قيمة التسامح من القيم السامية في دين الإسلام. قال الله تعالي: "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" "سورة النحل: آية 125". وقال: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" "سورة البقرة: آية 256". وقال: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" "سورة الممتحنة: آية 8". وقد تحقق التسامح في الإسلام بصورة واضحة. سواء التسامح الديني - والذي يعني التعايش بين الأديان والمذاهب المختلفة وحرية ممارسة الشعائر الدينية والتخلي عن التعصب الديني والتمييز العنصري - أو التسامح الفكري بمعني حرية الحوار والمناقشة والمعارضة مع عدم التعصب للأفكار الشخصية. ومنح الحرية في الإبداع والاجتهاد. ولقد رسخ الإسلام في قلوب المسلمين تحت شعار التسامح معاني كثيرة: 1- الديانات السماوية تستقي من معين واحد. قال عز وجل: "شرع لكم من الدين ما وصي به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر علي المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب" "الشوري: آية 13". 2- الأنبياء إخوة. لا تفاضل بينهم من حيث الرسالة. ومن حيث الإيمان بهم. قال تعالي: "قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسي وعيسي وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون" "سورة البقرة: آية 136". 2- العقيدة لا تنعقد في القلب إلا بالاقتناع العقلي والاطمئنان القلبي. وبناء علي ذلك جاء النهي عن الإكراه في الاعتقاد حيث قال تعالي: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي لا انفصام لها والله سميع عليم" "سورة البقرة: آية 256". 4- يجب احترام العباد ورجال الدين وأماكن العبادة علي اختلافها حيث قال تعالي: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" "سورة الحج: آية 40". 5- حرص القرآن علي أن يربي أتباعه علي مجادلة المخالفين بالحسني والعقل بما يعكس روح احترام الآخر واحترام نظرته المختلفة. وذلك لأجل إقامة علاقات إنسانية بين الناس علي أساس التسامح والسلام قال تعالي: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون" "سورة العنكبوت: آية 46". وقال تعالي: "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" "سورة النحل: آية 125". وقال تعالي حينما كلف موسي وهارون بالذهاب إلي فرعون وقومه ودعوتهما إلي الإيمان بالله: "اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري. اذهبا إلي فرعون إنه طغي. فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشي" "سورة طه: آية 42 - 44". فتحقيق السلام هو غاية جميع العلاقات الإنسانية. والتسامح مع الآخرين هو الوسيلة النافعة في تحقيق تلك الغاية. وقد كان من هدي النبي - صلي الله عليه وسلم - استخدامه الأسلوب الرقيق والكلمة الطيبة مع المخالفين. وقدم النبي - صلي الله عليه وسلم - لأصحابه النموذج في التسامح والعفو حينما أمن أهل مكة بعد فتحها عزيزاً منتصراً قوياً. سامحهم علي ظلمهم له وبغيهم علي أصحابه وقال: يامعشر قريش. إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء. الناس من آدم وآدم من تراب ثم تلا هذه الآية: "ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" الآية: ثم قال: يامعشر قريش ما ترون اني فاعل فيكم؟ قالوا: خيراً. أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء "السيرة النبوية لابن هشام 2/412". وهذا تحقيق وتحقق بقول الله تعالي: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر" "الأحزاب: 21".