صور من يوم الجمعة الذي هو عيد في السماء والأرض ليتحول علي يد بعض المصريين إلي كابوس يدعو عموم المصريين إلي إنتهاءه علي خير وربما يطالب البعض بإلغاؤه من أيام الأسبوع تتصورا ذلك ، فتحت عنوان مليونية سيئة السمعة جديدة بأسم "تطهير القضاء" زحف الآلاف من جماعة الإخوان وحزب الأصالة والتيار السلفي الجمعة الماضية نحو محاصرة القضاء العالي . سبب هذا الطوفان من جحافل من يملكون قرار الحكم ولكنهم أحيانا يحنون إلي مقاعد المعارضة كما كانوا طوال 85 عاما منذ نشأة الجماعة وتحولها من "محظورة" إلي "محظوظة" ، إعتراضا منهم قرار إخلاء المخلوع مبارك في قضية قتل المتظاهرين ، حاملين القضاء والقضاه مسئولية تلك البراءات في مقابل سرد إنجازاته طوال عامين من منصة إخوانية من حل مجلس الشعب لحل التأسيسية للدستور وبراءة نجلي مبارك في قضية قتل الثوار ، وبراءة متهمي موقعة الجمل ورموز النظام البائد فتحي سرور وبطرس غالي وأنس الفقي وأسامة الشيخ ومحمد إبراهيم سليمان في قضايا دم وفساد مالي ، معللين ذلك بأنهم طالما أطهار مظلومين إذا الشعب المصري هو الجاني وثورته ظالمة مستبدة ضد حكم الأخيار ، مطالبين بسرعة إقرار قانون السلطة القضائية لتطهير المؤسسة القضائية من أتباع النظام السابق . وعلي الضفة الأخري من دار القضاء العالي مليونية سيئة السمعة أخري بميدان التحرير دعت إليها بعض الحركات الثورية للمطالبة بإسقاط نظام مرسي وإعادته إلي السجن مرة أخري لأنه هارب منه، ورفض هدم القضاء ودعوة الجيش لحماية الدولة المدنية ، مع رفض ملاحقة النشطاء السياسيين وأعضاء حركة إبريل ، مطالبين برفض حكم المرشد ومحاكمة مرسي لتسببه بقتل الشهداء والعمل لصالح الجماعة وليس لمصلحة مصر ، ومعللين دعوة تطهير القضاء بهدم مؤسسة القضاء الشامخة بحجة التطهير ،والسيطرة عليه تحت عباءة تطبيق منظومة الأخونة لكل مؤسسات الدولة ، رافضين ما أسموه "مذبحة جديدة ضد القضاة" عبر عزل شيوخ القضاء وتعيين عناصر إخوانية بدلا منهم من خلال قانون السلطة القضائية المعروض أمام مجلس الشوري والمنتظر تمريره بسرعة من خلال النزول بسن الإحالة للمعاش من 65 إلي 60 عاما ، وذلك تربصا بعدد معين من القضاة يقترب من 3 آلاف قاض ، ومما يفتح الباب أمام الطعن بعدم دستوريته. وهناك صورة أكثر قاتمة تمخضت من خطباء الجمعة فأولا علي منصة دار القضاء العالي أتهم خطيب صلاة الجمعة القضاة بتنصيب أنفسهم حكاما وإقحام أنفسهم في السياسة ، بل غالي بوجوب محاكمتهم قبل محاكمة رموز نظام مبارك ووصفهم بالخونة والعملاء الذين ينشرون اليأس ، بينما طالب خطيب منصة التحرير الشعب المصري بالتبرؤة من جماعة الأخوان المسلمين ومن الرئيس مرسي لمحاولتهم السيطرة علي القضاء وضرورة إسقاط حكم المرشد وعايزين يهدموا القضاء علشان يسيطروا علي الأحكام . بينما أنتقد القادة والأحزاب السياسية وشنت هجوما عنيفا من داخل حجرتهم المكيفة متسلحين بمئات من ميكروفات الفضائيات المجاهدة مظاهرات الإخوان المسلمين أمام دار القضاء العالي ، متهمة أيهم بالسعي لأخونة القضاء بعد سيطرتهم علي السلطتين التشريعية والتنفيذية ، والسعي لمذبحة القضاة بدلا من تطهير القضاء داخليا ودون تدخل من السلطة التنفيذية ، ووصفوهم البرادعي علي حسابه الشخصي عبر تويتر "أن الدعوة لتطهير القضاء بالغوغائية في الفهم ومعالجة مشاكلنا مازالت السمة الغالبة لنظام الحكم ، والثورة قامت لتحرير العقول" ، بينما وصف صباحي علي تويتر "أي ادعاء بالتطهير من السلطة أو الجماعة الحاكمة هو مذبحة جديدة للقضاء، وسندعم استقلال القضاء المصري ضد إي سعي لتغول السلطة التنفيذية " ، فيما أعتبرت الجمعية الوطنية للتغيير "استهداف الأخوان المسلمين للقضاء تمهيدا لتفكيك الدولة والتفريط في مواردها، بل بأنها مسرحية هزلية ترسخ للدولة الديكتاتورية " وبين هؤلاء وهؤلاء ودعوات مليونيات في أنحاء المحروسة ومحافظاتها وكلها دعوات باطلة وإن بدأت ظاهرها الرحمة ، وغايتها خبيثة وعواقبها وخيمة ومنتهاها هدم الدولة وتمزيق الوطن ، فأن كان هناك حتمية لإصلاح منظومة القضاء مثل مؤسسات الدولة جميعها فهناك 3 قوانين أعدت للسلطة القضائية غير المعروض حاليا علي مجلس الشوري والذي يهدد وزير العدل أحمد مكي باستقالته في حالة إقراره ، والذي هو شخصيا واحد من قضاة الأستقلال الذين وضعوا قانون و آخر من مجلس القضاء الأعلي وثالث من نادي القضاة فهم أولي بحل مشاكل القانون الحالي ومعالجة الخلل به ، أم أن تكون دعوة تطهير القضاء بغاية غير معلنة لتجريف الخبرات القضائية بتعديل القانون والنزول بسن التقاعد للزج بفصيل تابع لأصحابه لإطاعة الأوامر ولا يقضيون من وحي ضمائرهم ، مخالفين رأي العالم أجمع الذي يتشرف بعمل القضاة المصريين وتعلو الدول المتقدمة بسن تقاعد القضاة حفاظا منهم علي الخبرات المتراكمة.. فيجب الكف عن هذه الدعوات الخبيثة والتي تتحول دائما إلي حرب شوارع واقتتال بين المصريين متسلحة بكافة أنواع الأسلحة الغربية علي الشخصية المصرية المسلمة، وتقف حائلا أمام حركة الحياة والعمل والإنتاج في وقت الوطن لا يملك فيه رفاهية التناحر السياسي المشبوه ، وأنفلات أمني غير مبرر ، وتسلط سياسي من النظام ، واقتصاد منهار لا يجد من يمد يده إليه ، وحكومة قاصرة مهددة بالتغيير لتزيد معأناة الوجود،وتناحرمؤسسات مآجور، وشعب ينشد عودة البسمة المصرية والحياة الكريمة ونعمة الأمان الغائب .. يارب خلصنا من دعاة الهدم والتخريب إيا كانوا الذين يهدفون تغريب المواطن المصري في وطنه ، وبث روح الفرقة بين جموعه ، وإن كانت الدعوة اليوم ضد القضاة الذين ليسوا أنبياء أو ملائكة بل هم من نسيج هذا الشعب والدرع الواقية له ضد الديكتورية للفرد أو الجماعة تحول العبث بمقدراته وتمزيق نسيجه وتفتيت وحدته ، فهيات هيات فهم وحدهم الذين لا يقبلون في الثوب القضائي أي رجس أو دنس ، وإلي مطلقوا دعوات المليونية المشبوهة رفقا بالوطن وشعبه فللصبر حدود ولا ترهنوا علي عنصري الوقت والاستنزاف فإن غدا لناظره قريب. لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ