الحديث في الشارع السياسي لا ينقطع الآن عن التعديل الوزاري المتوقع, وسط تكهنات وشائعات وتسريبات حول الأسماء المرشحة للدخول في الحكومة الجديدة. الحديث عن التعديل الوزارييأتي في ظل مبادرات بتشكيل حكومة إنقاذ أو حكومة ائتلافية للتجهيز للانتخابات البرلمانية المقبلة. والسؤال المطروح: ما المواصفات المطلوبة لأعضاء الحكومة الجديدة؟.. وما السياسات الملحة المنوط بها تنفيذها للخروج بالبلاد من المأزق الراهن؟ في البداية سألناه: هل الوقت مناسب لتشكيل حكومة جديدة؟ فقال الدكتور حازم الببلاوي, نائب رئيس الوزراء ووزير المالية سابقا: ليس هناك وقت مناسب أو غير مناسب إذا توافرت عناصر النجاح, لكن المشكلة أن البلد منقسم وكل طرف متربص للآخر, ولا وجود لتوافر حسن النيات, كما توجد مشكلة عدم تساوي المسئوليات فالمسئولية أكبر علي من يحكم والذي يجب عليه التنازل من أجل الشعب, والمبادرة يجب أن تبدأ من الحاكم, وإذا تم تشكيل حكومة جديدة عليها أن تقدم شيئا مختلفا وأن تكون لديها سلطات لتكون حكومة إنقاذ, فحكومة الإنقاذ مظهر من مظاهر الاستقرار والتوافق, وعند تشكيلها تبدأ بالحلول الاقتصادية, وإذا تم التوافق علي حكومة بين التيارات المختلفة لإجراء انتخابات دون تزوير فسوف يؤدي هذا الي دعم الاستقرار والوضع الاقتصادي. وشدد الببلاوي علي ضرورة الاتفاق علي شخص لرئاسة الوزراء يثق فيه الشعب ويطمئن إليه مقابل إعطائه الفرصة, وأن تتوافر لديه الخبرة والكفاءة, مشيرا الي أن الحكومة الموجودة معذورة, في ظل الضغوط وعدم الاستقرار, فهذه الوزارة ليس لديها شيء أو سلطات او حريات لإيجاد البدائل. مصر ليست في حاجة لحكومة إنقاذ كما يوضح الدكتور محمد محسوب, وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية السابق بل تحتاج للتوافق لعبور مرحلة الانتخابات, وأن يتم تكليف هذه الحكومة بثلاث قضايا تشمل: معالجة إجراء عملية الانتخابات بنزاهة وشفافية, ومعالجة الوضع الاقتصادي, ومخاطبة جميع القوي السياسية في المجتمع. وحول مواصفات رئيس الوزراء أكد انه لابد ان يكون شخصية عامة ليس لها اتجاه سياسي, وله القدرة علي جمع كل القوي السياسية والتيارات المختلفة ويشكل حكومة توافقية يكون جزء منها تكنوقراط متخصصين, هذا مع عدم المساس بالدستور القائم أو الانتخابات الرئاسية, فالذي يطالب بحكومة ائتلاف وتوافق ويرفض الدستور يتناقض مع نفسه, لأننا نريد حكومة بسلطات حقيقية وهذا ما يضمنه الدستور الجديد للحكومة, لكن من يريد حكومة ائتلاف في ظل دستور71 يضحك علي نفسه وعلينا لأنها ستكون حكومة رئيس وليست حكومة شعب. الناشط السياسي علاء عبد المنعم النائب السابق وعضو جبهة الانقاذ الوطني, يقول: إذا لم تكن هناك نية لتشكيل حكومة إنقاذ وطني, فعلي الاقل مطلوب تغيير هذه الحكومة نظرا لأدائها المتردي, ويجب ألا يرد علي ذلك بأنه سيتم تغيير الحكومة بعد4 أشهر, فذلك قول مردود عليه, لأن استمرار هذه الحكومة لعدة شهور قد يلحق خسائر بالوطن قد تستمر لسنوات, ومن ثم فإنه قد اصبح من الضروري تشكيل حكومة جديدة تترأسها شخصية وطنية تتسم بالاستقلال, بحيث تتولي هذه الحكومة إدارة العملية الانتخابية بحيدة تامة ونزاهة, ولا تشارك في تزويرها. { سألناه: إلي أي مدي تتفق أو تختلف مع فكرة تشكيل الحكومة الجديدة علي أساس المحاصصة؟ من حيث المبدأ, يرفض فكرة تشكيل الحكومة الجديدة علي أساس المحاصصة, ومن يطالب بحصة في التشكيل الجديد هو- في رأيه- يفتقد الوطنية, ولا يراعي المصلحة العامة, ولا مانع من حكومة تكنوقراط, حتي لو كانت تنتمي جميعها إلي تيار معين, وإن كانت كلها من جماعة الإخوان المسلمين, ولكن في هذه الحالة عليهم أن يتحملوا مسئولياتهم كاملة, فنحن نريد انقاذ الوطن أولا واخيرا. وبشكل عام, يرفض الدكتور رفعت السعيد, رئيس حزب التجمع السابق, تشكيل الحكومة الجديدة علي أساس المحاصصة, وانما يجب اختيار أعضائها من كفاءات ذات مصداقية, ولا تنتمي لتيار أو جزب أو جماعة معينة, وأن يكون رئيس هذه الحكومة شخصية مستقلة مقبولة من الجميع, وتنتمي للوطن, وتليق بمصر من أجل عبور هذه المرحلة الصعبة في تاريخ البلاد. في الحكومة الجديدة والكلام للنائب السابق أبو العز الحريري- لا يهم الاشخاص, لكن المهم السياسات والتكليفات التي ستنفذها الحكومة, والتي يجب أن تتعامل مع المشاكل العاجلة, لتخفيف الأعباء عن المواطن البسيط, والعمل علي وضع السياسات التي تحقق أهداف الثورة, كالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية, ولملمة شتات الاقتصاد المتعثر, ووصول الدعم لمستحقيه, ووقف فكرة احتكار انتاج السلع واستيرادها, والاهتمام بالزراعة, وانقاذ صناعة الغزل والنسيج, ووقف تصدير الغاز للخارج. وبالنسبة لفكرة المحاصصة في تشكيل الحكومة الجديدة, فهي فكرة مرفوضة- كما يقول الحريري- فنحن نحتاج إلي حكومة كفاءات. واختصر الدكتور عبدالخالق فاروق, الناشط السياسي والخبير الاقتصادي, كلامه في أنه يجب تغيير الحكومة بسرعة دون نقاش لأنه كلما استمرت سوف يزيد الأمر تعقيدا وستزيد معه فاتورة الإصلاح الاقتصادي. ويأخذ المهندس صابر عبدالصادق, عضو مجلس الشعب السايق عن الحرية والعدالة ورئيس لجنة التنمية المحلية اتجاها مختلفا, حيث يحذر من تغيير رئيس الوزراء حاليا تحت مسمي حكومة إنقاذ أو توافق ائتلاف, وهو له منطقه في ذلك, فيوضح أنه لاتوجد حكومة وفاق في العالم ولم تحدث في السياسة, لأن الحكومة لها لون وصبغة, وحكومة الائتلاف ممكن لأنها تشكل من الكتل المتقاربة في البرامج والأيديولوجيات وبذلك ستكون من التيار الديني أو من التيار الليبرالي أو اليساري والاشتراكي وهذا مستحيل, أما حكومة الإنقاذ فليس لها علاقة بالأيديولوجيات ويدخل فيها التكنوقراط ومتخصصون في برامج وهي لا تعبر عن فصيل معين. ويتساءل متعجبا: علي من ستحسب هذه الحكومة التي جاءت للإنقاذ ولفترة قصيرة ومحددة؟ ويضيف: المطلوب ترك الحكومة الحالية مع بعض التعديلات الواجبة تعمل بحرية في ظل هدوء كامل حتي تقدم ما عندها وتعالج القضايا الاقتصادية الصعبة, ومن يريد تشكيل حكومة كاملة الفرصة أمامه لتحقيق الأغلبية في مجلس النواب كما ينص الدستور وعليه أن يثبت نفسه أمام الشعب ليحصل علي حكومة ويستطيع أن يغير في الدستور وعمل كل شيء, وهذا أفضل من التناحر دون فائدة حقيقية من التغيير في هذا الوقت.