بنشرقي أساسيًا وعودة بن رمضان.. النحاس يعلن تشكيل الأهلي لمباراة القمة    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للقطاعين العام والخاص في مصر.. هل يتم ترحيلها؟    «المشاط» و«صبحي» والمنسقة المقيمة للأمم المتحدة يبحثون تطورات تنفيذ مبادرة «شباب بلد»    هل ترتفع أسعار البنزين والوقود خلال 2025؟.. التفاصيل الكاملة لتصريحات وزير البترول    حصر الأسر الأكثر احتياجًا بقرى قطور في الغربية تمهيدًا لتوصيل الخدمات    «العربي للدراسات»: العلاقات المصرية الإماراتية نموذج يحتذى به    الجيش الأمريكي يؤكد نشر مسيرات من طراز «إم كيو-9 ريبر» في كوريا الجنوبية    مجلس جامعة أسوان يبحث انتظام الدراسة وخطة الأنشطة الطلابية    تصرف غاضب من نجم الزمالك بعد استبعاده من مباراة الأهلي    درجات الحرارة ترتفع ل40 مرة آخرى.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا الثلاثاء 30-9-2025    بتهمة النصب على المواطنين.. «الداخلية» تضبط صاحب كيان تعليمي وهمي بمدينة نصر    إعادة الحركة المرورية على طريق بنها الحر بعد تصادم سيارة نقل بالحاجز الخرساني    معاينة النيابة الإدارية تكشف قصورًا بمعمل الترميم عقب اختفاء سوار ذهبي من المتحف المصري (تفاصيل وصور)    أسوان تواصل تنظيم فعالياتها الاحتفالية باليوم العالمي للسياحة    صدقي صخر وفدوى عابد يشاهدان العرض اللبناني «جوجينج» بمهرجان إيزيس    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    هل سداد الدين أولى من إخراج الزكاة؟.. عضو مركز الأزهر توضح    الجامعة الألمانية بالقاهرة تنظم مؤتمرا دوليا حول علوم الأورام والمعلوماتية الحيوية    جربي البوفتيك الكداب وصفة مشبعة واقتصادية.. (الخطوات والطريقة)    حجز إعادة محاكمة المتهم السابع بقضية "فتنة الشيعة" للنطق بالحكم    عندما يحكم الإسبان ديربي القاهرة.. سجل نتائج الأهلي والزمالك مع صافرة الليجا    كريم الشناوي: صوت منير هو روح حكاية فيلم ضي    أكرم القصاص: العلاقات المصرية الإماراتية مثالية وتؤكد وحدة الموقف العربى    وزارة التعليم تعلن توزيع منهج العربى للثالث الإعدادى وشكل الامتحان    لقاء جماهيري بين محافظ شمال سيناء وأهالي حي الريسة العريش    نتائج بطولة السهم الفضي للقوس والسهم لموسم 2025-2026    تأثير إيجابى بقطاع السيارات بعد خفض أسعار الفائدة بالبنوك    إسرائيل هيوم: الحرب المقبلة بين تل أبيب وطهران قد تكون أشد عنفا    مارجريت صاروفيم: التضامن تسعى لتمكين كل فئات المجتمع بكرامة    ماكرون يرحب بفوز حزب مؤيدي أوروبا في انتخابات مولدوفا    تضامنًا مع أهل غزة.. عايدة الأيوبي تطرح "غصن الزيتون"    الصحة تستعرض تجربتها في المشروع القومي لكتابة تقارير الأشعة عن بعد    بسبب سد النهضة.. عباش شراقي يكشف تطورات جديدة بشأن فيضان السودان الكبير    أحمد كشري: مستوى القطبين متراجع لكن الأهلي يملك دوافع أكبر للفوز    السيطرة على حريق بمخبز سياحى فى المنوفية دون إصابات    محافظ الأقصر يستقبل مدير صندوق مكتبات مصر للتأكيد على نشر الثقافة ودعم السياحة    أكاديمية الفنون: عودة مهرجان مسرح العرائس لمواجهة الألعاب الإلكترونية    خطة متكاملة لتطوير شوارع ديروط فى أسيوط ب160 ألف متر إنترلوك    أسعار الحديد فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    عاجل- الإفتاء توضح حكم ممارسة كرة القدم ومشاهدتها وتشجيع الفرق    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى ويؤدون طقوسا تلمودية    معهد بحوث الإلكترونيات أول مؤسسة مصرية تحصل على شهادة إدارة الذكاء الاصطناعي ISO/IEC    مانشستر يونايتد يسعى لضم لاعب وسط أتلتيكو مدريد في يناير    مجلس الوزراء : قفزة قياسية فى تحويلات المصريين بالخارج تعزز استقرار الاحتياطيات الدولية    التشكيل الأهلي السعودي المتوقع أمام الدحيل القطري بدوري أبطال آسيا للنخبة    ضبط شخص بالإسكندرية بتهمة النصب على المواطنين بادعاء العلاج الروحاني    في يوم القلب العالمي 2025.. تعرف على خطوات إنقاذ شخص يتعرض لسكتة قلبية    أليجري بعد الفوز على نابولي: روح ميلان كانت رائعة.. ومودريتش يلعب بذكاء    الدنمارك تحظر رحلات الطائرات المدنية المسيرة قبل قمة الاتحاد الأوروبى فى كوبنهاجن    الصحة: 5500 متبرع بالدم خلال 4 أيام لدعم مرضى سرطان الدم ضمن الحملة القومية    طقس الإسكندرية اليوم: أجواء خريفية وحرارة عظمى 30 درجة    صحة غزة: 361 من الطواقم الطبية مُغيبون قسرًا في معتقلات الاحتلال    الأزهر للفتوى قبل لقاء القمة : التعصب الرياضي والسب حرام شرعا    الحوثيون: قصفنا أهدافا في تل أبيب وملايين الإسرائليين فروا للملاجئ    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 سبتمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    رئيس محكمة النقض يستقبل عميد حقوق الإسكندرية لتهنئته بالمنصب    الأربعاء.. مجلس النواب يبحث اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الحراك السياسي والحراك النفسي
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 03 - 2010

حتي لو اختلفت توجهات المشاركين في الحوار الدائر حاليا‏,‏ حول الاصلاح السياسي‏,‏ فهذا شيء منطقي ومتوقع‏.‏ فخير للحوار ان يجري علي السطح‏,‏ من أن يتواري وراء أبواب مغلقة‏. .‏ علي الأقل فإن الحوار في العلن يبني‏,‏ مهما تفاوتت وجهات نظر أصحابه‏,‏ بينما ما يدور في كهوف مظلمة هو الذي يهدم‏.‏
ان دراسات سبق ان جرت للشخصية المصرية‏,‏ وجدت ان المصري عندما لا يعجبه الحال‏,‏ فإنه يعطيه ظهره‏.‏ واذا كان البعض يفسر ذلك بأنه سلوك سلبي‏,‏ إلا أن هناك من يري أنه تسجيل لموقف احتجاجي‏.‏
وحاول البعض تفسيره بأنه تعبير عن عدم اهتمام تاريخي بالعملية السياسية‏,‏ لكن ما يهدم هذه المقولة‏,‏ ان الذين أدلوا بأصواتهم في آخر انتخابات برلمانية عام‏2005,‏ لم تتجاوز نسبتهم‏24%‏ ممن لهم حق التصويت‏,‏ بينما كانت النسبة في آخر انتخابات نيابية قبل ثورة يوليو‏,‏ والتي جرت في يناير‏60.62,1952%‏ حسب إحصاءات وزارة الداخلية‏.‏
كذلك لاحظت بعض الدراسات ان المجتمع المصري عندما تزيد عليه ضغوط الحياة اليومية بما يفوق طاقته‏,‏ فإنه يشق لنفسه مجري لحياته يديره بطريقته تحت السطح‏,‏ وهو ما رصده البعض في إدارة عملية اقتصادية غير منظورة تعوض مصاعب المعيشة‏,‏ لها خصوصيتها التي لا تتوافر لدي الدولة معلومات عنها‏.‏
في الوقت ذاته‏,‏ فإن مايجري من حوارات في العلن‏,‏ يعبر عن تحولات أساسية في السلوكيات‏,‏ وفي المزاج النفسي للشخصية المصرية‏,‏ ينعكس في الحراك السياسي‏,‏ الذي أفرز تجمعات احتجاجية علنية ومتصلة في أوساط مختلف قطاعات المجتمع‏,‏ مطالبة بحقوق مشروعة‏,‏ وبروز حركات نشطة خارج إطار الأحزاب السياسية‏.‏
‏..‏ وهذا الخروج الي السطح جاء متأثرا بناحيتين الأولي ما يجري في العالم من تغيير‏.‏ والثانية تحريك الذاكرة الكامنة في عمق وعي المجتمع‏.‏ وحيث لا تنفصل سمات الظواهر السياسية عن أصولها وجذورها التاريخية‏,‏ باعتبارها تقع في مجتمع له تقاليد وتاريخ وخصائص عامة ممتدة من شخصيته القومية‏.‏
وبالنسبة للعالم‏,‏ ففي عصر ثورة المعلومات‏,‏ انزاحت الحواجز بين الشعوب‏,‏ وصارت وكأن ما يفصل بينها‏,‏ مجرد نوافذ تطل منه علي بعضها‏,‏ هو عصر يتميز بسرعة إيقاع أهدافه‏,‏ وبأن التغيير صار فيه من قواعد عمله‏,‏ حتي لا يتخلف أحد عن إيقاع العصر وتحولاته المتسارعة‏.‏
أما عن الناحية الثانية‏,‏ فلم تكن المشاركة في الحياة السياسية‏,‏ ثقافة مستجدة في مصر‏,‏ بل ان لها أرضية تاريخية تعود الي حوالي‏150‏ سنة‏,‏ فمصر عرفت الأحزاب السياسية بنشوئها عام‏1907,‏ والذي سبقه المرسوم الخديوي عام‏1866,‏ بتكوين مجلس شوري النواب‏,‏ وصدور أول دستور عام‏1866,‏ ومرسوم الدعوة للانتخابات في اكتوبر‏1881,‏ تحقيقا لمطالب أحمد عرابي وحركته الوطنية‏,‏ والتي وصفت بأنها تمت في حرية ونزاهة كاملتين‏.‏ وإن انتكست التجربة الديمقراطية بهزيمة عرابي‏,‏ واخضاع مصر للاحتلال عام‏1882‏ ثم جاء صدور دستور عام‏1923,‏ وبعده مرحلة الحيوية الدافقة للحياة السياسية في الأربعينيات حتي ثورة‏52.‏ إن إنعاش الذاكرة الجمعية للتراث السياسي‏,‏ الذي حجبته ظروف عارضة‏,‏ من شأنه ان يعيد للاهتمام بالعملية السياسية عافيته‏.‏
ومما لا شك فيه ان دوام ممارسات التنظيم السياسي الواحد لسنوات طويلة‏,‏ يخلق في العقل المجتمعي ثقافة سياسية‏,‏ خارجة علي خصائص الشخصية القومية‏,‏ تضم أشكالا من التفكير والسلوك غريبة عليها‏,‏ مثل النفاق السياسي والاجتماعي‏,‏ واللامبالاة‏,‏ والاحباط المزمن‏,‏ والانسحاب من عجلة الحياة التي يفترض ان يتحرك مع دورانها المجتمع بأكمله‏.‏
ورغم أهمية الحراك السياسي الجاري الآن‏,‏ إلا انه يظل يحتاج نقطة بداية وهي الحراك النفسي‏.‏ الذي يخرج المجتمع ككل من حالة إعطاء ظهره للحياة السياسية‏,‏ وهنا أستشهد بالحراك النفسي الذي أحدثته الحركة الوطنية لمصطفي كامل‏,‏ فقد ظهر مصطفي كامل في وقت كانت فيه المهمة الأولي لسلطات الاحتلال البريطاني بعد هزيمة عرابي‏,‏ هي إخماد الروح الوطنية‏,‏ وبث الشعور بالقهر النفسي في المصريين‏,‏ واعتبر مصطفي كامل أولي مهام حركته هي إيقاظ الروح الوطنية‏.‏ وهو ما ظهرت نتائجه في التحول الذي تجسد لاحقا في الجماهير التي صنعت ثورة‏19,‏ ملتفة حول سعد زغلول‏.‏
فالحراك النفسي مهمة قومية لا يستهان بها في تاريخ الشعوب‏.‏ فإن دائرته أوسع جماهيرية‏,‏ بينما الحراك السياسي فقط قد يدور في إطار النخبة‏.‏
وفي تيار ودور الحراك النفسي يكون من المهم إعادة الحيوية والقوة والقدرة للأحزاب السياسية‏,‏ فلا توجد ديمقراطية كاملة‏,‏ بدون أحزاب قوية تنافسية من موقع الندية‏,‏ وبأن يكون للاحزاب تعبيرها الفعلي عن مصالح المجتمع‏,‏ ودورها في التخفيف من همومه‏,‏ وفي ضمان التوازن بين طبقات المجتمع‏,‏ وتخليصه من الصفات الدخيلة عليه‏.‏
ان الحراك السياسي ظاهرة طبيعية‏,‏ لكن من المهم ألا يغيب عن الحسبان‏,‏ دور الحراك النفسي‏,‏ الذي يدفع بغالبية أفراد المجتمع وفئاته‏,‏ الي حراك جماعي‏,‏ وإلي مشاركة ايجابية وفعالة‏.‏

المزيد من مقالات عاطف الغمري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.