت ماليزيا ثلثى هذا الرقم والباقى أغلبيته صدر فى الخليج ، وتتوقع التقارير زيادة سوق الصكوك إلى 900 مليار دولار بنهاية 2017 ، وقد تصل حصة مصر إلى نحو 10إلي 15% من السوق أى من 100 إلى 150 مليار دولار بنهاية 2017، أى بمتوسط 20 إلى 30 مليار دولار سنويا ، هذه الأرقام قد تكون جيدة إذا تم استغلال وارداتها فى تمويل مشروعات تنموية كبيرة تعمل على إنعاش السوق، وخلق فرص عمل بدلاً من محاولة إعادة تمويل عجز الموازنة ، وتسويقها خارجياً للمؤسسات الإقليمية والعالمية والمصريين بالخارج لزيادة السيولة فى السوق . في الختام الصكوك أداة مالية عالمية تختلف بعض الشىء عن السندات، وقد يكون لها الكثير من الآثار الإيجابية على الاقتصاد، لكن لا ينبغى تضخيم حجمها أو أثرها .. فهل يستطيع التمويل الإسلامي عن طريق البنك الإسلامي للتنمية وطرح صكوك بقيمة مليار دولار فيصبح التمويل الإسلامي حلا مثاليا لتجنب الأزمات المالية لإعتماده علي تنظيم علاقة المديونية بالنشاط الاقتصادي الحقيقي ويعالج مخاوف عمليات التمويل والاستثمار ويساعد الحكومات علي تحقيق التنمية والأمن والأمان لشعوب دول مجموعة البنك بتعزيزها وإيجاد أساليب مبتكرة لدعم اقتصاداتها ، هذا ما نأمله و نتتظر تحقيقه!!! [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ