عباس شراقي: احتمال الفيضان 5% فقط.. وأراضي طرح النهر معرضة للخطر    وضع حجر أساس مستشفى «الخليقة الجديدة» بأسيوط بيد البابا تواضروس    قائد عسكري إيراني: نحن أقوى هجوميًا الآن 12 مرة مُقارنة بحرب ال 12 يوما مع إسرائيل    المركزي: التوترات الجيوسياسية تسببت في التأثير على النمو والتضخم العالمي    تأخير الساعة 60 دقيقة وبدء التوقيت الشتوى 2025 فى هذا الموعد    عماد الدين حسين: اعتراض إسرائيل لأسطول غزة يفضح زيف ادعاءاتها الإنسانية(فيديو)    إيلي بريمر: الإغلاق الحكومي الأمريكي يهدد بخفض الناتج المحلي    أليسون بيكر يغيب عن ليفربول 6 أسابيع للإصابة    حارس ليل يتألق ويتصدى لثلاث ركلات جزاء.. وروما يسقط على أرضه بهدف نظيف    كرة يد - منتخب مصر يصطدم بأصحاب الأرض في بطولة العالم للناشئين    عمرو زكي يرد على شائعات مرضه: أنا بخير وبصحة جيدة    القبض على شقيقين بتهمة الاعتداء على شخصين بالأسلحة البيضاء بدمياط    تحقيق عاجل بعد اتهام مدير مدرسة بالاعتداء على طالب في شبين القناطر    استغرق ترميمها 20 عاما، معلومات لا تعرفها عن مقبرة الملك أمنحتب الثالث قبل فتحها للزيارة    هيفاء وهبي تفاجئ محبيها بطرح 5 أغاني من ألبوم «ميجا هيفا»| شاهد    منال سلامة ورانيا فريد شوقي في حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي    ماجد الكدواني يتصدر إيرادات السينما بفيلم «فيها إيه يعني» أول أيام عرضه    تكريم حنان سليمان في الدورة الثالثة لمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    استشاري مخ يكشف مدى خطورة إصابة الأطفال ب"متلازمة ريت"    هدف الشحات ينافس على الأفضل في الجولة التاسعة للدوري    أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية لمواجهة التنمر المدرسي    تعرف على نتائج الجولة السابعة من دورى المحترفين    قائمة ألمانيا لمواجهتي لوكسمبورج وأيرلندا الشمالية.. تواجد فيرتز وجنابري    الرسوم الجمركية الأمريكية تؤثر سلبًا على إنتاج الصلب الأوروبي (تفاصيل)    خبيرة: نجاح المالية في جذب اكتتابات تتجاوز 9 مليارات دولار دليل على تحسن رؤية المستثمرين للاقتصاد المصري    السكة الحديد: تعديل مواعيد بعض القطارات على بعض الخطوط بدءا من السبت    5 أفلام عربية تتألق في مهرجان ريو دي جانيرو السينمائي بالبرازيل    «ديستوبيا روبلوكس»| أطفالنا في خطر.. شهادات مرعبة من داخل الغرف المغلقة    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد: الدكتور عبد الكريم صالح شخصية العالم القرآنية في جائزة ليبيا الدولية    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    وزير المالية: قانون الحياد التنافسي ساعدنا في ترسيخ المنافسة وبناء "شراكة الثقة مع القطاع الخاص"    طريقة عمل كيكة الشوكولاتة، ألذ طعم وأسهل وصفة    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    رئيس جامعة العريش يسلم شهادات انتهاء البرنامج التدريبي الخاص بتأهيل وتدريب المعيدين الجدد    «النار دخلت في المنور».. كيف امتد حريق محل ملابس إلى عقار كامل في الهرم؟ (معايشة)    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    وائل السرنجاوي يعلن قائمته لخوض انتخابات مجلس إدارة نادي الزهور    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    قطر تستنكر فشل مجلس الأمن فى اعتماد قرار بشأن المعاناة الإنسانية فى غزة    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    المصرف المتحد يشارك في مبادرة «كتابي هديتي»    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يسري أبوشادي رئيس قسم التفتيش بالوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا ل الأهرام‏:‏إسرائيل نجحت في تخليق العفريت الإيراني‏..‏ والعرب فشلوا في صرفه‏!‏

منذ فجر بشير الفناء أوبنهايمر قنبلته الذرية فوق هيروشيما‏,‏ صارت قدرة هذه النيران المروعة مطلبا لكل شعب باحث عن حماية منها‏,فهي الداء والدواء, ولم تكن منطقة الشرق الأوسط- التي لا ترحم ضعيفا بعيدة عن درس القوة ونارها الذي يصفعها بقسوة, اليوم أكثر من أي وقت مضي. عربها مفككون, تتناهشهم الخلافات يحيون عصر طوائف جديدا, وقوي دولية وإقليمية تتصارع عليهم وبهم, إسرائيل بأنيابها النووية وغرور القوة وصلفها تهدد بمحو برنامج إيران النووي من الوجود, بعدما جردت العرب من ورقة التوت الأخيرة مثلما حدث في مصر والعراق وليبيا وسوريا, وخلفها الولايات المتحدة متحفزة بشراسة لافتراس العالم, خدمة للكيان الصهيوني الذي يدير الأمور في واشنطن, لكن يخطئ من يظن أن إيران التي أدمنت قديما عبادة النار ستدير خدها الأيسر لمن يصفعها علي خدها النووي, أو علي الأقل هذا ما يراه الخبير الدولي البارز الدكتور يسري أبوشادي كبير الخبراء بالوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس قسم الضمانات( التفتيش) سابقا- الذي أسهمت جهوده وزملائه في منح الوكالة جائزة نوبل مناصفة مع الدكتور البرادعي- وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية في حواره مع الأهرام حول التهديدات العاصفة من اسرائيل والغرب لطهران بتوجيه ضربة وقائية قاصمة, و احتمالات تنفيذها فعليا, و ما قد يترتب علي ذلك من تداعيات إقليمية ودولية, وعن البرامج النووية العربية المجهضة و الأخطار القاسية المحيطة بمصر, كاشفا عن( مفاجآت وأسرار) تستحق الوقوف أمامها بعناية وتدبر, قبل أن تضيع الفرصة من بين أيدينا وتحاصرنا النيران من كل جانب, في إطار لعبة الأمم التي قد تفتح صندوق بندورة لا تنتهي مخاطره ومشكلاته..
دكتور أبوشادي.. من خلال خبراتكم ومناصبكم الدولية, كيف ترون الضجيج الصاخب حول التهديدات الإسرائيلية بشن ضربات استباقية ضد منشآت إيران النووية وما يثار حول قدرة طهران علي رد مزلزل و خلط جميع الأوراق في المنطقة ؟
علينا أولا أن ندرك أسباب هذا الضجيج, وتتمثل في أن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الحالي يوكيا أمانو أصدر تقريرا حول البرنامج الإيراني, مزودا بملحق عنوانه احتمال الأبعاد العسكرية للبرنامج النووي الإيراني في15 صفحة, وهذا التقرير يعود إلي عهد الدكتور البرادعي في2008, وقد كان البرادعي حتي ذلك التاريخ يتعامل بنوع من الحيادية مع إيران, قبل أن يغير نهجه فجأة, ويقوم بإدخال تقارير( المخابرات الأمريكية) في صلب تقارير الوكالة, وساعتها اعترضت بحكم منصبي علي ذلك, لأن التقارير الأمريكية لا تراعي سوي مصلحة إسرائيل, المهم أن تقرير البرادعي المشار إليه احتوي علي ثلاثة اتهامات لطهران,مصدرها أمريكي: أنها تسعي إلي تصنيع قنبلة ذرية, عبر تصنيع يورانيوم معدني, وأنها تقوم بتفجيرات عالية الشدة قد تستخدم في القنبلة, وأنها تطور صواريخ( شهاب-3) لحمل رءوس نووية,وبالطبع كل هذا دون دليل إلا التقارير المخابراتية الأمريكية, وهكذا سار الأمر, حتي جاء تقرير يوكيا أمانو أخيرا فلم يضف شيئا جديدا لتقرير البرادعي, لكنه أسهب في التفاصيل, ومن هنا توهم البعض فيه جديدا ذا شأن..فالدكتور محمد البرادعي هو أساسا من يتحمل مسئولية التصعيد الحادث الآن, ولا غرابة فالرجل عمل ضد بلده مصر وبرنامجها النووي إرضاء لجهات, فكيف بالدول الأخري..؟!
شقوق في جدار القوة
لكن إسرائيل والغرب اتخذت التقرير قاعدة لإطلاق التهديدات العاصفة بضرب إيران..
إسرائيل ركبت الموجة كالعادة وساعدتها, في هذه المهزلة أو الأضحوكة, الآلة الإعلامية العالمية, هذا التقرير لا يعدو أن يكون مخلب قط, وهي تعلم قبل غيرها أنها لاتملك ولا تستطيع أن تضرب البرنامج النووي الإيراني...
أقاطعه: لكن موازين القوي و تقارير مراكز البحوث والإعلام الإسرائيلية والغربية, تقول بعكس ذلك..
عليك أن تعلم أن أمريكا وإسرائيل كان يمكنهما إعاقة وضرب برنامج إيران, قبل2006, أي قبل انخراطها في التخصيب وامتلاكها دورة الوقود النووي, والمختبرات البحثية والمناجم التعدينية والكوادر الفنية والمفاعلات, أقول لك الآن( فات الميعاد) علي ذلك, فالقدرات الإيرانية اليوم ضخمة, وتحوز نحو5000 كيلوجرام يورانيوم متوسط التخصيب(5,3%), و80 كجم مرتفع التخصيب(20%) ويمكنها بسهولة, في غضون عام واحد أو أقل, رفعها إلي نسبة(90%) اللازمة لإنتاج القنبلة الذرية, لكن هذا مرتبط بنية وإصرار الإيرانيين علي امتلاكها, هم فقط من يعرف.. لقد تخطت إيران( العتبة النووية),ويستحيل وقفها, ولديها منشآت نووية كثيرة مثل: نتانز وقم وآراك وبوشهر واصفهان ومنشآت غير معروفة حتي لأجهزة المخابرات,كلها موزعة في أماكن متباعدة ومحصنة تحصينا شديدا أسفل الجبال, ومن ثم فضربة هنا أو هناك لن تحد من قدرة إيران.
* لكن لو افترضنا حدوث ضربة مدمرة من جانب تل أبيب أو واشنطن ما السيناريو المحتمل للأحداث ورد الفعل إلإيراني..؟
من وجهة نظر فنية, مفاعل بوشهر يصعب ضربه, لأنه سيوجد كارثة بيئية في المنطقة برمتها, وهو ما يرفضه العالم, وقد توجه الضربة إلي قم, وآراك الذي يستخرج منه البلوتونيوم, وتلك الضربة ستعطل البرنامج قليلا, ستعطي طهران ذريعة للانسحاب من معاهدة الحد من الانتشار النووي, والقيام بتصنيع قنبلتها الذرية( فورا), علي غرار ما جري في كوريا الشمالية.. ومن الناحية العسكرية لن تكون تلك الضربة نزهة, فبرغم الخسائر الكبيرة التي ستتحملها الجمهورية الإسلامية فإنها ستنقل المعركة وتواجه اسرائيل في عقر دارها, من خلال صواريخها بعيدة المدي وضرب المنشآت الرئيسية في الدولة العبرية, وتفعيل شبكة حلفائها مثل سوريا وحزب الله وحماس في غزة, وخلاياها النشيطة أو النائمة في العراق وغيره من دول المنطقة للقيام بعمليات نوعية ضد إسرائيل والمصالح الأمريكية والغربية- فالجنود الأمريكيون في افغانستان ومن تبقي منهم في العراق هم هدف يسهل اقتناصه وإحداث خسائر جسيمة بينهم لا يتحملها الرأي العام الأمريكي- ويمكن لعشرات ألوف الصواريخ التي بحوزة حزب الله اللبناني أن تغطي كل المدن الإسرائيلية, وقد تتطور الوقائع بضرب المنشآت النفطية في الخليج, وإغلاق الإيرانيين مضيق هرمز, ومنع وصول ربع النفط العالمي إلي الأسواق الدولية, وهو سيناريو يخشاه العالم بأسره, ويقفز بأسعار النفط إلي مستويات خيالية, ويوسع الجبهة ويفجر المنطقة وما حولها... وهذا ما يجعل ضرب إيران نوعا من( الجنون) خاصة أنه لن يفضي إلي النتيجة المرجوة, إنما سيسرع وتيرة البرنامج العسكري, أي التعجيل بما يخشاه الجميع في كوابيسهم قنبلة إيران النووية.
* هذا التفصيل ينطوي علي تناقض واضح: تقول إن برنامج إيران سلمي وتقول كذلك إنها تستطيع حيازة القنبلة في أقل من عام أو( فورا) إذا هوجمت, فكيف تفك الأحجية..؟!
هناك فرق بين حيازة السلاح النووي, وامتلاك( دورة المعرفة به) وإمكانية إنتاجه, وقد اعتبرت منظمة التفجيرات النووية أن هناك44 دولة في العالم لديها قدرات نووية, ولا يعني وجود تلك القدرات لدي دولة ما بالضرورة نيتها في إنتاج سلاح نووي, هل نتخيل أن دولا محايدة مثل سويسرا و السويد و فنلندا أو حتي ألمانيا واليابان غير قادرة علي إنتاج تلك النوعية من الأسلحة, هي قادرة لكنها لا تريد, علي المستوي السياسي.
إرهاب..و اتهام خطير
معني هذا أن إسرائيل يئست وستتوقف عن ملاحقة أو كبح البرنامج الإيراني..؟
بالطبع لا.. فإسرائيل لم تتوقف لحظة, وتفعل ذلك بطرق متعددة, فهي تمارس( إرهابا منظما), مثل الحرب الإلكترونية عن بعد, والجاسوسية والعمليات النوعية, واصطياد علماء الذرة الإيرانيين وقتلهم كما فعلت في الستينيات مع الخبراء الأجانب, في برنامج الصواريخ المصري وللأسف وكالة الطاقة الذرية( ضالعة) إلي جانب إسرائيل وأمريكا في تلك الحرب السرية, فقد زودتهما بلائحة كاملة بها أسماء العلماء البارزين في إيران, ويتم حاليا تصفيتهم, بل أيضا خبراء الصواريخ والصناعات الحساسة, علي نحو ما جري منذ فترة قريبة, وأحيانا تعلن السلطات في طهران عن هذه العمليات, أو لا تعلن..
أسرع إلي مقاطعته: هذا اتهام خطير ومباشر إلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية, فهل تتحمل مسئوليته..؟!
نعم.. ودعني أذيع سرا بأن إيران تعد حاليا لرفع دعوي قضائية ضد الوكالة, لهذا السبب, أمام محكمة دولية, لأن المعلومات التي منحتها إيران للوكالة سربت إلي إسرائيل والولايات المتحدة..!
تخليق البعبع..!
هذا ما يجري علي السطح أمام أعين العالم, لكن ألا تري أن العلاقة بين مثلث طهران واشنطن تل أبيب مثل جبل الثلج, تخفي( تحالفا), مثلما اشتركوا في فضيحة إيران كونترا, أو القضاء علي عراق صدام حسين, وتغيير موازين القوي في غير مصلحة العرب, وأن الصراع الحالي ربما يكون تمثيلية متقنة في إطار لعبة الأمم؟
أنا أشك في وجود مثل هذا التحالف, لكن الحادث هو أن أمريكا أرادت إيجاد( بعبع) أو( عفريت), لكي تخيف به الدول المحيطة, فترتمي في أحضان واشنطن, طالبة الحماية و تسلم قيادها ومصالحها إليها, حدث هذا أيضا مع كوريا الشمالية بأن دفعتها واشنطن إلي تصنيع سلاح نووي, بعدما نقضت معها أمريكا عهودها وافتراء السفير الأمريكي وكذبه علي بيونج يانج, بعدما وافقت علي التخلي عن برنامجها النووي وقد كنت مفتشا هناك- وجعلت منها أمريكا( بعبعا) لليابان وكوريا الجنوبية البلدين الغنيين الصاعدين المحيطين بالصين عدوها اللدود, والشيء نفسه ينطبق علي إيران في منطقة الشرق الأوسط لتخويف دول الخليج ذات الثروات النفطية المهمة, فلا تجد من ينقذها من البعبع الإيراني سوي أمريكا وإسرائيل, أي أن المهم هو تخليق البعبع في المنطقة, وأعتقد أنهم نجحوا فعلا في ذلك..!
ولماذا عجزت وكالة الطاقة الدولية بمفتشيها وأجهزتها المختلفة حتي الآن عن قول كلمة فاصلة جازمة حول إيران برنامجها سلمي أو عسكري ؟
الوكالة مكونة من5 أقسام فنية كبيرة, ومنها قسم الضمانات المسئول عن التفتيش الذي شرفت بالعمل فيه ورئاسته نحو21 عاما- وهو ينقسم بدوره إلي ثلاثة أقسام أساسية, ودون الدخول في تفاصيل, فإن مفتشي الوكالة وأجهزتها المختلفة يؤدون عملهم باحتراف كبير وبشكل جيد, وبعد ذلك ترفع التقارير لنائب مديرالوكالة للضمانات, الذي يرفع التقارير إلي المدير العام, وفي تلك المنطقة( النائب- المدير) تدخل الاعتبارات السياسية وألاعيبها والعبث بالتقارير وفقا لمصالح دول, علي حساب أخري لاسيما تلك التي تنظر لها إسرائيل وأمريكا بوصفها إزعاجا, وإيران من أكثر دول العالم خضوعا للتفتيش المستمر.
هل تعني أن الوكالة الدولية صارت( أداة) في يد الولايات المتحدة ؟
لا يوجد تفسير آخر.. ويمكنك أن تسأل الدكتور البرادعي(!), فعندما تخرج جميع التقارير هجومية الطابع عن الوكالة ضد كوريا الشمالية, إيران, سوريا, مصر, ليبيا, العراق سابقا.. دون أن تسمع تقريرا عن ألمانيا أو أسبانيا أو السويد أو اليابان, أليس لديهم مخالفات فنية ؟!..لديهم لكن يتم التغاضي عنها, وأريد أن أوضح أن المخالفات الفنية لا تعني بالضرورة أنها تقوم بإنتاج قنبلة نووية.
هذا الوضع يفرض تساؤلا محرجا عن دور دول كروسيا والصين وحضورها في المنظمة الدولية؟
وما الذي تدفعه هذه الدول في ميزانية الوكالة, واشنطن تسدد وحدها ثلث ميزانية الوكالة خصوصا( قسم الضمانات), لأنه مصدر مهم للمعلومات الاستخباراتية والإحاطة بقدرات الدول الأخري.
لا أحد يتحدث..!
ولماذا لا نسمع شيئا عن الترسانة النووية للكيان الصهيوني من جانب العرب ؟
حالة نفاق معلن, فلا أحد يتحدث بجدية عن البرنامج الإسرائيلي الذي يحتوي علي مابين200 و300 رأس نووي,ولا يخضع للتفتيش, إذ لم توقع تل أبيب علي معاهدة منع الانتشار, وتقدم لها واشنطن والعواصم الغربية مظلة حماية ضد الضغوط, والرئيس الأمريكي الوحيد الذي وقف في وجهها هو جون كينيدي وربما كان هذا سبب اغتياله, وكل الرؤساء بعده شجعوا إسرائيل علي التهرب وانتهاج ما يعرف بسياسة( الغموض النووي), وحتي أوباما نفسه أشاد بذلك في انحياز فاضح, لقد دمرت واشنطن( العراق) لأجل شبهة نووية وتخنق كوريا وايران ومصر وغيرها,بينما تشجع الدولة العبرية علي إنتاج السلاح النووي وتحميها, وهذا يبرز أن إسرائيل أقوي من أمريكا, فهي التي تسيطر علي مراكز الحكم في واشنطن, عن طريق جماعات الصهيونية العالمية واللوبي الإسرائيلي, وهو ما نشهد أصابعه في الأحداث التي تجري بالمنطقة العربية.
كشفت وثائق( ويكليكيس) عن وجود تحريض عربي خليجي علي برنامج إيران النووي المشكوك في( سلميته)؟
دول الخليج خائفة من إيران نووية قوية وهي تحتل جزرا إماراتية ولها نفوذ في البحرين والكويت و المنطقة الشرقية بالسعودية, ومن ثم فالعفريت حاضر ولا يمكن صرفه, والبديل هو مظلة واشنطن والناتو...
* نعم لكن هذه المخاوف لها أساس, فما حاجة إيران ثاني أكبر منتج للغاز ورابع أكبر منتج للنفط في العالم إلي برنامج ومحطات نووية؟
مصادر الطاقة التقليدية في طريقها للنضوب, وإيران دولة حقيقية, تنظر للمستقبل وتدرك مدي احتياجها لتوليد الطاقة اللازمة للتنمية والتقدم, والخيار النووي هو الحل الوحيد لأزمة الطاقة, وهم يسيرون بشكل صحيح, فمثلا مفاعل بوشهر يولد طاقة كهربية, وبالتالي يوفر كميات كبيرة من النفط للتصدير, أو تصنيع البتروكيماويات لدعم الاقتصاد والازدهار, وهذا ما أدركته دول الخليج النفطية نفسها, فقد وقعت الإمارات اتفاقية مع كوريا الجنوبية بعشرات المليارات لإقامة سلسلة من المحطات النووية, وكذلك تنوي والسعودية إنفاق نحو100 مليار دولار لأجل ذلك وأيضا الأردن, والجزائر, وحتي سوريا والسودان,..
الإخفاق المصري
وأين البرنامج النووي المصري ؟
مصر كانت من أولي دول العالم الثالث التي بدأت برنامجا نوويا في الخمسينيات, علي يد جمال عبدالناصر, وأرسلت مبعوثين إلي دول متقدمة, و أنشأت مفاعلا في أنشاص واتخذت خطوات جادة لكن حرب1967 عرقلتها, وبعد توقيع السادات اتفاقية السلام سعي لاستئناف البرنامج وأجبر علي التصديق علي معاهدة الانتشار النووي, وبدأنا في مشروع الضبعة, قبل وفاته, وجاء مبارك فعلق المشروع عام1986 بعد حادثة تشرنوبيل, دون داع, رضوخا لضغوط واشنطن وتل أبيب, وبعد ربع قرن اكتشفنا الكارثة التي صنعها بنا, وأن مصر ستضيع تماما, في غضون10 سنوات مالم يستأنف البرنامج النووي لتوليد الطاقة, لأن الاحتياطي النفطي أوشك علي النفاد والغاز يتم استنزافه, وتئن موازنة الدولة تحت ضغط( دعم الطاقة) بأشكاله المتعددة الذي تجاوز نحو100 مليار جنيه, وبرغم ذلك تكاد المصانع تتوقف, وعادت الانقطاعات الكهربائية في الصيف الماضي والسابق عليه, لاتجاه الدولة إلي استيراد المشتقات البترولية اللازمة لتشغيل محطات التوليد بأسعار مرتفعة وتقديمها مدعومة بفارق كبير, وكان من المفترض تقديم عطاءات المحطة النووية الأولي في يناير الماضي, لكن الأحداث حالت دون ذلك, وهو ما ينذر بكارثة رهيبة لو استمرت الأمور علي هذا الإهمال, لأن مصر ستعجز تماما عن تلبية الطلب علي الطاقة بالوقود النفطي المستورد, فنحن نحتاج نحو40 ألف ميجاوات إضافية في عام2020, ينبغي أن يكون50% منها من محطات نووية, وعلينا أن ننظر إلي دول مثل اليابان أو فرنسا التي تولد70% من الكهرباء من محطات نووية, الخيار النووي صار ضرورة لمصر لتوليد الطاقة قبل أن تتوقف المصانع وتظلم القري والبيوت, لتحلية المياه, والإسهام في الطب والزراعة والهندسة الوراثية وغيرها من المجالات, والبداية هي المسارعة بإنشاء اربع محطات مصرية في موقع الضبعة ووزارة للطاقة النووية أو هيئة تتبع رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء.
هل نملك القدرة علي إدارة برنامج نووي في حين نعجز عن تنظيف شوارعنا؟
ليس لدينا خيارا هذه ضرورة حياة, ولقد أمضيت زمنا طويلا أدعو لذلك وأنبه لخطورة الموقف لكن النظام المخلوع عمل ودن من طين وأخري من عجين, لدي مصر ثروة من أبنائها الباحثين والمهندسين الذين يمكنهم البدء في مشروع نووي جاد ولديها علماء مرموقون في كل بلاد الدنيا, وقسم للهندسة النووية بجامعة الاسكندرية, ومركز للأبحاث بجامعة القاهرة, والمقومات كلها موجودة, وأنا أناشد جميع المصريين وأصحاب المناصب والسلطة إقالة عثرة بلدهم النووية, قبل أن تنطفيء الأنوار في مهد النور والحضارة ويرحل عنها أصحاب العقول والكفاءات المخلصون, من أبنائها, فالوضع لا يحتمل مزيدا من الصبر والتقاعس, في منطقة تموج بمتغيرات عاصفة.. لقد أوقدنا( شعلة النار) للعالم, واليوم نقبض علي الجمر, بعدما صرنا في مؤخرة الصف وانطفأ الوهج, فعلينا أن نشعل( النار) حتي نستضيء ثانية, أو نضيع دون رجعة تحت أقدام الآخرين, وتعصف بنا رهانات القوة العارية من كل رادع.
لقد علمنا التاريخ أن الكلمة الأخيرة تبقي للأقوي الذي يصبح أقوي في حال كان حقا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.