سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صحفيو لجنة السياسات يصعدون الهجوم على الغزالي حرب .. واعتبار استقالة حرب دلالة على أزمة النظام مع المثقفين .. وتحذيرات للنظام من مغبة مذبحة جديدة للقضاة .. وتجدد الانتقادات لتجربة عمرو خالد الدنمركية .. وتأكيدات بأن الخصخصة تحولت لمصمصة لأموال الشعب
نبدأ جولتنا اليوم من صحيفة " المصري اليوم "المستقلة ، حيث حذر الفقيه الدستوري الدكتور إبراهيم درويش من مذبحة وشيكة تستهدف القضاء المصري ، وتحت عنوان " إلا القضاء" ، كتب يقول " إن تاريخ القضاء في مصر يؤكد أنه مؤسسة عريقة ذات جذور تاريخية أصلها ثابت وفرعها في السماء، مهما نزلت بها من محن، وعدوانات، بل ومذابح، وستظل كذلك بفضل شيوخها وعظمة قضاتها. وعلي مر التاريخ كان القضاء شامخاً مستقلاً منذ دستور 1923، ونذكر سلوكيات شيوخه ابتداء من القاضي الجليل عبد العزيز فهمي، وانتهاء بشيوخه الأجلاء الذين قاتلوا ويقاتلون بكل قوة لتحقيق استقلال القضاء وكيانه كسلطة مستقلة بمعني الكلمة: أداء، وإدارة، وتمويلاً، في إطار من الاحترام والتقدير الكامل لها من السلطتين التنفيذية والتشريعية، هذا ما كان ، وما يجب أن يكون، لأنه وإن كان لدينا الآن قضاة مستقلون حقاً، فإنه لا توجد سلطة قضائية مستقلة. ومن هنا كان جهاد بل قتال شيوخ وشباب قضاة مصر لتحقيق الاستقلال المتكامل للقضاء المصري. هذا هو مناط تخلف النظام السياسي القائم عن فهمه ومن ثم عن تحقيقه بل والاحتكاك بالجماعة القضائية والتحرش بها إلي حد إحالة بعض شيوخ القضاة الأجلاء إلي التحقيق في واقعة مخيفة ومرعبة للعدالة ومهينة للعدل ووصمة عار لا يمكن إزالتها من التاريخ وبما أحدثته من ارتعاش معظم أصحاب الفكر. يا حكومة.. إن جماعة القضاة في مصر مؤسسة عريقة علي مدي أكثر من قرن وستبقي كذلك بإذن الله. ومن ثم علي أهل السلطة ومن يزيف لهم بغباء سبل الاعتداء والعدوان المستمر علي القضاء، أن يتيقظوا قبل أن يفلت الزمام الذي بدأ فعلاً ". وأضاف درويش " أن مقدمات مذبحة بل مذابح جديدة للقضاء قائمة وقادمة بشكل أشد خطورة وإثماً وتأثيماً .. أن هناك مهندسين جدد أكثر حرفنه.. وأشد قسوة .. يا سادة إن القضاء المصري مؤسسة قديمة عمرها أكثر من مائة عام .. قامت خلالها بتربية أجيال عظيمة من البشر .. إن للقاضي الشخصية المتميزة بكل خصائصها التي تنطبع بالسعي إلي تحقيق العدالة والنفور من الظلم .. يا سادة إلا القضاء لا تقربوا الملاذ الأول والأخير للمصريين بالتهديد أو الوعيد أو الفصل أو التشريد أو الذبح .. إن القضاء هو ملاذنا جميعاً نحج إليه كلما نزل بنا الظلم والجبروت وإساءة استعمال السلطة والانحراف بها، ومخالفة القانون وما أكثر المظاليم في مجتمع اليوم. يا سادة: كنت شاهد عيان علي جميع العدوانات التي تمت علي القضاء منذ السنهوري وحتى الآن .. يا سادة: لا صوت يعلو فوق صوت العدالة والعدل، فلا ترفعوا أصواتكم فوق صوت القضاة .. إلا القضاء .. إلا القضاء .. اسمعوا وعوا.. ماذا حدث لمهندسي العدوانات علي القضاء ومذابحه منذ 29 مارس 1954 ... قذف بهم التاريخ إلي أسوأ المستنقعات بنهايات مأساوية ". نتحول إلى صحيفة " الدستور " المستقلة " ، حيث رأى حلمي النمنم في استقالة الدكتور أسامة الغزالي حرب من الحزب الوطني كشفا للأوهام التي روجها البعض حول الإصلاح في الحزب الوطني ، محذرا من المستقبل المظلم الذي ينتظر مصر على يد هذا الحزب ، وكتب يقول " استقالة د. حرب كشفت الأوهام التي تصورها البعض لفترة من أن الحزب الوطني يريد تحقيق إصلاح حقيقي داخل مصر أو أن لجنة السياسات يمكنها أن تقود إصلاح حقيقي ، فلم يتحقق أي إصلاح ولن يتحقق . وهناك بديهية في العمل العام وهي أن الذين قاموا بالفساد ومارسوه على أوسع نطاق لا يمكنهم القيام بإصلاح ما أفسدوه ، لأن بداية الإصلاح أن يختفوا جميعا من الصورة فضلا عن أن تتم محاسبتهم عما اقترفوه من فساد في حق البلاد والأفراد .. وهذا ينطبق على من أطلق عليهم وصف "الحرس القديم" بالحزب ، هم الذين أبدعوا في الفساد ومنحوه الحماية والتغطية ، أما أولئك الذين يحملون وصف جماعة السياسات أو أي مسمى آخر ، فهم بوعي أو بدون وعي صاروا جزءا من منظومة الفساد ، تأمل مثلا ما يدور حول صفقة "عمر أفندي" وما تنطوي عليه من جوانب تتعلق بالمال العام بل والتراث الوطني والاجتماعي ذاته ! وتأمل أيضا حادث غرق العبارة "السلام 98" فالذي يقف وراءها هو أحد قيادات الحزب ، وهو ليس من الحرس القديم ، والمفروض أنه ينتمي إلى الإصلاحيين داخل الحزب .. والواقع أن اضطرار د. أسامة الغزالي إلى الاستقالة وكذلك التضييق على رجل من نوعية د. حسام بدراوي يؤكد أنه لا إمكانية لإصلاح حقيقي .. نحن يا سادة لسنا بإزاء حزب بالمعنى العلمي ، لكننا أمام سلطة اخترعت لنفسها حزبا ، وجمعت الأنصار والمستفدين والانتهازيين ووضعتهم داخل ذلك الحزب ترى هل قدم أي حزب في تاريخ الحزبية المصرية هذه الأجيال والدفعات من رموز الفساد ، نواب القروض نواب الكيف ونواب التجنيد وأخيرا نائب العبارة ! " . وأضاف النمنم " المشكلة الآن لا تتعلق بهذا الحزب هو واضح وضوح الشمس بفساده وعجزه التام ، ولا تتعلق أيضا بالمواطن المصري ، فقد سحب هذا المواطن ثقته من هذا الحزب ، حين لم يصوت إلا على أقل من 22 % من مرشحين في انتخابات مجلس الشعب ، وحين أسقط عدد من رموز ذلك الحزب وطواويسه ، من يوسف والي في الفيوم إلى محمد عبد الله وسيد راشد بالإسكندرية ، والقائمة طويلة وممتدة والواقع أن المواطن لم يمنح ذلك الحزب في أي يوم ثقته غالبا فهو في كل يفوز بالتزوير وتسويد البطاقات . وإذا كان الحزب على هذا النحو من العجز والترهل ، فلا يجب أن نترك مصير بلد في حجم مصر معلقا على هذا الحزب ، والشعب المصري لم يعد يحتمل مزيدا من الفساد ولا الإهانة المتكررة في مطالب حياته وكبريائه الوطني والإنساني . وهناك أكثر من سيناريو للخروج من هذا المأزق ، ومما أحدثه ذلك الحزب في مصر والمصريين ، من بينها ما قام به د. أسامة الغزالي حرب ، فقد أسقط ورقة التوت الأخيرة ، وليت آخرين غيره يحذون حذوه وأعرف بأن هناك قانطين تماما من ذلك الحزب ويرون أنه حزب يقود البلاد إلى الخراب الحقيقي ، فقط يحتاجون قدرا من الجسارة تدفعهم إلى تبرئة ضميرهم الوطني أمام المجتمع وإبراء ذمتهم أمام أنفسهم . لعل أفضل ما قام به د. أسامة أن أعلن استقالته أمام الرأي العام باعتباره الطرف الأصيل في العملية السياسية ، فالاستقالة ليست أمرا داخليا ولا هينا كما حاول أمين عام الحزب أن يصور الأمر " . نبقى مع نفس الموضوع ، لكن ننتقل إلى صحيفة " المصري اليوم " ، حيث رأى صبري غنيم في استقالة الغزالي حرب دلالة على غضب المثقفين من النظام ، وكتب يقول " إن استقالة الغزالي هي تعبير عن غضب المثقفين من النظام الحاكم وكان علي النظام أن يفهم معني هذه الاستقالة، لقد توقعت أن يجتمع جمال مبارك بالدكتور أسامة الغزالي حرب .. يناقشه في موضوع الاستقالة.. يتعرف منه علي مرئياته وعن أسباب استقالته .. ولأن استقالة الغزالي أحدثت دويا داخل أركان الحزب، وبالذات بين أعضاء لجنة السياسات فقد توقع الكثيرون أن تكون البداية لسلسلة من الاستقالات الأخرى . معني هذا الكلام أن المثقفين داخل الحزب الحاكم غير راضين عن السياسة الداخلية للحزب ولا سياسة لجنة السياسات.. ولذلك أصبح مطلوباً من جمال مبارك أن يقترب من هذه الخلافات.. لا نطالبه بأن يمتص غضب المثقفين علي طريقته لأنهم مثقفون فسوف يرفضون أي مسكنات حزبية حتى ولو كانت وعوداً براقة!! . وفي هذا الصدد يحضرني سؤال لماذا لا يجتمع رموز النظام بالمثقفين في مصر؟.. ولماذا لا يكون الرئيس مبارك علي رأس المجتمعين بوصفه رئيساً لكل المصريين.. المهم أن يضعوا أيديهم علي أهم القضايا التي تشغل بال الوطن... ليس من الضرورة معرفة الأسباب التي تطيح بأسهم الغلابة داخل البورصة، أو قضية بيع الأصول في مصر... مثل محلات عمر أفندي أو قضية بيع هويتنا المصرية مثل بيع مصانع الأسمنت المصرية تحت شعار "الخصخصة" باسم تشجيع الاستثمار .. فهناك قضايا مختزنة في صدور المثقفين المصريين.. ولأنهم يعايشون الطبقة الكادحة فهم الأقرب إلي الرئيس في شرح أوجاع هذا الوطن وأضاف غنيم " المهم أن يلتقي بهم الرئيس... يسألونه ويسألهم لكي يتعرف علي ماذا يدور داخل الصدور في الشارع المصري.. لماذا أسدل الستار علي ملفات الفساد لوزراء سابقين.. وقيادات صحفية سابقة.. هل هناك توجيهات لحماية الفساد والمفسدين .. إن فتح ملفات الفساد يثلج صدور الغلابة المتعطشين بمساواتهم في العدالة مع المتوحشين.. فكيف نسجن موظفا بسيطاَ لمجرد أنه اختلس من أجل زواج بناته، أو "محافظا" لأنه حصل علي كيلو كباب رشوة كديكور لشفافية الحكومة.. ثم نترك وزراء وقيادات إعلامية توحشوا و"تجرعوا" الملايين من المال الحرام بحجة أن فتح ملفاتهم فيه إحراج للنظام.. هل النظام حصل منهم علي حصة من الأموال التي هبشوها فلماذا هذا السكوت والنظام أصلا بريء من فسادهم " . نتحول إلى صحيفة " روز اليوسف " الناطقة بلسان لجنة السياسات بالحزب الوطني ، والتي واصلت لليوم الثاني على التوالي الهجوم العنيف واللاذع ، والذي وصل إلى حد التجريح ، على الدكتور أسامة الغزالي حرب ، حيث كتب عمرو عبد السميع يقول " من أكثر الظواهر التي حيرتني على امتداد حياتي العامة (السياسية والمهنية) ذلك الاسم الذي كانت الدكتور هالة مصطفى رئيس تحرير مجلة الديمقراطية تنادي به الدكتور أسامة الغزالي حرب (رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية وعضو مجلس الشورى ، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ، وعضو المجلس الأعلى للثقافة وعضو المجلس القومي للشئون الإسلامية .. وهي كلها مناصب عينته فيها الدولة وما زال يشغلها وعضو الحزب الوطني الديمقراطي وهي وظيفة عينته فيها الدولة واستقال منها منذ أيام) . فقد تعودت الزميلة الدكتورة هالة مصطفى أن تنادي الزميل الدكتور أسامة الغزالي حرب "أس .. أس" وأجهدني ذلك الاسم كثير في أن أجد له تفسيرا سياسيا وأكاديميا فلم أجد ، بل وحاولت نظريا فهمه بهذه الطريقة أو تلك عله يكون مدخلا أحيط من خلاله بدوافع الدكتور أسامة الغزالي حرب الغزالي حرب إلى تقلباته السياسية الحادة والمتواصلة والتي كان آخرها خروجه من الحزب الوطني الديمقراطي على ذلك النحو المسرحي ، وقد صاحبه بظهور إعلامي محموم على شاشات التلفاز ، وموجات الأثير ، وصفحات الصحف ، مدشنا تلك الاستقالة ومرافقها بالتأكيد الكثيف على صورته الشخصية ، ورسم بورتريه يتوخى إبراز ملامحه كزعيم ، اتخذ موقفا شبه فلسفي ، وانتقل بمقتضاه بقدرة قادر من العدم إلى الوجود في نظر البعض ، ومن الوجود إلى العدم في نظر البعض الآخر !! وأضاف عبد السميع " أس .. أس ، هل هو مجرد اسم ، أم رمز كودي ، أو أنه الحروف الأولى لموصوف آخر لا ندري كنهه ، أو نقدر على سبر غوره ؟ ! وعلى كوني لم أنضم لأي حزب من الأحزاب ، كما انضم أسامة الغزالي إلى الحزب الوطني لسنوات طويلة تحل عبرها من الدولة قائمة المناصب السابق الإشارة إليها ، ومزايا مادية (أكرر مادية) ومعنوية بلا عدد ، وخدمات وتوصيات له وللأقارب في كل يوم تقريبا ، فقد كنا متسامحين إلى حد كبير في المنح والعطايا التي تقدم لأسامة الغزالي لأننا رأيناه في الحقيقة متفانيا في العمل الحزبي ، وحريصا على إرضاء قياداته الأعلى في ا لوطن الديمقراطي ، ولافتا نظرها باستمرار إلى حسن عمله ومتحدثا إلينا بفخر عن هذه الجهة الرسمية أو تلك ، طلبت منه ورقة عمل أو تصورا أو دراسة في أمر من الأمور (وليس أدل على ذلك من تصريحات صفوت الشريف الأمين العمومي للحزب الوطني الديمقراطي في جريدة المصري اليوم الخميس 9 مارس الجاري بعد استقالة أسامة الغزالي من الحزب الوطني والتي أكد فيها محبته للغزالي واعتزازه بالدور الذي لعبه في الحزب .. ناهيكم طبعا عن أسامة الغزالي لعن أبا خاش الحزب الوطني بعد ذلك بساعات !! ) وبخاصة يا أس .. أس حين انطلقت بمجرد انتهاء صفوت الشريف الأمين العمومي للحزب الوطني من تصريحه لتدمر صورة الحزب وقياداته وأفكاره وتنظيماته وهياكله وتسبه وتشوهه ، وتدعي أنك فقدت منصبا هاما بسبب مطالباتك الليبرالية ، وهو محض كذب لأنه ما لم يحدث جملة وتفصيلا في أي وقت (إذا كانت تقصد منصب رئاسة صحيفة الأهرام بالذات) وعلى أي حالة فإنك مجرد "مقاليست" ليست له علاقة بالإدارة أو التحرير في المؤسسات الصحفية .. ولكن هل كل من لم يتحصل منصبا قياديا صحفيا في الأهرام ، ولو كان يستحقه بجد ، يصير من حقه أن يفتئت على النظام العام ، ويشارك في إعمال الفوضى الخلاقة ، ويصب جام لعناته على مؤسسات البلد الذي انتمى إليه ، باخًا سمومه ، في كل اتجاه "بمنتهى الود الذي لا يفسد قضية؟!" . هجوم عبد السميع وجد ردا عنيفا وحاسما من رياض سيف النصر في صحيفة " الجمهورية " الحكومية ، والذي انتقد هجوم صقور الصحفيين بالحزب الوطني على استقالة حرب ، وكتب يقول " فجرت استقالة حرب تساؤلات عديدة حول مدي أحقية قيادات الأحزاب في الانسحاب من تشكيلاتها عند اختلاف الرؤى.. أو عندما تشعر هذه القيادات بأن وجودها داخل الحزب أصبح بدون جدوى.. والأفضل أن تترك موقعها لغيرها والبحث عن موقع آخر أكثر فاعلية. ساند صفوت الشريف حق العضو في الاستقالة، بينما فتح عدد من الزملاء الصحفيين من صقور الحزب الوطني النار علي أسامة وكانت ذروة الهجوم في البرنامج الحواري الذي يقدمه عمرو عبد السميع ويستقطب عدداً كبيراً من المثقفين وقيادات الأحزاب.. ويحظى بمتابعة جماهيرية واسعة. كنت أنتظر أن يرد عمرو عبد السميع غيبة زميله الذي اتهم علنا بأن خلافه مع الحزب الوطني يرجع إلي عدم الاستجابة لمطالبه.. فانقلب علي أعقابه. والإشارة واضحة إلي عدم تعيينه رئيسا لتحرير الأهرام ، ولا يكفي الاعتذار بأن اسم أسامة لم يذكر.. لأن الذين وجهوا الاتهامات قالوا إنه زميل علي الدين هلال الذي كان يشارك في الحوار.. وإنه كان من قيادات الحزب الوطني ثم انقلب عليه. واكتفي مقدم البرنامج بالتعليق قائلا: لم يتبق سوي أن نذكر اسمه. لا أعتقد أن ما جري في البرنامج الحواري يخدم الحزب الوطني.. لأن إصرار الصقور علي أن كل من يختلف مع الحزب لابد أن يكون صاحب مصالح لم تتحقق.. يعني أن كل أعضاء الوطني يبحثون عن المغانم.. وبذلك يقدمون إساءة بالغة للحزب بينما يتوقعون أنهم يدافعون عنه وبذلك يلحقون بحزبهم أبلغ الضرر.. والدليل أن الذين شاهدوا البرنامج تعاطفوا مع أسامة.. وتفهموا الأسباب التي دفعته للاستقالة.. سواء اتفقوا أو اختلفوا معه ". وأضاف سيف النصر " الاستقالة تدفعنا أيضا إلي مقارنة موقف أسامة بقيادات حزبية تعلن أن التغيير الذي كانوا ينشدونه يتحقق ببطء شديد.. أو لا يتحقق علي الإطلاق ، وعبروا عن مواقفهم في مقالات عديدة.. أو ندوات علنية.. وبرامج تليفزيونية.. واكتفوا بالنقد. بينما اتخذ أسامة خطوة أبعد.. استقال من الحزب ويحاول تشكيل حركة سياسية جديدة.. يستطيع من خلالها تحقيق الإصلاح المنشود. أتوقع أن تزيل الاستقالة الحرج عن عدد كبير من قيادات الأحزاب. وتدفعها لترك مواقعها والبحث عن حركات سياسية جديدة قد تكون أكثر جدوى في إثراء التجربة الديمقراطية. وربما تدفع الاستقالة وما أثارته من صخب. الأحزاب الحالية التي كشفت الانتخابات عجزها وعدم قدرتها علي المنافسة. إلي إعادة تقييم أوضاعها.. وتقديم نقد ذاتي لسياساتها. والاقتراب أكثر من المواطنين ". ننتقل إلى صحيفة " الوفد " المعارضة ، حيث استعرض الخبير الاقتصادي الدكتور حسني حافظ عبد الرحمن عددا من نماذج بيع ممتلكات الدولة ضمن برنامج الخصخصة بثمن بخس مثل فندق ماريوت الذي تم بيعه ب 750 مليون جنيه بينما قيمة الأرض المقام عليها تتجاوز أربعة مليارات جنيه ، ثم علق على ذلك قائلا ، يعتبر الأسلوب الحالي المتبع في تقييم الشركات المعروضة للبيع بعيداً عن الواقع الفعلي وإهداراً للمال العام بدون قصد إذ تتبع معظم المكاتب المنوط بها عملية التقييم عامل الربحية في عملية تقدير القيمة البيعية، وفي رأينا كخبير ومفكر اقتصادي ولديه الخبرة الكافية علمياً وعملياً في عمليات التقييم أنه لابد أن يعتمد تقييم أي شركة علي أساس أصولها وخصومها وصولاً إلي قيمة صافي حقوق الملكية ومن ثم القيمة العادلة للسهم، فهناك فرق كبير بين نتائج التقييم الأول والأخير، كما أنه يوجد فرق كبير بين تقييم شركات قائمة بالفعل وأصولها الكبيرة وبين ما تحققه من ربحية متواضعة لسوء الإدارة، وفي اعتقادنا أن الفارق الكبير في عملية تقييم شركة عمر أفندي يرجع إلي هذا السبب حتى تم الاعتماد علي الربحية وليس تقييم الأصول والخصوم بأسعار السوق الحالية. القيمة الحقيقية للقطاع العام قبل عملية التخصيصية . بلغت القيمة الدفترية لشركات القطاع العام في 1990 حوالي 75 مليار جنيه، بينما قدرت القيمة الحقيقية لذلك القطاع بعد إعادة تقييم أصول الشركات وفقاً لأسعار السوق المصرية عام 1992 بأكثر من 500 مليار جنيه ، وقد فوجئنا بالعديد من التصريحات علي لسان مصدر مسئول عن قطاع الأعمال العام أنه قد تم بيع 173 شركة ومنشأة ومصنعاً حتى مايو 2002 بقيمة محصلة 6.14 مليار جنيه، وتطبيق المعاش المبكر علي 180 ألف عامل بتكلفة 7.2 مليار جنيه ، ومن وجهة نظري أن هذا يعتبر رقماً متشائماً للغاية ويبعد كل البعد عن التقديرات الفعليات التي تضمنتها الميزانيات والحسابات الختامية لهذه الشركات ". وأضاف عبد الحافظ " أن المناخ المصري من مختلف جموع وطبقات الشعب مهيأ لعملية التخصصية، ولكن التسرع في البيع أو الموافقة علي بعض عمليات التقييم لمشروعات عملاقة معروضة بأبخس الأسعار قد يتسبب في تأثير سلبي علي الاقتصاد القومي، وخاصة أن قيمة الأسهم المعلنة ببورصتي الأوراق المالية لا تمت من قريب أو بعيد بأي صلة للقيمة الحقيقية للسهم والتي تفوق في بعض الأحيان العشرة أضعاف للأسهم المعلن قيمتها بالأسواق، وهذا يحتاج إلي التأني في عملية البيع حتى تمر فترة الركود والكساد والتي تنتاب العالم بصفة عامة ومصر بصفة خاصة والتي قد تستمر لعام أو عامين قادمين ولا يفوتنا في هذا المقام أن نؤكد أن هناك أيادي خفية مغرضة استطاعت أن تخفض من قيمة الأسهم لتشتريها بأدنى قيمة ممكنة سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو عن طريق مصريين غير وطنيين يهمهم في المقام الأول تحقيق عوائد سريعة إما بطريق السمسرة أو بالمشاركة بدون التزامات مالية ليكونوا واجهة يستطيع أعداء الوطن الاختفاء خلفها. وفي رأينا أن الهدف من عملية التخصيصية هو توسيع قاعدة الملكية والبيع لمصريين، مع عدم سيطرة رأس المال الأجنبي، علي أن يخصص جزء من حصيلة هذا البيع لتسديد مستحقات البنوك وخاصة للقروض التي استخدمت في عمليات الاستثمار، والجزء الأكبر من حصيلة البيع يقام به مشروعات جديدة لحل مشاكل البطالة والإسكان وزيادة الصادرات وخفض الواردات والمساعدة في تحقيق الاكتفاء الذاتي لأهم السلع، ثم يعاد تقييم وبيع هذه المشروعات للقطاع الخاص، وكان علي المستثمر الأجنبي والعربي أن يقيم مشروعات جديدة مع توفير كافة التيسيرات لهؤلاء المستثمرين، وبهذا فإنه يمكن توفير سلع ذات جودة عالية بهدف التصدير وبالتالي تنكسر حدة ارتفاع سعر الدولار ويعود كما كان عليه في أوائل الثمانينيات بسعر أقل من جنيه مصري واحد، كما أنه ينبغي المحافظة علي العمالة بشركات قطاع الأعمال العام بعد بيعها لمستثمر رئيسي، مع تكثيف عملية التدريب للعاملين، وتأهيلهم التأهيل الذي يتناسب مع إدارة القطاع الخاص، حيث إن مبدأ المعاش المبكر سيزيد من أعداد العاطلين بالمجتمع وهذا يتنافى مع البرنامج الانتخابي الذي أعلنه السيد الرئيس والممكن تنفيذه إذا اعتمدنا بحق علي رجالات من أهل الخبرة والمعرفة بعيداً عن الشعارات والتصريحات الوردية ". نبقى مع نفس الموضوع ، لكن نتحول إلى صحيفة " الجمهورية " الحكومية ، حيث اعتبر محمود نافع أن عملية الخصخصة تحولت إلى "مصمصة " ، وكتب يقول " كلما سمعت عبارة "مصلحة الوطن" تحسست مسدسي. حيث أشك دائما في قائلها إلي أن يثبت العكس ، ونادرا ما يحدث ، فالمصلحة في كثير من الأحيان لأي أحد إلا الوطن ، وهذه العبارة أسمعها دائما منذ أن بدأ نزيف الخصخصة وتصفية شرايين الاقتصاد القومي من دمائها من أجل ضخها في عروق من يشترون الأرض والعرض والأصول بثمن بخس دراهم معدودة لا تسمن ولا تغني من جوع. لا أحد بالقطع ضد الخصخصة إذا كانت النتيجة الطبيعية لوضع الاقتصاد القومي بعد أن نبيع العزيز والغالي أكثر قوة وانتعاشا، أما أن يبقي أحمد هو نفسه هو الحاج أحمد ، فلماذا ندفع أكثر بدلا من أن ندفع أقل ، والأكثر هو أننا ضحينا بأصول عريقة لها أسماء كبيرة يهتز لها عرش الاقتصاد في كل البلاد التي تسمع عنا. وذلك بحجة أن هذا يحقق مصلحة الوطن!. أما الأقل فهو أننا كنا سنترك هذا الكيان الاقتصادي موجودا علي أرض مصر ، بإدارة مصرية. وبعمالة مصرية تقتات وتفتح بيوتها من خيرات بلادها.. وأيضا من أجل صالح مستهلك مصري ذي إمكانيات محدودة ويسأل الله في "حق النشوق" كل أمله هو أن يجد في السوق سلعا تناسب الملاليم الموجودة في جيبه. فماذا حدث؟. بعنا وفرطنا في أعز ما نملك.. أولا: بتعريفة.. ثانيا: شردنا العاملين الموجودين أو سنشردهم في المستقبل بألف حيلة وحيلة.. وثالثا: المشتري الذي يعلم الله وحده أصله وفصله ونواياه وأهدافه من الشراء قد جاء من أجل أن يغلق أبواب الرحمة علي المصريين حيث لم يأت من أجل أن يفتحها سبيلا وإنما جاء "ليغلي علينا المش". ورابعا: وهذا هو الأهم أنه لا كرامة لمصري في وطنه ،ولذلك حرام علي المصريين الشراء والانتفاع بهذه الأصول وتلك الكيانات الاقتصادية. مثلما يحدث في كل بلاد الدنيا حيث تطرح الشركة أو المصنع للعاملين بها أولا. ثم لأهل البلد ثانيا ". وأضاف نافع " آخر شيء فكرنا فيه هي مصلحة البائع وأول شيء انصب اهتمامنا عليه هو مصلحة المشتري!! ، علي سبيل المثال البائع الذي هو في النهاية مصر ، باع الفندق الذي كان يسمي "الميريديان" بسعر شقة في جاردن سيتي!. وحتى نعرف كم هي خسارة البائع وكم هو مكسب المشتري تعالوا نحسبها ببساطة: المشتري قام ببناء "رويال ميريديان" بجوار الميريديان الأصلي علي قطعة أرض بنفس مساحة أرض الفندق التي اشتراها "بشوية فكة".. هذا "الرويال ميريديان" العملاق في أعلي طابق به مطعم دوار. أي يدور في كل الاتجاهات كي يستمتع رواده بأجمل مناظر النيل والقاهرة. وتخيلوا ما هي قيمة الإيجار السنوي لهذا المطعم وحده؟ الإجابة القنبلة أن قيمة الإيجار تساوي تقريب كل الثمن الذي دفعه المشتري في المكان كله!!. وما حدث في الميريديان هو نفسه ما يحدث كل يوم في شركات الحديد والأسمنت والبنك المصري - الأمريكي وهو نفسه ما يحدث الآن في بيع عمر أفندي. وما سوف يحدث في بقية أجزاء البلد إذا لم ننتفض جميعا ونقول لهم: "اتقوا الله في مصر". وهنا نتساءل: هل عملية الخصخصة إذا سلمنا بأنها هامة وضرورية. ألا تستحق أن تجري بشفافية كاملة. فنعرف ويعرف كل الناس علي الملأ وعلي الهواء مباشرة ماذا سنبيع. ولماذا ولمن وما هو السعر الذي سنبيع به. وما الذي سنفعله بهذه الأموال.. وهل المصلحة أن نبيع هذا الشيء أم نحتفظ به؟!.. هذا إذا أردنا أن نتحرك في النور. أما إصرارنا علي عقد الصفقات في الظلام فهذا تأكيد علي أن هناك ثعالب تتحرك بليل "تمصمص" عظام البلد وتمتص الدماء من شرايينها؟ ". هذا الوجبة الدسمة من الانتقادات السياسية والاقتصادية للنظام المصري ، تقودنا إلى صحيفة " الدستور " مجددا ، حيث حاول نبيل عبد الفتاح تفسير تراجع النظام عن المشاريع التي أعلنها للإصلاح السياسي ، وكتب يقول " الخطاب السياسي الرسمي عن الإصلاح السياسي والدستوري والقانوني يشير إلى تراجع قادة النظام عن إنجازه حتى في حدوده الدنيا ، كما تمثل في الوعود الرئاسية أثناء لانتخابات التي جرت على موقع رئيس الجمهورية العام الماضي .. إذا نظرت إلى اللغة السياسية لرئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء تكتشف عودة إلى مخزون الإرث اللغوي السلطوي المراوغ الذي ساد طيلة خمسة وعشرين عاما ويزيد ، حيث العبارات العامة والمطاطة ، والميل إلى نزعة الاستعراض الإنشائي ولغة الإيقاعات الشعاراتية التي تقترب من اللغو السياسي ، وعدم الانضباط الدلالي إذا أردت أن تعرف معاني محددة للتعبيرات والكلمات السلطوية ، فسوف تبذر جهدا مرهقا للوصول إلى معنى ما يقال شفاهة ، أو يكتبه خبراء السلطة على اختلافهم حول دلالة مفهوم الإصلاح ، أو بعض الشعارات التي تتحدث عن الوطنية المصرية . إن السيطرة على السلطة والدولة باسم الدفاع عن العمال والفلاحين وحقوقهم أمر بات مثيرا للضجر السياسي والسخرية ، لأننا إزاء لغة مراوغة تتهرب من إجراء إصلاحات جذرية في هياكل السلطة ، وبنية النظام التسلطي ، من أجل استمرار أشخاص عند القمة السياسية في مصر ، بعد تاريخ من العجز والفشل عن تحقيق إنجازات اقتصادية وسياسية وتعليمة وصناعية .. إلخ ، تؤدي إلى تطوير الحياة اليومية لغالبية المصريين من المعسورين ، وتحديدا العمال والفلاحين والفئات الوسطى الصغيرة ، وعندما ترتفع أصوات القوى الإصلاحية بضرورة إلغاء شرط الخمسين في المائة من العمال والفلاحين في تركيبة مجلس الشعب يكون الرد السريع عدم جواز المس بهذه النسبة الواردة في دستور 1971 ، نقلا عن بعض الدساتير التي جاء بها نظام يوليو ، وكان لها تبرير سياسي واجتماعي في ظل أيديولوجيا رسمية رفعت شعارات وأعلام الاشتراكية العربية ن والاقتصاد الموجه ، وهيمنة المشروع العام كأساس للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ". وأضاف عبد الفتاح " من هنا نستطيع أن تلمس تراجع الخطاب الرسمي والرئاسي عن الإصلاح السياسي والدستوري مؤخرا ، كما برز في حديث الرئيس له كل الاحترام والتقدير مع رؤساء تحرير الصحف الحكومية في رحلته العربية الأخيرة عندما قال إن التعامل مع الإصلاح الدستوري يكون عبر البرلمان ، وأننا لن نحتاج إلى لجان لتعديل الدستور ، حتى لا نقع فريسة للشائعات والبلبلة ونعود إلى مناقشات لا جدوى منها مثل مجانية التعليم ، وتمثيل العمال والفلاحين ! الحقيقة أننا لسنا إزاء دفاع لا عن مصالح العمال ولا الفلاحين أساسا ، وإنما دفاع من الرئيس عن استمرار الجمود السياسي ، وشيخوخة الدولة والنظام والدستور والمجتمع ذاته ، إنه الإصرار على عدم إجراء إصلاحات شاملة يعود إلى أن أي تجديد سيؤدي إلى فتح الملفات كلها ، وهذا سيفتح الباب أم طرح مسألة المسئولية السياسية لقادة النظام عن سياسات خمسة وعشرين عاما من الأخطاء السياسية الفادحة ، والسياسات الاقتصادية المختلة ، ومن استمرار نمط من التسلطية السياسية والحكم الفردي مع بعض مراكز القوى باسم مصالح العمال والفلاحين ومجانية التعليم ، وسوء السياسة والعملية التعليمية وتدهورها المخيف ، إننا إزاء دفاع النظام عن نفسه لآخر رمق ووصاية على الأمة ، ومصالح الأغلبية الشعبية التي يتم تزوير إرادتها على نحو منظم لاستمرار الحكم باسمها بينما النظام يعاني من أزمة شرعية سياسية كبرى " . نعود مجددا إلى " المصري اليوم ، حيث سخر الدكتور عمرو الشوبكي من رحلة الداعية عمرو خالد إلى الدنمرك في مسعى لإيجاد قواسم مشتركة تمنع تكرار أزمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث اعتبر الشوبكي أن ذلك يحتاج إلى جهد علمي وقانوني وسياسي ضخم ، وكتب يقول " إن هذا العمل يحتاج إلي جهد قانوني وسياسي واسع المدى، ويستلزم الدخول في معركة فكرية عميقة مع بعض المفاهيم الثقافية الراسخة في الغرب والتي لا تضع أي قيود من أي نوع علي العقل وشطحاته حتى لو مست المقدسات الدينية علي عكس كثير من المجتمعات والثقافات الأخرى وعلي رأسها المجتمعات الإسلامية والتي تضع قيوداً علي انطلاق العقل بالمساس بالمقدسات الدينية. وجاءت رحلة الداعية الشاب عمرو خالد إلي الدنمرك لتصب في عكس هذا التصور تماماً، وذلك بحكم اعتبارات كثيرة منها عدم قدرته علي فهم تعقيدات هذا الحوار، لأنه اعتاد في كثير من الأحيان الاستسهال لدرجة التسطيح ، وعكس قدرة محدودة علي فهم طبيعة المجتمعات الغربية وخصوصيتها الحضارية. وقد طالب خالد في لقائه بممثلي الحكومة الدنمركية بثلاثة مطالب شديدة السطحية، كبناء مركز إسلامي كبير وهو أمر يخص الحكومة الدنمركية والمسلمين الدنمركيين وليس الدعاة القادمين من العالم الإسلامي، وإضافة مادة تعليم الدين الإسلامي، وهو أيضا أمر فيه من السذاجة وعدم الفهم لطبيعة هذه المجتمعات التي لا تدرس أصلا الدين المسيحي في المدارس العامة، وأخيرا دعوة رجال دين مسلمين للحضور للدنمرك لتعريف الدنمركيين بتعاليم الدين الإسلامي، دون معرفة أنه مجتمع لا يرغب معظم من فيه إلي الاستماع لنصائح رجال دين غرباء عليهم. وجاء عدم توقيع الجانبين علي بيان مشترك ليعكس تلك الأزمة في الفهم المتبادل، فالدعاة الجدد الذين ذهبوا إلي الدنمرك تصوروا أنهم ذاهبون إلي بلد إسلامي مهمتهم هداية البشر ونصحهم بالعودة إلي تعاليم الدين، لا إلي مجتمعات علمانية سعيدة بما أنجزته ( ولو من زاوية أنه تاريخها الوطني ) ومن غير المتصور أن تنقلب علي ثقافتها وتقوم بتدريس تعاليم الدين الإسلامي في المدارس من أجل عمرو خالد وإخوانه ". وأضاف الشوبكي " لقد عكس حوار الدنمرك الفاشل أزمة عميقة في ثقافة الاستسهال التي تعيشها مجتمعاتنا، فالمؤكد أن ظاهرة الدعاة الجدد لها جمهورها الكبير وسط الشباب المصري، وهي في الحقيقة امتداد لظاهرة محمد هنيدي في السينما ولاعبي كرة القدم في الرياضة، فالذين يحضرون دروس الدعاة الجدد الدينية هم أيضا جمهور المسلسل ومباريات المنتخب ، وليس هناك غبار علي ذلك، لكن المشكلة حين يتحول بعض الدعاة الجدد مع بعض لاعبي الكرة إلي مفكرين في قضايا السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية دون أن يقرؤوا كتابا في الموضوع، أو أن يتحول بعض شباب الفنانين إلي خبراء في العولمة وفي الصراع العربي الإسرائيلي وغيرها. وهذا ما فعله الداعية الشاب حين تصور بسطحية شديدة أنه يمكن" هداية الدنمركيين "، وحرص بأي ثمن علي أن يكون تحت دائرة الضوء، ويتحدث في قضايا لا يفهمها تتعلق بطبيعة الحوار مع الغرب، وتعامل باستهانة مع علماء أجلاء كيوسف القرضاوي وغيرهم، متصورًا أنه لا فرق بين الحوار مع الشباب المسلم في نادي الجزيرة أو الصيد ، وبين الحوار مع مجتمع بني نهضته وخبرته الثقافية علي أسس علمانية " . نتحول إلى مجلة "آخر ساعة" ، الحكومية ، حيث واصل الكاتب القبطي هاني لبيب سلسلة مقالاته الهجومية ضد مجدي خليل أحد المتحدثين باسم أقباط المهجر ، والتي تأتي في إطار سجال محتدم بينهما على صفحات الصحف ، وبعد أن استعرض لبيب عددا من الأفكار الرئيسية التي يردد خليل في مقالاته ، علق على ذلك قائلا " إنه يتعامل مع الأقباط في مصر بمنطق "الوصاية" كما يريد أن يتعامل مع النظام المصري بمنطق "المساومة". وهو منطق فاسد في الأصل والموضوع ، لأن الحديث عن هموم الأقباط وقضاياهم لا يأتي في إطار الصفقات التجارية أو "التدويل" بقدر ما يأتي في سياق منظومة المواطنة وما تؤكد عليه من حقوق والتزامات وطنية بين كافة المواطنين المصريين بدون أدني تمييز. بالإضافة إلي أنه يتعامل مع النخبة القبطية التي تعيش علي أرض مصر وعلي وعي كامل بتلابيب قضايا المجتمع، وكأنهم قطيع مغيب "تضحك" عليه الحكومة و"يستدرجه" النظام بدون نقاش أو جدال، وبالطبع فهو لا يعي التباين الشديد بين أقباط الداخل في موقفهم سواء كانت مع النظام أو مع المعارضة وحركة كفاية، وعلي وجه الخصوص تلك المواقف الفردية التي يدعي هو إنها "اختراق وانقسام" ولقد ولي هذا الزمن الذي ينعت فيه أحد كل من اختلف عن توجهه الميمون بمثل هذه السخافات. وفي ظني إن المشكلة عند المدعي المزعوم هو أنه لا يظهر في المشهد السياسي العام في مصر كما يحاول أن يرسم لنفسه، ودليل ذلك هجومه علي صديقه القديم مايكل منير والتشكيك في زيارته لمصر دون أن يستأذنه هو أو غيره، وتولي قيادة الهجوم عليه ووصفه بأنه محدود الخبرة يرد علي الأسئلة بطريقة مبرمجة، والتساؤل عمن خوله للحديث عن قضايا الأقباط وهو في زيارة شخصية.. رغم أن المدعي نفسه يفعل هذا طول الوقت ". وأضاف لبيب " لكي نحاول رسم ملامح صورة محددة لعالم هذا المدعي فإن مشهد التباين بين مايكل منير والمدعي، هو نفسه المشهد الذي سبق مؤتمر واشنطن الأخير لكن مع تغيير أشخاص المشهد.. فعندما اختلف موريس صادق مع عدلي أبادير فيمن يتقدم إعلاميا المؤتمر.. اختلفوا لدرجة الهجوم الشخصي في التصريحات الرسمية وفي الفضائيات العربية. لقد أثبتت الحياة المصرية علي مر السنوات أن نفي أي طرف للطرف الثاني "السياسي أو الديني" يؤدي إلي تهديد الكيان المصري في صميمه، فالذي يبدأ بنفي الآخر يصل بالضرورة إلي تكفير الذات مع مرور الوقت.. حينما يتم إحلال آلية القبول بآلية الاستبعاد فيكون: إما النفي أو التكفير، وإما أنا "مدعي المهجر" أو هو "مايكل منير".. أي تدمير الذات عبر إخفاقنا في فهم بعضنا البعض. إن فهم كل طرف للطرف الثاني يستلزم رؤية عقلانية عميقة عن الذات، ثم رؤية نقدية بالضرورة للتاريخ ماضيا وحاضرا ومستقبلا.. رؤية تعتمد علي النظرة الواقعية التي لا تفرط في تمجيد الذات أو تحقر من شأن كل طرف للطرف الثاني أو تقوم بالتهوين من أمره ". نعود إلى صحيفة " الدستور" ، وتلك اللفتة السريعة من بلال فضل ، الذي كتب يقول في إحدى عظاته هاجم البابا شنودة الذهاب إلى السينما ووصفه بأنه مضيعة للوقت ولم يفكر أحد في مناقشته أو التعليق على كلامه ، بصراحة ودون إثارة أي نعرات طائفية : هل كل تصريح مثل هذا سيمر بهدوء لو قاله شيخ الأزهر أو مفتي الجمهورية ؟ وهل من المفيد للوطن أن تمنعنا الحساسيات الطائفية من مناقشة تصريح خطير كهذا ، وهل شاهد البابا فيلم " بحب السيما " ، مجرد أسئلة تملؤها المحبة " . نختتم جولة اليوم من صحيفة " الأخبار " الحكومية ، وب " نصف كلمة " للساخر الكبير أحمد رجب ، قال فيها " في الأساطير اليونانية أن الملاح "خارون" كان هو المكلف بنقل الناس من الدنيا إلي العالم الآخر علي مركب تعبر نهر "ستوكس" إلي الآخرة "هاديس" وكانت الطقوس تقضي بوضع عملة معدنية في فم كل راكب أجرة خارون علي توصيلهم للآخرة. وشيء غريب حقا أن تتحدث أساطير الإغريق عن ممدوح إسماعيل بعد تغيير اسمه إلي خارون إسماعيل ".