مباحثات مصرية ايطالية لتعزيز التعاون المشترك فى مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات    الخطوط الجزائرية تلغي جميع رحلاتها إلى الأردن حتى إشعار آخر    الأهلي يختتم تدريباته استعدادًا لمباراة بالميراس    وزير خارجية الكويت: نأمل في خفض التصعيد بالمنطقة وجهودنا الدبلوماسية لم تتوقف    انتهاء عمليات البحث بالمنزل المنهار فى السيدة زينب بعد استخراج 8 جثث    آخر موعد لتقديم مرحلة رياض الأطفال KG1 في القليوبية (الشروط والأوراق المطلوبة)    أسامة كمال: حديث نتنياهو عن امتلاك إيران لسلاح نووي قديم ومكرر منذ 2011    «بتوع مصلحتهم».. الأبراج الثلاثة الأكثر نرجسية    هل يجوز للزوجة زيارة والدتها المريضة رغم رفض الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    ما الفرق بين القرض والتمويل؟.. أمين الفتوى يجيب    تأجيل محاكمة متهمي نشر أخبار كاذبة    حكاية عامل صوَّر السيدات داخل دورة المياه في كافيه بالدقي    الأهلي يرد على العرض الأمريكي لضم وسام أبو علي.. شوبير يكشف    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في جنوب غزة    يوليو المقبل.. حميد الشاعري و3 فنانين يجتمعون في حفلة بالساحل الشمالي    جامعة الأزهر ضمن أفضل 300 جامعة بالعالم وفقًا لتصنيف US NEWS الأمريكي    نكران الجميل.. عامل يقتل رب عمله ويقطع جثته إلى أشلاء بغرض سرقته    الشيخ خالد الجندي: استحضار الله في كل الأمور عبادة تحقق الرضا    خالد الجندي: «داري على شمعتك تِقيد» متفق مع صحيح العقيدة فالحسد مدمر (فيديو)    الجبهة الوطنية يقرر إرجاء المؤتمر الجماهيري بالقليوبية    بعد شائعات الخلاف مع ميدو.. عبد الواحد السيد يكشف ل"أهل مصر" كواليس طلبه الحصول على إبراء ذمة مالية    وكيل شباب الفيوم يستقبل لجنة هيئة تعليم الكبار لتفعيل مبادرة "المصريون يتعلمون"    «فات الميعاد».. صفع متبادل بين أحمد مجدي وأسماء أبواليزيد ينهي الحلقة الخامسة    مينا مسعود يروج لحلقته مع منى الشاذلي بعد عرض فيلمه «في عز الضهر» (مواعيد وقنوات العرض)    ننشر موازنة اتحاد الغرف السياحية.. 54 مليون جنيه إيرادات و26 مصروفات    الرئيس الصيني: يحيط بإيران 20 قاعدة أمريكية بينما يحيط بنا 300    أستاذ علوم سياسية: إسرائيل تمارس «هندسة إبادة جماعية» بحق الفلسطينيين وسط صمت دولي    محافظ الأقصر يتفقد المرحلة السابعة من مشروع سترة السكني    خالد الجندي يوضح الفرق بين قول "بإذن الله" و"إن شاء الله"    رئيس الرعاية الصحية والعلاجية يتفقد منشآت فرع الإسماعيلية    بعد الإقلاع عن التدخين- إليك طرق تنظيف الرئتين من النيكوتين    نقيب المحامين يحذر حكومة الانقلاب : «الرسوم القضائية» غير قانونية وتمثل عبئًا غير محتمل على المواطنين    مان سيتي ضد الوداد.. عمر مرموش يقود تشكيل السيتي في كأس العالم للأندية    مشروعات تعليمية جديدة في قويسنا ومنوف لدعم المنظومة التعليمية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر2025    إيران تمدد تعليق الرحلات الداخلية والدولية حتى فجر غد الخميس    بيراميدز يقترب من خطف صفقة الأهلي والزمالك (تفاصيل)    رامي جمال يكشف عن فريق عمل ألبومه الجديد "محسبتهاش" وهذا موعد طرحه    الحرب الإسرائيلية الإيرانية تنعكس على الفاعليات الثقافية    ضبط 15 ألف عبوة مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    منتخب مصر يفوز على السعودية في افتتاح بطولة العالم لشباب اليد    محافظ الأقصر يتفقد المرحلة السابعة من مشروع «سترة» بعد تسليمه للمستفيدين    الحكومة توافق على إنشاء منطقة جرجوب الاقتصادية    حصريا ولأول مرة.. قناة النيل للأخبار في هيئة الرقابة النووية المصرية    تعرف علي ضوابط إصدار تراخيص إنشاء المواقع الإلكترونية    مدينة الدواء تطلق الموجة الثانية من برنامج Partners في الزقازيق    تقديم خدمات طيبة علاجية مجانية ل 189 مريضا من الأولى بالرعاية بالشرقية    ضبط 79 مخالفة تموينية متنوعة خلال حملات مكثفة على الأسواق بالفيوم    فليك يجتمع مع شتيجن لحسم مصيره مع برشلونة    محافظ القليوبية يعقد لقاء المواطنين الأسبوعي للتواصل معهم وحل مشاكلهم بشبين القناطر    الأمم المتحدة تدين إطلاق النار على مدنيين يبحثون عن الطعام في غزة    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    الصحة: إصدار أكثر من 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    الأرصاد تكشف عن ارتفاع درجات الحرارة ابتداء من الجمعة    وكيل لاعبين: الزمالك أهدر 300 مليون جنيه من صفقة انتقال "زيزو" ل نيوم السعودي    كاد يكلف صنداونز هدفا.. تطبيق قانون ال8 ثوان لأول مرة بكأس العالم للأندية (صورة)    ترامب يختتم اجتماعه بفريق الأمن القومي الأمريكي وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يسري أبوشادي رئيس قسم التفتيش بالوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا ل الأهرام‏:‏إسرائيل نجحت في تخليق العفريت الإيراني‏..‏ والعرب فشلوا في صرفه‏!‏

منذ فجر بشير الفناء أوبنهايمر قنبلته الذرية فوق هيروشيما‏,‏ صارت قدرة هذه النيران المروعة مطلبا لكل شعب باحث عن حماية منها‏,فهي الداء والدواء, ولم تكن منطقة الشرق الأوسط- التي لا ترحم ضعيفا بعيدة عن درس القوة ونارها الذي يصفعها بقسوة, اليوم أكثر من أي وقت مضي. عربها مفككون, تتناهشهم الخلافات يحيون عصر طوائف جديدا, وقوي دولية وإقليمية تتصارع عليهم وبهم, إسرائيل بأنيابها النووية وغرور القوة وصلفها تهدد بمحو برنامج إيران النووي من الوجود, بعدما جردت العرب من ورقة التوت الأخيرة مثلما حدث في مصر والعراق وليبيا وسوريا, وخلفها الولايات المتحدة متحفزة بشراسة لافتراس العالم, خدمة للكيان الصهيوني الذي يدير الأمور في واشنطن, لكن يخطئ من يظن أن إيران التي أدمنت قديما عبادة النار ستدير خدها الأيسر لمن يصفعها علي خدها النووي, أو علي الأقل هذا ما يراه الخبير الدولي البارز الدكتور يسري أبوشادي كبير الخبراء بالوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس قسم الضمانات( التفتيش) سابقا- الذي أسهمت جهوده وزملائه في منح الوكالة جائزة نوبل مناصفة مع الدكتور البرادعي- وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية في حواره مع الأهرام حول التهديدات العاصفة من اسرائيل والغرب لطهران بتوجيه ضربة وقائية قاصمة, و احتمالات تنفيذها فعليا, و ما قد يترتب علي ذلك من تداعيات إقليمية ودولية, وعن البرامج النووية العربية المجهضة و الأخطار القاسية المحيطة بمصر, كاشفا عن( مفاجآت وأسرار) تستحق الوقوف أمامها بعناية وتدبر, قبل أن تضيع الفرصة من بين أيدينا وتحاصرنا النيران من كل جانب, في إطار لعبة الأمم التي قد تفتح صندوق بندورة لا تنتهي مخاطره ومشكلاته..
دكتور أبوشادي.. من خلال خبراتكم ومناصبكم الدولية, كيف ترون الضجيج الصاخب حول التهديدات الإسرائيلية بشن ضربات استباقية ضد منشآت إيران النووية وما يثار حول قدرة طهران علي رد مزلزل و خلط جميع الأوراق في المنطقة ؟
علينا أولا أن ندرك أسباب هذا الضجيج, وتتمثل في أن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الحالي يوكيا أمانو أصدر تقريرا حول البرنامج الإيراني, مزودا بملحق عنوانه احتمال الأبعاد العسكرية للبرنامج النووي الإيراني في15 صفحة, وهذا التقرير يعود إلي عهد الدكتور البرادعي في2008, وقد كان البرادعي حتي ذلك التاريخ يتعامل بنوع من الحيادية مع إيران, قبل أن يغير نهجه فجأة, ويقوم بإدخال تقارير( المخابرات الأمريكية) في صلب تقارير الوكالة, وساعتها اعترضت بحكم منصبي علي ذلك, لأن التقارير الأمريكية لا تراعي سوي مصلحة إسرائيل, المهم أن تقرير البرادعي المشار إليه احتوي علي ثلاثة اتهامات لطهران,مصدرها أمريكي: أنها تسعي إلي تصنيع قنبلة ذرية, عبر تصنيع يورانيوم معدني, وأنها تقوم بتفجيرات عالية الشدة قد تستخدم في القنبلة, وأنها تطور صواريخ( شهاب-3) لحمل رءوس نووية,وبالطبع كل هذا دون دليل إلا التقارير المخابراتية الأمريكية, وهكذا سار الأمر, حتي جاء تقرير يوكيا أمانو أخيرا فلم يضف شيئا جديدا لتقرير البرادعي, لكنه أسهب في التفاصيل, ومن هنا توهم البعض فيه جديدا ذا شأن..فالدكتور محمد البرادعي هو أساسا من يتحمل مسئولية التصعيد الحادث الآن, ولا غرابة فالرجل عمل ضد بلده مصر وبرنامجها النووي إرضاء لجهات, فكيف بالدول الأخري..؟!
شقوق في جدار القوة
لكن إسرائيل والغرب اتخذت التقرير قاعدة لإطلاق التهديدات العاصفة بضرب إيران..
إسرائيل ركبت الموجة كالعادة وساعدتها, في هذه المهزلة أو الأضحوكة, الآلة الإعلامية العالمية, هذا التقرير لا يعدو أن يكون مخلب قط, وهي تعلم قبل غيرها أنها لاتملك ولا تستطيع أن تضرب البرنامج النووي الإيراني...
أقاطعه: لكن موازين القوي و تقارير مراكز البحوث والإعلام الإسرائيلية والغربية, تقول بعكس ذلك..
عليك أن تعلم أن أمريكا وإسرائيل كان يمكنهما إعاقة وضرب برنامج إيران, قبل2006, أي قبل انخراطها في التخصيب وامتلاكها دورة الوقود النووي, والمختبرات البحثية والمناجم التعدينية والكوادر الفنية والمفاعلات, أقول لك الآن( فات الميعاد) علي ذلك, فالقدرات الإيرانية اليوم ضخمة, وتحوز نحو5000 كيلوجرام يورانيوم متوسط التخصيب(5,3%), و80 كجم مرتفع التخصيب(20%) ويمكنها بسهولة, في غضون عام واحد أو أقل, رفعها إلي نسبة(90%) اللازمة لإنتاج القنبلة الذرية, لكن هذا مرتبط بنية وإصرار الإيرانيين علي امتلاكها, هم فقط من يعرف.. لقد تخطت إيران( العتبة النووية),ويستحيل وقفها, ولديها منشآت نووية كثيرة مثل: نتانز وقم وآراك وبوشهر واصفهان ومنشآت غير معروفة حتي لأجهزة المخابرات,كلها موزعة في أماكن متباعدة ومحصنة تحصينا شديدا أسفل الجبال, ومن ثم فضربة هنا أو هناك لن تحد من قدرة إيران.
* لكن لو افترضنا حدوث ضربة مدمرة من جانب تل أبيب أو واشنطن ما السيناريو المحتمل للأحداث ورد الفعل إلإيراني..؟
من وجهة نظر فنية, مفاعل بوشهر يصعب ضربه, لأنه سيوجد كارثة بيئية في المنطقة برمتها, وهو ما يرفضه العالم, وقد توجه الضربة إلي قم, وآراك الذي يستخرج منه البلوتونيوم, وتلك الضربة ستعطل البرنامج قليلا, ستعطي طهران ذريعة للانسحاب من معاهدة الحد من الانتشار النووي, والقيام بتصنيع قنبلتها الذرية( فورا), علي غرار ما جري في كوريا الشمالية.. ومن الناحية العسكرية لن تكون تلك الضربة نزهة, فبرغم الخسائر الكبيرة التي ستتحملها الجمهورية الإسلامية فإنها ستنقل المعركة وتواجه اسرائيل في عقر دارها, من خلال صواريخها بعيدة المدي وضرب المنشآت الرئيسية في الدولة العبرية, وتفعيل شبكة حلفائها مثل سوريا وحزب الله وحماس في غزة, وخلاياها النشيطة أو النائمة في العراق وغيره من دول المنطقة للقيام بعمليات نوعية ضد إسرائيل والمصالح الأمريكية والغربية- فالجنود الأمريكيون في افغانستان ومن تبقي منهم في العراق هم هدف يسهل اقتناصه وإحداث خسائر جسيمة بينهم لا يتحملها الرأي العام الأمريكي- ويمكن لعشرات ألوف الصواريخ التي بحوزة حزب الله اللبناني أن تغطي كل المدن الإسرائيلية, وقد تتطور الوقائع بضرب المنشآت النفطية في الخليج, وإغلاق الإيرانيين مضيق هرمز, ومنع وصول ربع النفط العالمي إلي الأسواق الدولية, وهو سيناريو يخشاه العالم بأسره, ويقفز بأسعار النفط إلي مستويات خيالية, ويوسع الجبهة ويفجر المنطقة وما حولها... وهذا ما يجعل ضرب إيران نوعا من( الجنون) خاصة أنه لن يفضي إلي النتيجة المرجوة, إنما سيسرع وتيرة البرنامج العسكري, أي التعجيل بما يخشاه الجميع في كوابيسهم قنبلة إيران النووية.
* هذا التفصيل ينطوي علي تناقض واضح: تقول إن برنامج إيران سلمي وتقول كذلك إنها تستطيع حيازة القنبلة في أقل من عام أو( فورا) إذا هوجمت, فكيف تفك الأحجية..؟!
هناك فرق بين حيازة السلاح النووي, وامتلاك( دورة المعرفة به) وإمكانية إنتاجه, وقد اعتبرت منظمة التفجيرات النووية أن هناك44 دولة في العالم لديها قدرات نووية, ولا يعني وجود تلك القدرات لدي دولة ما بالضرورة نيتها في إنتاج سلاح نووي, هل نتخيل أن دولا محايدة مثل سويسرا و السويد و فنلندا أو حتي ألمانيا واليابان غير قادرة علي إنتاج تلك النوعية من الأسلحة, هي قادرة لكنها لا تريد, علي المستوي السياسي.
إرهاب..و اتهام خطير
معني هذا أن إسرائيل يئست وستتوقف عن ملاحقة أو كبح البرنامج الإيراني..؟
بالطبع لا.. فإسرائيل لم تتوقف لحظة, وتفعل ذلك بطرق متعددة, فهي تمارس( إرهابا منظما), مثل الحرب الإلكترونية عن بعد, والجاسوسية والعمليات النوعية, واصطياد علماء الذرة الإيرانيين وقتلهم كما فعلت في الستينيات مع الخبراء الأجانب, في برنامج الصواريخ المصري وللأسف وكالة الطاقة الذرية( ضالعة) إلي جانب إسرائيل وأمريكا في تلك الحرب السرية, فقد زودتهما بلائحة كاملة بها أسماء العلماء البارزين في إيران, ويتم حاليا تصفيتهم, بل أيضا خبراء الصواريخ والصناعات الحساسة, علي نحو ما جري منذ فترة قريبة, وأحيانا تعلن السلطات في طهران عن هذه العمليات, أو لا تعلن..
أسرع إلي مقاطعته: هذا اتهام خطير ومباشر إلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية, فهل تتحمل مسئوليته..؟!
نعم.. ودعني أذيع سرا بأن إيران تعد حاليا لرفع دعوي قضائية ضد الوكالة, لهذا السبب, أمام محكمة دولية, لأن المعلومات التي منحتها إيران للوكالة سربت إلي إسرائيل والولايات المتحدة..!
تخليق البعبع..!
هذا ما يجري علي السطح أمام أعين العالم, لكن ألا تري أن العلاقة بين مثلث طهران واشنطن تل أبيب مثل جبل الثلج, تخفي( تحالفا), مثلما اشتركوا في فضيحة إيران كونترا, أو القضاء علي عراق صدام حسين, وتغيير موازين القوي في غير مصلحة العرب, وأن الصراع الحالي ربما يكون تمثيلية متقنة في إطار لعبة الأمم؟
أنا أشك في وجود مثل هذا التحالف, لكن الحادث هو أن أمريكا أرادت إيجاد( بعبع) أو( عفريت), لكي تخيف به الدول المحيطة, فترتمي في أحضان واشنطن, طالبة الحماية و تسلم قيادها ومصالحها إليها, حدث هذا أيضا مع كوريا الشمالية بأن دفعتها واشنطن إلي تصنيع سلاح نووي, بعدما نقضت معها أمريكا عهودها وافتراء السفير الأمريكي وكذبه علي بيونج يانج, بعدما وافقت علي التخلي عن برنامجها النووي وقد كنت مفتشا هناك- وجعلت منها أمريكا( بعبعا) لليابان وكوريا الجنوبية البلدين الغنيين الصاعدين المحيطين بالصين عدوها اللدود, والشيء نفسه ينطبق علي إيران في منطقة الشرق الأوسط لتخويف دول الخليج ذات الثروات النفطية المهمة, فلا تجد من ينقذها من البعبع الإيراني سوي أمريكا وإسرائيل, أي أن المهم هو تخليق البعبع في المنطقة, وأعتقد أنهم نجحوا فعلا في ذلك..!
ولماذا عجزت وكالة الطاقة الدولية بمفتشيها وأجهزتها المختلفة حتي الآن عن قول كلمة فاصلة جازمة حول إيران برنامجها سلمي أو عسكري ؟
الوكالة مكونة من5 أقسام فنية كبيرة, ومنها قسم الضمانات المسئول عن التفتيش الذي شرفت بالعمل فيه ورئاسته نحو21 عاما- وهو ينقسم بدوره إلي ثلاثة أقسام أساسية, ودون الدخول في تفاصيل, فإن مفتشي الوكالة وأجهزتها المختلفة يؤدون عملهم باحتراف كبير وبشكل جيد, وبعد ذلك ترفع التقارير لنائب مديرالوكالة للضمانات, الذي يرفع التقارير إلي المدير العام, وفي تلك المنطقة( النائب- المدير) تدخل الاعتبارات السياسية وألاعيبها والعبث بالتقارير وفقا لمصالح دول, علي حساب أخري لاسيما تلك التي تنظر لها إسرائيل وأمريكا بوصفها إزعاجا, وإيران من أكثر دول العالم خضوعا للتفتيش المستمر.
هل تعني أن الوكالة الدولية صارت( أداة) في يد الولايات المتحدة ؟
لا يوجد تفسير آخر.. ويمكنك أن تسأل الدكتور البرادعي(!), فعندما تخرج جميع التقارير هجومية الطابع عن الوكالة ضد كوريا الشمالية, إيران, سوريا, مصر, ليبيا, العراق سابقا.. دون أن تسمع تقريرا عن ألمانيا أو أسبانيا أو السويد أو اليابان, أليس لديهم مخالفات فنية ؟!..لديهم لكن يتم التغاضي عنها, وأريد أن أوضح أن المخالفات الفنية لا تعني بالضرورة أنها تقوم بإنتاج قنبلة نووية.
هذا الوضع يفرض تساؤلا محرجا عن دور دول كروسيا والصين وحضورها في المنظمة الدولية؟
وما الذي تدفعه هذه الدول في ميزانية الوكالة, واشنطن تسدد وحدها ثلث ميزانية الوكالة خصوصا( قسم الضمانات), لأنه مصدر مهم للمعلومات الاستخباراتية والإحاطة بقدرات الدول الأخري.
لا أحد يتحدث..!
ولماذا لا نسمع شيئا عن الترسانة النووية للكيان الصهيوني من جانب العرب ؟
حالة نفاق معلن, فلا أحد يتحدث بجدية عن البرنامج الإسرائيلي الذي يحتوي علي مابين200 و300 رأس نووي,ولا يخضع للتفتيش, إذ لم توقع تل أبيب علي معاهدة منع الانتشار, وتقدم لها واشنطن والعواصم الغربية مظلة حماية ضد الضغوط, والرئيس الأمريكي الوحيد الذي وقف في وجهها هو جون كينيدي وربما كان هذا سبب اغتياله, وكل الرؤساء بعده شجعوا إسرائيل علي التهرب وانتهاج ما يعرف بسياسة( الغموض النووي), وحتي أوباما نفسه أشاد بذلك في انحياز فاضح, لقد دمرت واشنطن( العراق) لأجل شبهة نووية وتخنق كوريا وايران ومصر وغيرها,بينما تشجع الدولة العبرية علي إنتاج السلاح النووي وتحميها, وهذا يبرز أن إسرائيل أقوي من أمريكا, فهي التي تسيطر علي مراكز الحكم في واشنطن, عن طريق جماعات الصهيونية العالمية واللوبي الإسرائيلي, وهو ما نشهد أصابعه في الأحداث التي تجري بالمنطقة العربية.
كشفت وثائق( ويكليكيس) عن وجود تحريض عربي خليجي علي برنامج إيران النووي المشكوك في( سلميته)؟
دول الخليج خائفة من إيران نووية قوية وهي تحتل جزرا إماراتية ولها نفوذ في البحرين والكويت و المنطقة الشرقية بالسعودية, ومن ثم فالعفريت حاضر ولا يمكن صرفه, والبديل هو مظلة واشنطن والناتو...
* نعم لكن هذه المخاوف لها أساس, فما حاجة إيران ثاني أكبر منتج للغاز ورابع أكبر منتج للنفط في العالم إلي برنامج ومحطات نووية؟
مصادر الطاقة التقليدية في طريقها للنضوب, وإيران دولة حقيقية, تنظر للمستقبل وتدرك مدي احتياجها لتوليد الطاقة اللازمة للتنمية والتقدم, والخيار النووي هو الحل الوحيد لأزمة الطاقة, وهم يسيرون بشكل صحيح, فمثلا مفاعل بوشهر يولد طاقة كهربية, وبالتالي يوفر كميات كبيرة من النفط للتصدير, أو تصنيع البتروكيماويات لدعم الاقتصاد والازدهار, وهذا ما أدركته دول الخليج النفطية نفسها, فقد وقعت الإمارات اتفاقية مع كوريا الجنوبية بعشرات المليارات لإقامة سلسلة من المحطات النووية, وكذلك تنوي والسعودية إنفاق نحو100 مليار دولار لأجل ذلك وأيضا الأردن, والجزائر, وحتي سوريا والسودان,..
الإخفاق المصري
وأين البرنامج النووي المصري ؟
مصر كانت من أولي دول العالم الثالث التي بدأت برنامجا نوويا في الخمسينيات, علي يد جمال عبدالناصر, وأرسلت مبعوثين إلي دول متقدمة, و أنشأت مفاعلا في أنشاص واتخذت خطوات جادة لكن حرب1967 عرقلتها, وبعد توقيع السادات اتفاقية السلام سعي لاستئناف البرنامج وأجبر علي التصديق علي معاهدة الانتشار النووي, وبدأنا في مشروع الضبعة, قبل وفاته, وجاء مبارك فعلق المشروع عام1986 بعد حادثة تشرنوبيل, دون داع, رضوخا لضغوط واشنطن وتل أبيب, وبعد ربع قرن اكتشفنا الكارثة التي صنعها بنا, وأن مصر ستضيع تماما, في غضون10 سنوات مالم يستأنف البرنامج النووي لتوليد الطاقة, لأن الاحتياطي النفطي أوشك علي النفاد والغاز يتم استنزافه, وتئن موازنة الدولة تحت ضغط( دعم الطاقة) بأشكاله المتعددة الذي تجاوز نحو100 مليار جنيه, وبرغم ذلك تكاد المصانع تتوقف, وعادت الانقطاعات الكهربائية في الصيف الماضي والسابق عليه, لاتجاه الدولة إلي استيراد المشتقات البترولية اللازمة لتشغيل محطات التوليد بأسعار مرتفعة وتقديمها مدعومة بفارق كبير, وكان من المفترض تقديم عطاءات المحطة النووية الأولي في يناير الماضي, لكن الأحداث حالت دون ذلك, وهو ما ينذر بكارثة رهيبة لو استمرت الأمور علي هذا الإهمال, لأن مصر ستعجز تماما عن تلبية الطلب علي الطاقة بالوقود النفطي المستورد, فنحن نحتاج نحو40 ألف ميجاوات إضافية في عام2020, ينبغي أن يكون50% منها من محطات نووية, وعلينا أن ننظر إلي دول مثل اليابان أو فرنسا التي تولد70% من الكهرباء من محطات نووية, الخيار النووي صار ضرورة لمصر لتوليد الطاقة قبل أن تتوقف المصانع وتظلم القري والبيوت, لتحلية المياه, والإسهام في الطب والزراعة والهندسة الوراثية وغيرها من المجالات, والبداية هي المسارعة بإنشاء اربع محطات مصرية في موقع الضبعة ووزارة للطاقة النووية أو هيئة تتبع رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء.
هل نملك القدرة علي إدارة برنامج نووي في حين نعجز عن تنظيف شوارعنا؟
ليس لدينا خيارا هذه ضرورة حياة, ولقد أمضيت زمنا طويلا أدعو لذلك وأنبه لخطورة الموقف لكن النظام المخلوع عمل ودن من طين وأخري من عجين, لدي مصر ثروة من أبنائها الباحثين والمهندسين الذين يمكنهم البدء في مشروع نووي جاد ولديها علماء مرموقون في كل بلاد الدنيا, وقسم للهندسة النووية بجامعة الاسكندرية, ومركز للأبحاث بجامعة القاهرة, والمقومات كلها موجودة, وأنا أناشد جميع المصريين وأصحاب المناصب والسلطة إقالة عثرة بلدهم النووية, قبل أن تنطفيء الأنوار في مهد النور والحضارة ويرحل عنها أصحاب العقول والكفاءات المخلصون, من أبنائها, فالوضع لا يحتمل مزيدا من الصبر والتقاعس, في منطقة تموج بمتغيرات عاصفة.. لقد أوقدنا( شعلة النار) للعالم, واليوم نقبض علي الجمر, بعدما صرنا في مؤخرة الصف وانطفأ الوهج, فعلينا أن نشعل( النار) حتي نستضيء ثانية, أو نضيع دون رجعة تحت أقدام الآخرين, وتعصف بنا رهانات القوة العارية من كل رادع.
لقد علمنا التاريخ أن الكلمة الأخيرة تبقي للأقوي الذي يصبح أقوي في حال كان حقا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.