الاحتفال الإسلامي بيوم عاشوراء باستحباب صومه يدل بداهة علي التسامح الضارب بجذوره في التشريع الإسلامي, فقد صح أنه قدم النبي صلي الله عليه وسلم المدينة فرأي اليهود يصومون يوم عاشوراء. فقال: ماهذا؟ قالوا: هذا يوم صالح نجي الله تعالي بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسي عليه السلام, قال: أنا أحق بموسي منكم فصامه وأمر بصيامه أخرجه الشيخان. وهذا تطبيق عملي علي زمالة الشرائع السماوية وعلي نظرة التقدير الإسلامي لها, من الاعتراف والتوقير لجميع الأنبياء والرسل عليهم السلام قال الله عز وجل قولوا ءامنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسي وعيسي وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون الآية136 من سورة البقرة, ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون أيات الله ءاناء الليل وهم يسجدون, يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين. وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين الآيات113 وما بعدها من سورة آل عمران, وعدم السعي لمحو الغير ولا لإلغائه, بل تعايش في سلم وسلام وأمن وأمان أن تبروهم وتقسطوا إليهم, فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم, وتسميتهم أهل كتاب دلالة علي احترام الإسلام لكتبهم المنسوبة إلي السماء, وأهل ذمة أي في الضمان من الرعاية والعناية, هذا صحيح الإسلام بتعاليمه القرآنية والنبوية, وما فهمه صفوة الأمة المسلمة من أئمة العلم الذين يعتد بعلمهم وما ورد في الفقه التراثي الموروث, وما في فقه الواقع من فهم سليم واستنباط صحيح للنصوص والقواعد الشرعية. إن مساحات الاتفاق بين الشرائع السماوية ينبغي تأصيلها, ومساحات الاختلاف يجب التناظر العلمي بأدواته السليمة توصلا للحق لذاته, وعدم السعي لما يسمي صدام حضارات بل حوار حضارات لإعمار الأرض بالسلام العام والإخاء الديني خاصة والإنساني بصفة عامة