تظل الانتخابات وسائر آليات العملية الديمقراطية علي كل المستويات مجرد وسيلة من وسائل العمل السياسي الذي ينطلق نحو غاية أساسية تتمثل في مدي القدرة علي جذب المواطنين للمشاركة الإيجابية بعد إشعارهم بأن العمل السياسي يهدف في النهاية إلي تلبية الاحتياجات المعيشية والخدمية. والحقيقة أن هذا الإقبال الهائل علي اللجان الانتخابية يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين معناه أن المصريين يريدون عملا سياسيا من نوع جديد يرتكز إلي القدرة علي التعامل المباشر والصريح مع المشاكل دون لف أو دوران وفي المقدمة مشكلة البطالة التي ينبغي أن نتفق جميعا علي أنه لم يعد يجدي معها أسلوب الحلول المؤقتة والحقن المخدرة وإنما تحتاج إلي حلول جذرية تبدأ من المنبع وبالتحديد من بداية التوجيه نحو التعليم أو التدريب المهني في إطار الاحتياجات الحقيقية لسوق العمل وبما يتناسب مع متطلبات المشروعات الجديدة سواء في مرحلة الإنشاء أو البناء أو مع بدء دوران عجلة التشغيل و الإنتاج لأن قضية البطالة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية تحتاج إلي رؤية جديدة تتنافس علي طرحها الأحزاب والقوي السياسية من أجل توفير المزيد والمزيد من فرص العمل الدائمة والمستقرة. أقول بوضوح أن هذا الإقبال الجماهيري الواسع علي العملية الانتخابية يؤكد أن الشعب متشوق إلي صياغة مفردات لغة جديدة في العمل السياسي والحزبي يلتزم فيها الجميع بأرضية مشتركة من الفهم الصحيح لحجم ما نواجهه من مشكلات وتحديات وحجم ما في أيدينا من موارد وثروات نقدر علي تنميتها واستثمارها.. ثم إن الناس بحاجة إلي أن تفتح أمامهم أبواب الأمل استنادا إلي أن ثروة مصر الحقيقية هي الإنسان المصري إذا تم توجيهه وتوظيف طاقاته التوظيف الصحيح وإخراجه من وهم الاتكال علي الدولة. واستنادا إلي ما استمعت إليه من شرائح مختلفة علي أبواب لجنتي الانتخابية فإن الناس ليسوا بحاجة إلي من يزرع لهم أحلاما وردية بإطلاق الوعود عن توفير فرص العمل التي تستوعب ملايين الشباب أو التعهد بالقضاء علي ظاهرة البطالة بين عشية وضحاها لأن هذه الوعود تحتاج إلي مئات المليارات من الجنيهات للأخذ بمثل هذه الحلول السحرية! الناس في بر مصر يريدون أن يتصدر المشهد السياسي من يملكون القدرة علي طرح اجتهادات عملية وواقعية لمجابهة المشاكل المتراكمة وليس مجرد تأصيل جذورها! خير الكلام: أفضل الناس من يعظهم بلسان فعله وليس بطرف لسانه! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله