إختلط الحابل بالنابل.. تحولت مصر إلي حالة تستعصي علي الفهم.. نحن في طريق الديمقراطية, وفي الوقت ذاته في الطريق إلي الدكتاتورية!!.. نحاول أن نخرج من النفق, وفي اللحظة ذاتها نهرول بسرعة لدخوله!! إنتهت المرحلة الثانية مما يسمي بالانتخابات البرلمانية.. وهي في حقيقة الأمر تتحول شيئا فشيئا إلي مولد شعبي عرفنا بدايته, لكنني أتحدي من يدلني علي نهايته.. فإذا كان ملايين المصريين قد زحفوا إلي لجان الانتخابات.. فبجمع كل ما تم رصده من تجاوزات وخروقات, يؤكد أن ما يجري علي أرض مصر.. لا علاقة له بانتخاب برلمان يمثل شعبا ثار علي الفساد والجهل والعشوائية.. وإن كانت تلك الانتخابات هي الأقل في عدد القتلي والمصابين.. فهي الأكثر في عدد الجرائم التي تم ارتكابها في حق القضاة القائمين بالإشراف علي العملية الانتخابية.. وإن كانت عشرات الأحزاب تتنافس سياسيا.. فالحقيقة تؤكد أن بضعة أحزاب تقل عن أصابع اليد الواحدة تمضي في طريق آخر لا علاقة له بالسياسة ولا الديمقراطية ولا المستقبل.. فقد حولوها إلي معركة دينية واضح فيها تجهيز النار تحت الرماد لتحرق الأخضر واليابس في أسرع وقت مقبل. حزب الحرية والعدالة' المفقوس عن جماعة الإخوان المسلمين' كان يحتكر الكلام باسم الدين.. فإذا بحزب النور' المفقوس عن التيار السلفي' يقصيه بعيدا.. ويزعم أنه الوحيد القادر علي الكلام باسم الإسلام.. وكلما حصل كلاهما علي هدنة من التراشق بينهما.. نجدهما اتفقا ضد الكتلة المصرية, لإشعال الحرب مع المصريين المسيحيين.. الذين تصدر عن نفر منهم تصريحات غير مسئولة لا تقل عن حماقات بعض السلفيين.. وتهدأ الأمور ثم تشتعل.. لكن لحظة الذروة ستكون عند انتهاء تلك العملية الانتخابية.. وهذا مشهد يجب أن نتوقف أمامه لنشير إلي أن قادم الأيام ينذر بخطر شديد جدا علي الوطن.. ومع أن شباب الثورة شاهدوا هذا الفيلم دون أن يفهموه.. فإن فلول النظام الساقط, كانوا الأكثر وعيا وفهما وقدرة علي تحريك الأحداث في الاتجاه الذي يريدونه.. فهم منذ انسحاب الشرطة وتركها للوطن نهبا للبلطجة والفوضي, قادرون علي التحكم في لوحة مفاتيح المجتمع.. تتجلي الصورة عند أحداث أطفيح وإمبابة وتعقبها ما عرفناه باسم أحداث البالون التي امتدت إلي ميدان التحرير.. ثم حريق ماسبيرو الهائل.. وبعده كان حريق محمد محمود.. ومؤخرا شهدنا حريق شارع مجلس الوزراء.. والبقية تأتي!! علي سطح جسم المجتمع تمضي ما يزعمون أنها عملية ديمقراطية.. وداخل الجسم يتغلغل سرطان العنف والطائفية والفوضي والبلطجة.. بينما كل الأطراف من أصغرها إلي أكبرها, يتصارعون دون النظر إلي انهيار تلك الأمة.. وكأننا جميعا اتفقنا علي تحقيق أمنية وهدف المخلوع الذي قال إما أنا أو الفوضي.. فإذا كان الحزب الوطني بقيادة المخلوع قد حطم الماضي.. فإن فلول هذا النظام تعمل بحرفية شديدة لحرق الحاضر, وحرمان مصر من مستقبل تستحقه.. وفي تلك اللحظة ستكون الثورة ضد الذين يحاولون حرق الوطن باسم الديمقراطية والاستقرار.. فالديمقراطية لا يمكن أن تكون مولودا طبيعيا, في ظل كل تلك الإضرابات والحرائق ووسط هذا البحر من الدماء.. بداية من الجيزة إلي أسوان وصولا إلي التحرير والإسكندرية.. ناهيك عما يحدث في سيناء أو الشر المستطير القادم من حدودنا الغربية متمثلا في سلاح لا نعلم من يمتلكه.. للحظة التي أدعو الله أن يقينا شرها وخطرها!! المزيد من أعمدة نصر القفاص