الدول مثل الاسماك تفسد من رؤوسها, وأخطر انواع الفساد فساد القمة الذي يتكسب من وراء صفقات السلاح والمضاربة علي الاراضي والتوكيلات التجارية والاحتكارات الكبري, والرشاوي العينية والمالية الضخمة, خاصة في الدول التي يغلب عليها حكم الفرد, ويغيب عنها حكم القانون وتنعدم رقابة المجتمع المدني, وتفتقد مؤسسات الرقابة الحكومية الي الاستقلال الحقيقي الذي تضمنه بنية قانونية ودستورية صحيحة تحصن هذه الاجهزة من التأثير الخارجي, وتحول دون تبعيتها للسلطة التنفيذية, وتضمن لشخوصها وقياداتها حصانات تؤكد استقلالها, وتمكن هذه الاجهزة من اخضاع كافة مؤسسات الدولة للرقابة المالية والادارية دون استثناء, ابتداء من الرئاسة الي القوات المسلحة الي كافة اجهزة الامن والمعلومات. وفي مصر اكثر من15 جهازا للرقابة علي المال العام, اخطرها واهمها الجهاز المركزي للمحاسبات, ومع ذلك ترتفع مؤشرات الفساد في مصر علي نحو منتظم منذ عام2001 بسبب تزاوج السلطة والثروة في عهد مبارك, ليصبح ترتيب مصر ضمن الدول الاكثر فسادا112 من139 بعد ان كان ترتيبها ال70, كما تحتل مصر المركز ال118 في غياب الشفافية بما يؤكد حجم الفساد الضخم الذي ينتشر من قمة الرأس الي اخمص القدم!.., وفي رؤية المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات, التي طرحها خلال مؤتمر جامعة عين شمس, ان الحل الصحيح لحصار فساد القمة وتصفيته يكمن في تعزيز استقلال اجهزة الرقابة تطبيقا لاحكام الدستور, وتمكينها من رقابة كافة مؤسسات الدولة بقوة القانون, واحترام وتفعيل تقاريرها التي تبقي في الاغلب حبيسة داخل الادراج, والتنسيق بين الاجهزة الرقابية المتعددة بما يحول دون تضاربها, ويضمن لها تكامل الجهد وسهولة تداول المعلومات والحرص علي متابعة اوجه القصور في تطبيقات اللوائح والقوانين, ومنع الاستخدام السياسي لاجهزة الرقابة بهدف ابتزاز الخصوم السياسيين, واعلان تقارير الاجهزة الرقابية علي الملأ بدلا من حبسها في الادراج.., ويسبق كل ذلك ضرورة توافر الارادة السياسية التي تشكل العامل الحاسم في محاربة الفساد, بدونها تبقي مكافحة الفساد عملا مظهريا انتقائيا يفتقد الجدية والتواصل. لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد