حافظ الإسلام على العقائد الدينية المختلفة، وجعل الإيمان بالأنبياء جزء منه، وفرض على المسلمين الإيمان بالرسالات السماوية جميعاً، فقال الله تعالى (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِى مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِى النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة:136) وبيَّنت الشريعة الإسلامية علاقة غير المسلمين فى ظل دولة الإسلام ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات حتى صارت الحياة بين المسلمين والأقباط علاقة أخوة فى الوطن ،وسماحة فى التعامل ، ودعوة إلى الحرية فى كل الأوقات. وفتحت الدول الإسلامية أبوابها على مر العصور لغير المسلمين لمن أراد أن يتعايش أو يتزاور أو يتسايح فى أرجائها مادام يكن فى قلبه الود والسلام للمسلمين، وجعل القرآن التعامل معهم أمراً يوجب النفاذ ماداموا مسالمين لنا ، فقال عزَّ من قائل ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) (الممتحنة:8). وعلى الرغم من الحملات الصليبية التى شنها الغرب على ديار المسلمين وقتل فيها من قتل بعد سلب أرضهم، ونهب أموالهم، وتهريب ثقافتهم وآثارهم، مازال غير المسلمين يتمتعون ويأكلون من خيراتها ويكنزون ثرواتها بحجة أنهم أبناء الوطن ومسالمين لا يكِّنون عداوة للمسلمين. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت عليه جنازة فوقف لها، فقيل له يارسول الله صل الله عليه وسلم إنه يهودى ، فقال عليه الصلاة والسلام ( أليست نفساً). وعندما مرض جاره اليهود الذى كان يضع القاذورات أمام بيته عاده رسول الله، فقال له اليهودى ألهذا يأمركم دينكم؟، قال بلى، فقال اليهودى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله. إن عبد الله بن عمرو بن العاص عندما اعتدى على قبطى وقال له أنا ابن الأكرمين، ورُفعَ ذلك لأمير المؤمنين عمربن الخطاب رضى الله عنه فأمر بالقصاص منه، وقال للقبطى اضرب ابن الأكرمين. لم يشهد الزمان على مر العصور اضطهاداً من المسلمين لغيرهم أو سلباً لحقوقهم، أو منعاً للتعبد فى دور عبادتهم. إن رسول الله صل الله عليه وسلم حذر المسلمين من المساس بالذميين فقال صل الله عليه وسلم (من آذى ذمياً فأنا خصمه يوم القيامة) [رواه الإمام أحمد]. والناظر إلى حال المسلمين فى دول الغرب اليوم يجد العجب فى أحوالهم نتيجة التنوع فى إضطهادهم، وسلب حقوقهم، والتضيق عليهم فى عبادتهم ومعتقداتهم وتعليمهم، والاعتداء على مظاهرهم الإسلامية التى يتسمون بها، والأدهى والأمر الاعتداء على نبيهم بالألفاظ والرسومات والتمثيل والتشبيه. فإذا حصرنا ما يقوم به الغرب من أنواع الإضطهاد والتضيق على المسلمين فلن تحصرها كتب ولن تخطها أقلام ولكننا نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:- - تحريم بناء المآذن فى سويسرا. - منع النقاب فى فرنسا. - نشر صور مسيئة للرسول فى الدانمارك وهولندا وغيرهما. - إلغاء خطط بناء المساجد بحجة حماية التراث فى بريطانيا. - رفض إنشاء مقابر للمسلمين فى سويسرا. - قتل الشهيدة مروة الشربينى فى ألمانيا. - قتل المواطن المصرى أحمد ممدوح فى إيطاليا. - اعتقال الإسلاميين فى أمريكا منهم المنشد الإسلامى المعروف أبو راتب بتهمة دعم حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ). - اضطهاد المسلمين فى أمريكا وإلصاق الإرهاب بهم، والتضيق عليهم فى دخول البلاد وخروجها. - رفض الاتحاد الأوربى انضمام تركيا إليه. - غض طرف الحكومات والشعوب الغربية لما يفعله اليهود والأمريكان فى فلسطين وأفغانستان والعراق وحمايتهم من الشجب والإعتراض عما يمارسونه من ظلم واضطهاد للمسلمين، بل ومعاونتهم بالعداد والعدة تحت مظلة القضاء على الإرهاب!. إن النغمة التى يرددها الغرب فى حرية الرأى والعقيدة تتكسر على أعتابهم وبأيديهم بعد أن ملأ الحقد قلوبهم نحو الإسلام والمسلمين. إن الصهيونية المارقة والغرب الصليبى ليسمحون بالإباحية الجنسية بمختلف ألوانها فى ديارهم، فالمعاشرة الجنسية الجماعية، والعلاقات المثلية مباحة عندهم، وعبادة البقر والنار والشيطان مسموح بها أما عبادات المسلمين وعقيدتهم فهى عارٌ أن تكون على أرضهم. إن إثارة الفتنة والتعصب الدينى لينبع من قلب المسيحية المتعصبة والصهيونية المارقة فى عقر دارهم. إن تبنى أمريكا وأوربا لأقباط المهجر فى إثارة الفتن والقلاقل وإشاعة التعصب الدينى ضد الحكومات الإسلامية لأمرٌ دُبرَ بليل وفُضحَ بالنهار، وأصبح نغمة على أعواد مكسورة لا تصدر إلا الضوضاء والصغب، فطريقة الإبتزاز التى ينتهجونها فى تلبية مطالب قلة قبطية فى ديار المسلمين لن تسمح بها حكومة ولن ترض عنها شعوب. إن عُمى الضمائر ومُغلقى العيون ومخترعى التعصب الدينى فى أوربا وأمريكا عليهم أن يطبقوا ما ينادون به غيرهم من التسامح الدينى وحرية العقيدة والمحافظة على مقدسات الغير وحرية الرأى والفكر حتى يخلعوا عباءة تعصبهم الدينى وحقدهم الممقوت بدلاً من رمى الآخرين بما ليس فيهم. إننا نؤكد نحن المسلمين أن موقفنا من الأقباط موقف ثابت ومفروض على المسلمين بموجب إسلامهم وإيمانهم، مُؤَكد بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهذا الموقف يتلخص فى عدة نقاط منها: 1- هم جزء من نسيج المجتمع المصرى. 2- هم شركاء الوطن والمصير. 3- لهم مثل ما لنا وعليهم مثل ما علينا. 4- حرية الإعتقاد والعبادة محترمة للجميع وكفولة لهم، والتعاون فى كل ما يخدم الوطن ويحقق الخير لكل المواطنين أمر إلزامى. 5- الحرص على روح الإحترام التى ظلت تربط أبناء الوطن الواحد مسلمين وأقباط وإشاعة الأصول الداعية إلى المحبة والمودة. 6- تأكيد الوحدة الوطنية وعدم السماح لأى نشاط يؤدى إلى إثارة مشاعر التفرقة الدينية أو التعصب الطائفى. 7- الحرص على روح الأخوة التى أظلت بين أبناء الوطن على مر القرون مسلمين وأقباط لتمكين الأمة من العمل المتكامل لبناء مستقبلها وحماية أرضها من الصهيونية المعتدية والمسيحية المتعصبة، وعدم السماح لأى محاولات تؤدى لإثارة مشاعر الفرقة أو التعصب الطائفى. إن الأنظمة العربية والإسلامية تحتاج اليوم أن تقف مع نفسها موقفاً عادلاً حتى تنصف جهدها، وتحمى سمعتها، فى على الرغم مما تقدمه للغرب من تنازلات وغض الطرف عن الكثير، فكيف تقبل أن يصفها هؤلاء الحاقدون المارقون بالتعصب الدينى والاضطهاد العقائدى، وإشاعة الفتن الطائفية وهم الذين يرتدون هذه العباءات ليلاً ونهاراً.