استنكر علماء الأزهر الشريف, وأعضاء هيئة كبار العلماء, ما يثار قبل أعياد الإخوة المسيحيين من آراء وفتاوي تحرم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم. مؤكدين أن تلك الفتاوي لا تستند إلي نص قرآني أو حديث شريف بهذا المعني, وتتناسي أن الأقباط إخوة في الإنسانية, ولهم حق المواطنة, وأن الله تبارك وتعالي خاطب الله الناس جميعا في قوله تعالي: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي و جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم, ولم يوجه خطابه للمسلمين فقط وإنما للبشر بأكملهم. وعبر الدكتور نصر فريد واصل عضو, هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية الأسبق, عن أسفه لتلك الفتاوي الخاطئة, وقال إن هذه الآراء شخصية تمثل أصحابها ولا تمثل الشرع, فتهنئة الإخوة المواطنين بالمناسبة التي تتعلق بهم لا مانع فيها فالإسلام أمرنا بالتعاون معا في مجال الوطن والسلام الاجتماعي والإنساني, ونحن أمرنا بذلك, فهذه الآراء لا تعبر عن مبادئ الإسلام وشريعته التي تدعو إلي المحبة والمودة والتعاون علي البر والتقوي فنحن جميعا عباد الله, وأقول لهم أن هذا ضد الوطنية ودعوة الإسلام وعقيدته, ويتعارض مع قوله تعالي: إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ويجب أن يعرف الجميع أن الإسلام والسلام وجهان لعملة واحدة, وأن الدين الإسلامي جاء للتجميع وليس للتفريق. ويري الدكتور عبدالفتاح الشيخ, عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف, أنه ليس من الحكمة إثارة تلك الآراء الغريبة في هذه المرحلة الحرجة التي نمر بها الآن, وأضاف قائلا: أن ذهاب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف, إلي البابا تواضروس لتهنئته عند توليه منصبه يعد أبلغ رد علي هذه الفتاوي والآراء الشاذة, وتعتبر زيارة شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية فتوي وردا عمليا يبيح تهنئة الأخوة الأقباط بأعيادهم ومناسباتهم. ويؤكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر, أن الإسلام يدعو للتآلف والإخاء الديني بين العالمين, ويقول تعالي: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين, والأصل القرآني في معاملة أهل الكتاب الموادعين المسالمين قوله تعالي: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين, ويقول أيضا عز وجل: ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا النصاري ذلك أن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون, وقوله: وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان, كما أن تكريم الإسلام لسيدنا موسي عليه السلام, لا يخفي علي أحد فمعظم أجزاء القرآن الكريم فيها ذكر لموسي, وقد احتفل الرسول بنجاته وبني إسرائيل من عدوهم لشريعة عبدية ألا وهي صيام يوم عاشوراء, وتكريم القرآن والنبي لسيدنا المسيح عليه السلام ولأمه ظاهرة, فقد أكرم وفد نصاري نجران باستضافتهم في مسجده صلي الله عليه وسلم, وأقر السيدة ماريا علي احتفاظها بلقب الجنسية المصرية والتي ترمز إلي المسيحية( ماريا القبطية), ومن هنا نقرر انه لا مانع حيث لا مانع من مبادلة الآخرين التهاني والتعازي وسائر المناسبات الاجتماعية ولا يؤثر هذا مطلقا علي العقائد لكم دينكم ولي دين, وهي أمور من قبيل العادات, قال الله تعالي: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين, وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:( ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن), فالتهاني والتعازي وغير ذلك من الأعراف الصحيحة والمصالح المعتبرة, وهذا لا خلاف عليه بين أهل العلم الذين يعتد بعلمهم.