طالب علماء الدين جموع المصريين مسلمين وأقباط والأحزاب والقوي السياسية ومرشحي الرئاسة بضرورة قبول نتيجة الجولة الأولي والمشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية, والتعاون مع رئيس الجمهورية الجديد الذي سيصل لكرسي الرئاسة بأصوات الأغلبية, مؤكدين أن ذلك ضرورة وطنية. واستنكر علماء الدين اتهام البعض للإخوة الأقباط بالتصويت في الانتخابات لمرشح بعينه, مؤكدين أن الشريعة الإسلامية تكفل لهم كامل الحق في اختيار من يرونه مناسبا باعتبارهم شركاء في الوطن لهم نفس الحقوق وعليهم كل الواجبات. وأوضح علماء الدين أن مصر في حاجة ماسة للأمن والأمان والاستقرار وتكاتف الجميع وتغليب مصلحة الوطن علي المصالح الحزبية والفردية والطائفية, للعبور بالبلاد إلي بر الأمان وتجاوز المرحلة الراهنة, والبعد عن أي مظهر من مظاهر السخط والغضب والتخوين أو إلقاء الاتهامات أو بث دعاوي الفتنة والفرقة واستنكر الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية, الفتاوي المتشددة التي تهدد الوحدة الوطنية وقال: نحن جميعا كمسلمين ومسيحيين نعيش في وطن واحد ينعم فيه الجميع بالحب والخير ويتساوي فيه الكل في الحقوق والواجبات, فكل من يحمل الجنسية المصرية يتساوي في الحقوق والواجبات ولا تفرقة في ذلك بين مسلم ومسيحي في أي نمط من أنماط الحياة لأننا كمصريين نعيش أخوة متحابين تجمعنا مصالح مشتركة, مطالبا الشعب المصري بأن يتقبل النتيجة لأنها إرادة الأغلبية. ويؤكد واصل أن المساواة مبدأ رئيسي في الإسلام وسائر الديانات السماوية لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: (الناس سواسية كأسنان المشط, لا فضل لعربيهم علي عجميهم, ولا لأبيضهم علي أسودهم إلا بالتقوي), وقد ساوي الإسلام بين الجميع في الحقوق والواجبات والمباديء العامة ودعا الإسلام إلي احترام الشرائع السماوية جميعا, لقوله تعالي: قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسي وعيسي وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم... كما أوجب الإسلام احترام عقائد الآخرين لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي.... وقال الدكتور أحمد كريمة, أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر, إن الإسلام حدد علاقة الأمم والمجتمعات والشعوب علي عدم إلغاء الغير أو محوه, وأن تكون العلاقة قائمة علي الالتقاء علي الحق لذاته, يقول تعالي: قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسي وعيسي وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون, موضحا أن تعدد الشعوب وتنوع العقائد لا يمنع من التعارف والتعايش ومراعاة حقوق المواطنة, يقول تعالي: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم. وأكد كريمة أن مسيحيي مصر لهم خصوصية من دون أهل الكتاب, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم: (ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لكم منهم ذمة و رحما),مع عموم البر بأهل الكتاب لكن حقوق أهل الذمة استنبطها وذكرها الأئمة ومنهم ابن حزم, والقرطبي, وعلي هذا فالحقوق والواجبات للمسيحيين خاصة ولأهل الكتاب عامة فهم شركاء مع أهل الوطن ولهم حقوق المشاركة في بناء الوطن, فلا إقصاء ولا إهمال ولا استحواذ, ولكن مشاركة في بناء الوطن مع احترام إرادتهم كبقية المسلمين سواء بسواء, حتي إن الفقهاء ذكروا جواز الاستعانة بهم في الجيش, كما جعل عمرو بن العاص من ضمن الهيئة الاستشارية لشئون البلاد الأقباط وأوكل لهم جمع الخراج وضبط الحسابات والأمور التي يفقهونها, فهو قد نظر إلي المصلحة العامة وليست الخاصة أو الأهواء الشخصية. من جانبه يري الدكتور محمد الشحات الجندي, عضو مجمع البحوث الإسلامية, أنه لا يوجد دليل واحد علي حرمة تصويت الأقباط لمن يرون فيه ما يحقق مصلحتهم مادمنا أبناء وطن واحد, وأضاف قائلا: إن القواعد الشرعية تقول إن الأصل في الأمور الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم, والمشاركة في الانتخابات لا تمس عقيدة المسلمين من قريب أو بعيد, بل هي من باب التعاون مع شركاء الإنسانية الذي نادي به الإسلام.