هجوماً عنيفاً وغير مسبوق ،شنته اسرائيل على المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، حيث وجه نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي شاؤول موفاز والمكلف بالملف الايراني الى البرادعى تهمة تهديد السلم العالمي،و دعا الى إقصائه من منصبه ،واصفاً أياه بغض النظر عن البرنامج النووي لطهران. موفاز اكد للإذاعة الاسرائيلية العامة ان "السياسة التي يتبعها البرادعي تهدد السلام في العالم وموقفه غير المسؤول الذي يقضي بغض النظر فيما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني يجب ان يؤدي الى طرده". وكان موفاز يرد على اسئلة الاذاعة من واشنطن حيث يقود فريقا مكلفا الحوار الاستراتيجي مع الولاياتالمتحدة حول الملف النووي الايراني. وكانت الحكومة الامنية الاسرائيلية المصغرة اجتمعت الاربعاء للبحث في الملف النووي، خاصة الإجراءات التي اتخذتها اسرائيل لاقناع المجتمع الدولي بتشديد العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران لحملها على وقف برنامجها النووي. موفاز لم يكن الوحيد الذى يهاجم البرادعى بل أعضاء آخرين من الحكومة الإسرائيلية وجهوا هجوماًُ لا يقل حدة عنه، فوزير الشئون الاستراتيجية الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان أشار بدوره الى إن تصرفات البرادعي تثير الكثير من علامات الاستفهام إزاء نيته الشخصية، وإزاء رغبته الحقيقية في مواجهة سباق التسلح الإيراني. وأضاف أن البرادعي لم يُثبت حتى الآن أي قدرة في أي موضوع أو في أي حالة، بل إنه لم يسجل أي قدرة في الحالات التي نجحت الأسرة الدولية بوقف مشاريع نووية، مثل كوريا الشمالية وليبيا، ومن هنا يجب علينا أن نوجه إليه الانتقادات. من ناحيته أعلن النائب العمالي افراييم سنيه ان استخدام القوة ضد ايران سيكون "الخيار الاخير"، وقال لإذاعة الجيش الاسرائيلي "اذا تبين ان العقوبات غير مجدية، فان الخيار العسكري سيكون الخيار الاخير امام اسرائيل في حال وجدت نفسها وحدها في مواجهة التهديد النووي الايراني". واضاف "لا يمكن لدولة اسرائيل ان تتعايش مع ايران نووية". وكان سنيه ادلى بتصريحات مماثلة يوم كان نائبا لوزير الدفاع في تشرين الثاني/نوفمبر 2006. أيضاً المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية مارك ريجيف قال "هناك للاسف مسؤولون اجانب يخدمون مصلحة ايران من خلال اسهامهم في الاستراتيجية الايرانية المتمثلة في المماطلة. ومن وجهة النظر هذه فان الوكالة الدولية للطاقة الذرية وادارتها ضالعتان" في الامر. ويشار الى أن الحكومة الإسرائيلية تتهم البرادعى بمساعدة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد على المضي قدما في برنامجه النووي الذي يهدد أمنها، زاعمة أن حكومة نجاد سيكون بوسعها امتلاك السلاح النووي نهاية عام 2009 . تقارير صحفية عبرية نقلت عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين قولهم إن البرادعي يتجول وكأنه لا حاجة إلى إنقاذ العالم من الحرب، ويرى أن دوره يقتصر على منع المواجهة مع إيران، وعليه، فقد أخذ على عاتقه دوراً سياسياً يتمثل في تجميل الواقع وإنقاذ الإيرانيين من عقوبات حادة. وأشارت التقارير إلى وجود قلق لدى تل أبيب من الضغط الذي يمارسه البرادعي لاستمرار الحوار مع إيران، ونقلت عن مصدر سياسي إن التقرير المرتقب للوكالة الدولية خطير جداً ويرسم صورة مقلقة تستوعب علاجاً عاجلاً من مجلس الأمن، نحن نعرف أن البرادعي يعتزم التحذير من تحطيم الأواني مع إيران، وسيدعو لمنح الوكالة المزيد من الزمن حتى وإن لم يكن هناك تعاون مع الإيرانيين، وهو يبث للعالم إحساساً وكأنه يوجد تعاون كهذا، وهذا ليس هو الوضع. نعتقد أنه ليس من دور الوكالة إعطاء تفسيرات سياسية لهذه الأمور. وجدير بالذكر أن اجتماع الحكومة الإسرائيلية يأتي في وقت اعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد أمس ان بلاده باتت تمتلك ثلاثة الاف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم. ونظريا يمكن لطهران، بهذه التجهيزات، ان تنتج قنبلة ذرية في غضون عام. هذا، وجاءت الحملة الإسرائيلية غير المسبوقة ضد البرادعي مع اقتراب نشر تقرير جديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البرنامج النووي الإيراني يفترض أن يشكل قاعدة مباحثات في مجلس الأمن الدولي حول إيران، بهدف تشديد العقوبات الاقتصادية على طهران. ومن المنتظر أن تقدم وكالة الطاقة الذرية تقريرها الجديد عن حالة البرنامج النووي الإيراني، إثر مباحثاتها مع المسؤولين في طهران في الخامس عشر من الشهر الجاري متزامناً ذلك مع تقرير يقدمه الاتحاد الأوروبي إثر مباحثات منسقة للشؤون الخارجية والأمن خافيير سولانا مع المسؤول الجديد للملف الإيراني سعيد جليلي وطاقم عمله. وكان البرادعي قد حذر من تشديد العقوبات على طهران في المرحلة المقبلة قبل التاكد من التزام ايران بالوعود التي تعهدت بها للوكالة اخيرا.واعتبر البرادعي ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة وضعت للمرة الاولى خطة زمنية محددة بوضوح للکشف عن القضايا العالقة بشان الملف النووي الايراني. وحذر مدير الوكالة بشدة الولاياتالمتحدة و اسرائيل من توجيه ضربة عسکرية لايران مؤكدا ان تلك الضربة قد تدمر جزء من المنشات النووية الايرانية ولکن مثل هذا الشيء جدير بان يشعل حريقا شاملا مخيفا في المنطقة . وكان البرادعى قد حذر أيضاً من قبل في واحداً من اشد التحذيرات التي اصدرها من مغبة استخدام القوة لثني ايران عن مواصلة برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم،ووصف الذين يدعون الى مهاجمة ايران ب "المجانين الجدد." وقال البرادعي إن الذين يطالبون اليوم بضرب ايران لم يتعلموا من درس العراق. مخاوف من قيام إسرائيل بقصف المنشآت النووية الإيرانية من ناحيتها اعتبرت صحيفة "تايمز" البريطانية الصادرة، اليوم الخميس: إن إعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن إيران تمتلك 3000 جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم أحدث صدمة عالمية، مشيرة الى وجود مخاوف من أن ترد إسرائيل بقصف المنشآت النووية الإيرانية. ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية في واشنطن قولها: إن وجود مثل هذا العدد الكبير من أجهزة الطرد المركزي قد يمثل آخر نقطة يمكن لإسرائيل انتظارها قبل توجيه ضربة عسكرية جوية لإيران، وأضافت أن وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاجون" مترددة في توجيه ضربة لإيران لكن إسرائيل أمر آخر. وذكرت الصحيفة أن مسؤولاً بالبنتاجون قال لها قبل أن تعلن إيران أن لديها 3000 جهاز طرد مركزي: إن إسرائيل ربما تُقدِم على فعل شيء ما إذا تمكن الإيرانيون من الحصول على ما يناهز 3000 جهاز طرد مركزي، لكن وزارة الدفاع الأمريكية تميل إلى الانتظار لفترة أطول. ونسبت تايمز لخبراء أمريكيين قولهم:" إن الاستمرار في تشغيل هذا العدد من الأجهزة لفترات طويلة يمكنه أن ينتج ما يكفي من اليورانيوم لإنتاج قنبلة خلال سنة واحدة". إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي كان قد أطلق إشارات جديدة تؤكد احتمال قيام إسرائيل بشن هجوم عسكري على إيران بدعوى إجهاض قدرة طهران على صنع أسلحة نووية، حيث نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني عن باراك- الذي كان يتحدث فى اجتماع لحزب "العمل" الذي يرأسه- قوله "القيام بعملية عسكرية خيار وارد من أجل مواجهة الخطر النووي الإيراني". ايران تتحدى من ناحيته واصل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تحديه للدول الغربية التي تهدد بلاده بعقوبات دولية إضافية، فأكد مجدداً أمس فى خطاب أمام تجمع شعبي في مدينة بيرجند أن “لا عودة عن البرنامج النووي الإيراني” قائلاً إن “الأمة الإيرانية دخلت مرحلة المستوى الصناعي للوقود النووي وقطار التقدم الإيراني لا عودة عنه”. كما أكد نجاد في خطابه أن إيران باتت تمتلك 3000 جهاز طرد مركزي.ولم يوضح نجاد ما إذا كانت جميع أجهزة الطرد المركزي هذه تعمل فعلياً. ويرى المراقبون أنه في حال تشغيل 3000 جهاز فإن ذلك يسمح نظرياً- إذا عملت الأجهزة بطاقتها القصوى- بالحصول على كميات كافية من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة ذرية خلال فترة حوالي سنة. الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانت قد أعلنت في نهاية أغسطس/آب الماضي أن إيران تشغل 1968 جهاز طرد مركزياً وان حوالي 656 جهازاً آخر هي إما قيد الاختبار أو في طور التركيب. وجدير بالذكر أن الدول الغربية تتهم إيران بمحاولة امتلاك السلاح النووي، في حين تؤكد إيران باستمرار أن برنامجها النووي مخصص فقط للأغراض السلمية. مجلس الأمن أصدر قراري عقوبات حتى الآن، ويحتمل أن يصدر قراراً ثالثاً في حال أصرت إيران على الاستمرار في تخصيب اليورانيوم.ولكن نجاد قال في خطابه أمس إن إيران لن تعلق أي أهمية على هذه القرارات المحتمل صدورها.وأكد أن “الأمة الإيرانية لا تأبه للعقوبات، وقال أن هذا الشعب لن يتزحزح قيد أنملة عن حقوقه، ولا سيما حقوقه النووية”. نجاد سبق أن وصف قراري العقوبات السابقين بأنهما “قصاصات ورق”. هل يمكن توجيه ضربة عسكرية لإيران؟ يشير المراقبون الى وجود تكهنات متزايدة بأن الرئيس الامريكي جورج بوش من الممكن أن يقوم بعمل عسكري قبل انتهاء فترة ولايته في يناير كانون الثاني عام2009 ،حتى على الرغم من أن واشنطن تقول انها ملتزمة بحل الازمة الخاصة بالطموح النووي الايراني بالطرق الدبلوماسية. ويحذر اندرو بروكس وهو محلل للشؤون الدفاعية بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن من أن أي محاولات أمريكية لضرب المنشآت النووية لايران "ستكون مهمة عسكرية سهلة.إلا أن الجزء الصعب هو ما الذي سيحدث بعد ذلك وهذا سيفتح أبواب جهنم." ويرى بروكس "لا يمكن لإيران الإنتصار في حملة عسكرية بالمعنى التقليدي ولكن ما يمكن أن تقوم به هو أن تسبب قدرا كبيرا من المعاناة بعد ذلك." ويدلل على ذلك بمقال نشر في صحيفة سياسة روز الإيرانية اليومية قال إن الحرس الثوري أجرى تدريبات في مجال "استراتيجية القتال غير المنظم". وكان مسؤول ايراني سابق على صلة بالزعيم الايراني الاعلى اية الله علي خامنئي قد أشار الى أن طهران سترد من خلال استخدام حلفائها في المنطقة لنقل المعركة الى أماكن أخرى بالشرق الاوسط. وقال "اذا كانوا يريدون اللعب معنا... أعتقد أنه يمكننا تحويل العراق بعدة طرق الى ساحة معارك مشتعلة." كما قال قائد عسكري إيراني في الأسبوع الماضي إن ميليشيات تسعى الى "الاستشهاد" ستكون قادرة على عرقلة خطوط نقل النفط في الخليج. وتقول ايران ان لديها صواريخ يمكن أن تضرب اسرائيل وغيرها من الاسلحة الحديثة وان الغرب سيندم اذا ما شن أي هجوم محذرة من "مستنقع أعمق من العراق". ويرى المراقبون أنه ربما تكون مثل هذه التصريحات مبالغا فيها وتهدف الى الاستهلاك المحلي ولكن البعض ايشيروا الى ان ايران يمكن أن ترد على سبيل المثال من خلال استخدام القوارب السريعة في شن هجمات كر وفر على غرار حرب العصابات على منشات شحن النفط. ويرى البعض ان ايران التي تتهمها الولاياتالمتحدة بأنها وراء هجمات نفذتها ميليشيات شيعية على المصالح الامريكية في بيروت في الثمانينات من الممكن أن تلجأ أيضا الى أساليبها القديمة. ويؤكد من ناحيته المحلل الإيراني عباس مالكي على ذلك بقوله "نحن واثقون من أننا يمكن أن ندافع عن هذا البلد...في حالة الحرب سيبذل الإيرانيون قصارى جهدهم." ويرى تيم ريبلي وهو محلل لشؤون الدفاع يعمل لدى جينز ديفنس ويكلي إن القوات المسلحة الإيرانية أظهرت صمودا خلال حربها مع العراق في الثمانينات والكابوس الذي قد تواجهه واشنطن هو شن حرب لا يمكن إنهاؤها. وأضاف أن الولاياتالمتحدة لديها مقدرة على شن حملة أخرى من "الصدمة والرعب" وهو ما كانت تطلقه على الحملة على العراق ولكن قتال إيران لن يكون مماثلا للغزو الامريكي للعراق عام 2003 وإن عناصر من الجيش الإيراني من المرجح أن تظهر "روحا قتالية جيدة حقا". ويتوقع ريبلي إن إيران من الممكن أن تعلن ببساطة مضيق هرمز وهو مدخل الخليج منطقة حرب مما سيشعل أسعار النفط التي تقترب بالفعل من مستوى المئة دولار للبرميل حتى دون إطلاق رصاصة واحدة. وبالرغم من تردد الولاياتالمتحدة فى توجيه ضربة عسكرية لإيران على حسب المعطيات السابقة.. فهل تستطيع أسرائيل ذلك ، أم تكتفى فقط بالمطالبة باستقالة البرادعى؟ 8/11/2007 المزيد من التقارير والملفات